الوكالات الأجنبية تنشر والبيئة تخاطب الصحف المحلية بعدم النشر.. لماذا تراجعت الوزارة عن بيان حادثي قرش البحر الأحمر؟
السياحة في مصر لا تتاثر بخبر عن سمكة قرش.. فلماذا أصدر محافظ البحر الأحمر تكذيبًا
القرش التهم ساق سائح في عهد خالد فهمي ولم يحدث تعتيما لحوادث نادرة في مصر.. والإنسان ليس الطعام المفضل للقرش
كتبت- حنـان فـكري
لا أحد يملك الحقيقة إلا سمك القرش ذاته، هو الوحيد الذي يعلم لماذا يهاجم القرش الأبيض البعض، ولماذا يترك آخرين، فهناك أسباب عديدة يصعب تحديدها خاصة في الحادث الأخير الذي وقع أمس الجمعة في الغردقة، على ساحل البحر الأحمر الذي ينتشر القرش في مياه محتلف دوله وليس في مصر فقط. فقد يكون السبب البحث عن غذاء او نشاط بشري بالقرب منه، أو تغير المناخ الذي يجبر الحيتان والقروش على سلوك مختلف بسبب ارتفاع درجة حرارة سطح البحر ونقص الأكسجين طبقا لتقارير العلماء، حقا لا أحد يعلم.
لذلك بعد وقوع حادث هجوم سمكة قرش على سائحتين في الغردقة، الجمعة الماضية، بدأت المعلومات ضبابية، هل الضحية سائحة واحدة أم اكثر، فالمقاطع المرئية المصورة أظهرت ضحية واحدة، وما لبثت الأخبار في الانتشار حتى فوجئنا ببيان وزارة البيئة يوضح أنهما سيدتان، ثم توالت الأخبار والتقارير في الصحف الأجنبية، عن تفاصيل المعلومات حول السائحتين، تزامناً مع ذلك قررت وزارة البيئة تعليق بيانها عن النشر لأسباب غير معروفة.
ومن جانبها قالت القنصلية الروسية في الغردقة إن هجوم القرش، كان على ضحية واحدة هي مواطنة نمساوية. لكن طبقا لبيان البيئة فإن الهجوم على ضحيتين، ولم يتم ذكر جنسيتهما، لكن ذكر البيان أن سيدتين راحتا ضحيتين لهجوم سمكة قرش عليهما أثناء ممارسة رياضة السباحة السطحية بالمنطقة المواجهة للمنتجع سهل حشيش جنوب مدينة الغردقة.
وتسارعت الأحداث لاحقاً ففي الوقت الذي نشرت فيه صحيفة “ديلي ميل” البريطانية ان الضحية سيدة متقاعدة، تبلغ من العمر 68 عاما، كانت تسبح على الشاطئ في خليج سهل حشيش على البحر الأحمر عندما هاجمتها سمكة القرش المفترسة. نشرت وكالة أنباء (رويترز) أن جثة سائحة رومانية في أواخر الأربعينات عثر عليها بعد ساعات من هجوم القرش على النمساوية ووقع الهجوم على بعد 600 متر من بعضهما. وعلى خلفية الحادث، تم منع السباحة والغوص وصيد الأسماك في منطقة الحادثة لمدة ثلاثة أيام اعتبارا من أول أمس الجمعة.
من جانبها تراجعت وزارة البيئة عن بيانها الذي ذكر أن سائحتين قتلقتا بسبب هجمات القرش، بعد ساعات قليلة من تداوله لأسباب غير معروفة، ولكن البيان كان قد انتشر في كل مكان وتمت ترجمته إلى اللغات الاجنبية ايضاً، فيما خاطبت البيئة الصحف المحلية بعدم النشر.
وقالت البيئة في البيان معلق النشر من جانبها: تم تشكيل مجموعة عمل من المختصين بمحميات البحر الأحمر وجمعية هيبكا، اللواء عمرو حنفي، محافظ البحر الأحمر أصدر قرار بإيقاف كامل الأنشطة البشرية بمحيط حدوث الهجوم، ووجهت وزيرة البيئة ياسمين فؤاد اللجنة المشكلة ببحث الموقف والوقوف على الأسباب العلمية وملابسات حادث الهجوم، مع جمع كافة المعلومات من جميع المصادر مع تحليل تلك البيانات والمعلومات طبقا للبروتوكولات المستخدمة عالميا في تحقيقات حوادث هجوم أسماك القرش على البشر، ورغم ذلك قامت الوزارة بالتراجع عن بيانها بعد ساعات دون أسباب واضحة وأكدت الوزارة في، البيان المعلق من جانبها على أن فريق العمل المختص ببحث ملابسات الحادث مازال يقوم بأستكمال مهام عمله للتوصل بشكل دقيق لأسباب السلوكيات التى نتجت عن سمكة القرش المتسببة فى الحادث تجاه الفقيدتين.
وبالرجوع لموقع مُحبي الغردقة وجدت تصنيفات عديدة لأنواع كثيرة من سمك القرش الذي ينتشر بكثافة في البحر الأحمر بطول شريطه الساحلي وليس في مصر فقط، ضمن الإرشادات على صفحة الموقع الرئيسية والموجهة كإرشادات للسائحين صنف الموقع أنواع أسماك القرش، وذكر منها أسماك القرش في البحر الأحمر المحيطية ذات الرأس الأبيض (Oceanic whitetip Sharks)، وقال إنه يجب التنبيه بضرورة التفريق وعدم الخلط بين هذا النوع ونوع أسماك قرش الشعاب المرجانية ذات الحجم الصغير.
ويعد هذا النوع يعد أكثر الحيوانات البحرية وأشهر نوع من أسماك القرش ديناميكية (dynamic shark)، والتي حتما تقابله عند غوصك بمياه البحر الأحمر.كما أن هذا النوع من أسماك القرش أشهر أنواع الحيوانات البحرية المفترسة كما أنه يتصف بالانتهازية والفضولية أيضا، لكن عند اتباعك لتعليمات وإرشادات الغوص البسيطة من دليل الغوص الذي تحصل عليه، يمكنك مواجهة هذا النوع بأمان، ويمكنك مقابلة هذا النوع القوي المفترس من أسماك القرش، دون أن يمسك سوء.يسهل التعرف على أسماك القرش المحيطية ذات الرأس الأبيض عن طريق تواجد زعانف ظهرية وأخرى صدرية ممتدة وأحيانا مستديرة، ولها رؤوس بيضاء، والأهم أنه يمكنك معرفتها من خلال طولها الكبير الذي يبلغ أربعة أمتار، هذا النوع أيضا مهددا بالإنقراض.
حوادث هجوم القرش على البشر متكررة في أنحاء العالم كله، والقرش وحده يعلم لماذا يهاجم فريسة أو لا يهاجمها فالحقيقة المطلقة لدي سمك القرش وحده، وقد تكون واحدة من التخمينات التالية، إذ كشفت دراسة أجراها باحثون أستراليون نشرت نتائجها فى 2018، إنه مع تغير المناخ وارتفاع درجة حرارة الأرض، زادت التحذيرات من تأثير ذلك على هجرة أسماك القرش وزيادة هجماتها خاصة فى فصل الصيف.
وقالت صحيفة “ذا صن” البريطانية إن المملكة المتحدة وبعض الأماكن الدافئة المفضلة فى بريطانيا شهدت أمثلة على هذا التحول، حيث بات من الشائع التحذير من وجود أسماك قرش فى مايوركا وقبالة ساحل كورنوال.وأوضحت الصحيفة أن السبب الكامن وراء هذا التحول أصبح ملموسا، مع إصدار جمعية الأرصاد الجوية الأمريكية تقرير عن حالة المناخ كشف عن أن عام 2017 هو واحد من أكثر السنوات حرارة فى التاريخ، فضلا عن أن درجات حرارة سطح البحر ارتفعت أيضا إلى مستويات نادرا ما لوحظت من قبل.
كما اكتشف باحثون أمريكيون أن أسماك القرش بدأت تغير مكان سباحتها وتزاوجها ومواقع بحثها عن الغذاء.
الإنسان ليس الطعام المفضل للقروش
ريتشارد بيرس، رئيس أمانة أسماك القرش وجمعية حماية القرش، قال فى تصريحات سابقة نقلتها هيئة الإذاعة البريطانية، إن الإنسان ليس من وجبات القرش المفضلة؛ فهى لا تسعى لافتراس البشر.
ويتبنى بعض علماء البيئة نظرية أخرى؛ حيث يزعمون الصيد الجائر فى المحيط المفتوح قد تسبب فى استنزاف المخزون السمكى الذى تعتمد عليه القروش للبقاء، الأمر الذى يجبر القروش على المغامرة صوب الشاطئ؛ بحثًا عن مصدر آخر للطعام.
فبحسب الاتحاد الدولى للحفاظ على الطبيعة (IUCN)، يتم قتل من 30 إلى 70 مليون قرش سنويًّا جرَّاء عمليات الصيد وثلث أنواع القرش التى تعيش فى المحيطات المفتوحة معرضة للانقراض. وعلى الرغم من أن الإنسان ليس من الوجبات المفضلة لأسماك القرش، فإنه تسبب فى تغير سلوك القرش حتى باتت عدوانية تجاه البشر بسبب الطعام التى باتت الأسماك متعودة على تلقيها من الإنسان، بالإضافة إلى التغيير المناخى كلها عوامل أدت لتغير سلوك القروش، ولا تؤثر الحوادث الفردية لأسماك القرش على السياحة، لأنها ظواهر تحدث حول العالم.
جدير بالذكر أن هذه الحوادث عالمية وليس في مصر فقط، وكانت وزارة البيئة رصدت على مدجار عشر سنوات منذ بداية من 2010 وحتى نهاية 2020 نحو 6 حوادث أو هجمات فقط من أسماك القرش.
وفقا لما قاله الدكتور محمد سالم رئيس قطاع حماية الطبيعة بوزارة البيئة، إن ذلك مستوى لا يذكر من الهجمات بما يتم رصده سنويا فى الولايات المتحدة وأستراليا وجنوب أفريقيا.
ووفق المعلومات الإحصائية التى جمعها علماء جامعة بوند الأسترالية من مختلف مناطق العالم، فحوادث القرش في مصر نادرة مقارنة بالمعدلات العالمية في دول أخرى فإن هجمات أسماك القرش على سواحل استراليا خلال 30 سنة الماضية 171 حادثة فى هذا البلد، كانت نتيجة 32 منها الموت.