الطريق للحرية الذي مهدته «تضحيات المقاومة».. كواليس «ليلة الدموع والأفراح» بخروج 39 أسيرًا فلسطينيًا من سجون الاحتلال
رئيس هيئة شؤون الأسرى: حتى اللحظة لا نعلم أين سيكون مكان الإفراج عن الدفعة الثانية من المعتقلين
فتاة محررة: قضيت نهاية طفولتي ومراهقتي في السجن بعيدًا عن والدي وعن حضنهما ولكن هكذا هو الحال مع دولة تضطهدنا ولا تترك أحدا منا بخير
كتبت: ليلى فريد وصحف
ما بين الدموع والفرح عاشت فلسطين ليلة استثنائية بخروج 39 أسيرًا في سجون الاحتلال، ضمن صفقة لتبادل الأسرى بدأ تنفيذها من أمس الجمعة.
وبعد طول انتظار وصل 39 سجينا فلسطينيا الجمعة إلى منازلهم قادمين من السجون الإسرائيلية. وتجمعت الحشود لاستقبال الأسرى والأسيرات من الفتيان والنساء الفلسطينيات القادمات من خلف قضبان السجون.
وفي مشاهد مؤثرة احتضن الأقارب والأصدقاء الأسرى المحررين الذين التحفوا بالكوفيات الفلسطينية، فيما بكى كثر وظهر عليهم تأثر غامر، وسط هتافات وطنية وإطلاق ألعاب نارية.
وأطلق سراح الأسرى بموجب هدنة من أربعة أيام بين حماس والاحتلال هي الأولى من نوعها منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر.
وحمل المشاركون عددا من المفرج عنهم على أكتافهم، فيما لوح آخرون بالأعلام الفلسطينية ورايات حركتي حماس وفتح، وفق لقطات فيديو لوكالة الصحافة الفرنسية.
وقبل وصول المفرج عنهم إلى بيتونيا، أطلق جنود الجيش الإسرائيلي الغاز المسيل للدموع أمام سجن معسكر عوفر المقام على أراضي المنطقة، وسجل الهلال الأحمر الفلسطيني 31 إصابة بالرصاص الحي والمطاطي.
وفي مخيم بلاطة بنابلس شمال الضفة الغربية المحتلة، ابتهجت الحشود لتحرير “الأبطال”، وقال أحد الخطباء “لا أحد ينسى إخواننا الذين يقاومون ويصمدون في غزة وفي جنين”.
وشهدت مدينة جنين ومخيمها في الضفة الغربية المحتلة في التاسع نوفمبر استشهاد 14 فلسطينيا، وهو اليوم الأكثر دموية منذ عام 2005 على الأقل، وفق الأمم المتحدة التي تسجل عمليات القتل في المنطقة منذ ذلك التاريخ.
على بعد بضعة كيلومترات من الضفة الغربية، عاشت القدس الشرقية التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967، أمسية مختلفة حيث جرى التعبير عن الفرح بهدوء تحت أنظار الشرطة الإسرائيلية.
وقالت فاتنة سلمان لوكالة الصحافة الفرنسية: “الشرطة موجودة في منزلنا وتمنع الناس من القدوم لرؤيتنا لأن أي احتفال بشأن الأسرى المحررين ممنوع في القدس”.
واعتقلت ابنتها ملك (23 عاما) في فبراير 2016 وهي في طريقها إلى المدرسة قبل سبع سنوات بتهمة محاولتها طعن شرطي في القدس.
ولم يكن مقررا إطلاق سراح ملك قبل عام 2025، لكنها ستنام هذا المساء في منزلها في حي بيت صفافا.
وأضافت الأم “أحضرتها الشرطة إلى بيتنا في سيارة، الشرطة تجلس في بيتي وتمنع الناس من السلام عليها، هي متعبة وجائعة لم تأكل منذ أمس”.
لكنها أضافت “لا تسعني الفرحة بوجودها، أنا سعيدة جدا، قمت بتحضير الأكل لها وسأقدمه لها”.
أما مرح باكير البالغة 24 عاما والتي قبعت في السجن ثمانية أعوام، فقالت “أنا سعيدة، لكن تحريري جاء على حساب دماء الشهداء”.
وأضافت “الحرية رائعة بعيدا عن جدران السجن الأربعة. لم أكن أعرف أي شيء عن أهلي، كانت إدارة السجن تتفنن بالعقوبات علينا”.
وتابعت مرح “قضيت نهاية طفولتي ومراهقتي في السجن، بعيدا عن والدي وعن حضنهما، ولكن هكذا هو الحال مع دولة تضطهدنا ولا تترك أحدا منا بخير”.
بدوره قال رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين قدورة فارس، إن اسرائيل ترفض حتى اللحظة أن تفصح عن مصير المعتقلين من قطاع غزة، أو عددهم أو أماكن احتجازهم، وحول وضعهم الصحي.
وأكد فارس خلال مؤتمر صحفي عقد في مقر الهيئة، اليوم السبت، أن حجب هذه المعلومات عن مختلف المؤسسات الدولية يعد أمرًا مريبًا، ويدعو للقلق حول ما يخطط الاحتلال لهؤلاء المعتقلين.
وحمل فارس حكومة الاحتلال المسؤولية الكاملة عن حياة المعتقلين، داعيا الأمم المتحدة والمجتمع الدولي إلى التدخل والضغط لإلزام اسرائيل بالافصاح عن عدد المعتقلين ومصيرهم، وان تتصرف كدولة، وليس كعصابة.
وحول المعتقلين المزمع الافراج عنهم اليوم، قال فارس إن حكومة الاحتلال ستطلق سراح 39 أسيرًا وأسيرة، وحتى اللحظة لا نعلم اين سيكون مكان الافراج عنهم.
وأشار إلى أن الاحتلال كان ينوي تسليم الأسرى في أريحا، ونحن رفضنا ذلك، بسبب عدم توفر مسار سلس ومفتوح للباصات التي ستقل المعتقلين المفرج عنهم.
وبين فارس أن إسرائيل لم تلتزم ببند إطلاق سراح المعتقلين وفق الأقدمية.
وشدد على أهمية أن نعكس صورة التعاضد والتآخي بين كافة أبناء شعبنا في مواجهة العدوان الاجرامي الاثم المستمر على كل أبناء شعبنا منذ 50 يومًا.
ولفت إلى أن قوات الاحتلال اعتقلت أكثر من 3 آلاف فلسطيني بعد 7 تشرين الأول الماضي،
وكانت سلطات الاحتلال، أفرجت أمس الجمعة، عن 39 معتقلا، وهم 24 امرأة و15 طفلا، عند سجن “عوفر” العسكري” غرب رام الله، ومن معتقل “المسكوبية” في القدس المحتلة.
وتقول منظمات غير حكومية فلسطينية إن حوالي 3000 فلسطيني اعتقلوا في الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلتين منذ بداية الحرب.
ووفق منظمات حقوقية غير حكومية، خاض تجربة الاعتقال أكثر من مليون فلسطيني في السجون الإسرائيلية منذ الحرب الإسرائيلية العربية في يونيو 1967 وبدء احتلال الأراضي الفلسطينية.
ويقول نادي الأسير الفلسطيني إن 200 طفل و84 امرأة يقبعون في السجون الإسرائيلية، من بين أكثر من 7000 معتقل فلسطيني.
ويأتي إطلاق سراح المعتقلين ضمن “الهدنة الإنسانية”، التي دخلت حيز التنفيذ في قطاع غزة أمس الجمعة، بعد عدوان إسرائيلي تواصل منذ السابع من أكتوبر الماضي، وأسفر عن استشهاد أكثر من 15 ألف مواطن، بينهم 6150 طفلا، وأكثر من 4 آلاف امرأة، وتستمر لمدة أربعة أيام قابلة للتمديد، يتخللها الإفراج عن عدد من المعتقلات، والمعتقلين الأطفال من سجون الاحتلال، وإدخال مساعدات إغاثية وكميات من الوقود.