الحزب الاشتراكي عن الأزمة الاقتصادية: نرفض تحميل الفقراء العبء وخصخصة أصول الدولة.. والثروات الطبيعية ليست ملكًا للحكومة تبيعه لأعلى سعر
المرافق التي اقترضنا لإنشائها لا تُدر عائداً وتبديد الموارد بالإسراف الحكومي والإنفاق الترفي الخاص السفيه كل هذا يُفاقم الديون ويضعنا تحت رحمة الدائنين
لابد من سياسة ضريبية تركز على ضرائب الأغنياء بإقرار ضريبة تصاعُدية تصل شريحتها العُليا إلى 40% والنظر في فرض ضريبة ثروة لمرة واحدة
الحزب يقترح خطة تقشُّف طارئة لمدة 3 سنوات بوقف استيراد سلع الترف وجعل الجنيه عُملة التبادل الوحيدة في مصر والسماح بالاستيراد فقط بموافقة المركزي
الأزمة الحادة تقتضي حلولاً مُناسبةً مع توفير احتياجات الشعب الأساسية من أجور ومعاشات عادلة وكافية وخدمات اجتماعية في التعليم والصحة
كتبت- ليلى فريد
قال الحزب الاشتراكي المصري، إن بلادنا تمر بأزمة اقتصادية خانقة يعترف بها الجميع، ولكن لا يمكن اتخاذ حلول سبق تجربتها وفشلت، بل يجب تغيير السياسات المُتسببة في خلق الأزمات.
وتابع في بيان له، الخميس: “كما أن الحلول المتبعة بتحميل فقراء الوطن عبء الأزمة، والخصخصة والتفريط في أصوله الإنتاجية، يُبدد ثروات الوطن دون حل أسباب المشاكل، مُراجعة السياسات الاقتصادية المُتـَّبعة خلال نصف القرن الأخير تدفعنا لمُراجعة خمسة مفاهيم تسبَّبت في مُفاقمة المشاكل ليس حلها”.
وأضاف: أولوية الاستثمار في المرافق لتوفير بيئة مناسبة لقدوم الاستثمارات الخاصة المحلية والأجنبية لتحقيق التنمية. ثبت تجربة هذا منذ 1974، ولم يؤدِ إلّا إلى إهمال تطوير الإنتاج الزراعي والصناعي وتراجع الإنتاج المحلي، ولم يقم رأس المال بخلق استثمارات إنتاجية جديدة تُذكر، واقتصر على شراء أصول إنتاجية مصرية قائمة، ولابد من ربط تنمية المرافق بتنمية الإنتاج الزراعي والصناعي وليس اعتبار الأولى مرحلة سابقة على الثانية. الآن في خضم الأزمة الأوكرانية نحاول رفع المساحة المزروعة قمحاً، ونُدرك قيمة الإنتاج الصناعي المحلي بديلا للواردات التي نواجه مشاكل في الحصول عليها.
واستكمل الحزب: إدمان الحل السهل للأزمة بالاستدانة، ثم الاستدانة لسداد الديون. إن المرافق التي اقترضنا لإنشائها لا تُدر عائداً، وتبديد الموارد بالإسراف الحكومي والإنفاق الترفي الخاص السفيه، كل هذا يُفاقم الديون، ويضعنا تحت رحمة الدائنين؛ لقد اضطررنا إلى اتباع سياسات انكماشية قلَّلت الأجور والدعم والإنفاق الاجتماعي على التعليم والصحة كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، كما اضطرتنا الديون لتخفيض قيمة العملة وخصخصة أصولنا الإنتاجية بالبخس، فهذه توصيات صندوق النقد الدولي، في الأزمة الحالية تعهَّدت السعودية والإمارات وقطر بمنح مصر22 مليار دولار، منها خمسة مليارات من السعودية كوديعة لدى البنك المركزي والباقي مخصص لشراء أصول استُخدمت حتى الآن في الاستحواذ على شركات: “سماد أبو قير، وسماد موبكو، وبيع حصة في البنك التجاري الدولي، وشركة فوري لتكنولوجيا البنوك والمدفوعات الإلكترونية، وشركتي الجيش صافي للمياه والوطنية للوقود”؛ فتخلينا عن أصول استراتيجية للأسمدة والقطاع المالي وامتلكنا بعض المرافق!.
وقال الحزب إن الحل البديل، كما طبقته ماليزيا “مهاتير محمد” أثناء أزمة الأسواق الأسيوية 1997 ـ 1999 هو رفض قرض الصندوق، وتثبيت سعر الصرف للعُملة المحلية (رفض التخفيض)، وترشيد الواردات، والبُعد عن الإسراف الحكومي، وتعبئة الموارد لسداد أعباء خدمة الدين، وبالطبع العمل على تطوير الاقتصاد الحقيقي، الإنتاجي.
وتابع أن زيادة الضرائب غير المباشرة وتخفيضها على المستثمرين: لم تؤدِ تلك السياسات إلّا إلى نقل عبء الأزمة الاقتصادية إلى الفقراء، حيث يدفعون في ضريبة القيمة المُضافة، وضريبة المرتبات فقط 54% من إجمالي إيرادات الضرائب، بينما تقل الضرائب على الأرباح والثروات عن ربع إيراد الضريبة. وانعكس هذا على زيادة الأغنياء غنىً وزيادة الفقراء فقراً. لابد من سياسة ضريبية تركز على ضرائب الأغنياء، بإقرار ضريبة تصاعُدية تصل شريحتها العُليا إلى 40% (مثلما هو الحال في فرنسا وانجلترا وألمانيا، ومثلما كان الحال في مصر حتى عام 2005)؛ بل إن الولايات المتحدة الأمريكية فرضت في الأيام الأخيرة ضريبة جديدة 15% على أرباح الشركات التي تزيد عن مليار دولار! كما يجب فرض ضريبة على الأرباح الرأسمالية، وعلى تحويل أرباح الشركات الأجنبية للخارج، والنظر في فرض ضريبة ثروة لمرة واحدة، فأغنياء الوطن الذين بنوا ثرواتهم داخله عليهم واجب الوقوف بجانبه في أزمته.
وأضاف: إعمال ما يُسَمَّى بالأسعار العالمية، واعتبار أن أي مورد مثل الغاز المُستخرج من مصر يوفر للحكومة فرصة بديلة لتصديره، كأن الثروات الطبيعية لمصر ملك للحكومة تبيعه لأعلى سعر، وليس ملكاً للشعب! واعتبار فرق سعر بيع هذه المنتجات في السوق المحلية وسعر السوق العالمية دعماً! ولكن الأجور في مصر حوالي عُشر مثيلتها العالمية في الدول المُتقدمة، وإعمال مبدأ الأسعار العالمية لا يقود إلّا إلى مُفاقمة الفقر حتى صار ثُلث شعبنا تحت خط الفقر وثُلث آخر على حافة الفقر.
وذكر أن تعبئة الموارد واتخاذ إجراءات استثنائية، ولو في خطة تقشُّف طارئة لمدة 3 سنوات، يمكن أن توفر بديلاً لأزمة توفير العملة الصعبة. أولاً: وقف استيراد كل سلع الترف غير الضرورية مثل السيارات الفارهة وغيرها، وهو مسموح به حتى في ظل مُنظمة التجارة العالمية في حالة الأزمة وبشرط تحديد المدة لهذا الإجراء. ثانياً: جعل الجنيه المصري عُملة التبادل الوحيدة في مصر، ومركزة كل موارد العُملة الأجنبية في البنوك، ومنع المُضاربة عليها، والسماح بالاستيراد فقط بموافقة البنك المركزي، وهو ما يُسَمَّى الرقابة على الصرف، وقد سبق لمصر إقرارها بالقانون 80 لسنة 1947 خلال أزمة أقل حدة من الأزمة الراهنة.
واختتم: الأزمة الحادة تقتضي حلولاً مُناسبةً، واتخاذ إجراءات استثنائية وعمل خطة طوارئ 3 سنوات تقود إلى إلقاء عبء الأزمة على عاتق الأغنياء، مع توفير احتياجات الشعب الأساسية من أجور ومعاشات عادلة وكافية وخدمات اجتماعية في التعليم والصحة، جدير بأن يجمع طاقات الشعب حول خطة تجاوز الأزمة.