الري: نرفض أي فعل بشأن سد النهضة دون التوصل لاتفاق قانوني عادل وملزم.. ومصر من أكثر دول العالم التي تعاني من الشح المائي
عبد العاطي: نعوض الفجوة في نقص المياه من خلال إعادة استخدام مياه الصرف الزراعى والمياه الجوفية السطحية بالوادى والدلتا
كتب: عبد الحمن بدر
عقد الدكتور محمد عبد العاطي، وزير الموارد المائية والري، لقاءاً حوارياً مع عدد من نواب المحافظين، وأعضاء مجلسى النواب والشيوخ عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين بمقر الوزارة، لعرض الموقف المائى فى مصر بكافة أبعاده، وما تقوم به الدولة المصرية من جهود بهدف ترشيد استخدام المياه وتعظيم العائد من وحدة المياه، في إطار المشاركة المجتمعية للتوعية بقضية المياه.
وفى بداية اللقاء رحب عبد العاطي بأعضاء تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، مشيراً لدورهم الهام في التواصل مع المواطنين والعمل على زيادة الوعي بقضايا المياه فى مصر.
واستعرض عبد العاطى- بحسب بيان للري- حجم التحديات التي تواجه قطاع المياه فى مصر وعلى رأسها الزيادة السكانية والتغيرات المناخية، حيث أنه من المتوقع حدوث زيادة السكان في مصر لحوالي من ٧٥ مليون نسمة في عام ٢٠٥٠ وهو ما يمثل ضغط كبير على الموارد المائية في مصر، بالإضافة للتغيرات المناخية المتزايدة في ظل الارتفاع الملحوظ لدرجة الحرارة، وكذلك ما تشهده مصر من ظواهر جوية متطرفة وغير مسبوقة مثل الأمطار الشديدة التي تضرب مناطق متفرقة من البلاد، بالإضافة لارتفاع منسوب سطح البحر وتأثير ذلك السلبي الخطير على المدن والمناطق الساحلية.
وقال الدكتور عبد العاطي إن مصر تُعد من أكثر دول العالم التى تعانى من الشح المائى، حيث تُقدر موارد مصر المائية بحوالى ٦٠ مليار متر مكعب سنويا من المياه معظمها يأتي من مياه نهر النيل بالإضافة لكميات محدودة للغاية من مياه الأمطار والمياه الجوفية العميقة بالصحاري، وفي المقابل يصل إجمالي الاحتياجات المائية في مصر لحوالي ١١٤ مليار متر مكعب سنويا من المياه، ويتم تعويض هذه الفجوة من خلال إعادة استخدام مياه الصرف الزراعى والمياه الجوفية السطحية بالوادى والدلتا بالإضافة لاستيراد منتجات غذائية من الخارج تقابل ٣٤ مليار متر مكعب سنوياً من المياه.
وتابع عبد العاطي لقيام مصر بإعداد استراتيجية للموارد المائية حتى عام ٢٠٥٠ بتكلفة تصل إلى ٩٠٠ مليار جنيه ووضع خطة قومية للموارد المائية حتى عام ٢٠٣٧ تعتمد على 4 محاور تتضمن ترشيد استخدام المياه وتحسين نوعية المياه، وتوفير مصادر مائية إضافية وتهيئة المناخ للإدارة المثلى للمياه، وأنه تم خلال السنوات الخمس الماضية اتخاذ العديد من الإجراءات لزيادة الجاهزية للتعامل مع التحديات المائية ومواجهة أي طارئ تتعرض له المنظومة المائية.
كما أوضح عبد العاطي أن هذه التحديات تستلزم بذل مجهودات مضنية لمواجهتها سواء على المستوى المجتمعى من خلال وعى المواطنين بأهمية ترشيد المياه والحفاظ عليها من كافة أشكال الهدر والتلوث، أو على المستوى الحكومى من خلال تنفيذ العديد من المشروعات الكبرى التى تقوم الدولة بتنفيذها أو من خلال التطوير التشريعي، مؤكداً أن مصر لديها خبرات وطنية متميزة في مجال الموارد المائية والري، بالشكل الذى يمكنها من التعامل مع مثل هذه التحديات بمنتهى الكفاءة وإيجاد الحلول العملية لها من خلال تحويل مثل هذه التحديات لفرص يستفيد منها المصريين، وأن القلق الصحي وليس المرضى الذي نشعر به هو الذي يدفع وزارة الموارد المائية والرى لزيادة الجاهزية للتعامل مع التحديات المائية ومواجهة أي طارئ تتعرض له المنظومة المائية.
فعلى على صعيد المشروعات القومية الكبرى التى تهدف لترشيد إستخدام المياه وتعظيم العائد من وحدة المياه، فتقوم وزارة الموارد المائية والرى حالياً بتنفيذ المشروع القومى لتأهيل الترع والذى يهدف لتحسين عملية إدارة وتوزيع المياه، وتوصيل المياه لنهايات الترع المتعبة، بخلاف المردود الاقتصادى والإجتماعى والحضارى والبيئى الملموس، كما تقوم الوزارة بالعمل فى المشروع القومى للتحول من الرى بالغمر لنظم الرى الحديث من خلال تشجيع المزارعين على هذا التحول، والتوسع في استخدام تطبيقات الرى الذكي، لما تمثله هذه النظم من أهمية واضحة في ترشيد استهلاك المياه، بالإضافة لمشروعات الحماية من أخطار السيول حيث تم تنفيذ أكثر من ١٥٠٠ منشأ للحماية خلال السنوات الماضية، بالإضافة لتنفيذ العديد من المشروعات الكبرى في مجال إعادة استخدام مياه الصرف الزراعى مثل مشروع الاستفادة من مياه مصرف بحر البقر بشرق الدلتا والاستفادة من مياه مصارف غرب الدلتا ومشروع مصرف المحسمة بالإضافة لإنشاء أكثر من ٤٥٠ محطة خلط وسيط، كما تواصل أجهزة الوزارة اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لإزالة التعديات على نهر النيل والترع والمصارف بالتنسيق مع أجهزة الدولة المختلفة، واتخاذ كافة الاجراءات اللازمة لحصر الأملاك والأصول والأراضي المملوكة للوزارة وتحقيق أفضل استفادة من هذه الأملاك وتعظيم استغلالها.
وعلى صعيد التطوير التشريعى أعدت الوزارة مشروع قانون الموارد المائية والرى الجديد، والذى يهدف لتحسين عملية تنمية وإدارة الموارد المائية وتحقيق عدالة توزيعها على كافة الإستخدامات والمنتفعين، وحماية الموارد المائية وشبكة المجارى المائية من كافة أشكال التعديات.
كما استعرض الوزير تطورات قضية مياه النيل والموقف الراهن إزاء المفاوضات الخاصة بسد النهضة الإثيوبي، مؤكداً على حرص مصر على إستكمال المفاوضات، مع التأكيد على ثوابت مصر فى حفظ حقوقها المائية وتحقيق المنفعه للجميع في أي اتفاق حول سد النهضة، والتأكيد على السعى للتوصل لإتفاق قانوني عادل وملزم للجميع يلبي طموحات جميع الدول في التنمية، ومؤكداً على أن أي فعل يتم اتخاذه دون التوصل لاتفاق قانوني عادل وملزم ودون التنسيق مع دولتي المصب هو فعل أحادي مرفوض.
وقال عبد العاطى إن مصر تدعم التنمية في دول حوض النيل والدول الأفريقية، حيث قامت مصر بإنشاء العديد من سدود حصاد مياه الأمطار ومحطات مياه الشرب الجوفية لتوفير مياه الشرب النقية فى المناطق النائية البعيدة عن التجمعات المائية مع استخدام تكنولوجيا الطاقة الشمسية في عدد كبير من الآبار الجوفية بما يسمح بإستدامة تشغيلها، وتنفيذ مشروعات لتطهير المجاري المائية والحماية من أخطار الفيضانات، وإنشاء العديد من المزارع السمكية والمراسى النهرية، ومساهمة الوزارة فى إعداد الدراسات اللازمة لمشروعات إنشاء السدود متعددة الأغراض لتوفير الكهرباء ومياه الشرب للمواطنين بالدول الأفريقية، بالإضافة لما تقدمه مصر فى مجال التدريب وبناء القدرات للكوادر الفنية من دول حوض النيل.
كما تم خلال اللقاء اقتراح مشاركة أعضاء مجلسى النواب والشيوخ عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين فى أسبوع القاهرة للمياه القادم والمقرر عقده خلال شهر اكتوبر ٢٠٢١، من خلال المشاركة في تنظيم جلسة في المؤتمر، كما تم الاتفاق على تكثيف التواصل بين السادة أعضاء مجلسي النواب والشيوخ من أعضاء التنسيقية بنظرائهم من الدول الأخرى وخاصة الدول الأفريقية وعرض حجم التحديات المائية التى تواجهها مصر ومجهودات الدولة للتعامل معها.
وأعرب أعضاء تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين عن تقديرهم للدكتور عبد العاطي لإتاحة هذه الفرصة الهامة لعرض الموقف المائى في مصر، خاصة أن عقد مثل هذا اللقاء يُعد فرصة لمزيد من التوعية بقضايا المياه في مصر.
وفي نهاية اللقاء توجه الدكتور عبد العاطي بالتحية لجميع السادة الحضور على مشاركتهم في هذا الحوار الهام والبناء والذى عكس اهتمام ووعى تنسيقية شباب الأحزاب والسياسين وأعضائها بقضايا الوطن ، وعلى رأسها قضية المياه.
وفي وقت سابق أكدت إثيوبيا مرارا أنها تنوي إجراء الملء الثاني لسد النهضة والذي يقدر بـ13.5 مليار متر مكعب، في موعده المقرر في يوليو المقبل، مما أثار مخاوف مصر والسودان من تراجع حصتهما من المياه.
وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي، قد شدد على أن مصر لن تقبل بالمساس بأمنها المائي وبالتالي ضرورة التوصل للاتفاق القانوني الملزم المنشود، الذي يحافظ على حقوق مصر المائية ويحقق مصلحة جميع الأطراف ويجنب المنطقة المزيد من التوتر وعدم الاستقرار.