المبادرة المصرية تطالب النيابة بتوضيح عاجل لموقف الشهود والمجني عليهن بقضية “فيرمونت”.. وتدعو “القومي للمرأة” لحمايتهن
المبادرة: توجيه الاتهامات لضحية وناجية من الاغتصاب والخطف رسالة بأن التبليغ يودي بصاحبته للسجن.. ويعرقل جهود دعم المتعافيات من جرائم العنف الجنسي
توفير السرية والحماية في قضايا العنف الجنسي يتجاوز حجب المعلومات الشخصية إلى مراجعة شاملة للقانون
محمود هاشم
طالبت المبادرةُ المصرية للحقوق الشخصية النيابةَ العامةَ بتوضيحٍ عاجلٍ للموقف القانوني للشهود والمجني عليهن في قضية الاعتداء الجنسي المعروفة باسم “قضية فيرمونت” وقضية الاعتداء الجنسي الأخرى التي أشارت إليها النيابة في بيانها يوم 28 أغسطس.
كما طالبت المبادرة، في بيان اليوم، ببيان عدد الأشخاص المقبوض عليهم وتوضيح موقف النيابة بصدد ما تم نشره في العديد من الصحف ومدى صحة كونه مستندًا إلى أوراق التحريات، مع عدم استخدام أقوال المجني عليهن والشهود كفرصة لتوجيه الاتهامات إليهن، خاصة أن استخدام النيابة العامة معلومات حصلت عليها أثناء استجواب الأفراد كمجنٍ عليهن وشهود تحت القسم لاتهامه، يخلّ بقاعدة هامة في قانون الإثبات بعدم جواز إجبار الشخص على تقديم دليلً ضد نفسه، وتزداد خطورة هذا المسلك من النيابة في حال كانت الاتهامات ذات طابع أخلاقي فضفاض وتستند إلى مواد قانونية مشوبة بعدم الدستورية.
كما دعت المبادرة النيابة إلى استخدام صلاحياتها في عدم تحريك الدعوى في الجرائم التي لا تعرِّض أفراد المجتمع لخطر بالغ، من أجل ضمان توجيه موارد مؤسسات العدالة لصالح ملاحقة المتهمين في الجرائم التي تشكِّل خطورة حقيقية على أفراد المجتمع، وتغليبًا للمصلحة العامة بضمان توفير الأمان للمبلِّغات والشهود في قضايا العنف الجنسي، وحتى يتاح للنساء والفتيات فرصة حقيقية للجوء إلى النيابة العامة في حالة تعرضهن للاعتداء، دون خوفٍ من أن تحولهم النيابةُ إلى متهَمات.
وحثت المجلس القومى للمرأة على عدم التخلي عن دوره في تقديم الحماية والدعم إلى النساء المجني عليهن والشهود في القضيتين، خاصة أن توجههن إلى التبليغ والشهادة قد أتى بعد مبادرة المجلس بالتأكيد على توفير الدعم والحماية والحفاظ على الخصوصية للمبلِّغين والشهود.
وأوضحت أن المجني عليها الرئيسية تقدمت بشكوى إلى المجلس القومي للمرأة والتقت مسؤولي الشكاوى به ومقدمي الدعم القانوني قبل التوجه مع عدد من الشهود إلى النيابة العامة لتقديم بلاغ رسمي.
كانت النيابة العامة قد تحدثت في بياناتها عن قضيتين ترتبطان بالواقعة نفسها: القضية الأولى تخص واقعة الاغتصاب التي وقعت في عام 2014 في فندق فيرمونت نايل سيتي، والثانية متعلقة بالأولى وذكرتها النيابة العامة في بيانها الصادر يوم 27 أغسطس بخصوص قرار حبس أحد المتهمين 4 أيام على ذمة التحقيق دون بيان ماهية الاتهامات حتى الآن.
وأصدرت النيابة العامة مساء الاثنين 31 أغسطس بيانًا رسميًّا بخصوص 7 أفراد فيما أسمته في بيانها بـ”وقائع اتهموا فيها بمناسبة التحقيقات الجارية في واقعة التعدي على فتاةٍ بفندق (فيرمونت نايل سيتي)”.
وأعلن البيان المقتضَب أن النيابة قررت حبس 3 منهم لمدة 4 أيام على ذمة التحقيقات، وإخلاء سبيل أربعة آخرين بكفالة مالية لثلاثة منهم، و بضمان محل الإقامة للأخير.
ولفتت المبادرة إلى أن البيان المقتضَب لم يسمِّ أيًّا من هؤلاء المتهمين، ولم يوضح علاقتهم بالقضية الأصلية محل التحقيق، ولم يوضح الاتهامات الموجهة إليهم، كما أضاف أن المتهمين سيتم عرضهم على الطب الشرعي لبيان تعاطيهم المخدِّرات وسيتم عرض اثنين منهم “للكشف الطبي” بدون توضيحٍ لطبيعة هذا الكشف.
وصرَّح أفرادٌ من أسر بعض الشهود بأن ذويهم قد تم احتجازهم على مدار الأيام الماضية وأنهم يواجهون اتهامات رسمية.
وتابعت: “أتى بيانُ النيابة المذكور مبهمًا وقصيرًا ومُصاغًا بطريقة توحي بأن تلك الاتهامات الموجهة إلى الأفراد السبعة نابعة من استجواب المجني عليهن أو الشهود في تلك القضية، كما سبق أن حدث في قضية خطف واغتصاب منة عبد العزيز (آية) في شهر مايو من العام الحالي، حين تم استجوابها كمجنٍ عليها في قضية اغتصاب وخطف واعتداءات أخرى لتجد نفسها بعدها متهمةً ومقيدةَ الحرية هي الأخرى بناءً على الاتهامات التي وجهها إليها المعتدون عليها في معرِض دفاعهم عن أنفسهم، وباستخدام أقوالها الشخصية التي أدلت بها إلى النيابة خلال التحقيق معها كمجنٍ عليها”.
وكانت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية حذرت مسبقًا وبشكل متكرر من أن سابقة توجيه الاتهامات إلى ضحية وناجية من الاغتصاب والخطف، يُرسِل برسالة واضحة إلى النساء والفتيات بأن التبليغ عن الاعتداءات الجنسية التي يتعرضن لها قد ينتهي بهن متهَماتٍ وقد يؤدي بهن إلى السجن، ما يعرقل أيَّ جهود مجتمعية ساعية إلى دعم النساء والفتيات في سعيهن إلى التعافي من آثار جرائم العنف الجنسي التي قد يتعرضن لها.
وأضاف بيان النيابة العامة الأخير أسبابًا إلى القلق بعد المحتوى التحريضي الذي نشره فجر اليوم نفسه أحد المواقع الإخبارية والذي ادعى استناده إلى أوراق التحريات في قضية واقعة الاغتصاب.
ونشر الموقع المذكور محتوًى يحض على الكراهية ضد النساء والمثليين والمتعايشين مع فيروس نقص المناعة (الإيدز)، ويحمِّل المجني عليهن في وقائع الاغتصاب نصيبًا من المسؤولية نتيجة سلوكهن الأخلاقي، بالإضافة إلى انتهاك خصوصية الشهود.
وفي اليوم نفسه، نشرت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي صورًا شخصية ادَّعى ناشروها أنها خاصة بإحدى المجني عليها الشاهدة بالقضية، وأن مصدرها هو هواتفهم الشخصية، التي تعد من أحراز التحقيقات، المفترض أنها في حيازة النيابة العامة في الوقت الحالي.
وشددت على أن الوقائع السابقة من إلقاء القبض على المبلِّغات وبعض الشهود تتناقض مع التوجه الرسمي المعلن بشأن التعاطي مع قضايا العنف الجنسي ضد النساء، خصوصًا بعد موافقة مجلس النواب على تعديل قانون الإجراءات الجنائية في 17 أغسطس ليضمن سرية بيانات المبلِّغات في قضايا العنف الجنسي للحفاظ على ما أسمته وزارة العدل “سمعة” المجني عليهن.
ولفتت إلى أن نشر ما وُصف بأنه تفاصيل التحريات في قضية فيرمونت يثبت مدى قصور التغيير المحدود بقانون الإجراءات الجنائية عن ضمان سرية المعلومات، في ظل سياقٍ يسمح بتسريب تفاصيل التحريات والتحقيقات، بل ونشر معلومات وصورًا شخصية تخص المجني عليهن والشهود خاصة فيما يُعرف بقضايا الآداب العامة أو العنف الجنسي ضد النساء، كما رأينا في عدد من التحقيقات مع بعض مستخدِمات تطبيق تيك توك في الآونة الأخيرة.
وتُدعِّم هذه الوقائع كذلك ملاحظات العديد من المنظمات المعنية بحقوق النساء بأن الاحتياج إلى توفير السرية والحماية في قضايا العنف الجنسي يتجاوز مجرد حجب المعلومات الشخصية إلى مراجعة شاملة للقانون.