السيسي يوجه بتشكيل لجنة لتقييم الموقف بشأن نقل المقابر بمنطقة السيدة نفيسة والإمام الشافعي
صرح المستشار أحمد فهمي المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، مساء الإثنين، أن الرئيس عبدالفتاح السيسي، وجه بتشكيل لجنة برئاسة رئيس مجلس الوزراء، تضم جميع الجهات المعنية والأثريين المختصين والمكاتب الاستشارية الهندسية، لتقييم الموقف بشأن نقل المقابر بمنطقة السيدة نفيسة والإمام الشافعي، وتحديد كيفية التعامل مع حالات الضرورة التي أفضت إلى مخطط التطوير، على أن تقوم اللجنة بدراسة البدائل المتاحة والتوصل لرؤية متكاملة وتوصيات يتم الإعلان عنها للرأي العام قبل يوم الأول من يوليو 2023.
كما وجه الرئيس بإنشاء “مقبرة الخالدين” في موقع مناسب، لتكون صرحاً يضم رفات عظماء ورموز مصر من ذوي الإسهامات البارزة في رفعة الوطن، على أن تتضمن أيضاً متحفاً للأعمال الفنية والأثرية الموجودة في المقابر الحالية، ويتم نقلها من خلال المتخصصين والخبراء، بحيث يشمل المتحف السير الذاتية لعظماء الوطن ومقتنياتهم، ويكون هذا الصرح “شاهداً متجدداً على تقدير وتكريم مصر لأبنائها العِظام وتراثها، ولتاريخها الممتد على مر العصور والأجيال”.
يذكر أنه انتشرت مؤخرا الأخبار والصور والاستغاثات والمناشدات بشأن الاعتداء على المنطقة وإزالة عدد من مبانيها الأثرية عشوائيا، في الوقت الذي يتم تنفيذ أعمال إنشائية بها لا تناسب بأي من الأحوال طبيعتها ومبانيها، وتعرضها لأخطار داهمة، ليس أقلها محو جزء من تاريخ مصر ومبانيها التراثية وإهانة رفات عدد لا يستهان به من عظمائها في شتى المجالات، حيث أزيلت مقابر عدة منها مقبرة عبدالحميد باشا صادق (رئيس البرلمان المصري من 1902 حتى 1909 في عهد الخديوي عباس حلمي الثاني) ومقبرة عبدالله أفندي زهدي (من أشهر الخطاطين في تاريخ مصر وهو كاتب المخطوطات على المسجد النبوي وسبيل أم عباس ومسجد الرفاعي، وغيرها)، ومدفن حسن أفندي الليثي (رسام كسوة الكعبة المعظمة)، ومدفن عشق بريان معتوقة الخديوي إسماعيل، فضلا عما يتم تداوله من أنباء بشأن إزالة قبر الإمام ورش، صاحب ثاني أكثر قراءات القرآن شيوعا في العالم الإسلامي.
وشهدت الفترة الماضية تصاعد أزمة هدم المقابر التاريخية بمنطقة السيدة نفسية والإمام الشافعي، وسط مطالبات بالتوقف عن أعمال الهدم، والبحث عن حلول بديلة، حيث أعلن المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، تقدمه بدعوى مستعجلة أمام محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، ضد رئيس مجلس الوزراء، ووزيري الآثار والإسكان، ورئيس مجلس إدارة المجلس الأعلى للآثار، ومحافظ القاهرة، ورئيس هيئة التنمية الحضرية ورئيس الجهاز القومي للتنسيق الحضاري بصفاتهم، للمطالبة بوقف تنفيذ القرار السلبي بالامتناع عن توفير الحماية اللازمة للمقابر والمباني الأثرية وذات التراث المعماري المتميز بمنطقة جبانات القاهرة التاريخية وتحديد حرم لهذه الآثار، بما ترتب على ذلك من آثار أخصها وقف أعمال الإزالة والهدم لجميع هذه المقابر والمباني.
وتحوي منطقة السيدة نفيسة والإمام الشافعي عددا كبيرا من المقابر ذات الطراز المعماري المتميز منها مدافن أمير الشعراء أحمد بك شوقي، مدفن السيدة أم كلثوم، حوش الملكة فريدة، مدفن محمود سامي البارودي، سبيل ومقام الإمام جلال الدين السيوطي، مدفن الأمير فؤاد وأسمهان وفريد الأطرش، قبة وجامع محمود باشا الفلكي، مسجد فاطمة الزهراء، وغيرها من مقابر الشخصيات التاريخية والرموز المصرية والمساجد والقباب والأسبلة.
ومنذ فترة ليست بالقليلة بدأت أعمال هدم وإزالة مساحات من حرم منطقة مقابر القاهرة التاريخية لتنفيذ مخططات إنشاء وتوسعة عدد من الطرق والمحاور، ما تسبب في هدم أو تهدم أو الإضرار بعدد من المباني ذات الطراز المعماري المتميز في غيبة أية بيانات أو إيضاحات حكومية بخصوص حدود المخطط وتفاصيله، وفي غيبة أي تأمين أو إشراف فعلي من الجهات المختصة بالدولة لحماية المباني المذكورة أو الحرم المقرر قانونا لحمايتها مثل مفتشي وخبراء وزارة الآثار أو الجهاز القومي للتنسيق الحضاري، عدا فرق وعمال الهدم والإزالة.
وفي عددها رقم 74 الصادر في 29 مارس 2023، نشرت صحيفة الوقائع المصرية قرار وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية رقم 233 لسنة 2023، الذي نص في مادته الثانية علي: “إضافة 86 مدفنا بنطاق حي الخليفة والمقطم، تبدأ بمسلسل رقم (1) “أمير الشعراء أحمد بك شوقي” وتنتهي بمسلسل رقم (86) “حوش مناع”.
وفي التوقيت ذاته، تم إخطار حراس عدد من المقابر الواردة بالقرار المذكور بالتخطيط لإزالتها ومنها حوش محمد راتب باشا السردار، حوش عائلة العظم السورية، الفريق إسماعيل سليم باشا، رشوان باشا عبدالله، البرنس يوسف كمال، نشأت دل قادن زوجة الخديوي إسماعيل، علي باشا فهمي، محمود سامي البارودي، أحمد شفيق باشا، إبراهيم الهلباوي، محمد محمود باشا وهي المدافن المسجلة بموجب القرار المذكور، بل وتم وضع علامات تفيد بذلك على الجدران الخارجية لبعض هذه المدافن.
وأكد المركز المصري أن القرار المذكور بتحديد 86 مدفنا فقط بتلك المنطقة يعد إهدارا لقيمة المباني والآثار الأخرى في تلك المنطقة ذات الطراز المعماري المتميز، ومنها على سبيل المثال لا الحصر: مدافن يحيي باشا إبراهيم، محمد باشا الشافعي، حوش ماه دوران، علي باشا ابراهيم، سيف الله باشا يسري، عبدالخالق باشا ثروت، سعيد باشا ذو الفقار، بهي الدين باشا بركات، إسماعيل باشا عاصم، الزعيم أحمد عرابي، عثمان باشا غالب، أمين باشا المناسترلي، وغيرها من المدافن والشواهد وما تحويه من منمنمات، ونقوش، وتصميمات معمارية تنتمي لحقب تاريخية مختلفة.
وأعربت الحركة المدنية الديمقراطية، عن أسفها ورفضها وإدانتها، لحملة هدم المقابر التاريخية التي تشكل -حسب بيان أصدرته- علامات مضيئة للهوية الوطنية ووجدان الشعب المصري.
وقال الحركة في بيان لها مطلع يونيو الجاري “تؤكد الحركة تضامنها وانضمامها إلى الدعاوى القضائية المرفوعة أمام القضاء لوقف تلك الحملة، كما تدعو إلى إطلاق حوار بمشاركة أساتذة متخصصين في علم الآثار والتخطيط العمراني تتناول أهمية البُعد التاريخي للمقابر و الحفاظ على التراث بكل مايمثله للأجيال القادمة يحفظ الذاكرة الجماعية للمصريين ، إذ لا يعقل ابدا تشتيت رفات ومراقد أعلام عظام ومعاملتها معاملة أسفلت الطريق وأرض فضاء لبناء الكبارى، بينما هى فى الواقع متاحف تخلد صفحات مضيئة فى تاريخ ناصع مجيد”.
وشددت الحركة على أن “عدم تسجيل بعض المقابر في وزارة الآثار لا يُبيح التعدي على التاريخ بهذه البشاعة إذ أن القصور الوارد في بعض الإجراءات الإدارية لا يجب أن يكون بأي حال من الأحوال حُجة على الموروث المصري، ولا ينبغي الاعتماد على أسانيد بيروقراطية من أجل إباحة هدم التراث”.