الحرية حقهما| وسام صلاح وشادي محمد.. صديقان جمعتهما أزقة الإسكندرية وفرقتهما زنازين الحبس الاحتياطي
كتب- محمود هاشم
“أول مرة تعرفت فيها على وسام كان فى المؤتمر الدائم لعمال الإسكندرية، والحقيقة من كتر ما شعرت بحماسه واهتمامه بقضايا العمال ظنيت أنه أحد العمال المقهورين، لكنى اكتشفت فيما بعد أنه محاسب، وده اللي خلاني أهتم بالتعرف على وسام عضو حزب التحالف الشعبي أكتر”.
لم يكن القيادي العمالي شادي علي الشهير بـ”شادي محمد”، يعلم أنه بينما يبعث هذه الكلمات إلى “درب” ضمن رسائل أصدقاء عضو حزب التحالف الشعبي في الإسكندرية وسام صلاح، المحبوس احتياطيا في سجن القناطر، للمطالبة بإخلاء سبيله، أنه سيمر بالمأساة ذاتها بعد 9 أشهر فقط من حبس صديقه.
مساء الاثنين الماضي، قالت سلوى رشيد، زوجة شادي محمد، إن قوة أمنية استوقفت القيادي العمالي بالإسكندرية، مساء الاثنين 3 أكتوبر، في كمين بمنطقة برج العرب بجوار بنك التنمية الصناعية، بينما كان في طريقه إلى مقر عمله في أحد المصانع بالمنطقة، بدعوى تنفيذ حكم قضائي ضده في دعوى تبديد، قبل نقله إلى قسم الدخيلة، وإخباره بالقبض عليه على ذمة قضية سياسية.
حضر المحامي والأمين العام لحزب التحالف الشعبي بالإسكندرية محمد رمضان، التحقيق مع شادي محمد، الذي انتهى إلى قرار نيابة الدخيلة حبسه 15 يوما على ذمة القضية 10233 لسنة 2022، بتهم من بينها الانضمام لجماعة إرهابية.
“شفت في وسام الإنسانية بمعنى الكلمة، والجدعنة ووقفته مع العمال المقهورين، وحبه لبلده وكرهه للكيان الصهيوني، شفت فيه الأب المحب لأولاده والصاحب الجدع، وسام أب لطفلين سيليا وسليم من أجمل ما يكونا في أخلاقهما وحبهما لبلدهم منذ طفولتهما، وده اللي خلاني في دهشة لما سمعت خبر القبض عليه”، يضيف شادي في رسالته التضامنية مع صديقه المحبوس احتياطيا.
يواصل شادي مستنكرا: “أكيد فى حاجة غلط، وسام من أكتر الناس إنسانية وحب لبلده، إزاى يتم اتهامه بالتهم دى، غير كده وسام بقاله سنين بعيد عن أي حاجة وملوش في أي نشاط، مركز مع بيته وبس وعايز يؤمن مستقبل أطفاله”، ويستكمل: “خرجوا وسام لعياله ولمراته ولأهله وأصدقائه، وسام مكانه مش في السجن”.
الرسالة التي بعثها القيادي العمالي في الإسكندرية إلى “درب” منذ أيام، كانت آخر ما كتبه تضامنا مع صديقه عضو “التحالف الشعبي”، قبل القبض عليه هو الآخر، لتفرقهما قضبان الحبس الاحتياطي لقسم الدخيلة وسجن القناطر، بعدما جمعتهما أزقة الإسكندرية وشوارعها، ورحلة نضال دفاعا عن عمالها ومهمشيها.
سالي غانم، زوجة عضو حزب التحالف الشعبي الاشتراكي في الأسكندرية وسام صلاح، المحبوس في سجن القناطر منذ يناير الماضي، واصلت مناشدتها السلطات المسؤولة سرعة إخلاء سبيله.
وقالت سالي في رسالة عبر “درب”: “شهور في عذاب ووجع وتعب وخوف من الجاي، من يوم ما وسام جوزي اتقبض عليه يوم 22 يناير، وأنا دخلت في نفق مظلم مش شايفة فيه أي بوادر نور، فضلت 50 يوما معرفش عنه حاجة ولا قدرت أوصل لأي معلومة لحد ما في يوم عرفت أنه ظهر في نيابة أمن الدولة بالقاهرة طبعا حسيت بالقهر قوي، معقول هندخل في دوامة التجديدات والحبس اللي ملوش نهاية”.
وأضافت: “أول زيارة كانت مرهقة جدا نفسيا قبل بدنيا، بغض النظر عن تعب السفر، لأننا من الأسكندرية، ولحظنا الوحش وسام كان راح سجن القناطر، أول زيارة لما شفته بعد شهور غصب عني الدموع غلبتني ومقدرتش أتماسك قدامه، مفيش كلام في الزيارة غير أني بتطمن عليه وحصله إيه في فترة اختفائه، وبطمنه على الأولاد، كل ده بنحاول نعلي صوتنا عشان السلك اللي بينا اللي يدوب قدرت أشوف ملامحه طشاش بسببه”.
وتابعت زوجة عضو “التحالف الشعبي”: “كانت زيارة الصدمة بالواقع الجديد، وبعدها زيارة جرت زيارة، ووسام كل مرة يسألني عن سيليا وسليم، اشتاقلهم جدا وهما كمان مشتاقين لأبوهم جدا، مش قادرة أتخيل ليه طفلة عندها ٥ سنين وطفل سنتين يتحرموا من أبوهم، عمل إيه عشان يختفي فترة ويتحبس ونتحرم منه بالشكل ده”.
وأوضحت سالي: “كل مرة أروح له زيارة، أشوف في عينه الوجع على بعده عن سيليا وسليم، لحد ما قرروا يخففوا عننا الوجع وشالوا السلك، طبعا أول ما شاف الأطفال حواليه أتأثر جدا بس تماسك، كل زيارة كان بيبقى قوي نوعا ما لحد آخر زيارة اللي كانت من أسبوع، ابتدأ الإحباط واليأس يوصلوا له، وبان ده جدا في طريقة كلامه، وغير كده جسديا صحته ابتدت تضعف بشكل ملحوظ، وبان جدا على وزنه اللي قل للنص، ويمكن بقى أقل من النص مش بياكل غير على فترات بعيدة، وحقيقي أنا خايفة عليه جدا، بس مع ده كان فرحان جدا لخروج أستاذ محمد رمضان وهيثم محمدين، اللي استقبلوه أول ما وصل القناطر ودعموه وسندوه في أول مرة يتحبس، وإن شاء الله تكون آخر مرة”.
وواصلت: “أنا متعبتش ومش هتعب، بس أنا خايفة وسام يطول في الحبس، مش عايزة أفضل كل جلسة مستنية وأكون متعشمة، وأول ما أسمع أن في قائمة هتطلع قلبي يكون هيقف فعليا وفي الاخر على مفيش، أنا مش عارفة إحنا عايشين كل ده ليه سنين ووسام بعيد عن كل حاجة، من وقت ما اتجوزنا وربنا رزقنا بسيليا وسام، لما كان له نشاط مكانش نشاط أرهابي نشاطه كان عشان خاطر الفقرا وحقوق العمال وبس، كان حلمه زي حلم كتير دنيا مفيهاش غير العدالة لكل الناس “.
واستكملت: “وسام عمره ما أذى حد ولا عمره كان هيأذي، فيا ياريت لو جوزي يطلع في أقرب وقت ويرجع لحياته وبيته وعياله عشان هو عائلنا الوحيد، ومن بعد القبض عليه حياتنا اتقلبت 180 درجة، ده مطلبي الوحيد ما دام هو مش مؤذي ليه بقى الأذى بحبسته”.
كان عدد من أصدقاء عضو حزب التحالف الشعبي الاشتراكي في الأسكندرية وسام صلاح، المحبوس في سجن القناطر منذ يناير الماضي، بعثوا برسائل عبر “درب” لمناشدة السلطات المسؤولة سرعة إخلاء سبيله.
الرسائل جاءت من كل من القيادي العمالي شادي محمد، والمحامية الحقوقية ماهينور المصري، والمحامي والأمين العام لحزب التحالف الشعبي بالأسكندرية محمد رمضان، وأمين العمل الجماهيري في الحزب محمد صالح، والقيادي في الحزب والصحفي والقيادي النقابي والعمالي وائل توفيق، وأمين العمل الجماهيري بالإسكندرية، عماد فتحي، والعضوتين في “التحالف الشعبي” بالإسكندرية نيفين المليجي ورحاب صالح، والعضوة بالحزب نسمة أبو شهبة.
وطالب رئيس “التحالف الشعبي” والقيادي في الحركة المدنية الكاتب الصحفي مدحت الزاهد، خلال المؤتمر العام الثالث للحزب، الخميس الماضي، بسرعة الإفراج عن وسام صلاح، وجميع سجناء الرأي.
ووسام صلاح محمد إبراهيم الصافي عضو في حزب التحالف الشعبي بالأسكندرية، 42 سنة، وهو أب لطفلين، وقررت محكمة الجنايات (غرفة المشورة)، في 28 أغسطس الماضي، تجديد حبسه لمدة 45 يومًا، على ذمة القضية رقم 93 لسنة 2022 حصر نيابة أمن الدولة العليا.
وألقت قوة أمنية القبض على صلاح في 22 يناير الماضي، من منزله بمنطقة سيدي بشر بالإسكندرية، ولم يظهر أمام نيابة أمن الدولة العليا إلا في 14 مارس، وبعد التحقيق معه، قررت النيابة اتهامه بالانضمام إلى جماعة إرهابية، نشر وإذاعة بيانات كاذبة، واستخدام حساب على مواقع التواصل الاجتماعي بهدف نشر الأخبار والبيانات الكاذبة.
في السياق ذاته، طالبت سلوى رشيد، زوجة شادي محمد، بسرعة إخلاء سبيل وسام صلاح وزوجها شادي محمد، قائلة لـ”درب” إن زوجها – العضو المؤسس في المؤتر الدائم لعمال الإسكندرية – ليست له أي علاقة بجماعات دينية، وأن تهمته الحقيقية نشاطه في المجالين العمالي والنقابي، مضيفة أنه ما يزال محبوسا احتياطيا في قسم الدخيلة.
وشادي محمد من القيادات النقابية في شركة لينين جروب للمفروشات والمنسوجات بالمنطقة الحرة بمدينة العامرية بالإسكندرية، قبل فصله تعسفيا منها في 2019 لمشاركته في احتجاجات العمال ضد سياسات إدارة الشركة، ليرفع بعدها دعوى تعويض عن الفصل ما تزال منظورة أمام القضاء حتى الآن.
مع بداية موجة ارتفاع الأسعار نتيجة قرار تعويم الجنيه المصري في 2017، قررت الجمعية العمومية لعمال الشركة خلال اجتماعها في نادي الترام بمحرم بك، للمطالبة بزيادة الرواتب للتكيف مع موجة الغلاء، بعدها قررت الإدارة زيادة الرواتب بنسبة 30% واستثناء شادي من القرار بسبب دوره في حشد العمال للمطالبة بتحسين أوضاعهم.
وفي 2019، تجددت احتجاجات العمال نتيجة سوء الأوضاع المعيشية، فقررت الشركة وقف 20 عاملا، ما دعا زملائهم للاحتجاج على القرار، بارتداء عصابات سوداء على رؤوسهم في أثناء العمل، تضامنا مع زملائهم، وعلى أثره ضمت الشركة 10 آخرين منهم لقرار الإيقاف بينهم شادي محمد. واشترطت الإدارة حينها توقيع العمال الموقوفين على استلام إنذارات بالفصل، وهو ما اعترض عليه شادي، لتقرر منع دخوله ثم فصله نهائيا بدعوى التغيب عن العمل.
ما تزال زوجتا وسام وشادي تأملان إخلاء سبيلهما في القريب العاجل، ليجتمع شمل الأسرتين مجددا خارج زنازين الحبس الاحتياطي القاتمة، فمثلهما مكانه براح الحرية وليس أسوار السجن، وما ذلك ببعيد.