المبادرة المصرية: حكم حبس ماركو جرجس 5 سنوات بتهمة ازدراء الأديان حلقة جديدة بسلسلة التضييق على حرية التعبير
كتبت- ليلى فريد
قالت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية إن المحكمة الاقتصادية بمحافظة القاهرة دائرة الجنح، قضت يوم السبت الماضي في القضية رقم 121 لسنة 2022 (جنح مالية) المقيدة برقم 69 لسنة 2022، ضد ماركو جرجس صليب شحاتة بالحبس خمس سنوات مع الشغل والنفاذ و مصادرة هاتفه المحمول، وإلزامه بالمصاريف الجنائية. وذلك على خلفية ما أسند إليه من تهم هي: استغلال الدين في الترويج ﻷفكار متطرفة، ازدراء الدين الإسلامي، التعدي على قيم اﻷسرة المصرية. في المقابل، برأته المحكمة من تهمة إنشاء واستخدم حساب على مواقع التواصل الاجتماعي بهدف ارتكاب تلك الجرائم.
وذكرت المبادرة المصرية في بيان لها، الثلاثاء، أن الحكم الصادر اليوم هو حلقة جديدة من سلسلة الملاحقات والمحاكمات للمواطنين في سياق التضييق على حرية التعبير بشأن عدد من القضايا التي تعدّ ماسة بالسائد من تفسيرات للنصوص الدينية عبر الإنترنت، باستخدام اتهامات فضفاضة وغير دستورية منها تهمة ازدراء الأديان الواردة في قانون العقوبات، والاعتداء على قيم الأسرة المصرية والمجتمع الواردة في قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، وبما يفتح المجال على مصراعيه لإساءة استخدام هذه الاتهامات في انتهاك حريات الرأي والتعبير والإبداع والاعتقاد. وطالبت المبادرة بالتوقف عن هذا النوع من المحاكمات التي تفتقر إلى أسس المحاكمة العادلة، وضمان حقوق المتهم في درجة الاستئناف.
ولفتت المبادرة إلى أنه القي القبض على ماركو جرجس في 14 يونيو 2021 لوجود بعض الصور الجنسية التي اعتبرت مسيئة للدين الإسلامي على هاتفه المحمول. بعد احتجازه لقرابة شهر، عُرض أمام نيابة أمن الدولة التي وجهت إليه اتهامات ازدراء أحد الأديان السماوية، والتعدي على الدين الإسلامي، واستخدام موقع على شبكة المعلومات الدولية لارتكاب أعمال إرهابية. وقيدت القضية برقم 1627 لسنة 2021 حصر نيابة أمن الدولة. وشهدت جلسات التحقيق مع المتهم استفسارات عن ممارساته الشخصية، وتناول المشروبات الكحولية وعلاقاته بالنساء، بالإضافة إلى أسئلة بشأن محادثات خاصة وصور جنسية، تضمنت ما اعتبرته نيابة أمن الدولة ازدراءً للدين الإسلامي، في حين نفى المتهم ارتكابه تلك الجرائم وأكد أنه يحترم الأديان، وأنه لم ينشر أية صور على شبكة الإنترنت.
وقالت إنه عقب الإعلان عن انتهاء حالة الطوارئ، أحالت نيابة أمن الدولة المتهم للمحاكمة أمام محكمة جنح الوايلي، بموجب المواد ٩٨( و)، ١٦١، ١٧١ من قانون العقوبات، وفي جلسة ٢٩ ديسمبر 2021، قضت المحكمة بعدم اختصاصها نوعيًا، وإحالة القضية إلى محكمة شمال القاهرة الابتدائية دائرة جنح الإرهاب (الدائرة ٣٠ جزئي إرهاب) لنظرها، التي قضت في 5 يناير 2022 بعدم اختصاصها نوعيًا، لارتكاب المتهم الجريمة المقررة بموجب المادة 76 من القانون 10 لسنة 2003 بوصف أن المتهم أساء استعمال أجهزة الاتصالات، ومن ثم ينعقد الاختصاص للمحكمة الاقتصادية.
وفي 12 يناير 2022، قيدت نيابة الشئون المالية والتجارية القضية كجنحة وفقًا للمواد 98 (و) 160/1، 161/1، و171/5 من قانون العقوبات، بالإضافة للمادتين 25 و27 من القانون من 175 لسنة 2018، بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات. وذلك دون مواجهة المتهم بارتكاب تلك الجرائم المضافة وسماع دفاعه.
وأشارت المبادرة إلى أنه جاء في قرار الإحالة أنه في الفترة من ديسمبر 2020، وحتى يوليو 2021 قام المتهم بالآتي:
– استغل الدين للترويج لأفكار متطرفة، واتخذ من نصوص القرآن الكريم ومبادئ وأحكام الشريعة الإسلامية منطلقا للترويج بالتحاور عبر شبكة المعلومات الدولية، على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، مع عدة حسابات بغير تمييز، حول أفكار تقوم بالتطاول على الذات الإلهية وسب الرسول، بقصد إثارة الفتنة وتحقير الدين الإسلامي ومعتنقيه، والإضرار بالوحدة الوطنية.
– التعدي على أحد الأديان التي تؤدى شعائرها علنًا، وذلك بتعديه على الدين الإسلامي بالكتابة والصور، باستخدام حساب فيسبوك في إرسال عبارات وصور جنسية لحسابات بغير تمييز للتطاول على الذات الإلهية.
– الاعتداء على المبادئ والقيم الأسرية للمجتمع، بإرساله الصور والعبارات لحسابات أخرى، بما في ذلك التعدي على قيم ومبادئ المجتمع القائمة على تقديس الأديان والشعائر السماوية.
– إنشاء واستخدام حساب خاص على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، بشبكة المعلومات الدولية لارتكاب تلك الجرائم، والتي ذكرت سابقًا.
وأضاف البيان: دفع محامو المبادرة المصرية خلال المحاكمة ببطلان إجراءات القبض والتفتيش، وعدم جدية التحريات، وانتفاء أركان الجرائم (المادي – المعنوي) والقصد الخاص الذي تتطلبه بعض نصوص الاتهام الواردة بقرار الإحالة، وانتفاء ركن العلانية. وطالب المحامون ببراءة المتهم، أو وقف الدعوى، وإحالة الأوراق للمحكمة الدستورية العليا للفصل في عدم دستورية المادة 98 (و) من قانون العقوبات والمادة 25 من القانون رقم 175 لسنة 2018 بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات، مع إخلاء سبيل المتهم لحين الفصل فيها.
وتابع البيان أنه نظرت المحاكم المختلفة منذ بداية العام ٢٠٢١ وحتى الآن ثلاث قضايا مختلفة على الأقل استندت فيها النيابة لنفس الاتهامات، من بينها الحكم الصادر من محكمة جنح النزهة أمن الدولة طوارئ في 17 نوفمبر 2021، والقاضي بسجن أحمد عبده ماهر، المحامي والباحث في الفكر الإسلامي، خمس سنوات بتهمة ازدراء الأديان في القضية رقم ١٤١٢ لسنة ٢٠٢١. كذلك أيدت محكمة طنطا الاقتصادية (الدائرة الاستئنافية الرابعة) في 7 مارس 2021 حكم أول درجة من محكمة طنطا الاقتصادية بالحبس خمس سنوات بحق عبد الرحمن الجندي، والغرامة ألف جنيه في وقائع اتهامه بازدراء الأديان السماوية. أما محكمة أمن الدولة طوارئ بالمطرية فقد قررت في 15 ديسمبر ٢٠٢١ إحالة ملف القضية 2441 لسنة 2021 المتهم فيها نبيل النقيب بازدراء الأديان إلى النيابة العامة لتعديل القيد والوصف. بخلاف صدور قرارات بالحبس لعدة متهمين على ذمة التحقيقات بشأن اتهامات بازدراء الأديان والإساءة إلى الإسلام.