النيابة تُحقق في بلاغ «الأعلى للإعلام» ضد أيمن منصور ندا الأستاذ بإعلام القاهرة بسبب مقالاته حول «مهنية الإعلام»
بيان النيابة: منشوراته تضمنت إهانة للمجلس وسبًّا وقذفًا لرئيسه وأعضائه خرجت عن حدود النقد المباح
كتب: عبد الرحمن بدر
قالت النيابة العامة اليوم الأحد، إنه أمر المستشار النائب العام بالتحقيق في البلاغ المقدم اليوم من رئيس المجلس الأعلى للإعلام ضد عضو هيئة التدريس ورئيس قسم الإذاعة والتليفزيون «بكلية الإعلام بجامعة القاهرة»؛ لإذاعته منشورات عبر صفحته بموقع التواصل الاجتماعي Facebook تضمنت إهانة للمجلس وسبًّا وقذفًا لرئيسه وأعضائه خرجت عن حدود النقد المباح.
كان المجلس الأعلى للإعلام تقدم ببلاغ إلى النائب العام ضد رئيس قسم الإذاعة والتليفزيون بكلية الإعلام جامعة القاهرة، يتهمه بإذاعة منشورات عبر “فيس بوك”.
يذكر أنه وجه أستاذ الإعلام الدكتور أيمن منصور ندا، انتقادات لحال الإعلام في مصر، ومستوى بعض الإعلاميين الحاليين.
وعبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك)، نشر دكتور أيمن منصور ندا، سلسلة مقالات تناول من خلالها الأوضاع الإعلامية على الساحة المصرية، وما تعانيه من استحواذ أشخاص بلا إمكانيات -حسب وصفه- على ميدان الإعلام.. مشيرًا إلى اهتمامهم بمن “يُسجل” وليس بمن “يستقبل”، في إشارة إلى بعض الأجهزة الرقابية.
سلسلة المقالات التي أصدرها ندا، كانت سببًا في هجوم شرس من بعض الإعلاميين على رأسهم أحمد موسى ونشأت الديهي اللذين تعرضا للدكتور أيمن منصور ندا بردود قاسية وصلت في بعضها إلى حد اتهامه بـ”الجهل” و”الكذب” و”التخلف”.. وتجاوزت ذلك إلى حد التقدم ببلاغات رسمية ضده إلى النائب العام.
لكن وفي المقابل، انطلقت حملة تضامن واسعة مع ندا سواء من أساتذة إعلام متخصصين أو كتّاب صحفيين رأوا فيما قال تعبير عن آلام مهنة هامة، أو من جمهور المتابعين الذين عبرّوا عن استيائهم من إدارة ملف الإعلام.
– عن عمرو أديب.. والخطوة المنتظرة
في 20 فبراير الماضي، بدأ الدكتور أيمن منصور ندا، سلسلة مقالاته التي حققت انتشارا واسعًا، بدأها بمقال تحت عنوان “عمرو أديب.. بين الاستمرار والاعتزال”، ألمح خلاله إلى أن أديب هو أحد الأسباب الرئيسية في تردي الحالة الإعلامية وأن جميع الإعلاميين الموجودين على الساحة خرجوا من تحت عباءته فاستنسخوا عيوبه دون مميزاته.
ندا قال في مقاله “مشكلة عمرو أديب أنه مصدر كل مميزات وعيوب برامج التوك شو في مصر.. معظم نجوم التوك شو خرجوا من تحت عباءته، ومروا من شاشته.. وأخذوا منه أسوأ ما فيه، ولم يستطيعوا تقليده في مميزاته.. وهو لذلك يتحمل وزر كل أخطاء التوك شو المصرية”.
خلال المقال طالب ندا، عمرو أديب بإحداث تحول جذري على ما يقدمه، قائلا “عمرو أديب في ورطة حقيقية في الوقت الحالي.. فلا المثقفون واليسار قد أصبحوا راضين عنه بعد تحولاته وقفزاته غير المبررة.. ولا الجمهور العادي أصبح مقتنعاً به بعد أن أصبح ذراعاً للدولة وللحكومة في وجه فئات عديدة غير راضية عن أداء الحكومة وتوجهاتها الاقتصادية.. شعبية عمرو أديب قبل 2011 كان مصدرها المثقفون والمعارضة.. وحملاته الخيرية والإنسانية.. أما الأن، فقد خسر اليسار المثقف الذي كان جمهوره الاساس في الأوربت.. وفقد اليمين المتحفظ الذي يمثل جمهوره المستهدف في أون وإم بي سي.. وهو ما يشعر به عمرو أديب نفسه.. ولذلك بدأ في الإشارة إلى فكرة (الاعتزال).. أشار إليها عندما وصل سن الخمسين (2014).. وطبقها في يونيو 2016 عندما قدم استقالته من أوربت، قبل أن يعود مرة أخرى إلى أون ومن بعدها إم بي سي.. وفي اعتقادي، أن عمرو أديب لن يجدد تعاقده مع أم بي سي، بعد انتهاء فترة الثلاث سنوات التي سنتهي خلال هذا العام”.
ويضيف “عمرو أديب حالياً في أضعف مراحله من حيث الأداء والمهنية.. وإن كان في أوج وصوله وعلو صوته.. ضعف وعدم مهنية كثير من الإعلاميين الحاليين، وإجبار عدد غير قليل من الإعلاميين المحترفين وذوي التأثير على الاعتزال أو الهجرة، سهلت من مهمة عمرو في الاحتفاظ بهذا الوصول والمشاهدية”.
ويتابع ندا “قبل فترة، كان من الممكن أن أنصح عمرو أديب بالاعتزال الفوري.. فقد حقق ما لم يحققه إعلامي آخر في مصر.. ورصيد عمر مهنياً، وإنسانياً لا يجاريه فيه إعلامي مصري آخر.. الآن مطلوب منه في مسيرته المهنية حلقة قصيرة مكيرة كحلقات يوم الجمعة فيها كثير من الحكايات في الحلويات في الاتجاه الصحيح.. اعتزال عمرو الآن، ليس في صالحه.. واستمراره بنفس الطريقة، ونفس الاتجاه يقضي على البقية الباقية منه.. مطلوب عودة تصحيحية يعقبها قرار صحيح، أثق تماماً في قدرته على اتخاذه، وأثق تماماً في قدرته على تنفيذه”.
وليس انتقاد ندا لـ أديب والملف الإعلامي ككل نتاج متابعة سطحية لكنه نتاج نظرة مُعمة واحتكاك مباشر، فقد كان ندا ضيفًا لبرنامج “الحكاية” عبر قناة “إم بي سي” في أبريل 2019، حينها تحدث الدكتور ندا عن الصورة المصرية لدى الرأي العام الأمريكي مستندًا إلى أرشيف استطلاعات الرأي بالولايات المتحدة.
خلال اللقاء، شدد ندا على أن “الصورة الذهنية هي إنتاجنا، وهي مُحصلة أفعالنا”، لافتًا إلى أن مصر تم نشر أخبارها أو الإشارة إليها حوالي 81 ألف مرة في الفترة من 2009 وحتى 2019 لكن نسبة 61% من هذه المرات كانت تحمل دلالات سلبية.. مشيرًا إلى الانطباع السائد وهو أن هناك قبضة حديدية ما تحكم الإعلام المصري وهو ما يمنعه من التعبير عن الرأي الحقيقي بشكل كبير.
ولفت أيضًا إلى أنه خلال 2019 صدر في الولايات المتحدة أكثر من 400 مقال يهاجمون خلاله مصر بسبب أوضاع حرية التعبير المتراجعة.. وربما هذا ما دفع ندا للتصدي للحديث عن سلبيات الإعلام حرصًا على تحسين الصورة الذهنية عن مصر.
الدكتور ندا أعاد نشر الحلقة عبر صفحته وعلّق عليها قائلا “لقاء لي مع الأستاذ عمرو أديب (أبريل 2019).. أوضحت فيه بعض النقاط والقناعات عن الإعلام المصري داخليا وخارجياً.. لا جديد تحت الشمس.. ولو تم استضافتي اليوم لقلت نفس الكلام”.
– بداية الأزمة في زمن أحمد موسى
لكن الانتقادات التي وجهها ندا إلى عمرو أديب، لم تكن مثار الضجة الإعلامية الكبرى، وإنما مقاله التالي الذي حمل عنوان “يا عزيزي كلنا إعلاميون.. زمن أحمد موسى”.
خلال المقال يؤكد ندا أن “أحمد موسى ليس مقصودًا بذاته في هذا التحليل.. هو مجرد مثال وحالة.. إذ ليس بينه وبين غيره من مقدمي التوك شوز فروق جوهرية وإن أصبح عنواناً لمرحلة”.
يشير ندا إلى أن “أحمد موسى نموذج بارز في الإعلام المصري، وله جمهوره (لا أعرف كيف يتم قياس حجمه وليس لدينا مراكز حقيقية لقياس ذلك؟).. واستمراريته لسنوات طويلة في تقديم برامجه، وسعة اتصالاته، وظهور معظم الوزراء والمسئولين في برنامجه، واعتباره يمثل وجهة النظر الرسمية للدولة (في ضوء الغياب التام والتغييب الكامل لماسبيرو).. واستقباله في بعض مؤسسات الدولة استقبال كبار المسئولين VIP.. كل ذلك يجعله اسماً دالاً على الإعلام المصري حالياً، ويجعله موضعاً للتحليل والتقييم.. ويجعل من المناسب أن نقول إنه إعلام زمن أحمد موسى!.. وللمشاهد مطلق الحرية في الانحياز لنموذج أحمد موسى أو في الانصراف عنه.. تماما مثلما له الحق في الانحياز لهاني شاكر أو الاعجاب بحمو بيكا .. فلا وصاية على الأذواق، ولولا اختلافها لبارت السلع!”.
ويرى ندا أن “جوهر المشكلة الإعلامية في زمن أحمد موسى هو أن الاهتمام الأكبر لدى الإعلاميين يكون بمن (يسجل) وليس بمن (يستقبل).. عين كل مذيع على الأجهزة المسئولة التي تراقبه وتسجل له، وليس على المشاهدين الذين يشاهدونه أو يتابعون ما يقدم.. ليذهب المشاهد إلى الجحيم .. فليس في يده (تصعيد) أو (تهميش) أي إعلامي.. اختيارات المشاهدين وتفضيلاتهم ليست معيار البقاء.. وإلا قل لي من سمح ببقاء نماذج كثيرة من الإعلاميين رغم نفور الجمهور منها فيما يشبه الفرض والإجبار؟!”.
ويضيف “(تدوير النخبة الإعلامية) وإعادة توظيفها واستخدامها يعتبر بعدًا آخر من أبعاد المشكلة.. عدد محدود من الإعلاميين يتصدرون الشاشات، ويتم (تدويرهم) ونقلهم من قناة إلى أخرى.. فإذا فشل أحدهم في قناة تم إرساله في (بعثة) إلى قناة أخرى.. وإذا فشل فيها، يأخذ فرصةً في مكان آخر.. (الأسامي هي هي .. والقلوب اتغيرت).. المناصب الإعلامية والبرامج هي مكافآت وليست استحقاقات.. هي تعبير عن رضا أكثر منها مؤشر للجدارة .. في الوقت الذي يجلس فيه الإعلاميون المحترفون (تحت ظل الزيزفون)، يستمتعون (بالتشميس الجبري)، ويتجرعون مرارة الإقصاء والاستبعاد.. ولذلك تخيب النتائج .. ولا عجب”.
ويستكمل “في زمن أحمد موسى.. لا يوجد مذيع يستطيع أن يقول سطراً واحداً خارج المسموح به.. يستوى من يعمل في قنوات الدولة أو في القنوات الخاصة.. الرسائل الجماعية والتلقينات تتم على مدار اليوم، وهي البوصلة التي تحدد التوجه للجميع.. وللمذيع أن يختلف في طريقة الإلقاء أو التقديم، ولكنه غير مسموح له التغيير في النص أو الخروج عنه.. للمذيع أن يخطيء في أي شيء.. غير أن يخطيء في شيء متعلق بالرسائل.. الخطأ الأول هو عادة الخطأ الأخير.. والتجارب تؤكد ذلك، و(القطنة ما بتكدبش)”.. ويسترسل “في زمن أحمد موسى، المسافات النفسية بين الإعلاميين والجمهور تتسع، والتباعد الاجتماعي بينهم يزداد.. ودرجات الثقة ليست على النحو المطلوب.. والمصداقية هي (الفريضة الغائبة)، والثقة هي الضحية رقم واحد”..
لذلك يشير ندا إلى أن “الشماتة المجتمعية التي تكررت مؤخرًا في مصائب الفنانين والإعلاميين لا تعبر عن سوء خلق قدر تعبيرها عن تصرفات غير مسئولة ومتكررة من بعض الفنانين والإعلاميين أدت إلى احتقان مجتمعي”.
ويختتم ندا مقاله قائلا “في زمن أحمد موسى، يقدم مذيعو التوك شوز منتجات منتهية الصلاحية تسبب التلبك الفكري والتسمم الثقافي.. والغريب أنهم كلهم يتباكون على حال الإعلام وعلى ما آل إليه.. ولسان حال المجتمع يردد مقولة (مالك بن دينار) للحاضرين الذين سرقوا مصحفه ثم أتوا إليه باكين ولاعنين من سرقه (كلكم يبكي فمن سرق المصحف؟) كل الإعلاميين يتباكون على تردي حالة الاعلام.. فمن السبب فيها؟”.
المقال أثار ضجة كبرى، فعبر برنامجه “على مسئوليتي” خرج الإعلامي أحمد موسى يتهم الدكتور أيمن منصور ندا بـ”التنمر”، مشيرًا إلى أنه تقدم ببلاغ للنائب العام وأقام جنحة مباشرة ضد ندا.. مضيفا أن “أيمن ندا يعمل أستاذا في جامعة القاهرة، ويبدو أن رئيس جامعة القاهرة ميعرفش حاجة عن اللي قاله لأنه لو ميعرفش تبقى مصيبة ولو يعرف ومتحركش تبقى مصيبتين”.
في أعقاب ما قاله أحمد موسى، تحركت جامعة القاهرة وفتحت التحقيق مع أيمن منصور ندا، لكنها عادت بعد ذلك ونفت أن يكون للتحقيق الجاري علاقة بالانتقادات التي وجهها لإدارة الملف الإعلامي.. فعبر الصفحة الرسمية للجامعة ذكر بيان أن “استدعاء الدكتور أيمن منصور للتحقيق بكلية الحقوق جامعة القاهرة هو بخصوص النظر في الشكوى المقدمة من الدكتور بركات عبد العزيز أستاذ الإذاعة والتليفزيون ووكيل الكلية الأسبق بخصوص تعدي الدكتور أيمن منصور عليه في اجتماع لجنة الدراسات العليا (منذ عدة أشهر)، وأن الاستدعاء يأتي في إطار الإجراءات القانونية المتبعة في مثل هذه الأحوال وذلك وفقاً للوائح والقوانين المنظمة لهذا الأمر”.
كما حددت محكمة جنح الهرم جلسة 26 مايو المقبل، لنظر أولى جلسات دعوى اتهام الإعلامى أحمد موسى للدكتور أيمن ندا بالسب والقذف.
أما الإعلامي نشأت الديهي فقد تعرض للدكتور ندا قائلا “أحد هؤلاء المتخلفين اللي المفروض بيعلم الناس يعني ايه اعلام، واحد تافه، مهنية إيه يا أبو مهنية، هات لي المهنية كدا من البي بي سي، ولا هات لي المهنية من السي إن إن، إحنا يا حبيبي في حالة حرب، إحنا إعلام حرب”.
التعديات المتكررة دفعت ندا إلى التعليق عبر صفحته قائلا (الأستاذ كرم جبر رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام.. هل تتابع ما يقوم به الأستاذان أحمد موسى ونشأت الديهي من خرق لكل قواعد وأخلاقيات الإعلام فيما يتعلق بالعبد لله؟ هل تستطيع اتخاذ قرار بشأن هذه الانتهاكات؟ أم أنه لم تصل إليك تعليمات حتى الآن؟ هل يمكنك استعجال هذه التعليمات حتى يتضح لنا الأمر؟.. اعتذر عن خدشي “لاستقلالية” المجلس الموقر، وعن تحرشي بوطنيتكم الفائقة.. وعن تحميلك ما لا تطيق، وعن طلبي أشياء تقع خارج نطاق صلاحياتك”المحدودة” و”المحددة”.. وسامحني في إعادة تكرار السؤال وتصميمي على الحصول على إجابة بشأنه: أنتي جاي اشتغلي إيه؟.. استقل يرحمك الله!.. بيننا القضاء.. والمعركة في بدايتها … فستذكرون ما أقول لكم.. وأفوض أمري إلى الله).