اذكروهم وقت منع الزيارات| أحمد دومة.. “صائد الفراشات” صاحب أطول فترة حبس انفرادي و6 سنوات من التقاضي (تايم لاين)
كتب- حسين حسنين
مساء الخميس 16 ابريل الجاري، ظهر الناشط السياسي المحبوس، أحمد دومة، في فيديو نشرته وزارة الداخلية لإجراء تحليل الكشف عن فيروس كورونا المستجد داخل السجون. ظهر دومة مبتسما كعادته في الوقت الذي يمر فيه أكثر من 6 سنوات على حبسه.
ربما هذا هو الظهور الأول لدومة منذ شهور طويلة، ولكنه جاء ليذكرنا بأن ناشطا سياسيا مدافعا عن العدالة والديمقراطية ومتصدرا لمشهد الثورة، يقع في الحبس الانفرادي منذ سنين، لنطالب مع ذويه بالحرية له.
لم يكن يعرف دومة أن مشاركته في التظاهرات التي اندلعت ديسمبر 2011 وأطلق عليها بعد ذلك اسم “أحداث مجلس الوزراء”، ستجلب له السجن كل هذه المدة، لتتوالى جلسات المحاكمات الجلسة وراء الأخرى بينما يظل دومة في محبسه الانفرادي منذ سنوات.
في 3 ديسمبر 2013، كتب دومة على حسابه “الآن أنا في قسم شرطة البساتين، لا أعرف بسبب القبض عليا”، كانت هذه التدوينة المقتضبة، بداية لرحلة دومة مع الحبس في قضيتين، الأولى كانت قضية التظاهرات المعروفة إعلاميا باسم “مظاهرات مجلس الشورى”.
وفي 22 من الشهر نفسه، ديسمبر 2013، صدر الحكم على أحمد دومة وأخرين، بينهم أحمد ماهر مؤسس حركة شباب 6 ابريل ومحمد عادل، بالسجن 3 سنوات والمراقبة الشرطية 3 سنوات في قضية الشورى، بعد اتهامهم بالاعتداء على الأمن.
لكنها ليست القضية الوحيدة التي صدر فيها حكما ضد دومة بالحبس، حيث أنه خلال فترة حبسه في القضية الأولى (قضية الشورى) وجهت اتهامات له على ذمة القضية الأخرى التي عرفت إعلاميا بقضية “أحداث مجلس الوزراء”، والتي تعود أحداثها إلى ديسمبر 2011.
وفي 4 فبراير 2015، صدر أول حكم ضد دومة في القضية، بالسجن المؤيد 25 عاما له ولحوالي 229 متهما في القضية (غيابي)، والسجن 10 سنوات لـ39 متهما أخرين مع غرامة بلغت 17 مليون دولار عن الأضرار التي لحقت بالمجمع العلمي وقت التظاهرات.
وفي أكثر من عامين من الحكم، وتحديدا في 14 أكتوبر 2017، قضت محكمة النقض بقبول الطعن المقدم من دومة والمتهمين في القضية، على الأحكام الصادرة في حقهم، وبدأت منذ ذلك الوقت إعادة إجراءات محاكمة دومة.
ليبدأ دومة رحلة جديدة مع المحاكمات في هذه القضية، من خلال المثول أمام دائرة جديدة وإعادة تقديم الدفوع والمرافعات وطلبات النيابة والمحكمة، حتى صدور القرار الثاني في بداية 2019.
وفي 9 يناير 2019، صدر القرار بإلغاء الحكم السابق بحبس أحمد دومة 25 عاما، وإصدار حكما جديدا بحبسه 15 عاما مع إلزامه بدفع 6 ملايين جنيها قيمة التلفيات التي جرت بسبب مظاهرات أحداث مجلس الوزراء.
وبعد الحكم بشهرين، وتحديدا في 7 مارس 2019، أودعت هيئة الدفاع عن دومة مذكرة بالطعن أمام محكمة النقض، حيث استندت هيئة الدفاع، إلى عدة أسباب في طعنها منها، القصور في بيان الواقعة المنسوبة للعقوبة، والإخلال بحق الدفاع، والفساد في الاستدلال.
وفي 9 فبراير 2020، حدّدت محكمة النقض، برئاسة المستشار عبد الله عصر، جلسة 21 مارس لنظر أولى جلسات الطعن المقدم من الناشط السياسي أحمد دومة وآخرين، لكنها الجلسة التي لم يتم نظرها وتقرر تأجيلها إداريا بسبب تعليق العمل بالمحاكم وإجراءات فيروس كورونا.
في نفس السياق، كان لدومة ومحاميه معركة أخرى أمام محكمة القضاء الإداري، حيث قال المركز المصري للحقوق الاجتماعية والاقتصادية، إن دومة محبوس بشكل انفرادي منذ ابريل 2014، ولم يتم الاستجابة لأي من الشكاوى التي تقدمت به أسرته.
وأشار المركز المصري إلى الدعوى التي رفعها أمام محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، وحملت أرقام 32866 لسنة 71ق ضد النائب العام وآخرين، لإلغاء قرار حبسه انفراديا، وحتى الآن ما زالت الدعوى متداولة ومحجوزة لإعداد تقرير من قبل هيئة المفوضين.
رحلة طويلة لدومة في الحبس، ولكنها ليست الأولى له على الرغم من أنها الأطول، حيث أن لدومة باع طويل في الاعتقالات والاحتجاز بسبب نشاطه السياسي الذي بدأ مع مظاهرات حركة كفاية عام 2005، حيث كان وقتها عمره 19 عاما.
وكانت أولى اعتقالات دومة، كانت في بداية 2009، عندما ألقي القبض عليه على الحدود مع قطاع غزة أثناء محاولته العبور وتقديم الدعم للشعب الفلسطيني في حربه وقتها ضد الاحتلال، وحوكم دومة أمام محكمة عسكرية، أصدرت قرارا بحبسه عام.
بينما في عهد الرئيس الإخواني محمد مرسي، صدر في حكمه حكما بالحبس 6 أشهر في اتهامه بسب وإهانة رئيس الجمهورية بعد وصفه لمرسي بـ”الرئيس القاتل” تعليقا على أحداث قصر الاتحادية، ولكن في الدرجة الثانية من التقاضي أصدرت المحكمة حكمها بإخلاء سبيله.
وكانت أخر رسائل دومة من محبسه، تلك التي أرسلها بعد انفصاله عن زوجته الصحفية نورهان حفظي، والتي أعلنت بنفسها خبر انفصالهما عبر حسابها على “فيسبوك” لكنها أكدت في الوقت نفسه استمرارها في المطالبة بحقه وحريته.
كتبت نورهان وقت الانفصال في نوفمبر 2018 “أنا آسفة لو باعلن خبر ممكن يسبب للبعض خذلان أو حزن أو إحباط، وعارفة إن قصتنا في أذهان كثير كانت تشكل أمل وملامح أيام نحاول أن نتشبث بها، أنا وأحمد انفصلنا من شهور، مررنا خلالها بلحظات قاسية، ومؤلمة ومربكة لا تتوقف، يمكن أن يكون هذا الإعلان وإتمام الإجراءات الرسمية العالقة بين النيابة ومصلحة السجون خطوة لإنهائها”.
ليرد دومة في رسالته: “للغياب أثره ولنا طاقاتنا، ونتيجة الرهان لم تكن في صالحنا بكل أسف. قسوة التجربة بدلت شخوصنا التي التقت متحابين، طول الانتظار وزحام التفاصيل أخمد الانفعالات، ووأد حتى اللهفة التي كانت تبقينا على قيد الأمل، انقطاع التواصل، تضخم الهواجس، يؤسفنا أن القصة التي اعتبرتموها يوماً ملهمة تؤول بفضل فعل ما إلى الانفصال”.
كانت هذه هي الرسالة لكن دومة كان له رسالة اخرى أعلنها من خلال تعبيرات وجهه، حينما نشرت وزارة الداخلية صورا له هو والصحفي خالد داود اثناء إجراء تحليل كورونا لهما في السجن ضمن مجموعة من السجناء قالت الوزارة انها ضمن إجراءات اتخذتها لمواجهة كورونا، فيما راى متابعون أن مكان خالد ودومة وكثيرين يجب أن يكون خارج السجن، ونشرت الحركة المدنية بيانا مساء نفس اليوم تطالب بالإفراج عن السجناء فورا لمواجهة كورونا.