المهندس يحيى حسين عبدالهادي يكتب عن الحركة المدنية الديمقراطية: إعذارٌ ومسئولية
أَتَّمَتْ الحركة المدنية الديمقراطية خلال هذا الشهر خمس سنواتٍ منذ انطلاقها وإعلان بيانها التأسيسي فى ١٣ ديسمبر ٢٠١٧ .. وكان ذلك نتيجةً لمشاوراتٍ استمرت قرابة عامٍ، استضاف أغلبها الصديق الوطنى الدكتور/ممدوح حمزة فى منزله بالزمالك .. استمر بعدها مَن استمر .. وآثر السلامةَ مَن آثَر .. إلى أن ظهرت الحركةُ فى شكلها النهائي، قوامها ثمانية أحزاب (وقتها) وحوالي مائتان من الشخصيات العامة المستقلة، وَقَّعوا البيان التأسيسي (وتضاعفت أعدادهم بعد إعلان الحركة).
لا يَكُّفُ بعض الأصدقاء عن توجيه انتقاداتٍ للحركة (وذلك مطلوبٌ لا سيما وأنَّ معظمها موضوعية) .. لكن الإنصاف يقتضى بعضَ الإعذار (التماس العذر) للزملاء المنوط بهم قيادة الحركة الآن .. إذ شَتَّان بين أن تُعارض فى بلدٍ ديمقراطىٍ وبلدٍ ينطق كلُّ ما فيه بالاستبداد .. وفارقٌ بين أن أقول رأياً فردياً (أنا أو غيرى) أتحمل تَبِعاته وحدى، ورأىٍ رسمىٍ لقيادة الحركة يمتد أثره لآخرين (المعتقلين وأُسَرهم على سبيل المثال).
يُحسَبُ للحركة النجاح فى إيجاد حَدٍّ أدنى للتوافق بين مؤسسيها رغم تباين أيدلوجياتهم من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار .. وهو أمرٌ بالغ الصعوبة فى ظل مناخٍ عامٍ داعٍ للتشرذم .. فما أصعب أن تُعَّبِرَ بلسانٍ واحدٍ عن موقفٍ واحدٍ لتياراتٍ شَتَّى .. ولا يُنَّبِئُكَ مِثلُ خبير، فقد عايَشْتُ ذلك حين شرفتنى الحركة فى عامها الأول بتكليفى متحدثاً رسمياً باسمها، رغم أن معظم أعضائها ممن يسبقوننى فى العمل السياسي والوطنى.
والحقيقة أن استمرار هذه الحركة المعارضة طوال هذه الفترة دون أن ينجح النظام فى تفجيرها، هو فى حد ذاته إنجازٌ كبيرٌ يُحسَب لأعضائها (أحزاباً وأفراداً)، مهما وُجِّه للحركة من انتقاداتٍ موضوعيةٍ حول مدى تأثيرها فى الشارع .. إذ أىُّ شارعٍ وأعضاؤها ظلُّوا يُعتقلون (حتى أبريل الماضى) من داخل مقراتٍ قانونية لأحزابٍ رسميةٍ؟! .. وفى وجه سلطةٍ تُحكم قبضتها على كل شئٍ ، وتؤمم الإعلام تماماً وتَضِيقُ حتى بتجمعٍ اجتماعىٍ لإفطارٍ رمضانى فى النادى السويسري، ولا تتورع عن استخدام كل أسلحتها من بطشٍ وترغيبٍ وترهيبٍ وقطع أرزاقٍ وتشويهٍ لاختراق هذه الحركة وضمها إلى ما مَلَكَتْ يمينُها من أحزابٍ كرتونيةٍ وتنسيقياتٍ سيادية.
لكن فى المقابل، فإنَّ مسئولية الحركة قد تضاعفت منذ أبريل الماضى عندما دُعِىَ بعضُ أقطابها إلى الحوار أثناء ما سُمِّىَ بإفطار الأسرة المصرية (لم أتشرف بحضوره لأننى كنتُ مع أسرةٍ مصريةٍ أخرى فى سجن المزرعة!) .. وقد كان ذلك بمثابة اعترافٍ من السُلطةَ (لأسبابها) بالحركة كَطَرَفٍ وحيدٍ مُحاوِرٍ ممثلٍ للمعارضة أمام الشعب والعالم .. وسواءٌ نَدَمَتْ السلطة على اعترافها أم لم تتراجع، فقد صار من واجب الحركة أن تحمل على كاهلها عِبءَ تمثيل المصريين جميعاً .. ولذلك حديثٌ آخر بإذن الله.
الإخوة الأعزاء فى الحركة المدنية الديمقراطية .. كل عامٍ وأنتم يخير .. ومصر التى نحبها جميعاً فى مكانٍ أَعَّز مما هى فيه.