الشبكة العربية: إلغاء الطوارئ دون استرداد سجناء الرأي لحريتهم جري في المكان.. أي إرادة صادقة لابد أن تعبر عن نفسها بإجراءات ملموسة
بيان الشبكة: نصوص الطوارئ ومحتواها تسربت بداخل قوانين أخرى.. أطلقوا سراح سجناء الرأي وارفعوا الحجب عن المواقع
كتب: عبد الرحمن بدر
اعتبرت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، أن إلغاء حالة الطوارئ دون استرداد سجناء الرأي لحريتهم، هو جري في المكان.
وقالت الشبكة في بيان، الثلاثاء، أن وقف تمديد العمل بحالة الطوارئ وقانونها لن يفضي إلى أي مساحات أرحب أو أكثر أمانا للمواطنين كما لن يفضي أيضا إلى أي قدر ملحوظ من التحول الديمقراطي حيث باتت البنية التشريعية المصرية لا سيما في السنوات اﻷخيرة يعتمد التجريم والعقاب فيها على عبارات وألفاظ مطاطة وقابلة لتأويلات عدة في ظل صلاحيات شديدة التوسع منحت للأجهزة اﻷمنية.
وتابعت الشبكة أن أي إرادة سياسية صادقة في فتح أفاق جديدة للديمقراطبة لابد أن تعبر عن نفسها من خلال إجراءات عملية ملموسة على أرض الواقع مثل إطلاق سراح سجناء الرأي والمحكوم عليهم بسبب نشاطهم السياسي السلمي، ورفع الحجب عن مواقع الإنترنت والصحف الرقمية التي تجاوز عددها 600 بالمخالفة للقانون، وصدور قرار بقانون يعيد القضايا المنظورة أمام محاكم أمن الدولة طوارئ إلى القضاء الطبيعي.
وأضافت الشبكة: هناك الكثير الذي يمكن للإرادة السياسية أن تعبر به عن رغبتها في فتح المجال العام، لكن طالما ظلت الممارسات الأمنية المشمولة بصمت أو تجاهل، بجانب القوانين الاستثنائية والمحاكمات الاستثنائية والرقابة والحجب والحبس فيما يخص العمل الصحفي والإعلامي فان أي حديث عن انفراجة في ملف حقوق الإنسان في مصر، ستظل كل اﻷمور والقرارات والخطوات مجرد مسألة شكلية.
وقال بيان الشبكة: بنظرة سريعة على السنوات الأخيرة يمكننا أن نرصد صدور العديد من التشريعات التي سارت على هدي قانون الطوارئ المعادي للحريات مثل: قانون منع التظاهر، وقانون الإرهاب وتنظيم القوائم الإرهابية، وقانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، والتشريعات التي استهدفت تنظيم عمل بعض الهيئات كالمجلس الأعلى للاعلام لكنها بالأساس توخت التحكم في حريات العمل الصحفي والإعلامي.
وتابع: وقف العمل بقانون الطوارئ لن يؤدي لفضاء ديمقراطي أو حماية حقوق الإنسان من الانتهاكات الجسيمة التي تطالها على أيدي اﻷجهزة اﻷمنية، وبمعني آخر يمكننا التقرير بأن نصوص الطوارئ ومحتواها قد تسربت وتسللت بداخل قوانين أخري أو ما يسميه الفقه القانوني (دسترة الطوارئ) بمعني إدماج نصوصها داخل البنية التشريعية لتحكم حياة المواطنين العادية دونما توافر حالة الطوارئ أو تطبيق قانونها.
وأضافت: قد يكون الأثر الوحيد الإيجابي، هو وقف محاكمات أمن الدولة طوارئ الاستئنائية التي يحرم المتهم فيها من الاستئناف، لأنها درجة واحدة.
وأكد البيان أن قف العمل بقانون الطوارئ كان يقتضي على الفور إلغاء الرقابة والمصادرة للصحف والمطبوعات وإطلاق حرية تأسيس الصحف والمواقع الصحفية والإخبارية، لكن هذا اﻷمر لن يحدث حيث صدرت فوانين تسمح لهيئات ثلاثة قائمة على أمر الإعلام في مصر بأعمال تلك الرقابة وإصدار قرارات بالحجب والوقف حتى للمواقع والصفحات الشخصية للمواطنين العاديين وهي اﻷمور التي قننها الإصدار الأخير من قانون الصحافة وباستخدام الألفاظ المطاطة مثل عبارة مقتضيات اﻷمن القومي يمكن حبس الصحفيين بالمخالفة للدستور.
يذكرأن السيسي، أعلن، أمس الاثنين، إلغاء مد حالة الطوارئ في أنحاء البلاد، والمفروضة منذ عدة سنوات.
وقال السيسي، في صفحاته الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي: “يسعدني أن نتشارك معاً تلك اللحظة التي طالما سعينا لها بالكفاح والعمل الجاد، فقد باتت مصر، بفضل شعبها العظيم ورجالها الأوفياء، واحة للأمن والاستقرار في المنطقة؛ ومن هنا فقد قررت، ولأول مرة منذ سنوات، إلغاء مد حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد”.
وأضاف: “هذا القرار الذي كان الشعب المصري هو صانعه الحقيقي على مدار السنوات الماضية بمشاركته الصادقة المخلصة في كافة جهود التنمية والبناء، وإنني إذ أعلن هذا القرار، أتذكر بكل إجلال وتقدير شهداءنا الأبطال الذين لولاهم ما كنا نصل إلي الأمن والإستقرار”.
واختتم السيسي: “معا نمضي بثبات نحو بناء الجمهورية الجديدة مستعينين بعون الله ودعمه، تحيا مصر. تحيا مصر. تحيا مصر”.
يذكر أن إلغاء الطوارئ كان من بين المطالب الرئيسة في ثورة 25 يناير 2011، عقب خلع حسني مبارك الذي ظلت فيه حالة الطوارئ 30 عامًا وسط انتقادات دائمة لاستمرارها.
وبعد أشهر من ثورة يناير تم فرضها مجددا بعد اقتحام مقر السفارة الإسرائيلية بالقاهرة في سبتمبر 2011، وجرى تجديد العمل بها حتى مايو 2012، أعلن حينها رسميًا إيقاف العمل بالطوارئ، في نهاية عهد المجلس العسكري الذي حكم عقب الثورة.
وفي عهد الرئيس المعزول محمد مرسي، فرضت مرة واحدة بمحافظات مدن قناة السويس في ذكرى ثورة يناير عام 2013 لمدة شهر.
وعاد فرض قانون الطوارئ مع أحداث العنف التي شهدتها البلاد عقب الإطاحة بمرسي، وفي أغسطس 2013 عقب فض اعتصامي رابعة والنهضة عادت الطوارئ في عهد الرئيس المؤقت عدلي منصور، وبقيت شهراً أيضاً.
وفي عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي فرضت حال الطوارئ في سيناء لأول مرة نهاية 2014، واتسعت لتشمل كل أراضي الجمهورية منذ أبريل 2017، تحديداً بعد حادثة استهداف كنيستين بالإسكندرية وطنطا أسفر عن استشهاد وإصابة العشرات.
حيث أصدر السيسي في 12 أكتوبر من العام 2017 قراراً وافق عليه مجلس الوزراء بإعلان حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد، بعد حادث هجوم الواحات البحرية الذي استشهد فيه 17 شرطيا.
ومنذ ذلك الوقت تم تمديد حالة الطوارئ بشكل منتظم، مع ترك مدة بسيطة كل 6 أشهر للتحايل على النص الدستوي الذي يمنع مد الطوارئ أكثر من 6 أشهر.
وبحسب المادة 154 من الدستور والتي تتنظم إعلان حال الطوارئ في البلاد، استناداً إلى قانون الطوارئ رقم (162) الذي صدر العام 1958، إذ تخول لرئيس الجمهورية إعلانها بعد أخذ رأي مجلس الوزراء، مع إلزامه بعرضها لاحقاً، خلال مدة لا تجاوز سبعة أيام، على مجلس النواب وموافقة غالبية أعضاء المجلس لتمريرها.
كما نصت المادة على أن تعلن حال الطوارئ لمدة محددة لا تتجاوز ثلاثة أشهر، وألا تجدد إلا لمدة مماثلة بعد موافقة ثلثي نواب الشعب. موضحة أن رئيس الجمهورية هو من يعلن حال الطوارئ، وهو من يعلن انتهاءها، كما ينتهي العمل بها إذا رفض البرلمان إقرارها.
وبحسب نص قانون الطوارئ، عدّد الحالات التي يتوجب الاستناد إليها لفرض الطوارئ، والتي شملت الحرب أو قيام حالة تهدد بوقوع حرب، وحدوث اضطرابات داخلية أو كوارث عامة أو انتشار وباء، مما يعني تعرض الأمن العام في أراضي الجمهورية أو مناطق منها للخطر.
ويعطي قانون الطوارئ صلاحيات واسعة لرئيس الجمهورية والحكومة، إذ يسمح باتخاذ إجراءات استثنائية بموجبه، من بينها وضع قيود على حرية الأشخاص في الاجتماع والانتقال والمرور في أماكن أو أوقات معينة، وإحالة المتهمين إلى محاكم أمن الدولة وحظر التجول في بعض المناطق ومراقبة الرسائل، أياً كان نوعها، ومراقبة الصحف والنشرات والمطبوعات والمحررات والرسوم وكل وسائل التعبير والدعاية والإعلان قبل نشرها، وضبطها ومصادرتها وإغلاق أماكن طباعتها، فضلاً عن تمكين الجيش من فرض الأمن.
كما يمنح القانون الرئيس والحكومة صلاحية تحديد مواعيد فتح المحال العامة وإغلاقها، ومصادرة أي منقول أو عقار والأمر بفرض الحراسة على الشركات والمؤسسات، وإخلاء بعض المناطق أو عزلها وتنظيم وسائل النقل وحصر المواصلات وتحديدها بين المناطق المختلفة.
ويعطي القانون الحق لمن جرى اعتقاله بموجب الطوارئ في التظلم أمام محكمة أمن دولة عليا إذا انقضت ستة أشهر من تاريخ اعتقاله من دون أن يفرج عنه. وتفصل المحكمة في الأمر على وجه السرعة، ولا يعتبر قرارها نافذاً إلا بعد تصديق رئيس الجمهورية.
وبحسب مواد قرارات الرئيس في تمديد أو تجديد الطوارئ، تشترك أغلبها في موادها على أن تتولى القوات المسلحة وهيئة الشرطة اتخاذ ما يلزم لمواجهة الأخطار، وحفظ الأمن بجميع أنحاء البلاد، وحماية الممتلكات العامة والخاصة، وحفظ أرواح المواطنين.
وفي يوليو الماضي أصدر السيسي القرار الجمهوري رقم 290 لسنة 2021 بمد حالة الطوارئ المعلنة في جميع أنحاء البلاد، لمدة ثلاثة أشهر، تبدأ اعتبارا من الساعة الواحدة من صباح يوم السبت الموافق الرابع والعشرين من يوليو عام 2021 ميلادية، وذلك بعد أن وافق عليه مجلس النواب.