الخطر من خارج الأرض.. صراع روسي أمريكي على نقل الأسلحة للفضاء
أعلن مدير قسم عدم الانتشار والرقابة على التسلح بوزارة الخارجية الروسية فلاديمير يرماكوف، أن بلاده لا تستبعد احتمال أن تقوم الولايات المتحدة وحلفاؤها في “الناتو” بنقل أسلحتها إلى الفضاء قريبا.
وقال يرماكوف – في تصريح صحفي اليوم الأربعاء، حسبما أوردت وكالة أنباء “سبوتنيك” الروسية: “نرى أن الولايات المتحدة قد بدأت العمل في هذا الاتجاه، ومن الممكن أن نصبح شهودا على نقلها للأسلحة في المستقبل القريب إلى الفضاء”.
وأضاف أن “هذا سيناريو خطير للغاية”، مؤكدا أن بلاده ستواصل بذل كل جهد ممكن لمنع هذا التطور.
وكان وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف دعا الدول الغربية في وقت سابق إلى وضع تدابير عامة تهدف لمنع المواجهة العنيفة في الفضاء.
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد أعلن نهاية العام الماضي عن إنشاء قوات فضائية أمريكية، كما أعلن الأمين العام لحلف “الناتو” ينس ستولتنبرج عن خطط للاعتراف بالفضاء كمجال جديد لعمليات التحالف.
وقالت وكالة الإعلام الروسية، 17 فبراير الماضي، نقلًا عن وزارة الخارجية، إن خطط الولايات المتحدة نشر أسلحة في الفضاء ستوجه ضربة قاضية للتوازن الأمني الحالي في الفضاء.
وأضافت وزارة الخارجية أن روسيا ليس لديها خطط لحل المشاكل في الفضاء باستخدام الأسلحة.
وكتب الخبير العسكري أنطون لافروف، مقالا في “إزفستيا” بعنوان “ليس مجرد فضاء”، حول الأسباب التي دفعت ترامب إلى تشكيل قوة فضاء جديدة.
وأوضح لافروف باتت في متناول اليد معلومات أولية عن “قوات الفضاء” التي تحدثها الولايات المتحدة، فخطة تشكيلها تنص على ظهور مقر قيادة، يحدد وظائفها المستقبلية ومسارات تطويرها، خلال 90 يوما من اعتماد القانون الخاص بتشكيلها.
ويختلف الوضع اليوم بشكل كبير عما كان عليه من نصف قرن، فحينها، في عصر الرومانسية الفضائية، قام الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية بتطوير واختبار محطات فضائية قتالية وأقمار صناعية وأسلحة من أجلها.
الوضع الآن، أكثر هدوءا. كل ما استطاعوا عرضه على الشعب الأمريكي بوصفه خطرا محتملا في الفضاء هو أقمار التفتيش الصناعية الروسية. ولا يرون منافسين محتملين آخرين للولايات المتحدة (عدا روسيا) في الفضاء.
ويبدو أن الولايات المتحدة، بصفتها مالك أكبر مجموعة فضائية عسكرية وأكثرها فاعلية، تحاول تعزيز هيمنتها في الفضاء. فالبنتاغون، لا يخاف على أقماره بمقدار ما يريد امتلاك القدرة على تدمير أقمار العدو.
ومن المقررتطوير عقيدة فضاء جديدة. ووفقا للمطلعين، حيث سيتم تثبيت مفهوم “الدفاع النشط” في الفضاء، فيها. على الأرجح، هذا تعبير ملطف عن إنشاء مركبات فضائية مسلحة وتحسين الأسلحة المضادة للأقمار الصناعية، ومع أن المعاهدات الحالية تحظر وضعها في الفضاء، إلا أن أمريكا ترامب أثبتت مرارا مدى قلة تقديرها لمعاهدات الحد من التسلّح.
ويسيطر مفهوم العمليات المتعددة الوسائط، والفضاء كساحة قتال جديدة مرة أخرى على عقول الاستراتيجيين العسكريين الأمريكيين، ولن يتخلوا عنه بعد الآن، وبصرف النظر عما إذا كانوا سيحصلون على قوات فضاء مستقلة أو مجرد قيادة فضائية رفيعة المستوى، لدى الولايات المتحدة الرغبة في تطوير الفضاء العسكري والقدرة على ذلك، وفي حين أن هيمنتها العسكرية غير المشروطة على سطح الأرض راحت توضع أكثر موضع الشك، فسوف تحاول تعزيزها من خلال تحقيق التفوق في الفضاء الخارجي.
وفي أغسطس 2018، – أبدت الولايات المتحدة شكوكا قوية إزاء سعي روسيا للحصول على أسلحة فضائية جديدة منها بينها نظام ليزر محمول لتدمير الأقمار الصناعية في الفضاء، فضلا عن إطلاق قمر صناعي جديد للمراقبة يعمل بطريقة “غير طبيعية”.
وقالت إليم دي.اس. بوبليت مساعدة وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الحد من التسلح، في كلمة بمؤتمر للأمم المتحدة عن نزع السلاح يناقش اتفاقية جديدة لمنع سباق التسلح في الفضاء الخارجي، إن سعي روسيا لامتلاك قدرات فضائية ”أمر مقلق“.
ورفض مندوب روسي يشارك في المؤتمر تصريحات بوبليت ووصفها بأنها لا أساس لها وافترائية.
كان وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف قال، في منتدى جنيف في فبراير من العام ذاته، إن هناك أولوية لمنع سباق للتسلح في الفضاء الخارجي اتساقا مع مسودة معاهدة مشتركة بين روسيا والصين والتي طرحت قبل عشر سنوات.
لكن بوبليت قالت إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كشف في مارس عن ”6 أنظمة أسلحة هجومية كبيرة جديدة“ من بينها نظام الليزر العسكري المحمول (بيريسفيت)، وأضافت: “بالنسبة للولايات المتحدة هذا دليل آخر على أن تصرفات الروس لا تتطابق مع أقوالهم”.
وأشارت بوبليت إلى نظام مراقبة فضائي، حيث أعلنت وزارة الدفاع الروسية في أكتوبر الماضي عن إطلاقه، وقالت إن الشيء الوحيد المؤكد لدينا أن هذا النظام وضع في مدار.
وقالت إن طريقة عمل هذا النظام على المدار تتعارض مع أي شيء معروف من قبل بما في ذلك أنشطة أقمار المراقبة الروسية. وأضافت ”نحن قلقون مما تبدو أنها طريقة غير طبيعية جدا لنظام مراقبة فضائي معلن“.
وقالت بوبليت إن سعي روسيا للحصول على قدرات فضائية ”أمر مزعج نظرا لنمط السلوك الخبيث الذي تتبعه روسيا في الفترة الأخيرة“. وأضافت أن المعاهدة التي تقترحها موسكو لن تمنع مثل هذه الأنشطة ولن تمنع أيضا اختبار أو تخزين أسلحة مضادة للأقمار الصناعية.
ورفض ألكسندر دينيكو، وهو دبلوماسي روسي كبير في جنيف، ما وصفها بأنها ”نفس الاتهامات التي لا أساس لها والافترائية التي تستند إلى شكوك وإلى افتراضات وما شابه ذلك”، وأضاف أن الولايات المتحدة لم تقترح إدخال أي تعديلات على مشروع المعاهدة الصينية الروسية.
وقال إن الجانب الأمريكي يثير مخاوفه الخطيرة بشأن روسيا، لذا نعتقد أنه ينبغي أن يكونوا هم أول من يدعم المبادرة الروسية. ينبغي أن يكونوا نشطين في العمل على تطوير معاهدة من شأنها أن تلبي المصالح الأمنية للشعب الأمريكي بنسبة 100%، واستدرك: “لكنهم لم يقدموا هذه المساهمة البناءة”.
ودعا سفير الصين لشؤون نزع السلاح فو كونج، إلى إجراء مناقشات جوهرية حول الفضاء الخارجي لتؤدي إلى إجراء مفاوضات، موضحا أن الصين دأبت دائما على الاستخدام السلمي للفضاء الخارجي، وهي ضد تسليح الفضاء الخارجي، أو سباق التسلح في الفضاء الخارجي، أو حتى تحويل الفضاء الخارجي إلى ساحة معركة.