المبادرة المصرية تدين معاقبة طفلين بالسجن 10 سنوات بتهم الإرهاب: المحكمة لم تستمع للطفلين أو محاميهما
المبادرة: الحكم قاسي على خلفية نشاطهما الرقمي المزعوم.. المحاكمة تمت سريعا وفقدت ضمانات العدالة
درب
أدانت المبادرة المصرية للحقوق الشحصية حكم محكمة الطفل ببنها على طفلين بالسجن 10 سنوات بتهم الإرهاب على خلفية ما اعتبرته نشاطها الرقمي المزعوم.
وقالت المبادرة في بيان أصدرته اليوم الثلاثاء إن الحكم جاء بعد محاكمة سريعة غاب عنها الحد الأدني من ضمانات المحاكمة العادلة دون أن تستمع المحكمة لأقوال الطفلين أو مرافعة محاميهم، كما تجاهلت المحكمة طلبات الدفاع.
وقال البيان: ووثقت المبادرة المصرية -التي مثلت أحد الطفلين خلال المحاكمة- تعرضهما لقائمة من الانتهاكات منذ القبض عليهما في 2024، انتهت بمحاكمتهما باتهامات غير منطقية ولا تتماشى حتى مع تعريفات قانون مكافحة الإرهاب. بل إن الحكم المشدد صدر بالرغم من أن تقرير الأخصائي الاجتماعي في للمحكمة بشأن الموكل أكد أنه لا يوجد سبب لانحرافه أو مخاوف منه، وأوصى بتسليمه لأهله.
تضم القضية (رقم 4240 لسنة 2024) متهمين لم يتجاوزا 18 عامًا وقت القبض عليهما. ورغم أن القضية لا تضم أي متهمين بالغين، إلا أن كليهما نُقل من محل سكنهما إلى القاهرة الجديدة، وعُرضا أمام نيابة أمن الدولة العليا شأنهما شأن البالغين بدلًا من نيابة الطفل، الأمر الذي حرمهما خلال فترة التحقيق من كل ضمانات حماية المتهمين الأطفال التي يكفلها قانون الطفل المصري.
واتهمت نيابة أمن الدولة العليا الطفل الأول بتأسيس وتولي قيادة جماعة إرهابية، واتهمت الطفل الثاني بالانضمام لجماعة إرهابية، فيما اتهمت الطفلين بتمويل هذه الجماعة والاشتراك في اتفاق جنائي لارتكاب جريمة إرهابية.
وتجدر الإشارة هنا أن المادة الأولى من القانون 94 لسنة 2015 بشأن مكافحة الإرهاب، عرفت الجماعة الإرهابية على أنها كل جماعة مؤلفة من ثلاثة أشخاص على الأقل، الأمر الذي يجعل كافة الاتهامات الواردة في القضية غير منطقية ومُخالفة للقانون.
بدأت أولى جلسات المحاكمة يوم 18 نوفمبر الماضي، ولم تسمح المحكمة لفريق الدفاع بالحصول على نسخة من أوراق القضية، واكتفت بالسماح لهم بالاطلاع عليها سريعًا. لكن المحكمة استمعت لمرافعة ممثل الادعاء (وكيل نيابة أمن الدولة العليا) التي تضمنت إشارات لاعترافات منسوبة لكلا الطفلين غير مثبتة بالأوراق التي اطلع عليها الدفاع، ولم ترد بمحاضر التحقيقات التي أتيحت لهم قراءتها.
وقررت المحكمة تحديد جلسة اليوم الثلاثاء لإصدار حكمها متجاهله طلبات الدفاع الموضوعية كسؤال شاهد الإثبات، والتي قررت إنهاء نظر الدعوى والحكم فيها ليس فقط دون السماع لمرافعة النيابة، بل ودون حتى استجواب الطفلين لسماع أقوالهم.
مثل محامو المبادرة المصرية في المحاكمة الطفل محمد عماد، المتهم الثاني في القضية، وهو أمريكي من أصل مصري يقيم مع عائلته في الولايات المتحدة الأمريكية، ألقي القبض عليه في 19 أغسطس 2024 من منزل أسرته أثناء قضائه إجازة الصيف في مصر. ولم تتمكن الأسرة وقتئذ من معرفة سبب القبض عليه أو مكان احتجازه، وظل رهن الإخفاء القسري لأكثر من أسبوعين.
ظهر عماد بعد ذلك يوم 5 سبتمبر 2024 أمام نيابة أمن الدولة العليا، التي حققت معه للمرة الأولى والأخيرة دون مواجهته بأي أدلة على الاتهامات الموجهة له.
واعتمدت النيابة في اتهامها على محضر تحريات واحد فقط حرره ضابط بقطاع الأمن الوطني. كما تعاملت النيابة مع فترة الإخفاء القسري التي تعرض لها عماد على أنها فترة احتجاز قانونية، إذ أصدرت قرارًا يستند للمادة 40 من قانون مكافحة الإرهاب، التي تسمح “بالتحفظ” على المتهمين مدة تصل إلى 14 يومًا قبل العرض على النيابة للتحقيق. فيما أغفلت النيابة نص المادة 41 من القانون نفسه، والتي تكفل للمتهم حق الاتصال بذويه والاستعانة بمحام خلال فترة التحفظ، وهو الأمر الذي حُرم منهم محمد عماد وأسرته، التي ظلت لأكثر من أسبوعين لا تعلم مكان احتجاز طفلها.
كان من المفترض أن يصدر الحكم ببراءة الطفلين الطفلين باعتباره الحكم المنطقي الوحيد، بسبب عدم معقولية الاتهامات، وغياب أدلة قاطعة تدين أيًا منهما، إلى جانب قائمة الانتهاكات التي تعرضا لها بداية من القبض عليهما وووصولًا إلى محاكمتهما. وتشدد المبادرة المصرية للحقوق الشخصية على أن استمرار الملاحقة القضائية لطيف واسع من المواطنين بمن فيهم الأطفال بدعوى “الإرهاب” تظهر بجلاء إصرار الدولة بعد عشر سنوات على صدور قانون مكافحة الإرهاب المعيب في معاقبة واضطهاد المواطنين بدلاً من التصدي الحقيقي لخطره، ومعاقبة الجناة الحقيقيين الذين يعرضون الأطفال وكافة المواطنين لخطر فعلي.

