المفوضية المصرية تدين «الاعتداءات الأخيرة» على سكان جزيرة الوراق وتدعو لفتح تحقيق في «انتهاكات 12 أبريل»

أعربت المفوضية المصرية للحقوق والحريات، الأحد، عن بالغ قلقها وإدانتها الشديدة للاعتداءات المتكررة التي تتعرض لها جزيرة الوراق، والتي تصاعدت مساء السبت، وطالبت بالإفراج الفوري عن جميع المحتجزين على خلفية الأحداث ووقف جميع أشكال الملاحقة الأمنية بحق السكان والمتضامنين.

وأفادت “المفوضية المصرية” في بيان لها نقلا عن “شهادات موثقة من أهالي الجزيرة” بأن قوات الشرطة بدأت هجومها عصر السبت، واستمر حتى منتصف الليل، حيث اقتحمت الجزيرة من جهة محور روض الفرج (ناحية الكارته)، مستخدمة قنابل الغاز المسيل للدموع بكثافة، إلى جانب إلقاء الحجارة على منازل الأهالي والسكان المتواجدين في الشوارع، مما أسفر عن إصابة العشرات بحالات اختناق وإصابات جسدية، بينهم أطفال وكبار في السن، واعتقال آخرين.

ويأتي هذا الهجوم بعد مرور 17 يومًا فقط على أحداث 26 مارس، والتي شهدت اعتداءً مماثلًا من قبل قوات الشرطة، أسفر عن اعتقال 12 من سكان الجزيرة، بالإضافة إلى أربعة من المتضامنين من منطقة شبرا. وقد اعتصم أهالي الجزيرة حينها للمطالبة بالإفراج عن ذويهم، قبل أن تفاجأ الجزيرة بهجوم جديد يؤكد إصرار السلطات على مواصلة سياسات القمع والترويع.

وفي هذا السياق، ذَكّرت “المفوضية المصرية” باجتماع مجلس عائلات جزيرة الوراق المنعقد في 11 أكتوبر 2024، والذي جدد فيه الأهالي تمسكهم بحقهم المشروع في البقاء على أراضيهم، ورفضهم القاطع لجميع أشكال الإخلاء القسري، مطالبين برفع الحصار المفروض على الجزيرة منذ عام 2017، واستئناف حركة المعديات بشكل طبيعي، وضمان حصول المصابين على العلاج المناسب.

ووفق المفوضية، تعيش جزيرة الوراق منذ يوليو 2017 تحت حصار أمني متواصل، عقب تصريحات للرئيس عبد الفتاح السيسي وصف فيها وجود السكان على الجزيرة بأنه “تعدٍّ على أملاك الدولة”، وهو ما تبعته سلسلة من الاقتحامات والاعتداءات الأمنية المتكررة، سقط خلالها قتيل من الأهالي، واعتُقل العشرات، في ظل خطة تهدف لإخلاء السكان قسرًا لصالح إقامة مدينة من الجيل الرابع.

وشدد البيان على أن ما يحدث في الوراق يُعد انتهاكًا صارخًا للمادة 63 من الدستور المصري، التي تعتبر التهجير القسري جريمة لا تسقط بالتقادم، فضلًا عن مخالفة الالتزامات الدولية التي تعهدت بها مصر، ولا سيما المادة 11 (1) من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والتي تنص على حق كل فرد في مستوى معيشي كافٍ، بما في ذلك السكن الملائم.

وأكدت المفوضية المصرية إدانتها بشدة الاعتداءات الأخيرة على سكان جزيرة الوراق، واستنكرت الاستخدام المفرط وغير المبرر للقوة ضد المدنيين العزل، وطالبت بالإفراج الفوري عن جميع المحتجزين على خلفية أحداث الوراق، ووقف جميع أشكال الملاحقة الأمنية بحق السكان والمتضامنين.

كما دعت المفوضية إلى فتح تحقيق مستقل وشفاف في انتهاكات 12 أبريل وما سبقها، ومحاسبة جميع المسؤولين عن ارتكاب أو التستر على تلك الانتهاكات، وحثت الدولة المصرية على فتح حوار جاد مع سكان الجزيرة، يضمن احترام حقوقهم في السكن والكرامة، ووقف المشاريع القائمة على الإخلاء القسري.

أيضا، ناشد البيان المنظمات الحقوقية المحلية والدولية، وكافة أطراف المجتمع المدني، بالتضامن مع سكان جزيرة الوراق، والعمل المشترك على وقف هذه السياسات القمعية التي تهدد استقرارهم وأمنهم.

وقالت المفوضية إن استمرار هذه الانتهاكات لا يعكس فقط استخفافًا صارخًا بحقوق المواطنين، بل يكشف عن نية منهجية لإفراغ الجزيرة من سكانها لصالح مشروعات لا تراعي حق الناس في المدينة، ولا في تقرير مصير مجتمعاتهم، وهو ما يتنافى مع مبادئ العدالة الاجتماعية، والحق في التنمية، وكرامة الإنسان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *