الصحافة ليست جريمة| 28 منظمة تطالب رئيسة الوزراء الإيطالية بسحب دعواها الكيدية ضد الصحفي روبرتو سافيانو: إساءة لاستخدام السلطة وتقويض لحرية التعبير
بيان تضامني: احتمال تعرض سافيانو للسجن بصفته صحفيًا انتقد تعامل الدولة مع المهاجرين يلفت الانتباه لخطورة دعاوى الترهيب في إيطاليا.
المنظمات: وضع سافيانو محفوف بالمخاطر بسبب تهديدات المافيا.. ولا ينبغي زيادة هذا الخطر باستهدافه من السياسيين رفيعي المستوى
كتب- محمود هاشم
عبرت 28 منظمة معنية بحرية الإعلام وحقوق الإنسان، ضمن “التحالف ضد الدعاوى القضائية الاستراتيجية ضد المشاركة العامة في أوروبا”، أو ما تعرف بـ”دعاوى التشهير الكيدية”، و”تحالف الاستجابة السريعة لحرية الإعلام”، عن تضامنهم مع الصحفي الاستقصائي الإيطالي روبرتو سافيانو، الذي بدأت محاكمته، الثلاثاء الماضي 15 نوفمبر 2022، في دعوى تشهير رفعتها بحقه رئيسة الحكومة الإيطالية اليمينية المتطرفة جورجيا ميلوني، بسبب تصريح له انتقد فيه موقفها بشأن المهاجرين.
وسافيانو، البالغ من العمر 43 عاماً والمعروف بـ”جوموروا” (اسم كتابه الأكثر مبيعاً ويتناول عصابات المافيا)، يواجه في حال إدانته عقوبة بالسجن قد تصل مدتها إلى 3 سنوات.
وانضمت المنظمات المتضامنة إلى المعارضة التي عبرت عنها جمعيات الصحفيين الإيطاليين والأوروبيين، ودعت رئيسة الوزراء جيورجيا ميلوني، إلى سحب التهم الموجهة إلى سافيانو على الفور.
ووصفت المنظمات في بيان تضامني مع سافيانو، اليوم الخميس 17 نوفمبر 2022، الدعوى التي أقامتها مليوني بـ”التشهير الجسيم”، مؤكدة تخوفها بشأن الإجراءات الجنائية التي بدأتها رئيسة الوزراء الإيطالية ضد الصحفي الاستقصائي في عام 2021، حيث يواجه خطر السجن لانتقاده لها خلال برنامج تليفزيوني.
وشددت المنظمات على أن مثل هذه الاتهامات على تقويض حرية التعبير، التي تعد حقا أساسيا منصوصا عليه في الدستور الإيطالي والقانون الدولي، حيث لا يجوز مقاضاة أي صحفي أو كاتب بسبب إبداء رأيه في قضايا المصلحة العامة.
وأوضح البيان أن دعوى التشهير الجنائية لا تعد إجراء مقبولاً ديمقراطيا، خاصة عندما تأتي من ممثل رفيع المستوى للمؤسسة الحكومية، حيث يكشف هذا التهديد لسافيانو مجددا عن درجة إساءة استخدام دعاوى التشهير في إيطاليا.
وأكدت المنظمات المتضامنة أن احتمال تعرض روبرتو سافيانو – بصفته كاتبًا وصحفيًا – لعقوبة سجن بسبب تعبيره عن رأيه في قضية حساسة سياسيًا، مثل معاملة المهاجرين في إيطاليا، يلفت الانتباه إلى أوجه القصور الخطيرة في دعاوى التشهير والترهيب في إيطاليا.
وتابعت: “الحق في حرية التعبير منصوص عليه في المادة 21 من الدستور الإيطالي، كما يؤكد القانون الدولي والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان (ECtHR) امتداد هذا الحق ليشمل التصريحات والآراء التي قد “تسيء أو تصدم أو تزعج” وهي مؤهلة لحماية معززة بموجب ضمان الحق في حرية التعبير.
فضلا عن ذلك، أوضحت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أن الشخصيات العامة – وعلى وجه الخصوص – المسؤولون السياسيون يجب أن يتسامحوا مع مستويات أعلى من النقد والتدقيق، نظرًا لطبيعة مناصبهم، وأنه في مثل هذه الحالات يكون للملاحقة الجنائية تأثير مخيف ينتهك الحق في حرية التعبير على النحو الذي تضمنه المادة 10 المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.
وأكدت المحكمة الدستورية الإيطالية أن أحكام السجن في قضايا التشهير ضد الصحفيين غير دستورية، أنه لا ينبغي لمن يعبر عن آرائه في الأمور التي تهم المصلحة العامة أن يخشى أو يتعرض للترهيب أو الإدانة أو السجن، داعية المشرعين إلى إصلاح عام للتشريع المتعلق بالتشهير، من شأنه أن يجعل التشريع الإيطالي متماشيا مع معايير القانون الأوروبي والدولي.
ومع ذلك، ما يزال الحكم بعقوبات السجن ساريًا في حالات “الخطورة الاستثنائية”، ووفقًا لهذه الأحكام، ما يزال سافيانو يواجه عقوبة السجن.
وطالبت المنظمات بمراعاة الوضع المحفوف بالمخاطر الذي يجد روبرتو سافيانو نفسه فيه، خاصة مع التهديدات التي يتلقاها من عصابات الجريمة المنظمة “المافيا”، حيث لا ينبغي زيادة حجم هذا الخطر، من خلال المزيد من الاستهداف من سياسيين رفيعي المستوى.
كما أيدت التوصية التي صاغها المجتمع المدني الإيطالي والأوروبي والمنظمات الدولية إلى البرلمان الجديد للتصرف ضد الشكاوى الكيدية، والتبني السريع لإصلاح شامل لقوانين التشهير المدنية والجنائية في إيطاليا، مع إصدار تشريع لمواجهة دعاوى التشهير الكيدية، بما يتماشى مع توصية الاتحاد الأوروبي لمكافحةالتشهير القضائي المؤرخة 27 أبريل 2022.
يذكر أن سافيانو، كان قد طلب خلال مشاركته في برنامج تلفزيوني في شهر ديسمبر من عام 2020، التعليقَ على قضية طفل رضيع من غينيا مات غرقاً في البحر المتوسط خلال عملية هجرة غير نظامية، حينها وجّه أصابع الاتهام إلى ميلوني والزعيم الشعبوي للرابطة المناهضة للهجرة ماتيو سالفيني، وقال: “أريد فقط أن أقول لميلوني ولسالفيني، أنتم أوغاد! كيف تمكّنتم من السماح بحدوث ذلك؟”.
وكانت ميلوني قالت في عام 2019 إن سفن المنظمات الإنسانية غير الحكومية التي تنقذ المهاجرين “يجب أن تغرق”، فيما منعَ سالفيني، الذي كان وزيراً للداخلية حينها، مثل هذه السفن من الرسو في الموانئ الإيطالية.
في ذلك الحين، لم يكن حزب “إخوة ايطاليا” اليميني المتطرف الذي تقوده ميلوني سوى حزب معارض صغير، لكن هذا الحزب تسلّم مقاليد السلطة في البلاد الشهر الماضي بعد فوز ساحق حققه في الانتخابات التشريعية بفضل برنامجه الذي تشكّل قضية وقف تدفق المهاجرين عبر المتوسط أحد أهم أركانه.
وفي ختام الجلسة الأولى لمحاكمته الجنائية في روما، في 15 نوفمبر 2022، تقررت إعادة إسنادها إلى قاضٍ جديد وتأجيلها إلى 12 ديسمبر.
وقدم وزير البنية التحتية الحالي ماتيو سالفيني، التماسًا ليصبح مدعيًا مدنيًا، في دعوى تشهير معلقة ضد روبرتو سافيانو في عام 2018، ومن المقرر عقد جلسة الاستماع الأولى في 1 فبراير 2023، وفي 28 يناير 2023، تنتظر محاكمة تشهير أخرى بتحريض من جينارو سانجوليانو، وزير الثقافة الحالي، روبرتو سافيانو.
وفي نهاية الجلسة الأولى في قضية ميلوني في 15 نوفمبر، كرر سافيانو أهمية الدور الذي يلعبه الكتاب في مجتمع ديمقراطي: “أدواتي هي الكلمات، الديمقراطية لا تقوم فقط على الإجماع الذي يمكن أن يؤدي إلى الفوز في اليانصيب الانتخابي، ولكنها موجودة إذا سُمح بالمعارضة والنقد، ومن دون مثل هذه المقدمات لا يوجد أكسجين ديمقراطي”.
وضمت قائمة المنظمات الموقعة على البيان كل من:
- OBC Transeuropa (OBCT)
- aditus foundation
- Access Info Europe
- ARTICLE 19
- Articolo21
- Blueprint for Free Speech
- Center for Spatial Justice
- Civic Initiatives
- Civil Liberties Union For Europe
- Ecojustice Ireland
- European Centre for Press and Media Freedom (ECPMF)
- European Federation of Journalists (EFJ)
- Global Witness
- Helsinki Foundation for Human Rights
- IFEX
- Index on Censorship
- International Press Institute
- Irish PEN/ PEN na hÉireann
- Justice for Journalists Foundation
- Justice & Environment
- Legal Human Academy
- Libera Informazione
- PEN International
- Presseclub Concordia
- Reporters Without Borders (RSF)
- Solomon
- The Daphne Caruana Galizia Foundation
- Whistleblowing International Network