“التحالف” و”الاشتراكي المصري” في بيان مشترك: انضمام دولة جنوب السودان إلى “اتفاقية عنتيبي” لطمة جديدة صادمة.. ومخاطر جمة تواجه مصر

كتب – أحمد سلامة

أصدر حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، والحزب الاشتراكي المصري بيانا مشتركا أعربا خلاله عن إدانتهما لتوقيع دولة جنوب السودان على اتفاقية عنتيبي التي تؤثر على حصة مياه دولتي المصب السودان ومصر من نهر النيل.

وقال البيان “في لطمة جديدة صادمة، فوجئ الرأي العام المصري بإعلان دولة جنوب السودان عن بناء سد كبير على مجرى النيل الأبيض، فضلا عن تصديقها على (الاتفاقية الإطارية لدول حوض النيل)، المعروفة باسم (اتفاقية عنتيبي)، وهي الاتفاقية التي سعت حكومة إثيوبيا وحلفاؤها إلى إقرارها، من أجل حرمان شعبي مصر والسودان من الحصص التاريخية المقررة في اتفاقيات المياه مع دول حوض النيل (55.5 مليار متر مكعب لمصر، و 18.5 مليار متر مُكعب للسودان)”.

وأضاف البيان “وبموجب تصديق جنوب السودان يكتمل النصاب المطلوب لتمرير الاتفاقية (6 دول من 11 دولة)، وهو ما يسمح بتفعيل (مفوضية حوض النيل)، خلال 60 يومًا، ويفتح الباب أمام مساعي تجاوز (الاتفاقات التاريخية) القديمة المستقرة منذ ما يقرب من قرن وربع القرن، والتحكم في المياه الواصلة إلى دول المنبع، لا باعتبارها حق لا مراء فيه منذ خلق الله الأرض ومن عليها، وإنما باعتبارها (سلعة) يجري بيعها، والتحكم بها لتحقيق الأهداف السياسية والمصلحة الذاتية لدول المنبع، وباعتبار أن (موارد المياه)، كما سبق وصرح نائب وزير خارجية جنوب السودان، دينج داو دينج: (من حقنا السيادي، ولا ينبغي أن تكون مياه النيل لعنة، بل سلعة سلمية، وهبها الله للمنطقة)، ومما يجدر الإشارة إليه، أن توقيع عدد من دول المنبع على اتفاقية، لا يمكنه بشكلٍ أحادي الجانب أن يلغي أو ينقص من الحقوق التاريخية لدولتي المصب السودان ومصر، أو يلحق بهما ضررًا جسيما بأي حال من الأحوال”.

وتابع “ومن المعروف أن فكرة هذه الاتفاقية، التي تعود إلى عام 1999، قد أطلقتها بعض دول حوض النيل، برعاية من البنك الدولي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وتتضمن مبادئ وهياكل ومؤسسات، تهدف إلى إعادة التنظيم والإدارة للموارد المائية لنهر النيل والموارد المجاورة، وقد رفضت مصر والسودان بعض بنودها التي تُشكل تهديدًا لأمنهما المائي، وخصوصا نصوصها التي تتيح انفراد دول المنبع بالقرار المائي، ويمنحها حق بناء السدود على النهر دون العودة غلى دولتي المصب، وكذا سلطة تعديل أنصبة دولتي المنبع من المياه، التي أقرتها اتفاقيات أعوام 1902، 1929، 1959، وهو ما يُكرس هيمة دول (الاتفاقية) على شؤون حوض النيل، وييسر تعاونها مع العدو الصهيوني بمطامعه المائية اللازمة لحاجات مشاريعه الاستعمارية الاستيطانية”.

واسترسل البيان “ومن الواضح أن تطبيق بنود هذه الاتفاقية يحمل مخاطر جمّة لمصر وشعبها، وخصوصا مع تضاعف عدد السكان مرات عديدة، منذ أوائل القرن الماضي وحتى الآن، وهي تعيش فترة الفقر المائي المتصاعد، وتضطر لاستيراد جانب كبير من مستلزماتها الغذائية الضرورية من الخارج لضعف مواردها المائية، وتلجأ إلى استكمال حاجاتها من مياه الري والشرب بالتحلية باهظة الكلفة، وإعادة تدوير مياه الصرف وغيرها من وسائل، غير أن الحرمان من المياه، كما يرصد الخبراء: (لا يؤثر فقط على الصحة، بل يمتد تأثيره ليشمل كل مناحي الحياة والتنمية الاقتصادية)، الأمر الذي يشير إلى أن ملف نهر النيل بكامله، بحاجة إلى إعادة تقييم وتقويم، وعلى وجه الخصوص ملف (سد النهضة) الذي يتجه إلى إنجاز مرحلة الملء الخامسة دون أن يلتفت الإثيوبيون إلى اعتراضات الطرف المصري والسوداني، أو إلى عواقب استهانتهم وإهانتهم الواضحة لمصر دولة وشعبًا، أو إلى النتائج الكارثية لحجب المياه عن ملايين المصريين والسودانيين”.

واسترسل البيان “وبينما كان من المفترض البحث عن حلول تُحقق مصالح شعوب مصر والسودان وإثيوبيا، وتوفر لها فرص التنمية والحياة، فإذا بالموقف يزداد تعقيدا بانضمام جنوب السودان للحلف المائي المعادي، فيما الطرف الإثيوبي يزداد تعنتًا، ويرفض كل عروض حل المشكلة بروح الإخاء والتعاون، ويصر على دفع الأمور إلى منطقة حرجة بتجاهل كل المخاوف المصرية والسودانية المشروعة، وهو وضع لا يحتمل التردد إزاء نتائجة الكارثية المتوقعة، ويعزز مطالبنا بإلغاء اتفاقية 2015 التي تنازلت فيها مصر عن حقوقها القانونية أمام القانون الدولي وبلا أي مقابل، ويهدد بـ(كارثة إنسانية وبيئية غير مسبوقة في المنطقة، وبتعريض حياة ملايين المصريين والسودانيين للخطر، والصمت على هذه الانتهاكات مسئولية كبرى، يشجع على المزيد من التجاوزات ويهدد استقرار المنطقة بأكملها)”.

واختتم البيان “إن قضية مياه النيل هي قضية وجود، وحياة أو موت بالنسبة لشعبنا ووطننا، ولم يعد يُجدي حجب تطوراتها عن الرأي العام المصري، أو تجنب مصارحته بحقائق الوضع المائي حتى يكون على بينة بتهديدات وتحديات المستقبل، فهو الذي يدفع الثمن في كل الحالات، وإذا كانت الظروف قد ساعدت البلاد على تجاوز أزمة ملء سد النهضة حتى الآن، اعتمادا على مخزون مياه بحيرة السد العالي، أو لغيرها من الأسباب، فالأمر الآن يستوجب موقفا حاسما وحازما وحكيما، وخصوصا في مواجهة القرارات المتوقعة من (مفوضية حوض النيل)، حال تفعيلها بعد شهرين”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *