السعودية على صفيح ساخن.. الملك يظهر للمرة الأولى بعد اعتقالات الأمراء.. وتقارير: بن سلمان أنهى خطة التطهير
نشرت وكالة الأنباء السعودية صورا للملك سلمان بن عبدالعزيز، مستقبلا سفير المملكة لدى أوكرانيا محمد بن سليمان المسهر، وسفيرها في أوروجواي إياد بن غازي حكيم، بحضور وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله، ومساعد السكرتير الخاص لخادم الحرمين الشريفين تميم بن عبدالعزيز السالم.
وذكرت صحيفتا وول ستريت جورنال ونيويورك تايمز، أن السلطات السعودية اعتقلت 3 أفراد من العائلةِ المالكة في منازلهم، في الساعات الأولى من صباح الجمعة الماضي، بعد اتهامهم بالخيانة، وهم شقيقُ الملك سلمان الأمير أحمد بن عبد العزيز آل سعود، وابن أخ الملك الأمير محمد بن نايف، بالإضافة إلى أحدِ أشقاء الأمير محمد بن نايف، وهو الأمير نواف بن نايف.
ونقلت وكالة “بلومبيرج” من جهتها عن مصدر مطلع على المسألة، أنّ الديوان الملكي أبلغَ أعضاءَ هيئةِ البيعة السعودية أن الأميرين أحمد، ومحمد بن نايف، كانا يخططان للانقلاب، كما نقلت “وول ستريت جورنال” عن مصادر قولها إن قوات الأمن ألقت القبض على عشرات المسؤولين في وزارة الداخلية والضباط الرفيعين في الجيش وشخصيات أخرى للاشتباه في دعمهم محاولة الانقلاب.
وأشارت “وول ستريت جورنال” إلى أن هذه التطورات، وعلى الرغم من الدعم العلني لولي العهد من قبل أعضاء كثيرين في العائلة الملكية، أدى إلى تعميق الصدع في القصر، في الوقت الذي تواجه فيه المملكة مشاكل اقتصادية على خلفية الهبوط الحاد لأسعار النفط وعدم تمكن البلاد من جذب الاستثمارات الأجنبية التي شهد حجمها تراجعا مستمرا منذ الأزمة الاقتصادية العالمية في العام 2008.
وتولى محمد بن نايف حقيبة الداخلية حتى عزله من منصبه وإيداعه الإقامة الجبرية في منزله بأوامر من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان عام 2017، وسابقا كان يعد بمثابة شريك وثيق وموثوق به للمخابرات الأمريكية.
والأمير أحمد بن عبد العزيز، 78 عاماً، هو أخو الملك الوحيد الباقي على قيد الحياة، وفي عام 2018، أدلى بتعليقات اعتبرت أنها تنتقد ولي العهد للمحتجين في لندن، لكنه قال في وقت لاحق إنه قد أسيء تفسيرها.
واعتبر كل من الرجلين منافسين محتملين لولي العهد البالغ من العمر 34 عاما، وهو الأول في ترتيب العرش.
وبحسب وول ستريت جورنال، اقتحم رجال أمن مقنعون ويرتدون زيا أسود منازل الأمراء الثلاثة صباح الجمعة الماضية.
وكشفت وكالة “رويترز” عن أن الملك السعودي وافق على احتجاز الأمراء الثلاثة، ووقّع أمر الاعتقالات شخصياً، وهو يتمتع بحالة عقلية ونفسية جيدة، حيث يواجه المعتقلون اتهامات بالخيانة وتهم الاتصال بقوى أجنبية من بينها الولايات المتحدة الأمريكية لتنفيذ انقلاب.
وأضاف المصدر أن بن سلمان “عزز بهذه الاعتقالات، قبضته الكاملة على السلطة، وانتهى من خطة التطهير”، مشيرا إلى أنه لن يستمر أي منافسين في تحدي نجاحه للوصول إلى العرش.
ونقلت “رويترز” عن مصادر قولها في وقت سابق إن الأمير أحمد كان واحدا من 3 أعضاء فقط في مجلس المبايعة، الذي يتألف من كبار أفراد عائلة آل سعود، من الذين عارضوا أن يصبح محمد بن سلمان وليا للعهد في 2017.
ولاقى بن سلمان إشادة من المجتمع الدولي في 2016 لتعهده بتنفيذ سلسلة حزمة من الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية في السعودية.
لكن الانتقادات بدأت في محاصرة ولي العهد السعودي بعد ذلك بسبب مسلسل من الفضائح، أبرزها قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في أسطنبول في تركيا في أكتوبر 2018.
كما تعرض لانتقادات بسبب استمرار الصراع في اليمن، حيث تدعم السعودية القوات الموالية للحكومة، وكذلك بسبب المعاملة القاسية لنشطاء حقوق المرأة. على الرغم من رفع بعض القيود بما في ذلك الحق في القيادة.
وفي تحليل المراسل الأمني فرانك جاردنر، تعد هذه خطوة مهمة قام بها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لتعزيز موقفه، إذ يعد الأمير أحمد بن عبد العزيز أحد أخر الأبناء الباقين على قيد الحياة لمؤسس البلاد الملك عبدالعزيز، ويحظى باحترام واسع بين كبار السن في الأسرة الحاكمة.
الأمير المهم الآخر هو محمد بن نايف، إذ كان وليا للعهد في السابق قبل أن يُستبدل فجأة قبل 3 سنوات بمحمد بن سلمان، وشغل بن نايف منصب وزير الداخلية، ولعب دورا هاما في هزيمة تنظيم القاعدة الذي برز بشدة في السعودية في العقد الأول من هذه الألفية.
ولم يرد أي تأكيد رسمي فوري أو إنكار للقصة المنشورة في وسائل الإعلام حول الاعتقالات، لكن شؤون القصر في السعودية غالبا ما تكون محاطة بستار من السرية.
كانت المملكة شهدت حملة توقيفات كبرى في سبتمبر 2017 بعد 3 أشهر من تسلم الأمير محمد بن سلمان منصب ولي العهد، شملت كتاباً وأكاديميين ودعاة ما يزالون يقبعون خلف القضبان.
ثم أوقفت السلطات عشرات الأمراء والسياسيين الحاليين والسابقين بتهم تتعلق بالفساد في فندق “ريتز كارلتون” بالعاصمة الرياض قبل أن تفرج عن غالبيتهم العظمى بعد التوصل إلى تسويات مالية وأبرزهم الأمير الوليد بن طلال الملياردير المعروف.
وعلى إثر فضيحة قتل خاشقجي، عاد الأمير أحمد بن عبد العزيز السبعيني من مقره في لندن إلى المملكة، في قرار فسره البعض كمؤشر على رغبته في دعم العائلة المالكة السعودية، بحسب “يورو نيوز”.
وقبيل عودته في أكتوبر 2018، أثار الأمير جدلاً إثر ورود فيديو لقي انتشاراً واسعاً على الإنترنت، يرد فيه على محتجين كانوا يهتفون شعارات منددة بآل سعود وبالتدخل العسكري السعودي في اليمن، قائلا “ما دخل آل سعود؟ هناك أفراد معنيون هم المسؤولون” مضيفاً “المسؤولون هم الملك وولي العهد”.
واعتبر هذا الكلام من الانتقادات النادرة الموجهة إلى كبار قادة المملكة، غير أن الأمير أحمد نفى ذلك واصفاً هذا التفسير لكلامه بأنه “غير دقيق”.