إيطاليا.. صحفي مهدد بالسجن في دعوى جورجيا ميلوني ضده لانتقاده لها بسبب غرق طفل مهاجر (الحرية للصحافة)
أ ف ب
يمثل الصحفي الإيطالي روبرتو سافيانو المعروف بمكافحته المافيا، أمام القضاء الثلاثاء في دعوى تشهير رفعتها في 2020 جورجيا ميلوني رئيسة الوزراء الحالية، بسبب تصريح ينتقد موقفها بشأن المهاجرين.
ولم يكن حزب “فراتيلي ديتاليا” (“إخوة ايطاليا”) اليميني المتطرف في ذلك الحين إلّا حزب معارضة صغير، لكنه تولى السلطة الشهر الماضي بعد فوز انتخابي ساحق مدفوع جزئيًا بخطّة وقف تدفق المهاجرين عبر البحر الأبيض المتوسط.
واشتهر سافيانو (43 عامًا) بـ”جوموروا”، وهو كتابه الأكثر مبيعًا حول المافيا، ويواجه ما يصل إلى السجن 3 سنوات إذا تمّت إدانته.
وقال لوكالة فرانس برس إن هذه الدعوى هي “مواجهة غير متكافئة وعبثية تمامًا”. وحذّرت مجموعات الدفاع عن حقوق الصحافة من أن المحاكمة تبعث بـ”رسالة مخيفة” للصحافيين.
وتؤكّد هذه المجموعات أن هذا النوع من المحاكمات جزء من نهج تتّبعه شخصيات معروفة في ايطاليا – أبرزها من السياسيين – لتخويف الصحافيين بمحاكمات متكررة.
وتحتلّ ايطاليا المركز الثامن والخمسين في التصنيف العالمي للدول لجهة صونها لحرية الصحافة والذي نشرته منظمة “مراسلون بلا حدود” في العام 2022، أي أسفل التصنيف في دول أوروبا الغربية.
مضايقة
تعود القضية الى ديسمبر 2020، حين كان سافيانو مدعوًا للتعليق على قضية غرق طفل يبلغ 6 أشهر ومتحدّر من غينيا، في إطار برنامج “بيازابوليتا” Piazzapulita التلفزيوني، وجّه حينها اتهامه إلى ميلوني والزعيم الشعبوي للرابطة المناهضة للهجرة ماتيو سالفيني المشارك في حكومتها، وقال سافيانو حينها عبر البرنامج “أريد فقط أن أقول لميلوني ولسالفيني، أنتم أوغاد! كيف تمكّنتم من السماح بحصول ذلك؟”.
وكانت ميلوني قد قالت في العام 2019 إن سفن المنظمات الإنسانية غير الحكومية التي تنقذ المهاجرين “يجب أن تغرق”، فيما منع سالفيني، الذي كان وزيرًا للداخلية ذلك العام، وصول مثل هذه السفن إلى ايطاليا.
وجهت منظمة الكتّاب “بين انترناشونال” PEN International، التي تدافع عن حرية التعبير، رسالة مفتوحة إلى ميلوني هذا الأسبوع، داعية إياها إلى إسقاط الشكوى.
وجاء في الرسالة “إن استمرار الإجراءات ضده سيبعث برسالة مخيفة لجميع الصحافيين والكتاب في البلاد والذين قد لا يجرؤون بعد الآن على التحدث علنًا خوفًا من الإجراءات الانتقامية”.
وستتمثّل ميلوني بالمحامية أندريا ديلماسترو، علما انها سمّتها نائبة لوزير العدل.
ولفت سافيانو إلى أنه تعرّض لشكاوى تشهير “عشرات المرات”، لكن شكوى ميلوني هي الوحيدة التي وصلت حتى الآن إلى المحكمة.
وأعلن سافيانو، الخاضع لحماية أمنية منذ صدور كتاب “غومورا” بسبب تعرضه لتهديدات من المافيا، أن التكتيك الذي يعتمده هي “مضايقة واحدة من أجل مضايقة مئة”.
“تواطؤ مع أعداء حرية الصحافة”
بعد أسابيع من تشكيلها، أظهرت حكومة ميلوني تشددا مع المهاجرين، إذ منعت وصول سفن إغاثة إلى الموانىء الايطالية نهاية الأسبوع الماضي، مثيرة بذلك أزمة دبلوماسية مع فرنسا التي قررت استقبال إحدى هذه السفن.
وقال سافيانو “هذه الحكومة اليمينية المتطرفة تحتاج لأعداء يستوفون أحد هذين المعيارين: ألّا يكون لديهم صوت (مثل المهاجرين) أو أن يكونوا معروفين جدًا لكي تبدو العقوبة نموذجية”.
وأضاف “قد يكون الأمر أصعب بعد الإبلاغ عما يحدث والتعبير عن الرأي إذا أصبحنا ندافع عن حريتنا في التعبير في المحاكم ونرى كلامنا يحكم عليه حين ننتقد السلطة وسياساتها اللاإنسانية”.
يمكن معاقبة التشهير عبر وسائل الإعلام في إيطاليا بالسجن من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات.
لكن المحكمة الدستورية الإيطالية حثت النواب عامَي 2020 و2021 على إعادة صوغ القانون، باعتبار أن أحكام السجن في مثل هذه القضايا غير دستورية ويجب عدم اللجوء إليها إلّا في حالات “الخطورة الاستثنائية”.
وقال الأمين العام للاتحاد الأوروبي للصحافيين ريكاردو غوتييريز لوكالة فرانس برس إنه لا يمكن تفسير “سلبية وتقاعس الحكومة والبرلمان الإيطاليين” إلا بوصفه “تواطؤا مع أعداء حرية الصحافة”.