العمال يئنون بسبب الظروف المعيشية وضعف الأجور وتزايد حالات الانتحار.. ووزير القوى العاملة في “لقاء رسمي”: نحترم معايير العمل الدولية
وزير القوى العاملة حسن شحاتة:نحترم الاتفاقيات ومعايير العمل الدولية بما يخدم مصلحة الدولة وقضايا العمل.. وعمال “بشاي للصلب”: مستمرون في الإضراب
كتب – أحمد سلامة
بينما تتزايد وتيرة احتجاجات العمال وحالات الانتحار بين صفوفهم بعد تدني المستويات المعيشية، وبينما ترتفع مطالبهم يومًا بعد يوم بتسويات عادلة لقضايا الأجور آملين في تدخل عادل من قبل وزارة القوى العاملة.. صدرت تصريحات عن وزير القوى العاملة حسن شحاتة قال خلالها إن مصر تحترم الاتفاقيات ومعايير العمل الدولية بما يخدم مصلحة الدولة المصرية وقضايا العمل.حسن شحاتة، أكد، خلال تصريحاته، احترام مصر كافة الاتفاقيات الدولية المصدق عليها، مشيرًا إلى استمرار التعاون بين وزارة القوى العاملة ومنظمة العمل الدولية في المشروعات المشتركة بما يخدم مصلحة الدولة المصرية.
وزير القوى العاملة أعرب، خلال لقاء إيريك أوشلان مدير مكتب منظمة العمل الدولية بالقاهرة، عن شكره للمنظمة على حرصها على التواجد واستعراض أوجه التعاون بين الجانبين وأهم مشروعات التعاون الفني طبقا لإستراتيجية الوزارة وأولويات الحكومة المصرية، حسب التصريحات التي نقلتها الصفحة الرسمية لمجلس الوزراء.
غير أن تصريحات وزير القوى العاملة جاءت بعيدة كل البُعد عن واقع العمال، الذين يتعرضون لمعاناة حقيقية هم وأسرهم، إذ بينما تنص “الاتفاقيات ومعايير العمل الدولية” التي تحدث عنها الوزير على أحقية العامل في أجر عادل وأحقية العمال في تنظيم أنفسهم في نقابات تحمي حقوقهم وتدافع عنها، جاء الواقع مغايرًا تمامًا.. فلا أجور عادلة ولا نقابات مستقلة.
في العاشر من ديسمبر عام 1948 صدر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والذي نص في مادته الـ 23 على أن “لكل شخص حق العمل، وحرية اختيار عمله، وفق شروط عمل عادلة ومرضية، وأن لجميع الأفراد دون أي تمييز الحق في أجر متساوٍ على العمل المتساوي ولكل فرد يعمل له حق مكافأة عادلة ومرضية تكفل له ولأسرته عيشة لائقة بالكرامة البشرية، وأن لكل شخص حق إنشاء النقابات مع آخرين والانضمام إليها من أجل حماية مصالحه”.
ويبدو أن كلمة “دون أي تمييز” التي وردت في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لم يُقصد من ورائها العمال المصريون، إذ مازالت العمالة المصرية بعد مرور نحو 74 عامًا تطالب بحقها في أجر عادل يكفل للعامل ولأسرته معيشة لائقة بالكرامة البشرية، ومازال العمال يطالبون بممارسة حقهم -المشروع دستوريًا- في إنشاء نقابات مستقلة تدافع عنهم.
– مفارقات مُبكيات
في الوقت الذي جلس فيه الوزير الجديد في مكتبه يدلي بتصريحاته حول “معايير العمل الدولية” خلال مقابلته مع مدير مكتب منظمة العمل، كان عمال شركة “بشاي للصلب” يفترشون الأرض يطالبون بحقهم في أجر عادل يحميهم وأسرهم شر العوز، يجلسون على الأرصفة ويهتفون بعلو صوتهم علّ الوزارة تسمعهم، وتطبق عليهم معايير العمل الدولية، بعد أن أدى حرمانهم من الأجور إلى انتحار بعضهم، إضافة إلى الموت الذي غيّب عشراتٍ منهم -وفق ما ذكر البعض- بسبب ضعف إجراءات الأمن والسلامة.
عمال مصنع “بشاي للصلب” أكدوا اليوم أنهم مستمرون في إضرابهم عن العمل حتى الحصول على كامل مستحقاتهم المالية، خاصة بعد وقوع سلسلة من حوادث الانتحار لعدد من العاملين بسبب مرورهم بضائقة مالية شديدة تسببت فيها إدارة المصنع بعد حرمانهم من حقوقهم.
وتحدث أحد العاملين -فضل عدم ذكر اسمه- قائلا لـ”درب”: الأخبار لا تسر، هناك حوادث انتحار كثيرة وقعت خلال الآونة الأخيرة في المصنع، بالإضافة إلى وقوع العديد من الحوادث داخل المصنع بسبب غياب احتياطات الأمن التي يجب أن تتخذها الشركات والمصانع.. مضيفًا “نحن من أضعف المصانع في اتخاذ احتياطات الأمن”.وأضاف “منذ نشأة المصنع، راح ضحية ذلك الإهمال العشرات، إحنا نعرف إن لو حالتين أو تلاتة سقطوا في مصنع.. المصنع بيتقفل، لكن إحنا عندنا العشرات ماتوا وراحوا ضحايا عدم وجود إجراءات الأمن والسلامة، كتير من العمال سقطوا من فوق السقف وماتوا، ومع ذلك المصنع شغال وإحنا نفسنا مضطرين نشتغل لأن دا في الآخر أكل عيش ولادي”.
وحول حالات الانتحار قال عامل آخر “في الفترة الأخيرة حالة العمال المادية والمعنوية أصبحت سيئة للغاية، كتير بيفكروا في الانتحار، وخلال الأسابيع القليلة اللي فاتت في اتنين انتحروا بالفعل، الأول ألقى بنفسه من أعلى أحد الكباري فسقط ميتا، والآخر شنق نفسه بعد أن تكاثرت عليه الديون”.
ويستكمل “إدارة المصنع بخيلة، بيكسبوا فلوس كتير، لكن رافضين يعطوا للعمال حقوقهم، كدا حرام، إحنا مش عارفين نعيش والله والمرتبات عندنا ضعيفة للغاية، إحنا الرواتب عندنا حوالي ثُلث ما يتحصل عليه الزملاء بالمصانع الأخرى، وإحنا طالبين زيادة في الرواتب بحيث نتساوى مع العاملين في المصانع الأخرى”.
وعن تفاصيل تفاصيل هيكلة الأجور التي تفاوض العمال والإدارة بشأنها، قال أحد العاملين إن “إدارة المصنع بتقول إن أقصى ما تستطيع زيادته في الرواتب 300 جنيه فقط، وبررت دا بإنها زودت المرتبات 90 جنيه من فترة، ودا اللي هم ناويين يعملوه لما يبدأو هيكلة الأجور اللي قالوا عليها في يناير اللي جاي”.وأردف العامل “العمال عندنا مورست ضدهم ضغوط شديدة، والأمن تدخل من أجل فتح البوابات أمام جرارات الحديد بعد أن تم إغلاقها في سياق الإضراب والاحتجاج على سوء معاملة الإدارة”.. مُشددًا بالقول “إحنا مستمرين في الإضراب بقوة العمل كاملة، وحتى الآن المصنع بالكامل متوقف، لكن ضغط الأمن هو الذي دفع العاملين إلى فتح البوابات.
عامل آخر لفت النظر إلى محاولات الوقيعة بين العاملين، فحسب نص حديثه لـ”درب” قال “الناس متماسكة بشكل أول مرة نشوفه، كانوا خلال الفترة اللي فاتت بيلعبوا (يقصد إدارة المصنع) على نغمة إن المعترضين أعداء للدولة وعايزين يهدموا النظام أو يتقال إنهم إخوان مسلمين، لكن دلوقتي اخواتنا المسيحيين هو اللي متصدرين المشهد والمطالبة بالحقوق، وهم بيمثلوا حوالي 1700 عامل من إجمالي العاملين”.
ويضيف العامل “إحنا في انتظار إن الإدارة تحل الموقف، إحنا طالبين هيكلة المرتبات، ولا هم مستنيين يجي علينا الدور وننتحر من قلة المصاريف، أنا مش عايز أحوش من مرتبي، لكن كمان مش عايز أستلف، عايزين نعيش حياة كريمة بجد”.
وليس الانتحار بين صفوف العاملين وليد اليوم، إذ كشف أمين محمد حنفي، العامل بمصنع 24000، لـ”درب” عن تفاصيل محاولته الانتحار داخل مقر الشركة، قبل تمكن عدد من زملائه من إنقاذه، بعد سكبه “التنر” على جسده في محاولة لإحراق نفسه، في خامس محاولة انتحار بين عمال الشركة، نظرا لمرورهم بأزمات مالية شديدة، نتيجة عدم وفاء الإدارة بتعهداتها بصرف مستحقاتهم.
وقال حنفي لـ”درب”: “حصلت على قروض بضمان المرتب، للمساهمة في الإنفاق على أسرتي، إلا أنني عجزت عن سداده، بسبب عدم حصولي على مرتبي منذ 3 أشهر، فضلا عن الحوافز والبدلات المتأخرة منذ فترة طويلة”.
وأضاف: “البنك لم يصدق أنني لم أحصل على مرتبي حتى هذه اللحظة، وطالبني بسرعة سداد قيمة القرض المستحقة، خاصة أن الشركة لا تعطي العاملين أوراقا تفيد بتأخر مرتباتهم، زوجتي أيضا تركت المنزل منذ فترة لعدم قدرتي على الإيفاء بالتزاماتي الأسرية، وفشلت محاولاتي لإعادتها حتى الآن، نتيجة استمرار الوضع على ما هو عليه”.
وتابع: “اضطررت إلى بيع جزء كبير من أثاث منزلي، فضلا عن غرفة الأطفال وجهاز الكمبيوتر الخاص بي، لسداد جزء من ديوني المتراكمة نتيجة عدم حصولي على مستحقاتي، ولم يتبق لدي سوى ملابسي، فماذا تبقى لدي غير ذلك”.
طالب حنفي إدارة الشركة بمنحه سلفة من متأخراته، إلا أن طلبه قوبل بالرفض، فلم يكن أمامه سوى التخلص من حياته، بعد فشل كل محاولاته الحصول على حقوقه، وبعد انهيار حياته الأسرية، فضلا عن تراكم الديون على كاهله.
– وزير في الميزان
عقب توليه مسئولية الحقيبة الوزارية، قوبل قرار تعيين حسن شحاتة بانتقادات واسعة، وأرجعت قيادات عمالية أسباب تلك الانتقادات إلى ضعف مواقفه المؤيدة للعمال والمتبنية لقضاياهم.القيادي العمالي كمال عباس، كان قد أبدى رفضه اختيار شحاتة وزيرًا للقوى العاملة، منتقدًا الأداء النقابي للوزير الجديد -حين كان رئيسًا للاتحاد العام لنقابات عمال مصر- وقال في تصريحات لـ”درب”: “لم يُضبط مرة بأن لديه مطالب عمالية، أو يُضبط مرة واقفا مع حقوق العمال المفصولين، ولا قانون العمل ولا الأجور والأمان الوظيفي، ولا طرح خطة لتطوير الوزارة، أو أبدى اهتمام بالملفات الكثيرة المهملة مثل ملفات البطالة والتشغيل والتدريب والعمالة غير المنتظمة، كان الأولى بالحكومة أن تقوم بتعيين وزير لديه الدراية الكافية بهذه الملفات”.
وأشار عباس إلى أن “النقطة الأخرى أن تولي وزير القوى العاملة من داخل مجلس إدارة الاتحاد يؤكد فكرة أن الحكومة مُصرة على إحكام قبضتها على الحركة النقابية المصرية”، موضحًا “أي وزير قادم من الاتحاد هو في الأساس تولى منصبه الانتخابي بالتزييف، ويتلقى أوامره من الجهات الأمنية، وهذا يعني إهدار ملفات كثيرة جدًا من المفترض أن تنتبه إليها هذه الوزارة مثل مشاكل العمالة غير المنتظمة وتطوير التدريب ورفع كفاءة العمال، تلك المهام الرئيسية للوزارة تضيع في انشغال الوزارة بالسيطرة على المنظمات النقابية من خلال وضع العراقيل أمام النقابات المستقلة”.
وأردف القيادي العمالي “نحن نُعاني وسنعاني على يد الوزير الجديد، لأنه قادم بأفكار مسبقة وتاريخ في مواجهة النقابات المستقلة وبالتالي أنا أرى أن هذا ليس في مصلحة العمال ولا في مصلحة الحريات النقابية”.. لافتًا إلى أن “الغريب أن تعيين هذا الوزير يأتي في فترة يتم فيها الادعاء بالتوجه للحوار الوطني وتطوير الحياة السياسية نحو إعطاء مزيد من الحريات، الحقيقة الخبر صادم”.
ويشير كمال عباس إلى أن قرار التعيين “جاء على خلفية انتخابات أقيمت من شهرين مشكوك في نزاهاتها وتمت بتدخلات واسعة من قبل الوزارة، وهذا معناه أنه كان هناك تنسيق مسبق لتعيينه رئيسا للاتحاد ثم وزيرا”.
وفي رد على سؤال حول توقعاته باستقالة الوزير من منصبه النقابي، قال عباس “كنا نتمنى أن يكون الوزير الجديد مُلمًا بالملفات الخاصة بحقوق العمال والحريات النقابية والأجور وقانون العمل والمشكلات التأمينية وما إلى ذلك، لكن يبدو أن هناك منهجًا لدى الحكومة في معاداة الحريات النقابية”.إلى الاتجاه ذاته، ذهبت “دار الخدمات” إذ أصدرت بيانًا قالت فيه “لقد طالبت الحركة العمالية المصرية -ولم تزل- بأن يتم اختيار وزير القوى العاملة من بين التكنوقراط المحايدين والقادرين على التصدي لملفات شائكة تتضمن حصر العمالة غير المنتظمة، والسعي إلى إدماج مؤسسات القطاع غير الرسمي في الاقتصاد الرسمي، من أجل حصول العاملين بهذه القطاعات على حقوقهم وتمتع الملايين منهم بالحماية القانونية والتأمينية، وتنفيذ قرارات الدولة في شأن تطبيق الحد الأدنى للأجور بالقطاع الخاص، وكذلك احترام وتنفيذ أحكام القضاء ضد أصحاب الأعمال المخالفين لأحكام قانون العمل –على الأخص- في شأن الفصل التعسفي للعمال، وحل مشكلة تراخيص مزاولة المهنة التي تؤدي إلى حرمان فئات كثيرة من حقوقها التأمينية، ثم تفعيل منظومة التفتيش على المنشآت الصناعية لضمان تطبيق أحكام السلامة والصحة المهنية ، والحد من حوادث العمل التي تواترت كثيراً خلال الأعوام الماضية، وراح ضحيتها مئات العمال”.
واستدرك البيان “ومهما يكن من أمر اختيار وزير القوى العاملة.. فإنه على الأقل يجب أن يكون لديه برنامجٌ واضح للتعامل مع هذه الملفات، وسبق التعامل معها بما يبرر اختياره لحمل هذه الحقيبة، غير أن وزير القوى العاملة الجديد قد خلا سجلُه المهني ، وسابق أعماله واهتماماته من أية إشارة إلى علاقة بهذه الملفات، واقتصرت المعلومات التي تم تداولها عن تاريخه في وسائل الإعلام على رئاسته اللجنة النقابية للعاملين بشركة مصر للطيران للشحن الجوي، ورئاسة النقابة العامة للعاملين بالنقل الجوي، ثم الأمين العام للاتحاد العام لنقابات عمال مصر، ثم رئيس الاتحاد العام منذ نهاية يونيو الماضي”.
وانتقد البيان الوزير الجديد قائلا “وفضلاً عن ذلك جاءت باكورة تصريحات الوزير الجديد التي أدلى بها إلى صحيفة الدستور غير مُبشرة.. حيث انصرف الجزء الأكبر من حديث الوزير إلى إنجازاته خلال فترة توليه منصب رئيس الاتحاد والتي بلغت شهراً ونصف الشهر، كان الملفت للنظر رأيه في النقابات المستقلة حيث قال (ليس لدىّ موقف معادٍ من تلك النقابات، ولكننا دولة قانون، لذا لا بد من تقنين أوضاع تلك النقابات لمساعدتها في القيام بدورها بالدفاع عن حقوق العمال في إطار القانون، وهذا أمر ليس بالصعب، فقد نجحت العديد من النقابات واللجان النقابية خلال السنوات الماضية فى تقنين أوضاعها والمشاركة في الانتخابات العمالية الماضية والحالية).. هكذا يتحدث الوزير الجديد وكأنه يقف على الجانب الآخر من النقابات المستقلة.. هو فقط ليس له موقف معادٍ من تلك النقابات، ولكن لابد من تقنيين أوضاعها، وكأنها هي التي تعزف عن تقنيين أوضاعها ولا تواجه عقبات واضحة تحول بينها وبين القيام بدورها في الدفاع عن حقوق عمالها.. وطبعاً ليس ثمة كلمة واحدة عن الانتخابات النقابية التي انتهت منذ شهر ونصف، والتي حفلت بالانتهاكات والتجاوزات وحرمان مئات النقابيين من حقهم في ترشيح أنفسهم، وبالتالي حرمان العمال من اختيار ممثليهم بحرية”.
– للعامل أيضًا حقوق
وائل توفيق، الناشط العمالي، يقول لـ”درب” إن عدد العمال المتضررين بـ”بشاي للصلب” يبلغ نحو 3500 عامل يتفقون جميعهم على المطالب المرفوعة إلى إدارة المصنع والتي أهمها علاج تشوهات الأجور حيث تتراوح متوسطات الرواتب ما بين 1200 و 4 آلاف جنيه، وهو مبلغ ضئيل لا يفي باحتياجات العامل وأسرته.
وأضاف توفيق، أنا هناك عمال حاولوا الانتحار بسبب الضائقة المالية الشديدة التي يمرون بها، مستكملا “عدد المنتحرين 3 عمال، آخر واحد منهم الإدارة تعمدت نقله بين أكثر من إدارة ثم نقلته إلى مكان بعيد عن محل سكنه وعاملته معاملة شديدة السوء، مع الضغوط التي تعرض لها، وبعد عودته إلى منزله طلبت منه زوجته مصروفات لم يستطع الوفاء بها، ودخل إلى غرفته، ليفاجئ الجميع بأنه انتحر”.وتابع “الشركات تحقق أرباحا كبيرة، ويدخل مُلاكها في مصاف المليارديرات، ومع ذلك يمنعون تحسين الرواتب عن العاملين، رغم أن هذه الشركة وهذا المصنع على وجه التحديد -بشاي للصلب- بفروعه الخمسة كان يضم نحو 7200 عامل، وعلى مدار السنوات الخمس الماضية تم تقليص وتخفيض العمالة إلى النصف تقريبًا مع الإبقاء على نفس الرواتب الضعيفة رغم مضاعفة الأعباء على العمال”.
وشدد توفيق “على أن العمال عقدوا جلسة مع الإدارة أمس، ضمن إحدى جلسات التفاوض المستمرة، والإدارة عرضت إعادة هيكلة الأجور في شهر يناير المقبل، لكن العمال من جانبهم طالبوا بتوضيح أسس هذه الهيكلة ومعرفة قيمة الزيادة المنتظرة في الرواتب، وهو ما لم ترد عليه الإدارة.. العمال طالبوا بـ(كلام واضح) ومدّون ومكتوب وموقع عليه من مكتب العمل بهذه الهيكلة وذلك بعد مناقشات حقيقية حول هيكلة الرواتب تُراعي التضخم وزيادة الأسعار لكي تكون اتفاقية واضحة يتم الاعتداد بها أمام القضاء حال عدم الالتزام بها.. لكن يبدو أن الإدارة لم تقبل بذلك وأنها ستستمر في مماطلة العمال”.
وأشار الناشط العمالي إلى أن “حوادث الانتحار المتتالية هي السبب في التعجيل بالإضراب، حالتا الانتحار السابقتين ادعت الإدارة أنهما وقعا بالخطأ، لكن الحالة الأخيرة استفزت العاملين بشكل غير مسبوق، العمال من 2017 وهم مستمرون في المطالبة برفع الأجور”.. لافتًا إلى أن الإدارة استعانت سابقًا بأحد الخبراء من فرع لندن لتطوير المصنع لكنه رفض البدء في عملية التطوير قبيل تحسين ظروف العمال المالية وهو ما رفضته الإدارة.
أما عدد المتضررين في شرطة “يونيفرسال” فيزيدون عن 3 آلاف عامل لم يحصلوا على رواتبهم منذ مايو الماضي، فضلا عن البدلات المتأخرة من ضمنها ما يزيد عن 50 شهرا بدل طبيعة، و10 حوافز أخرى تشمل أيضا متأخرات من العام الماضي.عضو باللجنة النقابية في “يونيفرسال”، أوضح أن الشركة شهدت ما يقارب 5 حالات انتحار، مشيرًا إلى أن الواقعة سبقتها محاولة محمد فؤاد، أمين المخازن في مصنع المغازية، تلاه عاصم عفيفي، العامل بقسم التجميع الذي انتحر، في فبراير الماضي، بسبب سوء ظروفه المادية وعدم إيفائه بمتطلبات أسرته، فضلا عن محاولتي الانتحار الأخيرتين لزميليه أحمد محمود، وعامل آخر في مصنع المغازية أيضا.
وتابع: “عمال الشركة يعانون من أزمات مادية شديدة، حيث لم نعد نستطع الإيفاء بالتزاماتنا أو الصرف على أسرنا، وتراكمت علينا الأعباء والديون، في الوقت الذي تواصل إدارة الشركة التنصل من تعهداتها، في ظل عدم تدخل الجهات المسؤولة للرقابة والتأكد من تنفيذ هذه الالتزامات”.ويعاني العمال من اضطراب نظام المرتبات والأجور الأمر الذي أدى إلى توقف الإنتاج بمصانع الشركة، وتلاعب إدارتها بأجورهم، وتعريضهم لأحوال معيشية ومادية سيئة، أدت بأحدهم إلى الانتحار في شهر فبراير الماضي، والقبض على مجموعة منهم ثم إخلاء سبيلهم.
حين تحدث الناشط الحقوقي وائل توفيق عن قرار تعيين شحاتة، قال إنه جاء متماشيًا مع الجو العام والرغبة الدائمة في سيطرة الوزارة على الاتحاد والحد من المساعي لتأسيس نقابات مستقلة رغم أن الدستور يقر بأحقية ذلك.
وانتقد توفيق الوزير الجديد قائلا إن “اختيار النظام لوزير هو بالأساس شخص مغمور وليس له خبرات سابقة بالقضايا العمالية وهموم العمال المباشرة ليست على أجندته ولا أولوياته”، مُستدركًا “لكن ومع ذلك لا يمكننا الحكم الآن على أدائه كوزير، إذ يتطلب الأمر قدرًا من التمهل قبل إصدار حكم نهائي، بشكل عام سيكون تقييم أداؤه بشكل حقيقي بعد أن نرى كيفية تطبيقه للقانون، أو موقفه من تسويف الموافقة على تأسيس نقابات جديدة كما يسمح الدستور”.
ويختتم توفيق، “كل ما نأمله هو تفعيل القانون والعمل ببنود الدستور من حيث التعددية النقابية في ظل توافر شروط تأسيس أي نقابة، هناك عدد كبير تقدم لتأسيس نقابات لكن دون ردود واضحة على أسباب التسويف والتأجيل وهو الأمر الذي أصبح سياسة عامة منذ عام 2013، فالسؤال الآن هل سيُكذّب الوزير الجديد التوقعات؟”.
بعد معاناة العمال وانتحار بعضهم.. هل سيُكذّب الوزير الجديد التوقعات؟