الأمم المتحدة تعترف بارتكاب الاحتلال الإسرائيلي جريمة الفصل العنصري ضد الفلسطينيين.. و”العفو الدولية”: أصحاب الأرض “بلا مأؤى”
اعترف المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالحق في السكن اللائق بالاكريشنان راجاغوبال، بارتكاب الاحتلال الإسرائيلي جريمة الفصل العنصري (الأبارتهايد) ضد الفلسطينيين.
وعرض المقرر الخاص في الجمعية العامة للأمم المتحدة، أمس الثلاثاء 1 نوفمبر، تقريره عن الحق في السكن في جميع أنحاء العالم، ذاكرًا أن نظام القمع والتمييز العنصريين الذي أدى إلى تدمير منازل الفلسطينيين “لا يمكن إلا أن يكون نظام فصل عنصري”.
من جهتها، رحبت منظمة العفو الدولية بتقرير المقرر الخاص الذي يأتي وسط تصاعد الهجمات على الفلسطينيين وممتلكاتهم في أنحاء الضفة الغربية المحتلة.
وأوضحت أنه في الأسابيع الأخيرة، تعرضت العائلات الفلسطينية المشاركة في موسم قطف الزيتون السنوي لاعتداءات عنيفة من المستوطنين الإسرائيليين، الذين يحظون بدعم مباشر من الجيش الإسرائيلي. وفي غضون ذلك، يفرض الجيش إغلاقًا على مدينة نابلس، والقرى المحيطة بها، منذ 12 أكتوبر؛ مما يعطّل الحياة اليومية لمئات الآلاف من السكان. ويرقى الإغلاق – الذي يبدو أنه رد على عدة هجمات بإطلاق النار تستهدف الجنود الإسرائيليين – إلى عقاب جماعي غير قانوني.
وقالت هبة مرايف، مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية:” إن هيمنة السلطات الإسرائيلية على السكان الفلسطينيين وسيطرتها عليهم، بما في ذلك من خلال السياسات المرتبطة بالأراضي والتخطيط والإسكان التي تنطوي على التمييز المجحف، موثقة توثيقا جيدًا، وتطال الفلسطينيين حيثما تسيطر إسرائيل على حقوقهم”.
وأضافت: “هناك اعتراف متنام بين خبراء حقوق الإنسان بأن إسرائيل ترتكب جريمة الفصل العنصري، وأن تقديم هذا التقرير اليوم قد جاء في الوقت المناسب تمامًا. وإلى جانب التهديد المستمر بعمليات الإخلاء القسري والهدم والنقل القسري، شهدنا مؤخرًا تصعيدًا مثيرًا للقلق في الهجمات على الفلسطينيين في ديارهم وبلداتهم في جميع أنحاء الضفة الغربية المحتلة. وتُعد التوغلات العسكرية، وعمليات الإغلاق، وهجمات المستوطنين المدعومة من الدولة، وعمليات هدم المنازل وتدمير الممتلكات كلها مظاهر لنظام الفصل العنصري في إسرائيل”.
وأشار المقرر الخاص في تقريره إلى عدة أمثلة لقوانين وسياسات الحكومة الإسرائيلية التي تُستخدم لمصادرة الأراضي والممتلكات الفلسطينية، مثل قانون أملاك الغائبين، وإجراءات تسجيل الأراضي.
كما يستخدم الاحتلال الإسرائيلي تصنيف “منطقة إطلاق النار” أو “المنطقة العسكرية المغلقة” لمصادرة الأراضي الفلسطينية، إذ صُنّفت حوالي 20% من أراضي الضفة الغربية المحتلة على أنها “مناطق إطلاق نار”، الأمر الذي يعني أن الوجود الفلسطيني محظور فيها من دون إذن من الجيش الإسرائيلي.
ويؤثر ذلك على أكثر من 5 آلاف فلسطيني من 38 من التجمّعات المحلية، الذين يواجهون أوامر الإخلاء، أو التهديد بالتهجير أو يجبرون على مغادرة منازلهم أثناء قيام الجيش بتدريبات، وفي تجمّع قرى مسافر يطا في الضفة الغربية المحتلة، يواجه أكثر من 1000 شخص الإخلاء القسري بسبب هذه السياسة.
وفي 13 أكتوبر، زار باحثون تابعون لمنظمة العفو الدولية التجمعات المحلية الفلسطينية، التي تعمل في الرعي، في غور الأردن الشمالي، بما في ذلك خربة حمصة التي تقع في “منطقة إطلاق نار”. وصف نظام أبو كباش، راع من التجمّع، لمنظمة العفو الدولية كيف دمر الجيش الإسرائيلي منزله وحظائر حيواناته مرارًا وتكرارًا العام الماضي.
وأصبحت 3 عائلات بلا مأوى، واضطروا إلى الانتقال إلى منطقة أخرى كانت أيضًا محظورة رسميًا، ومنذ ذلك الحين، ينفّذ الجيش الإسرائيلي دوريات منتظمة ويصادر المساعدات الإنسانية التي تم التبرع بها لجعل منازل العائلات أكثر استقرارًا.
وقال نظام أبو كباش: “أشاهد سيارات الجيب العسكرية وهي تمر مرتين في اليوم، وأخشى أن تأتي لهدم منزلي مرة أخرى، حتى الدبلوماسيون الأوروبيون لم يتمكنوا من حمايتنا – فقد صادر الجيش المساعدات تحت سمعهم وبصرهم”.
وفي خربة مكحول المجاورة، تحدثت منظمة العفو الدولية إلى شقيقين أعربا عن خوفهما كلما اقترب المستوطنون مستخدمين الجرارات والمركبات ذات الدفع الرباعي.
وقال يوسف بشارات: “الأطفال مرعوبون لأن هؤلاء الرجال يسلطون أضواء قوية على منازلنا ليلاً، ويفلتون كلابهم علينا وعلى الأغنام، ويقودون سياراتهم في جميع أنحاء باحة منزلنا”. “بعض النعاج طرحت حملها هذا الموسم، بسبب التوتر”.
كما يتعرض الحق في السكن للاعتداء داخل إسرائيل. ففي 24 أكتوبر، هدمت القوات الإسرائيلية قرية العراقيب البدوية الفلسطينية في النقب للمرة 208.
وفي غزة، لم يعد بناء آلاف المنازل التي دمرتها الغارات الجوية الإسرائيلية في الهجمات السابقة بسبب الحصار الإسرائيلي، والقيود المفروضة على دخول مواد البناء.
وواجه المزارعون الفلسطينيون في الضفة الغربية المحتلة مؤخرًا موجة من التوغلات العسكرية الإسرائيلية، والقيود المفروضة على الوصول إلى الأراضي والمياه، وتدمير محاصيلهم على أيدي المستوطنين الإسرائيليين بما يتماشى مع الأنماط الموثقة في السنوات السابقة خلال موسم قطف الزيتون السنوي.
ووفقًا لمنظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية ييش دين، هاجمت مجموعة من المستوطنين الأسبوع الماضي مزارعي الزيتون في قرى من بينها قريتا بورين وكيسان شمال الضفة الغربية.
وفي 19 أكتوبر، هاجمت مجموعة من المستوطنين نشطاء دوليين وإسرائيليين قدموا لدعم المزارعين الفلسطينيين. ووفقًا للأمم المتحدة، أصيب 194 فلسطينيًا نتيجة لهجمات المستوطنين حتى الآن في عام 2022، وقُتل ثلاثة فلسطينيين. وتقاعست السلطات الإسرائيلية عن تقديم المسؤولين إلى العدالة – على سبيل المثال، في أغسطس، أغلقت الشرطة الإسرائيلية تحقيقها في مقتل علي حسن حرب، الذي قُتل طعناً في بستان الزيتون الخاص به في 21 يونيو 2022.
وأصبحت العديد من التجمّعات الزراعية الفلسطينية تترقّب وقوع مثل هذا العنف في كل موسم قطف زيتون. وتقع عمليات الإخلاء العسكرية وعنف المستوطنين في ظل ظاهرة ثقافة الإفلات من العقاب، وتعمل معها جنبًا إلى جنب بغية تهجير الفلسطينيين لمصلحة المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية.
وواصلت هبة مرايف: إن “السلطات الإسرائيلية تنتهك حق الفلسطينيين في السكن بكل طريقة يمكن تخيلها – تجريف المنازل، مما يجعل من المستحيل على الفلسطينيين البناء على أراضيهم، وحماية المستوطنين الذين يحرقون بساتين الزيتون الخاصة بأسر فلسطينية والموروثة عن أجدادهم”.
واستكملت: “من المفترض أن يكون موسم قطف الزيتون وقتًا تحتفل فيه العائلات الفلسطينية، وتجني ثمار عملها بعد رعاية محاصيلهم بعناية لمدة عام. لكن هذا العام، مرة أخرى، تعطل ذلك بشكل عنيف بسبب عمليات الإغلاق العسكري الإسرائيلية وعنف المستوطنين المدعوم من الدولة. “