المحكمة الاقتصادية تقضي بحبس «طبيب الكركمين» سنتين وغرامة 100 ألف جنيه لإدانته بانتحال صفة طبيب وترويج أدوية غير مرخصة
كتبت- ليلى فريد
قضت المحكمة الاقتصادية بالقاهرة، الثلاثاء، بمعاقبة المتهم أحمد أبو النصر، طبيب الكركمين، بتهمة انتحال صفة طبيب وترويج أدوية غير مرخصة بالمخالفة للقانون، بالحبس سنتين وغرامة 100 ألف جنيه.
وكانت النيابة العامة أمرت بإحالة المتهم أحمد أبو النصر للمحاكمة الجنائية لمزاولة مهنة الطب وهو غير مرخص له بمزاولتها، وانتحاله لنفسه لقب طبيب، فضلًا عن ارتكاب المتهم الآخر جريمة توزيع تلك الأشياء بدون تصريح.
وقدمت النيابة العامة المتهم أحمد أبو النصر -هاربًا- وآخر معه إلى محكمة الجُنح الاقتصادية المختصة في السابع من شهر فبراير الجاري؛ لطرحهما وعرضهما للبيع أغذية ونباتات مغشوشة، ومستحضرات ومستلزمات طبية لم يصدر قرارٌ من وزير الصحة أو أيّ جهة معنية أخرى بتداولها مع علمهما بذلك، وفتحهما مكتبًا للدعاية الخاصة بالأدوية والمستلزمات الطبية بغير ترخيص، وإنشاء المتهم أحمد أبو النصر وإدارته صفحات بموقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك) ومواقع أخرى، بهدف ارتكاب جريمة بيع تلك الأشياء بغير ترخيص، واستعماله وسائل نشر من شأنها حَمْل الجمهور على الاعتقاد بحقِّه في مزاولة مهنة الطب وهو غير مرخص له بمزاولتها، وانتحاله لنفسه لقب طبيب، فضلًا عن ارتكاب المتهم الآخر جريمة توزيع تلك الأشياء دون تصريح، وجُنح أخرى.
وفي العشرين من شهر فبراير الجاري ألقي القبض على أحمد أبو النصر وعُرض على النيابة العامة فأجرت تحقيقًا تكميليًّا معه، واستجوبته وعَرضته بتاريخ اليوم على المحكمة المختصة، فأمرت باستمرار حبسه، وحددت جلسة للنظر في الدعوى.
كانت النيابة تلقت تحريات إدارة مكافحة جرائم المصنفات بالإدارة العامة لمباحث المصنفات وحماية حقوق الملكية الفكرية في السابع والعشرين من شهر أكتوبر الماضي، والتي تضمنت إنشاء وإدارة المتهم أحمد أبو النصر قناة فضائية وأخرى إلكترونية بموقع (يوتيوب) يَدَّعي فيها أنه طبيب أخصائي ومعالج بالأعشاب والنباتات الطبيعية، وأنه رَوَّج في هاتين القناتين لبيع أدوية ومستحضرات نباتية زَعَم قُدرتَها على شفاء مُختلِف الأمراض، وتفوقها على الأدوية المصنعة، وأنه اتخذ من محلّ إقامته مقرًّا لممارسة نشاطه الإجرامي، وإدارة القناتين المشار إليهما، فضلًا عن إعلانه عن بعض الأماكن كمنافذ لبيع ما كان يعرضه، والتي أكدت التحريات عدم إجازتها من وزارة الصحة وأنها أدوية مغشوشة، فأصدرت النيابة العامة إذنًا بضبطه، وتفتيش مسكنه ومنافذ البيع التي أعلن عنها .
وأسفر تنفيذ الإذن وتفتيش منافذ البيع عن العثور فيها على منتجات دوائية مجهولة المصدر، وضبط حاسب آلي يحوي ملفات خاصة بعمليات البيع والشراء، وأرشد أحد العُمّال بتلك المنافذ عن وحدةٍ سكنية مخصصة لتلقي محادثات العملاء وتوصيل المنتجات إليهم، والتي تبين بمعاينتها أنها خُصّصت كمركزٍ لإدارة القناتين -الفضائية والإلكترونية- وتلقى محادثات العملاء الهاتفية، حيث ضُبط نحو خمسين وسيطًا إلكترونيًّا للتخزين تضمنت أسماء مُوزعي المنتجات وتفاصيلها وتسجيلات محادثات العملاء طالبي الشراء، ومعلومات حول العاملين، ونظام تشغيلهم، وبيان بالمخازن المودع بها المنتجات، وقد سألت النيابة العامة خمسةً من العمال بتلك المقرات محل التفتيش فأفصحوا عن تبيعتها لشركتين يديرهما أحد المتهميْنِ.
وندبت النيابة العامة إدارةَ التفتيش على الصيدليات والمخازن -بالإدارة العامة لإدارة الأسواق- لفحص المنتجات المضبوطة، فانتهت إلى أنها مستخلصات ومتحصلات من نباتات منها مستخلص ( الكركمين )، وهي غير مسجلة بهيئة الدواء المصرية أو أي جهة أخرى، وأنَّ المتهم أحمد أبو النصر أدعى قُدرتها على علاج مختلف الأمراض دون حصوله على موافقة من هيئة الدواء المصرية.
كما ندبت النيابة العامة الجهازَ القومي لتنظيم الاتصالات لفحص الحاسب الآلي ووسائط التخزين المضبوطة، فأسفر الفحص عن الوصول إلى ملفات وصفات المنتجات المضبوطة، وأسعارها، وأماكن العيادات الخاصة التي كانت تتعامل مع المتهم، ونظام العمل بها، واتفاقاته معها، وتعاملات البيع والشراء، وأسماء العملاء وبياناتهم، والعديد من المقاطع المرئية الظاهر فيها المتهم أحمد أبو النصر خلال ترويجه لتلك المنتجات، كما أسفر الفحص الفني عن تحديد الصفحة الخاصة بالمتهم بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، والمنشأة مُنذ عام (2014)، وما تضمنته من منشورات، وأمكن الوصول إلى قناة بتطبيق ( تليجرام ) أُنشئت حديثًا خلال عام (2020) خصَّصها المتهم لذات نشاطه الإجرامي، وتوصل الفحص أيضًا إلى موقعه الخاص بشبكة المعلومات الدولية المستخدم في ذات الغرض، كما ثبت بتقرير الهيئة القومية لسلامة الغذاء أنَّ كافة المنتجات المضبوطة غير مسجلة بالهيئة، ومخالفة للقانون، وأنها مجهولة الخصائص والتركيبات، مما يُسبب بلبلة لدى المستهلكين وإضرارهم صحيًّا، ويُعَدّ من أنواع الخداع والتدليس.
وفي وقت سابق أعلن النائب أحمد حته، عضو لجنة الاتصالات بمجلس النواب، تقدمه بطلب إحاطة موجه لرئيس الوزراء ومسؤولي المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام حول استمرار إعلانات أحمد أبو النصر، المعروف بدكتور الكركمين على الفضائيات بشكل جنوني رغم القبض عليه والتحقيق معه.
وتساءل النائب: هل يتوافق استمرار الإعلانات مع الاتهامات والتحقيقات ولماذا لا يتم وقف الإعلانات حتى انتهاء التحقيقات؟.
وقال النائب إنه يطالب بوقف تلك الإعلانات على الأقل من قبل جهات التحقيق، لحين انتهاء التحقيقات، خاصة أن الاتهامات تتضمن سلعا يتم الإعلان عنها ليل نهار في جميع الفضائيات المصرية، بشكل مكثف على مدار الساعة بالفعل وهو ما يعد استفزازا حتى للمواطنين.
وأضاف أن فوضى الإعلانات على الفضائيات مستمرة لبحث بغض القنوات عن المكسب دون مراعاة للقيم الإعلامية، وخاصة البرامج والإعلانات الطبية التي أصبحت الظاهرة الإعلامية الأكبر ولابد من وقفة مع الإعلانات الطبية التي تتزاحم وتزداد رغم التحذيرات.
وأكد أن قانون تنظيم الإعلانات لابد من تعديله على ألا يتم الإعلان في أي وسيلة إعلامية وحتى على السوشيال ميديا دون التحقق من صحة وجودة المنتج.
كانت نقابة أطباء مصر قالت في بيان لها، إنها تلقت نبأ إلقاء القبض على أحمد أبو النصر والذي قام على مدار سنوات عديدة بتقديم النصائح والمعلومات الطبية والترويج لبيع وصفات علاجية للمواطنين عبر الفضائيات ومواقع التواصل الإجتماعي، مدعيًا أن تلك الوصفات العلاجية-ومنها ما أطلق عليه المتهم إسم “الكركمين”-مرخصة من وزارة الصحة، وعلى خلاف الحقيقة، مما تسبب بالإضرار بصحة المواطنيَّن وكان مدعاة لتساؤلات وشكاوى نقابة الأطباء والمهتمين بالشأن الصحي.
وتابع البيان: إذ تتوجه نقابة أطباء مصر بالشكر للأجهزة الأمنية المصرية على الاستجابة لشكاوى الوسط الطبي والمواطنيَّن وقيامها بالقاء القبض على المتهم، فإنها تنوه أن أحمد أبو النصر ليس طبيبًا وغير مدون اسمه بسجلات نقابة الأطباء وغير مرخص له بمزاولة مهنة الطب.
وأضافت النقابة: إنطلاقًا من حرص نقابة أطباء مصر على صحة المواطن المصري ومهنة الطب في مصر، فتتوجه النقابة بعدة رسائل تحذير وتنبيه على ذات القدر من الأهمية، لكل من المواطنين ووسائل الإعلام والأطباء، فتخاطب نقابة الأطباء المواطن المصري بالتأكد من هوية ومهنة مقدم المعلومات والنصائح الطبية، وعدم الإنصياع لأية نصائح طبية أو وصفات علاجية إلا من الطبيب المتخصص، وكذلك تؤكد نقابة الأطباء على المواطن المصري بعدم شراء أية أدوية إلا من خلال الصيدليات المرخص لها بيع الأدوية.
وطالبت نقابة الأطباء وسائل الإعلام المختلفة بالإلتزام بالقانون وميثاق الشرف الإعلامي، وعدم إتاحة منابرها لعرض الخدمات الصحية والمعلومات الطبية إلا للمتخصصين وبعد الإستعلام من النقابات المهنية المعنية.
وقالت النقابة إنها تخاطب أعضاءها الأطباء بالالتزام بلائحة أداب مهنة الطب، وفيها:”عند مخاطبة الجمهور في الموضوعات الطبية عبر وسائل الإعلام، يلتزم الطبيب بعدم ذكر مكان عمله وطرق الاتصال به والإشادة بخبراته أو إنجازاته العلمية ويكتفي بذكر صفته المهنية ومجال تخصصه، وعدم ذكر الأراء العلمية غير المؤكدة أو غير المقطوع بصحتها أو تناول الموضوعات المختلفة عليها”.
وتابع البيان: “كما تنوه نقابة أطباء مصر أن لائحة آداب مهنة الطب تحظر على الطبيب إستعمال اسمه في ترويج الأدوية أو العقاقير أو مختلف أنواع العلاج أو لأي أغراض تجارية على أي صورة من الصور، كما تحظر لائحة آداب المهنة على الطبيب بيع أي أدوية أو وصفات أو أجهزة أو مستلزمات طبية في عيادته أو أثناء ممارسته للمهنة بغرض الإتجار، وكذلك تحظر لائحة آداب مهنة الطب على الطبيب القيام بإجراء استشارات طبية في محال تجارية أو ملحقاتها مما هو معد لبيع الأدوية أو الأجهزة أو التجهيزات الطبية سواء كان ذلك بالمجان أو نظير مرتب أو مكافأة”.
واختتم البيان: “تثمن نقابة أطباء مصر قرار الدكتور رئيس مجلس الوزراء رقم 302 لسنة 2022 بشأن تشكيل لجنة عليا لمنح ترخيص الإعلان عن أي منتج صحي أو خدمات صحية، وهو القرار المتمم لقانون 206 لسنة2017 بشأن تنظيم الإعلان عن المنتجات والخدمات الصحية، هذا القانون الذي طالبت نقابة أطباء مصر تكرارً بتفعيله، وتترقب نقابة الأطباء سرعة تطبيق هذا القانون”.