اقتصاديات الصحفيين تبدأ من حرية الصحافة.. أبرز المناقشات خلال جلسة “حرية الصحافة والصحفيين”
“تتقاطع حرية الصحافة مع كل قضاياها؛ سواء اقتصاد الصحافة أم مستقبلها، فهي المقوم الأساسي لهذه المهنة، وبدونها تتحول إلى دعاية ترويجية، حيث تبدو حرية الصحافة والصحفيين القاعدة الوحيدة لتحسين جودة المحتوى وتحسين القدرة التنافسية، لذا فهي ليست رفاهية ولا تطوير لمحتوى أو إصلاح إداري او زيادة للعوائد بدون حرية”.. بهذه الكلمات افتتح الكاتب الصحفي محمد بصل ندوة “حرية الصحافة والصحفيين.. أوضاع صعبة وتدخلات تشريعية واجبة”، قائلا إنه عبر ثمانين عاما لم تحدث تعديلات تشريعية إلا عقب المؤتمرين الثالث والرابع لنقابة الصحفيين، والآن لدينا فرصة لتحديد ما ننشده من هذا المؤتمر العام.
وخلال الجلسة، قال خالد البلشي نقيب الصحفيين إنه لا يمكن تقديم هدف على آخر فيما يتعلق بقضايا الصحافة في ظل شدة سوء الأوضاع الاقتصادية للصحفيين، والتي هي نتاج أوضاع الحريات بشكل عام.
وأضاف النقيب “السوق الصحفي أغلق على الموجود في ظل وجود صوت واحد يجعلنا ندفع ثمن ذلك اقتصاديا، فالحريات هي أصل العمل الصحفي وإطلاقها هو الحل الأكيد لتحسين أوضاعها الاقتصادية؛ والأمر ببساطة هو أن التعبير عن صوت الناس يؤدي إلى أن يشتري الناس هذه المطبوعات”.
ورأى أن قانون تنظيم الصحافة والإعلام أغلق باب ممارسة المهنة، حيث يبدأ بالقيود على حرية الإصدار؛ بما معناه إغلاق سوق العمل في وجه الصحفيين، فيجب أن نتمكن أولا من وضع قواعد لحرية الإصدار والتداول.
وتابع النقيب أنه أول من يدافع عن الحقوق الاقتصادية، ولكن مدخلها الأساسي هو الحقوق الصحفية، فلابد أن تصدر توصية بالإفراج عن جميع الصحفيين المحبوسين وخصوصا أن بعضهم محبوس احتياطيا بالمخالفة لقوانين الحبس الاحتياطي الموجودة.
وذكر أن مشروع قانون العمل مهم جدا ولذلك اشتبكنا معه، ووضعنا قواعد عامة وقدمت لنا مجموعة مهمة من الخطوات، واشتبكنا مع قانون الإجراءات الجنائية لتعلقه ببيئة العمل الصحفي.
وتناول النقيب مشكلة حجب المواقع الصحفية؛ مشيرا إلى أن ثمنه اقتصادي ايضا، ففي موجة الحجب الأولى أصبح مئات الصحفيين عاطلين، لافتا إلى أنه لا يجوز أن يصدر الحجب من مأمور الضبط، بل يصدر بأمر قاض وأن يكون هناك حق للتظلم، وبشكل شخصي دفعت ثمن هذا الحجب.
كما أن لدينا ممارسات نتكلم عنها تتعلق بمعوقات إصدار الصحف، وأحب أن ننتقل لتوصيات من خلال بيئة دستورية مناسبة نقدم من خلالها مشروعات كصحفيين ونقدم حلولا ومقترحات ونستعين بقوتنا.
من جانبه، قال نجاد البرعي عضو مجلس أمناء الحوار الوطني إنه ليست هناك إيجابيات في صورة الصحافة حاليا، وإن التحديات التي تواجهها الصحافة تشريعية و أمنية وكل الصحفيين المحبوسين موجه لهم تهمتين مساعدة جماعة إرهابية على تحقيق أهدافها وتكدير السلم العام، كذلك هناك تحديات مهنية؛ واليوم نواجه كيانا شبيه بماسبيرو يستطيع أن يتحكم في السوق بشكل أو بآخر، كما أن رواتب الصحفيين في ازمة نتيجة عدم وجود صحف جديدة.. مشددًا على أن كل تشريع أصدره هذا البرلمان يشوبه عدم الدستورية.
وقال البرعي “أطالب نقابة الصحفيين بتشكيل لجنة تجلس مع السلطة التنفيذية، مثل المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام والوصول لاتفاق حول أداء الصحفيين والخطوط الحمراء التي عليهم الالتزام بها”.
ومن جهته؛ قال أيمن عبدالمجيد عضو مجلس نقابة الصحفيين إن الحرية هي الرئة التي تتنفس منها الصحافة، لكنها تواجه العديد من التحديات التشريعية ومشكلة في الأجور.
وأكد ضرورة إصلاح البنية التشريعية لمعالجة الثغرات؛ فعلى سبيل المثال المادة ١٢ بقانون ١٨٠ لسنة ٢٠١٨ لتنظيم الصحافة والإعلام، التي تطالب بالحصول على تصريح للتصوير، والتي خرجت في ظل وجود قنوات معادية حصلت على تصريح بالعمل، والآن انتفى سبب وجود هذه المادة ويجب تعديلها.
وأوضح أنه بشأن ملاحقة المتغيرات فإن القانون ١٨٠ لسنة ٢٠١٨ تطرق إلى الصحافة الرقمية والوسائط الجديدة، بخلاف قانون النقابة ٧٦ لسنة ١٩٧٠ الذي لا يسمح ايضا لرواد المهنة بالتصويت في الانتخابات، ولا يتطلب الأمر سوى تعديل بسيط جدا فيه ليتسنى لهم هذا الحق.
وذكر أن هناك بعض المكتسبات التشريعية في قانون تنظيم الصحافة والإعلام غير مفعلة، ومنها ألا يقل عدد النقابيين عن ٧٠٪ من طاقة العمل في الصحف، وهي المادة التي تحمي حق المتدرب وتوفر فرص عمل للنقابي.
من جهته؛ قال محمد سعد عبدالحفيظ عضو مجلس نقابة الصحفيين إن حرية الصحافة هي القاعدة الأساسية وبدونها يصبح المحتوى الصحفي معلقا في الهواء.
وأوضح عبدالحفيظ أنه عندما يكون هناك هامش حرية يسمح بإنتاج محتوى صحفي جاذب سينتعش السوق ويصبح هناك مردودا ودخلا، لكن كل المنصات الصحفية في مصر لا تشتبك بشكل جاد مع قضاياها الداخلية.
واشار عبد الحفيظ إلى أنه بعد عامي ٢٠١٦ و٢٠١٧، حدثت تطورات أدت إلى أن الهامش الذي كان متاحا ضاق بشدة وصدرت أسوأ تشريعات تقيد العمل الصحفي؛ هي القانون ١٨٠ لسنة ٢٠١٨، حيث صارت فكرة التغطية الصحفية في الشارع جريمة بموجب هذا القانون.
وتابع “نحتاج إعادة النظر في بعض المواد في الدستور، حيث رفع السقف لكن عند التطبيق اختلف الأمر.. وما يحدث في الإقليم في هذه اللحظة هو بمثابة دروس للقائمين على الأمر في مصر، حيث لابد من فتح الباب للناس للتعبير عن رأيهم هو ما يحمي المجتمعات ويحافظ على الأوطان ولا يهدمها فلا يحدث هذا إلا بوجود صحافة حرة وتداول لكل الآراء والأفكار”.
بدورها؛ أكدت النائبة أميرة العادلي أن كل التحديات التي لها بالجانب التشريعي والاقتصادي والأجر العادل للصحفيين مترابطة.. مضيفة “نحتاج كثيرا من التعديلات في عدة قوانين في ظل عدم تقاضي الصحفيين الحد الأدنى للأجور، وسط هذه الظروف الاقتصادية الصعبة وقيام الصحفي بأكثر من عمل، وهو لا يستطيع ان يقرأ أو يطور قدراته. ويمكننا ان نفعل أشياء كثيرة ولدينا استعداد لتبني أي تعديلات تشريعية تخص الصحفيين بالاتفاق مع مجلس النقابة.”