المالية عن خفض «فيتش» للتصنيف الائتماني لمصر: لولا تغير سعر صرف الجنيه أمام الدولار لانخفض الدين إلى الناتج المحلي لأقل من ٨٠٪
الاقتصاد المصرى جذب استثمارات أجنبية كبيرة خلال النصف الأول من العام المالى وموارد مالية من مؤسسات دولية عديدة. رغم شدة الضغوط
ملتزمون باستمرار الانضباط المالى وتحقيق المستهدفات المالية لعام ٢٠٢٢/ ٢٠٢٣ رغم الصدمات الخارجية الكبيرة والمركبة
برنامج الإصلاح الاقتصادي المدعوم من صندوق النقد الدولي يساعد فى تلبية الاحتياجات التمويلية الخارجية
«الطروحات الحكومية» تفتح آفاقًا للاستثمارات الأجنبية ونستهدف ٢ مليار دولار قبل نهاية العام المالي الحالي
عجز الحساب الجاري بلغ ١,٨ مليار دولار خلال النصف الأول من العام المالى الحالى مقارنة بـ ٧,٨ مليار دولار خلال نفس الفترة من العام السابق
الصادرات غير النفطية ارتفعت إلى ١٢,٩ مليار دولار وإيرادات السياحة زادت بنحو ٢٥,٧٪ لتسجل حوالي ٧,٣ مليار دولار
إيرادات قناة السويس ارتفعت بنسبة ١٧,٨٪ إلى ٤ مليارات دولار.. وصافي الاستثمارات الأجنبية المباشرة قفز بنسبة ٧٢,٨٪
زيادة موازنة الدعم والحماية الاجتماعية بنسبة ٤٨,٨٪ لتصل إلى ٥٢٩,٧ مليار جنيه من أول يوليو المقبل لتخفيف الأعباء عن المواطنين
كتب: عبد الرحمن بدر
أكد الدكتور محمد معيط، وزير المالية، أن قرار مؤسسة «فيتش» بخفض التصنيف الائتماني لمصر بالعملتين المحلية والأجنبية إلى درجة «B» مع نظرة مستقبلية سلبية يعكس نظرة المؤسسة إلى تقديرات الاحتياجات التمويلية الخارجية للاقتصاد المصرى مع ظروف أسواق المال العالمية غير المواتية لكل الدول الناشئة، كما يعكس تقديرات وتحليلات المؤسسة في ظل استمرار تعرض الاقتصاد المصري لضغوط خارجية صعبة نتيجة للتحديات العالمية المركبة المتمثلة فى التداعيات السلبية للحرب فى أوروبا، وموجة التضخم العالمية، وارتفاع أسعار الفائدة والإقراض، وتكلفة التمويل بسبب السياسات التقييدية للبنوك المركزية حول العالم؛ مما أدى إلى موجة من خروج رؤوس الأموال من الأسواق الناشئة، ومن بينها: مصر لصالح الدول والأسواق المتقدمة، وهو ما يتزامن مع صعوبة الوصول للأسواق العالمية، وما تُعانيه من حالة «عدم اليقين» لدى المستثمرين.
وأضاف الوزير، في بيان السبت، أن الاقتصاد المصري جذب استثمارات أجنبية كبيرة خلال النصف الأول من العام المالى كما جذب أيضًا موارد مالية من مؤسسات دولية عديدة، رغم شدة الضغوط والتحديات العالمية، ومازال الاقتصاد المصرى يمتلك القدرة على جذب التدفقات الأجنبية، وأن ما تتخذه الحكومة من إجراءات وتدابير وما تنفذه من إصلاحات لتمكين القطاع الخاص المحلى والأجنبي يسهم فى سرعة عودة الاقتصاد المصرى للنمو القوى والمستدام، موضحًا أن برنامج «الطروحات الحكومية» فى إطار وثيقة سياسة ملكية الدولة، يفتح آفاقًا للاستثمارات الأجنبية، ونستهدف ٢ مليار دولار قبل نهاية العام المالي الحالي.
وأشار إلى أننا ماضون فى تنفيذ حزمة متكاملة من الإصلاحات؛ لتعزيز المسار الاقتصادى الآمن فى مواجهة الصدمات الخارجية، وأن هناك حزمة إجراءات مالية ونقدية وهيكلية؛ للتعامل الإيجابي مع توفير الاحتياجات التمويلية الخارجية للبلاد، إضافة إلى الالتزام الكامل ببرنامج الإصلاح الاقتصادي المدعوم من صندوق النقد الدولي، على نحو يساعد فى امتلاك القدرة على تعظيم الموارد من النقد الأجنبي للبلاد، مع الأخذ فى الاعتبار النقاط الواردة بتقرير «فيتش» من حيث الإشارة إلى زيادة الصادرات المصرية وبشكل كبير وملحوظ من الغاز الطبيعي مؤخرًا، وارتفاع حصيلة الصادرات غير البترولية التي شهدت نموًا ملحوظًا خلال العام المالي السابق، إضافة إلى التعافي الذي يشهده قطاع السياحة سواءً من حيث عدد وتنوع أسواق السياحة الواردة أو تنامى عدد الليالى السياحية، وزيادة إيرادات قناة السويس بشكل ملحوظ ومستدام أيضًا، لافتًا إلى ارتفاع رصيد الاحتياطيات الأجنبية لتصل إلى ٣٤,٥ مليار دولار بنهاية شهر أبريل ٢٠٢٣.
وذكر أن عجز الحساب الجاري بلغ ١,٨ مليار دولار خلال النصف الأول من عام ٢٠٢٢/ ٢٠٢٣ مقارنة بـ ٧,٨ مليار دولار خلال نفس الفترة من العام السابق، حيث ارتفعت الصادرات غير النفطية على أساس سنوي إلى ١٢,٩ مليار دولار، وانتعشت إيرادات السياحة بنحو ٢٥,٧٪ لتسجل حوالي ٧,٣ مليار دولار، وارتفعت إيرادات قناة السويس بنسبة ١٧,٨٪ إلى ٤ مليارات دولار، كما ارتفع صافي الاستثمارات الأجنبية المباشرة بنسبة ٧٢,٨٪ مما يؤكد حدوث تحسن كبير فى معظم وأهم بنود ميزان المدفوعات خلال النصف الأول من العام المالى الحالى رغم الظروف الاقتصادية غير المواتية.
وأوضح أن مؤسسة «فيتش» ألقت الضوء فى سياق تقريرها الأخير على استمرار تحقيق الانضباط المالي الذي ظهر بشكل كبير خلال نتائج العام المالي السابق ٢٠٢١/ ٢٠٢٢، حيث انخفض معدل العجز الكلى للموازنة من ٦,٨٪ في عام ٢٠٢٠/ ٢٠٢١ إلى ٦,١٪ من الناتج المحلي الإجمالي فى يونيه الماضى، واستطاعت وزارة المالية تسجيل فائض أولي للعام الخامس على التوالي بلغ ١,٣٪ من الناتج المحلي، وقد أشار تقرير «فيتش» إلى أن استمرار تحقيق الانضباط المالى وتحقيق مستهدفات الموازنة الجديدة يرجع إلى النمو القوي في الإيرادات الحكومية بسبب إجراءات توسيع القاعدة الضريبية؛ نتيجة لإجراءات الميكنة واسعة النطاق التي يتم تطبيقها لتحسين الإدارة الضريبية وزيادة الحصيلة الضريبية، إضافة إلى جهود الحكومة لترشيد النفقات والتوسع في شبكة الحماية الاجتماعية، وتتوقع مؤسسة «فيتش» أن يبلغ معدل النمو الاقتصادي في المتوسط ٤٪ سنويًا، على مدار الثلاثة أعوام المقبلة.
وتابع: نحن ملتزمون باستمرار الانضباط المالى وتحقيق المستهدفات المالية لعام ٢٠٢٢/ ٢٠٢٣ رغم الصدمات الخارجية الكبيرة والمركبة، ونستهدف تحقيق فائض أولي ١,٥٪ من الناتج المحلي خلال العام المالى الحالى و٢,٥٪ العام المالى المقبل والأعوام التالية لخفض نسبة الدين للناتج المحلي لأقل من ٨٠٪ بحلول العام المالي ٢٠٢٦ /٢٠٢٧، مؤكدًا أنه لولا تغير سعر صرف الجنيه أمام الدولار لانخفض الدين إلى الناتج المحلي هذا العام لأقل من ٨٠٪.
وأكد الوزير، أن التزامنا بالحفاظ على تحقيق فائض أولي، كان محل تقدير بشكل عام من كل المؤسسات الدولية، بما فيها «فيتش» التى أشارت إلى ذلك، وكذلك إلى زيادة الإنفاق الاجتماعي بالموازنة العامة؛ للتخفيف الجزئي من تأثير الأزمة الاقتصادية على الفئات الأولى بالرعاية من خلال زيادة الأجور والمعاشات بشكل كبير، وزيادة التحويلات والمخصصات لصالح برنامج تكافل وكرامة من خلال زيادة عدد الأسر المستفيدة ليصل إلى نحو ٥,٢ مليون أسرة موضحًا أن مخصصات الدعم والحماية الاجتماعية بموازنة العام المقبل التى يبدأ تنفيذها من أول يوليو ٢٠٢٣، تصل إلى ٥٢٩,٧ مليار جنيه وهو ما يمثل نسبة زيادة سنوية ٤٨,٨٪ من أجل تخفيف الأعباء على المواطنين، والفئات الأولى بالرعاية قدر المستطاع.
وقال أحمد كجوك، نائب الوزير للسياسات المالية والتطوير المؤسسي، إن مؤسسة «فيتش» أشارت فى سياق تقريرها إلى أهمية دفع دور ومساهمة القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي، وزيادة مساهمته في جملة الاستثمارات، وفى هذا الإطار نؤكد أن إصدار الدولة المصرية وثيقة سياسة ملكية الدولة في شكلها النهائي التى أقرتها القيادة السياسية، يسهم في عمل كافة جهات الدولة المصرية على تشجيع وجذب القطاع الخاص لزيادة استثماراته وتواجده بالسوق المصري وزيادة مساهمته في النمو الاقتصادي بصورة قوية خلال الفترة المقبلة، حيث تعمل الحكومة على تحسين بيئة تشغيل الأعمال لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية.
وأضاف أن مؤسسة «فيتش» يمكن أن تقوم بتحسين التصنيف الائتماني لمصر خلال الفترة المقبلة إذا تم زيادة موارد البلاد من النقد الأجنبي خاصة الموارد الأكثر استدامة مثل زيادة حصيلة الصادرات السلعية والخدمية والاستثمارات الأجنبية المباشرة.
وأشار إلى أننا نسعى لتحقيق المستهدفات المالية لعام ٢٠٢٢/ ٢٠٢٣ رغم التحديات والصدمات الاقتصادية المركبة، خاصة مع استمرار جهود الانضباط المالى حيث تعكس البيانات المالية للفترة من يوليو إلى مارس فى العام المالى ٢٠٢٢/ ٢٠٢٣، إلى تحقيق عجز كلى بالموازنة يصل إلى نحو ٥٤٦ مليار جنيه بنسبة ٥,٦٪ من الناتج المحلي مقارنة بـ ٤,٩٪ من الناتج خلال نفس الفترة من العام المالي السابق، رغم الضغوط بالغة القسوة، ورغم من الظروف الاقتصادية العالمية غير المواتية أيضًا، كما حققت الموازنة فائضًا أوليًا ٥٠ مليار جنيه مقارنة بـ ٣٢ مليار جنيه خلال نفس الفترة من العام السابق، وقد بلغ معدل النمو السنوي لمصروفات الموازنة العامة نحو ٢٥,٩٪ بينما حققت الإيرادات نموًا يبلغ حوالي ١٨,٥٪ مدفوعًا بمعدل النمو السنوى القوي والمرتفع للإيرادات الضريبية الذي بلغ ٢١,٩٪.
يذكر أنه أعلنت مؤسسة “فيتش ريتينجز” للتصنيف الائتماني اليوم تخفيض تصنيف مصر الائتماني طويل الأجل إلى “B” بدلاً من “+B” مع نظرة مستقبلية سلبية.
واستندت “فيتش” في خفض تصنيف قدرة مصر على الوفاء بالالتزامات طويلة الأجل بالعملة الأجنبية (IDR) والنظرة المستقبلية السلبية إلى زيادة مخاطر التمويل الخارجي في ضوء احتياج البلاد إلى تمويلات خارجية مرتفعة، مع صعوبة شروط الحصول عليها.
ولفتت المؤسسة في بيانها الذي صدر مساء الجمعة، إلى مخاطر تدهور الثقة إذا تأخر انتقال البلاد إلى سياسة مرونة أسعار الصرف، والذي ربما يؤدي أيضاً إلى تأخر تنفيذ برنامج صندوق النقد الدولي.
وأخذ التقييم في اعتباره أيضاً تدهور مؤشرات الدين العام، بما في ذلك نسبة تكلفة فوائد الديون إلى إيرادات الحكومة، والتي قالت المؤسسة إنها تشكل خطراً على استدامة الديون في المدى المتوسط إن لم يتم تعديلها.
وقالت “فيتش” إنها لاحظت عودة أزمة العملة الأجنبية في فبراير 2023، وسط ثبات أسعار الصرف، ثم تدهور قيمة العملة المصرية عدة مرات متتالية حتى انخفضت بنسبة 50% تقريبًا أمام الدولار مقارنة مع بداية عام 2022.
وأرجعت ذلك إلى تردد المستثمرين في دخول أسواق العملة الأجنبية في ضوء الغموض الذي يحيط بمستوى أسعار الصرف، وتدخل بنوك القطاع العام بصورة قوّضت الثقة في تبني نظام مرونة سعر الصرف.
وتوقعت “فيتش” مزيداً من تراجع قيمة العملة المصرية قبل أن تستقر في السنة المالية التي تنتهي في يونيو 2024.
وتوقعت وكالة التصنيف الائتماني أن تواجه مصر صعوبة في تأمين احتياجاتها من التمويل الخارجي في السنة المالية 2024، وأرجعت ذلك إلى زيادة قيمة الديون الخارجية التي تستحق السداد فيها إلى 7.2 مليار دولار مقارنة مع 4.3 مليار دولار في السنة المالية 2023.
كما توقعت “فيتش” أن تنخفض نسبة العجز في الحساب الجاري إلى 3.3% من إجمالي الناتج المحلي (نحو 12 مليار دولار) في العامين الماليين الحالي والمقبل، مقارنة مع 3.5% (أو ما يزيد على 16 مليار دولار) في السنة المالية 2022، بسبب تحسن إيرادات السياحة ومتحصلات قناة السويس.
وذكرت “فيتش” أنها لاحظت ضعف احتياطي السيولة الخارجية في مصر بعد تدهورها بشكل ملحوظ في عام 2022. وأشارت إلى بداية تحسن إجمالي الاحتياطيات الرسمية إلى 34.4 مليار دولار في نهاية مارس 2023 مقارنة مع 33.1 مليار دولار في أغسطس 2022 (وكان احتياطي البلاد من النقد الأجنبي قد سجل 42 مليار دولار في فبراير 2022).
وقالت المؤسسة إن تحسن أرقام الاحتياطي الأجنبي جاء بعد سماح البنك المركزي المصري بانخفاض قيمة الجنيه في أكتوبر 2022 ويناير 2023. غير أن قيمة الأصول الأجنبية في البنك المركزي والبنوك التجارية تدهورت مرة أخرى في بداية العام إلى سالب 24.5 مليار دولار في مارس 2023 مقابل سالب 20 مليار دولار في ديسمبر 2022.
وتابع الوكالة أنها تتوقع زيادة ديون الحكومة العامة إلى 96.7% من إجمالي الناتج المحلي في السنة المالية 2023، مقارنة مع 86.6% في السنة المالية الماضية.
وأرجعت المؤسسة ذلك بشكل رئيسي إلى الأثر التضخمي لانخفاض قيمة العملة على نسبة الدين الخارجي من إجمالي الناتج المحلي. رغم أنها توقعت أيضاً أن تساعد أسعار الفائدة السلبية على تخفيض نسبة الديون من إجمالي الناتج المحلي إلى 87.3% بنهاية السنة المالية 2024، معلقة بأن ارتفاع مستوى الدين العام في مصر ما زال يمثل نقطة ضعف مهمة في تصنيفها الائتماني.
وأضافت”فيتش” أنها لاحظت أيضاً أن ارتفاع مدفوعات فوائد الديون يمثل تهديداً لاستدامة الدين العام، متوقعة أن تتجاوز نسبتها 54% من إجمالي إيرادات الحكومة في السنة المالية 2024، وهي واحدة من أعلى نسب خدمة الديون بين الدول في تصنيفات “فيتش”.
وعن معدل التضخم، قالت المؤسسة في بيانها إنها تتوقع وصوله إلى 24% في السنة المالية 2023 قبل أن ينخفض بوتيرة منتظمة إلى 18% في السنة المالية 2024 بسبب تأثير سنة الأساس.
وأضافت أن التضخم، ونقص العملة الأجنبية، وتقشف السياسة المالية، وعدم اليقين بشأن أداء الاقتصاد، كل ذلك سيؤثر سلباً على معدل النمو، الذي سيتباطأ إلى 4% في نهاية السنة المالية الحالية مقارنة مع 6.6% في 2022، قبل أن يتعافى إلى 4.5% في العام المالي 2024.