الحرية للمحبوسين| د. أحمد التهامي.. حكاية أكاديمي محبوس منذ يونيو 2020 بسبب اتهامات “مُعلّبة”.. حين يُصبح العلم جريمة
رسائل من شقيقه وأسرته تستفسر عن مصيره.. ووالده يُجهش بالبكاء: محبوس احتياطيا منذ عامين وأربع أشهر وتسعة أيام
د. مصطفى كامل السيد: بقاء د. أحمد التهامي وغيره في السجن يهدد الأمن بسبب مشاعر السخط والإحباط التي تشيع بين أقاربهم وأصدقائهم
مصطفى كامل: أتمنى الاستجابة لمطلب تصفية السجون من كل من لم يشترك في ارتكاب أعمال عنف.. وإعلام أهالي هؤلاء بأوضاعهم
كارم يحيى: أطالة بحرية الدكتور أحمد التهامي وإخراجه من دائرة الإهدار العبثية المجنونة لأفضل شباب مصر المحبين لوطنهم وشعبهم وللعلم
كتب – أحمد سلامة
ليس نشطاء العمل السياسي فقط هم من يقبعون خلف جدران الزنازين، يشاركهم في ذلك الصحفيون والعمال والفلاحون وحتى الأكاديميون الذين لا ينتمون إلى أي فصيل سياسي، ومن بين أولئك الدكتور أحمد تهامي أستاذ العلوم السياسية المحبوس احتياطيًا لمدة تجاوزت العامين، بلا أسانيد قانونية وبلا محاكمات.
يعمل أحمد التهامي كأستاذ مساعد العلوم السياسية بكلية الدراسات الاقتصادية والعلوم السياسية بجامعة الإسكندرية منذ عام 2014. وقد عمل التهامي سابقا باحثا ثم أستاذا في المعهد القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية بالقاهرة بداية من عام 2000 حتى 2014 وباحثاً في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية من عام 1996 حتى عام 2000. وفي 2019 كان استاذاً زائراً في جامعة برلين الحرة. ونشر التهامي عديد من الكتابات في الدوريات العلمية.
كان التهامي قد ألقى القبض عليه في 3 يونيو 2020، وظل قيد الاختفاء القسري في مقر للأمن الوطني بالقاهرة لمدة 17 يوماً، إلى أن تم عرضه على النيابة في 20 يونيو، وقررت حبسه على ذمة القضية رقم 649 لسنة 2020 أمن دولة عليا. وجهت إليه النيابة اتهامات الانضمام لجماعة إرهابية، نشر أخبار وبيانات كاذبة، وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.
وبحسب مؤسسة “حرية الفكر والتعبير”، ركز تحقيق النيابة مع التهامي على اتهامه بالتعاون مع الناشط المصري المقيم في الولايات المتحدة محمد سلطان في الدعوى التي أقامها ضد رئيس الوزراء الأسبق حازم الببلاوي، “فيما نفى مقربون منه حدوث ذلك”.. كما نفى التهامي هذه الادعاءات، بالإضافة إلى نفيه كتابة ورقة بحثية، توجه انتقادات إلى رئيس الوزراء الأسبق الببلاوي، كانت واجهته بها النيابة، أثناء التحقيقات، كما قال التهامي إن السبب الحقيقي وراء هذه الاتهامات هو بحوثه الأكاديمية، خاصة تلك المتعلقة بحقوق الإنسان.
الدكتور مصطفى كامل السيد، أستاذ العلوم السياسية، وعضو لجنة الحوار الوطني، كتب في تدوينة على صفحته على “فيس بوك”، “اتصل بي منذ دقائق والد الدكتور أحمد تهامي الأستاذ المساعد بقسم العلوم السياسية بكلية التجارة بجامعة الأسكندرية، وأنهي مكالمته وقد أجهش بالبكاء. موضوع المكالمة كان التساؤل عن مصير الدكتور أحمد المحبوس احتياطيا منذ عامين وأربع أشهر وتسعة أيام على ذمة القضية ٦٤٩ لسنة ٢٠٢٠ جنايات أمن دولة طواريء، وكان شقيق الدكتور أحمد قد اتصل بي منذ أسبوعين لنفس الأمر. حاولت تقصي الأمر وتركت رسالة تليفونية للوزير السابق كمال أبو عيطة عضو لجنة العفو الرئاسي. وحتي هذه اللحظة لم تصلني أي معلومات”.
وأضاف السيد “الدكتور أحمد أعرفه جيدا، كان من بين طلبتي المجدين في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، وأعد رسالته للماجستير تحت إشرافي، وتميز بالجدية وحسن الأخلاق، ولم أعرف له انتماء سياسيا واضحا سوي إعجابه بجيل السبعينيات في الحركة الطلابية في مصر. وقد حصل على الدكتوراة وعين في جامعة الأسكندرية بمجهوده الخاص، وذهب إلى ألمانيا في بعثة ما بعد الدكتوراة، وبعد عودته ألقي القبض عليه، وظل في الحبس الاحتياطي حتي يومنا هذا وبعد انتهاء الحد الأقصي للحبس الاحتياطي، وحسب معلوماتي لم توجه له تهم جديدة”.
وتابع أستاذ العلوم السياسية “لا أعرف ماذا يستفيد الحكم من بقاء أحمد وآلاف غيره في السجون. أظن أن الإفراج عنهم سوف يعزز الأمن في مصر لأنه سينشر شعورا بالارتياح والطمأنينة بين المواطنين. بقاؤهم في السجن هو الذي يهدد الأمن بسبب مشاعر السخط والإحباط واليأس التي تشيع بين أقاربهم وأصدقائهم ومعارفهم”.
واختتم د. مصطفى كامل السيد قائلا “أتمني الاستجابة لمطلب تصفية السجون من كل من لم يشترك في ارتكاب أعمال عنف ضد المواطنين أو السلطة وفي أقرب وقت ممكن، وإعلام أهالي هؤلاء بأوضاعهم”.
أما الكاتب الصحفي كارم يحيى، فقد قال إنه فوجئ بحبس الدكتور أحمد تهامي الأستاذ المساعد بقسم العلوم السياسية بكلية التجارة جامعة الأسكندرية، على ذمة القضية ٦٤٩ لسنة ٢٠٢٠، مشددًا على أن وقع الخبر آلمه كثيرًا.
وأضاف كارم يحيى، لـ”درب”: “حزنت كثيرًا بعد أن سمعت الخبر، التقيت الدكتور أحمد عدة مرات خلال عملي بالأهرام، كان دمث الخلق، مثقفًا واعيًا، لم يُعرف له نشاط سياسي، وهو كان دائم القراءة ودائم التردد على المكتبة”.
وكتب يحيى عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” تدوينة قال فيها “الحرية للدكتور أحمد تهامي.. أنا عرفته خلال فترة عمله كباحث بمؤسسة الأهرام منذ سنوات ضمن الزملاء في مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية ..وكان يتردد على كافيتريا الدور الرابع الملحقة بصالة التحرير في المبنى القديم وأيضا على مكتبة الصحف والمجلات بالطابق نفسه ومكتبة الكتب بالطابق الخامس، أنا مصدوم أيضا لاعتقاله لأني عرفته شابا جادا على خلق.. يكاد يكون كلامه همسا.. دارت بيننا حوارات في الشؤون العامة تفيد بأنه شخص مستنير معتدل وإن كان محافظا في سلوكياته حد الخجل المربك”.
واسترسل يحيى “أضم صوتي لأستاذه الدكتور مصطفى كمال السيد مطالبا بحريته وإخراجه من دائرة الإهدار العبثية المجنونة لأفضل شباب مصر المحبين لوطنهم وشعبهم وللعلم.. وأتمنى على نحو خاص أن يتدخل كل من زامله وعرفه من الأعزاء في مركز دراسات الأهرام لإطلاق سراحه والكتابه عن محنته، حقيقي للدكتور أحمد مكانة عزيزة على نفسي أحملها بعدما غادرت الأهرام بعد الستين.. وأشعر وسأظل بأنه جزء أصيل من مكان وزمان الأهرام وعطاء ومجهود العاملين به.. وقطعا لايستحق هذه المحنة”.
وفي نوفمبر عام 2020، طالبت مؤسسة حرية الفكر والتعبير، النيابة العامة بسرعة إخلاء سبيل الدكتور أحمد التهامي عبد الحي، أستاذ مساعد العلوم السياسية بكلية الدراسات الاقتصادية والعلوم السياسية بجامعة الإسكندرية.
واعتبرت المؤسسة أن حبس التهامي “يأتي ضمن تدخلات الأجهزة الأمنية في العمل الأكاديمي، وتعرض عدد من الأساتذة والباحثين إلى الحبس الاحتياطي نتيجة هذه التدخلات”.
وأضافت المؤسسة حينذاك، “يعاني التهامي من ظروف الاحتجاز السيئة منذ القبض عليه، حيث يقيم في غرفة احتجاز بها 30 شخصاً ويتم حرمانه من التريض. وقد منعت عنه زيارة الأسرة حتى شهر أكتوبر 2020. وتجدد نيابة أمن الدولة العليا حبس التهامي، دون حضوره إلى مقر النيابة أو تمكينه من التواصل مع محاميه”.
وشددت مؤسسة حرية الفكر والتعبير على ضرورة تحرك النيابة العامة لإخلاء سبيل أحمد التهامي، وتمكينه من العودة إلى عمله الأكاديمي، حيث لا تستند الاتهامات الموجهة إلى التهامي على أدلة. كما جدد المؤسسة الدعوة إلى إخلاء سبيل الأكاديميين المحبوسين احتياطيًا، سواء على خلفية ممارسة عملهم أو التعبير عن آرائهم الناقدة لبعض السياسات العامة.
وفي يونيو 2021، طالبت 8 منظمات حقوقية مصرية، بالإفراج عن أستاذ العلوم السياسية الدكتور أحمد التهامي عبد الحي، بعد مرور عام على حبسه احتياطيا، ووقف معاناته في الحبس.
وقال البيان المشترك، إن التهامي “عانى من ظروف احتجاز سيئة منذ القبض عليه، حيث احتجز في زنزانة سيئة التهوية مع ثلاثين شخصًا آخرين، ومنع من الزيارة، كما حرم التهامي من المثول أمام المحكمة التي تقوم بتجديد حبسه أو مقابلة محاميه أو تمكين محاميه من الاطلاع على أوراق القضية، لمدة قاربت سبعة أشهر”.
وأضاف البيان، أن المجتمع الأكاديمي في مصر “يعاني من تضييقات أمنية شديدة، إذ تفرض السلطات المصرية قيودًا على سفر الباحثين، وما زال عدد من الأكاديميين والباحثين قيد الحبس الاحتياطي دون أية أدلة على الاتهامات التي توجهها إليهم نيابة أمن الدولة”.
وشددت المنظمات الموقعة على ضرورة تحرك النيابة العامة لإخلاء سبيل أستاذ العلوم السياسية أحمد التهامي، وإسقاط التهم الموجهة إليه، وتمكينه من العودة إلى عمله الأكاديمي، داعية السلطات المصرية إلى إخلاء سبيل الأكاديميين المحبوسين وضمان الحرية الأكاديمية لجميع الأكاديميين سواء كانوا مسجلين في جامعات مصرية أم أجنبية.
ووقع على ذلك البيان، مؤسسة حرية الفكر والتعبير، المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، المفوضية المصرية للحقوق والحريات، مركز النديم، مبادرة الحرية، الديمقراطية اﻵن للعالم العربي، جمعية تقاطع من أجل الحقوق والحريات، كوميتي فور جستس.