“الأخ الأزرق يراقبك”.. حسام السكري في حوار لـ”درب” عن أزمته مع فيسبوك ولماذا تم حظره: هكذا سيطر المتطرفون على “الكوكب الأزرق”؟
إدارة الموقع منعتني من النشر والبث 3 مرات خلال شهر لانتقادي ذاكر نايك وخطابات الكراهية والتحريض على القتل
تم تنبيهي لانتقادي شيخا أزهريا يصف بن لادن بـ”الشهيد”.. والموقع اعتبر شكواي “مخالفة إضافية”..وأنتظر الحظر الشامل لحسابي
القسم العربي يفرض عقوبات على الأصوات المعتدلة الداعية لحرية الرأي ونبذ التعصب بحجة الخوارزميات
شبكة عالمية تستهدف مهاجمي جماعات التطرف بحملات إبلاغ.. وصرت مهددا بتقييد حريتي وممارسة إرهاب إليكتروني ضدي
حوار – محمود هاشم:
تزايدت موجة الانتقادات لإدارة موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” في الفترة الأخيرة، بسبب اتهامات بتقييد الحريات وفرض هيمنة وممارسة “الإرهاب الإليكتروني” على المنصة، بعد إجراءات اتخذتها المؤسسة ضد عدد من المستخدمين بعد حملات من مجموعات داعمة للتطرف، فضلا شكاوى أخرى من وجود خلل في عمليات الرقابة على الحسابات عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي، ما يؤدي في بعض الأحيان إلى إجراءات مشددة ضد منتقدي خطابات الكراهية أنفسهم.
الكاتب الصحفي حسام السكري رئيس منصة “ياهو” بالشرق الأوسط، ورئيس القسم العربي في تلفزيون “بي بي سي” سابقا، كان آخر وأبرز ضحايا هذه السياسات، التي تسببت في إجراءات عقابية ضده من إدارة “فيسبوك”، تم على إثرها تقييد نشاطه منعه أحيانا على المنصة الإليكترونية، بسبب انتقاده منشورات تتجاوز نشر للكراهية إلى التحريض على القتل، بحسب ما يحكي لـ”درب”.
منذ يوم، تداول نشطاء منشورا عن حظر حسام السكري للمرة الثالثة على “فيسبوك”، بدعوى نشره ما اعتبره الموقع الأزرق خطاب كراهية، لمشاركته منشور لشتائم متطرفين، معارضا إياها، كما منعه “فيسبوك” من الاعتراض على الحظر من خلال الآلية الداخلية المتاحة للمستخدمين.
حول تفاصيل ما جرى، يقول الكاتب الصحفي لـ “درب”: “فريق الدعم العربي في مؤسسة فيسبوك حظر نشاط حسابي 3 مرات على مدار 4 أسابيع فقط. الأولى بعد حديثي عن وجود شبكات متطرفين تحاول إقامة مراكز لرعاية التطرف في مناطق مثل نيوزيلندا والنرويج، مستغلة ازدياد حالة التعاطف بهما نتيجة حوادث إرهابية استهدفت مسلمين هناك. تمول هذه الشبكات حملة إعلانية ضخمة تجمع بواسطتها تبرعات المسلمين السذج”.
وأضاف أن هذه الحملة ركزت نشاطها الترويجي على “فيسبوك”، وعلى رأس الشخصيات المشاركة فيها ذاكر نايك، الممنوع من الدعوة والخطابة في عدد من الدول مثل بريطانيا وماليزيا وبنجلاديش وكندا. والذي تم تغريمه 300 ألف جنيه استرليني في بريطانيا بسبب مخالفات قام بها من خلال محطة التليفزيون التابعة له في بريطانيا رأت فيها الأجهزة المسؤولة عن حماية الجمهور ترويجا لخطاب كراهية”.
وأوضح أنه بعد حديثه عن هذه الوقائع استهدف حسابه على فيسبوك بحملة”ريبورتات” من آلاف الأشخاص. وقد تصاعدت الحملة بعد إعلانه عن نيته عمل حلقة خاصة عن يهود مصر، في برنامج صالون السكري الذي يقدمه كل جمعة وثلاثاء، ليتم حرمانه من البث لمدة شهر، بعد ما لا يزيد عن نصف ساعة من إعلانه عن الحلقة.
الحجة التي استخدمت للحظر هو بوست نشر له منذ ثلاثة أعوام ينتقد فيه أحد المشايخ الذين يتبوأون منصبا هاما في وزارة الأوقاف، تحدث في قناة أزهري ناعيا أسامة بن لادن وواصفا إياه بالشهيد المجاهد.
وقال إنه في المرة الثانية التي تم حظره فيها، أعاد نشر صورة وضعها أحد المتطرفين مأخوذة من مسلسل لعبة العروش، يظهر فيها أحد أبطال المسلسل حاملا سيفا في مواجهة عدد من الأعداء.
كتب المتطرف على ظهره كلمة “الإسلام”، أما من يفترض أنهم أعداء وقفوا في مواجهته، فهم بحسب صاحب الصورة، المسيحيون واليهود والشيعة والمثليون والملحدون، وهو ما يتجاوز نشر الكراهية إلى التحريض على القتل، بحسب السكري، الذي أعاد نشر الصورة كاتبا فوقها “الشتاء قادم”، وهي العبارة الشهيرة في المسلسل، في إشارة تحذيرية للخطر المرتقب من هذا التطرف.
في أقل من ساعة تم حظره من ممارسة أي نشاط على فيسبوك لمدة يوم، على الرغم من استمرار وجود الصورة الأصلية على الموقع. بل وإمعانا في الاضطهاد، قام فيسبوك بتسجيل نحو” 10 مخالفات.
أما المرة الثالثة فيحكي الرئيس السابق لبي بي سي العربية بمختلف أقسامها، أنها جاءت بعد نشر صديق له موجة هجوم طالته من متطرفين دينيا، وصلت إلى حد السباب والشتائم البذيئة مع تساؤل عن مدى تدين هؤلاء الشتامين.
أعاد السكري نشر البوست مستنكرا هذا التصرف، ليتم بعد ربع ساعة فقط منعه من البث والكتابة والنشر، على الرغم من استمرار وجود البوست الأصلي حتى هذه اللحظة.
ويشير الكاتب الصحفي إلى أن معايير “فيسبوك” التي وضعت خصيصا لتطبق على المروجين لخطاب الكراهية – كما تعلن المؤسسة – أصبحت تستخدم كما هو الحال في حالته لاستهداف رافضي خطاب الكراهية والداعين للاعتدال والمناوئين لناشري الفتنة والتطرف. بل وصل الأمر إلى رد مسؤولي المؤسسة على من اعترضوا على هذه المنشورات بعينها بنصحهم بتجاهلها أو “غض البصر” عنها، دون اتخاذ أي إجراء عقابي بشأنها. العقاب انصب فقط على من اعترضوا عليها!!
وتابع: “القواعد العقابية في فيسبوك تمر بأكثر من مرحلة قبل اتخاذ القرار النهائي، الأولى تشمل المسح الإلكتروني للعثور على المنشورات المخالفة واستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في هذا الصدد من أجل إقرار العقوبة وتنفيذها.
لو اعترض الشخص على العقوبة يستلزم الأمر تدخلا بشريا من أجل فحص السياق الذي جاءت فيها الكلمات الحساسة مثل “‘إرهاب، جهاد، بن لادن” إلى آخره”.
وأضاف “ما يبدو واضحا لي هو أن هناك شبكة عالمية ضخمة تستهدف مهاجمي جماعات التطرف بحملات إبلاغ ضخمة بهدف إغلاق حساباتهم. يفترض أن يعمل الفريق العربي المتعاون مع المؤسسة وفق آليات ومعايير محددة تلزمهم بفحص السياق الذي وردت فيه هذه الشكاوى.
لكنهم في الواقع وبشكل عملي يدعمون شبكات التطرف والإرهاب ويخدمون آجندتها. هذا لا يمكن أن يحدث إلا بسبب تراخ أو تواطؤ داخلي.
ما فهمته من مصادري هو أن الشركة التي تتولى مسؤولية الدعم العربي لفيسبوك في منطقة الشرق الأوسط، وضعت حسابي على قائمة المنظمات والأشخاص الخطرة، بسبب انتقادي خطابات الكراهية استجابة لريبورتات وشكاوى مروجي خطاب الكراهية!، كل ما أكتبه يستخدم ضدي في أي وقت، وتحت أي مسمى، وبشكل مخالف تماما لسياق الكتابة”
وقال السكري: “الرسالة التي وصلتني بشكل غير مباشر أنه يستحسن ألا أتحدث عما فعله فيسبوك أو أشير له، وأنا الآن مهدد بتقييد حريتي وممارسة إرهاب إليكتروني ضدي، دون قدرتي على اتخاذ أي إجراء في هذا الشأن، أو حتى الشكوى منه”.
في 15 يوليو الحالي، وقبل الحظر الأخير، نشر الكاتب الصحفي عبر حسابه على “فيسبوك”، رسالة ساخرة بعث بها إلى المدير التنفيذي للموقع مارك زوكربرج، ومسؤول النزاهة فيها جاي روزنبرج، وعضوة مجلس حكماء “فيسبوك” توكل كرمان، مبديا اعتراضه على العقوبات التي تستهدف حسابه إليكترونيا.
وأردف: “نددت بتصرفات أفراد فريقكم المتطرف الموقر واتبعت الإجراء المعتمد، وهو رفع القرار لمستويات أعلى، وكانت النتيجة هي نفس ما حدث في المرة السابقة، عندما حظرتموني من البث شهرا كاملا، في خلال دقائق قرر شخص ما دعم عقوبة منعي هذه المرة من الكتابة والتعليق والتفاعل مدة 24 ساعة، ولمزيد من التكدير أخطرت بأن كل مرة شكوت فيها من قراراتكم وكل مرفق أو صورة نشرتها تحولت إلى مخالفة إضافية”.
واستطرد: “لقد اجتهدت في تنبيه اللي مشغلينكم واللي مشغلين اللي مشغلينكم إلى هذا التسلل القذر للمتطرفين تحت مظلتكم الزرقاء ليمارسوا دورهم في دعم شبكة أوسع يعتمد فريقكم الداخلي على ريبورتاتها الموجهة في إخراس الأصوات المعتدلة الداعية إلى حرية الرأي، والعقيدة، ونبذ التعصب بحجة الخوارزميات”.
واستكمل: “الواضح أن هناك توكيل موقع على بياض لجماعات التطرف لإدارة الفيسبوك بالنيابة عنهم في منطقة الشرق الأوسط، باعتبارها منطقة متطرفين ومتعصبين وموتورين، وجحا أعلم بربعه، وخليهم يولعوا في بعض، في انتظار حظركم الشامل لحسابي بعد وصولي لعدد الإنذارات الأقصى والمحدد سلفا في كتاب عقوباتك الأزرق المخصص بالطبع للحفاظ على “قواعد مجتمعات فيسبوك” وحمايتها من، ولا تضحك، خطاب الكراهية”.