استقالة السراج| رئيس “الوفاق الليبية” يعلن تسليم مهامه للجنة الحوار نهاية أكتوبر.. وخلافات متوقعة مع “الميليشيات”.. واتفاق تركي روسي لعملية سياسية جديدة
أعلن رئيس وزراء حكومة الوفاق الوطني الليبية، أمس، عن استعداده لتسليم السلطة قبل نهاية أكتوبر المقبل. ودعا لجنة الحوار المنوط بها تشكيل السلطة التنفيذية الجديدة إلى “اختيار مجلس رئاسي جديد وتكليف رئيس حكومة يتسلم السلطة بشكل سلمي”، ويأتي إعلان السراج بعد مشاورات أجريت الأسبوع الماضي في سويسرا وقبلها محادثات في المغرب بين أطراف النزاع اللليبي
وصرح السراج في كلمة نقلها التلفزيون الرسمي: “أعلن للجميع رغبتي الصادقة تسليم مهامي فى موعد أقصاه آخر شهر أكتوبر على أمل أن تكون لجنة الحوار استكملت عملها واختارت مجلسا رئاسيا جديدا ورئيس حكومة”.
وأضاف “نرحب بما صدر من توصيات مبدئية مبشّرة أفضت إلى الاتجاه إلى مرحلة تمهيدية جديدة لتوحيد المؤسسات والتمهيد للانتخابات، بالرغم من قناعتي بأن الانتخابات المباشرة هي أقصر الطرق إلى حل شامل. لكن سأدعم أي تفاهمات غير ذلك”.
ولفت السراج إلى أن “المناخ السياسي والاجتماعي كان يعيش حالة استقطاب واصطفاف حادّين جعلت كل المحاولات السلمية التي نحقن بها دماءنا شاقّة وغاية في الصعوبة، ولا تزال بعض الأطراف المتعنّتة تعمّق هذا الاصطفاف وتراهن على خيار الحرب في تحقيق أهدافها غير المشروعة”.
وأشار رئيس حكومة الوفاق إلى أنه منذ توقيع الاتفاق السياسي في 2015، سعى إلى تحقيق أكبر قدر من التوافق بين كافة الأطراف، لكن الصعوبات حالت دون ذلك.
ويرأس السراج حكومة الوفاق الوطني منذ تشكيلها في طرابلس عام 2015 إثر اتفاق سياسي توسطت فيه الأمم المتحدة بهدف توحيد ليبيا وإشاعة الاستقرار بها بعد الفوضى التي اجتاحتها عقب الإطاحة بمعمر القذافي عام 2011.
واستضافت مونترو بسويسرا الأسبوع الماضي اجتماعا تشاوريا بين الأطراف الليبية توافق خلاله المشاركون على إجراء انتخابات خلال 18 شهرا والبدء بإعادة تشكيل المجلس الرئاسي وتشكيل حكومة وحدة وطنيةK كما استضافت بوزنيقة بالمملكة المغربية في وقت سابق محادثات برلمانية ليبية-ليبية، بهدف توحيد المؤسسات السيادية في البلاد.
واتفق الطرفان على مواصلة الحوار و”استئناف هذه اللقاءات في الأسبوع الأخير” من شهر سبتمبر الجاري “من أجل استكمال الإجراءات اللازمة التي تضمن تنفيذ وتفعيل هذا الاتفاق”.
ويأتي إعلان السراج استعداده تسليم السلطة مع تجدد الدفع باتجاه حل سياسي بعد أن أنهت حكومة الوفاق في يونيو هجوما شنته قوات شرق ليبيا (الجيش الوطني الليبي) على طرابلس طيلة 14 شهرا وأرغمتها على التراجع عن العاصمة.
وفي 22 أغسطس أعلن طرفا النزاع في بيانين منفصلين وقف إطلاق النار بشكل فوري وكامل وتنظيم انتخابات العام المقبل في أنحاء البلاد، ورحبت الأمم المتحدة يومها بـ”التوافق الهام” بين الطرفين.
وجاء إعلان السراج بعد أسابيع من تظاهرات ضخمة شهدتها طرابلس وعدد من مدن الغرب الليبي، احتجاجا على أداء حكومته، وطالبت الاحتجاجات برحيل السراج، بعدما ارتفع مستوى الغليان بين سكان ليبيا، لاسيما الشبان، بسبب تدهور الظروف المعيشية وانتشار الفساد.
وقد يؤدي رحيل السراج إلى خلافات داخلية جديدة بين كبار المسؤولين في حكومة الوفاق، وبين الميليشيات المسلحة من طرابلس ومدينة مصراتة الساحلية، التي ينتمي إليها وزير الداخلية فتحي باشاغا، وطفت على السطح خلافات علنية بين السراج ووزير الداخلية فتحي باشاغا على خلفية التعامل مع المظاهرات.
وبعد أن قرر السراج وقف باشاغا عن ممارسة مهامه، أذعن رئيس حكومة طرابلس لتهديدات الميليشيات الموالية لباشاغا وأعاده على رأس وزارة الداخلية مرة أخرى.
وقال جلال حرشاوي الباحث في معهد كلينغندايل إن “قضية الميليشيات ستكون الآن أكثر وضوحا”، وفق ما نقلت “رويترز”، بينما اعتبر الكاتب والباحث السياسي عبد الحكيم معتوق أن إعلان السراج صدر عن “نية سيئة وليست صادقة كما زعم”.
وقال معتوق، في تصريحات خاصة لسكاي نيوز عربية، إن الجميع كانوا يتوقعون استقالة السراج “لكنه فاجآنا بأنه ينتوي تسليم السلطة إلى الجسم الذي سيتكون عن لجنة الحوار”.
وأضاف أن السراج يدرك أن ذلك الحوار قد يطول، وقد أراد نزع فتيل الانفجار الذي كان يحدث في العاصمة ومدن ليبية عدة برغبة الكثير من الشباب في الخروج والتظاهر بمناسبة يوم الشهيد.
واعتبر معتوق أن رئيس حكومة الوفاق “لعب” على المادة الرابعة من اتفاق الصخيرات، مشيرا إلى أن تركيا قد تكون من أوعزت للسراج للخروج بهذا الإعلان في هذا التوقيت.
ولفت الباحث السياسي إلى تصريح لتحالف تنظيم الإخوان-الجماعة الليبية المقاتلة أشار إلى أن خروج السراج أو بقائه لا يؤثر، اعتمادا على “مرجعية الصخيرات” المفترضة، وأضاف معتوق أن الإخوان يدركون أنهم لن ينجحوا في الانتخابات حتى لو “أجبروا الناس على التصويت لهم على أسنة الرماح”.
من جهته، قال عضو المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، محمد عماري زايد «إن الشرعية التي تستند إليها حكومة الوفاق الآن ليست مرتبطة بشخص مهما كان مركزه ومهما كان منصبه، وإنما هي باتفاق سياسي كان هو أفضل الموجود».
وأضاف العماري في كلمة نشرتها إدارة التواصل والإعلام برئاسة مجلس الوزراء مساء الأربعاء، «إن هذه الشرعية تعززت بدماء الشهداء في البنيان المرصوص وفي بركان الغضب وثوار ليبيا الذين حموا الدولة والتفوا حول المجلس الرئاسي وسنسير بهذه الشرعية بإذن الله مهما كانت التبدلات».
ومضى العماري في كلمته قائلا: «لن نقبل أبدا بالقفز على تضحيات شهدائنا الذين لم يخرجوا دفاعا عن أشخاص وإنما خرجوا من أجل وطن حر كريم، ومن أجل المحافظة على أهداف الثورة وبالتالي فحقهم علينا أن يكونوا شركاء في القرار السياسي، ولن نسمح أبدا بتجاوزهم أو تهميشهم»، داعيا إلى إيجاد «قيادة للدولة تحقق مطالب الشعب وتنهي الانقسام».
ورأى العماري: «أن الطريق الوحيد للخروج من هذه الأزمة الحالية والانقسام هو تماسك شعبنا بحقه في منح الشرعية عن طريق الانتخابات وفق الإعلان الدستوري، وأحد قوانين الانتخابات الموجودة الآن وتعهد الجميع باحترام نتائج الانتخابات والالتزام بها».
وفي سياق آخر، أعلن وزير الخارجية التركي، مولود تشاوش أوغلو، في وقت متأخر الأربعاء، اقتراب أنقرة وموسكو من اتفاق بشأن وقف إطلاق النار في ليبيا.
وقال تشاوش أوغلو في مقابلة مع محطة «سي.إن.إن ترك» التركية نقلتها وكالة «رويترز» أن :«مسؤولين من تركيا وروسيا اقتربوا من اتفاق بشأن وقف إطلاق النار وعملية سياسية في ليبيا خلال اجتماعات جرت بينهم أخيرًا في أنقرة».
يأتي ذلك في وقت أعلنت وزارة الخارجية الروسية، الأربعاء، إن «هناك اتفاقًا بين القاهرة وموسكو على زيادة التنسيق من أجل تسهيل إقامة حوار بنَّاء بين الليبيين بمشاركة جميع القوى والجمعيات السياسية الرئيسية؛، بهدف ضمان وحدة وسلامة أراضي ليبيا وسيادتها، وفقًا لقرارات مؤتمر برلين، وأحكام قرار مجلس الأمن رقم 2510».