إنه لأمر عجيب كيف يعيش الناس| تقرير لـ”واشنطن بوست”: ارتفاع أسعار الغذاء في مصر طال الوجبات الشعبية مثل “الكشري”.. أسوأ فترات التضخم
كتب – أحمد سلامة
قالت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية إنه في ظل ارتفاع أسعار المواد الغذائية بسرعة تزامنًا مع الأزمة الاقتصادية المتزايدة في مصر فإن الوجبات منخفضة التكلفة أصبحت أكثر كُلفة من ذي قبل، حتى وصلت الأزمة إلى الأطعمة الشعبية مثل “الكشري”.
وأضافت الصحيفة في تقرير أصدرته أن “وباء كورونا والحرب الروسية الأوكرانية تسببا في سلسلة من التداعيات غير المتوقعة في جميع أنحاء المنطقة، وضربت مصر بشكل خاص، إذ قام المستثمرون الأجانب بسحب مليارات الدولارات من البلاد في غضون أسابيع من الغزو ، مما تسبب في اضطراب الاقتصاد”.
وأشارت الصحيفة إلى أن مصر تستورد قمحًا أكثر من أي دولة أخرى -معظمه من روسيا وأوكرانيا- وهي السلعة الاستراتيجية التي بدأت تكلفتها مع النفط في الارتفاع، بينما انخفضت أعداد السياحة مرة أخرى بسبب الاعتماد منذ فترة طويلة على الزوار الروس والأوكرانيين.
وذكرت الصحيفة أن “مصر تواجه الآن واحدة من أسوأ فترات التضخم، بينما يدفع المصريون العاديون ثمنها”.. مضيفة “أسعار المواد الغذائية والمشروبات ارتفعت بنسبة 30.9 في المائة منذ هذا الوقت من العام الماضي.. في وقت سابق من هذا العام، كان سعر الصرف الرسمي 15.6 مقابل الدولار. الآن يقع عند 24.7، أما في السوق السوداء يمكن بيع دولار واحد مقابل 33 جنيهاً.. فيما تحد البنوك من سحب الدولارات لمحاولة الاحتفاظ بالنقود في البلاد”.
ونقلت الصحيفة عن الخبير الاقتصادي، وائل جمال، قوله إن إلقاء اللوم على الحرب في أوكرانيا وحدها سيكون “بالكاد صحيحًا”، مضيفا أن سنوات من الاقتراض والاستثمار في المشروعات العملاقة جعلت مصر بشكل خاص عرضة للخطر.
وتابع جمال أن المشاكل الاقتصادية في مصر “تتعمق في كل مرة تذهب فيها القاهرة إلى صندوق النقد الدولي للحصول على المزيد من القروض لتغطية القروض القديمة بقروض جديدة”.
وتلفت الصحيفة النظر إلى أنه خلال ديسمبر الجاري، وبعد شهور من المفاوضات، أعلنت مصر أنها ستتلقى قرضًا بقيمة 3 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي – بما في ذلك 347 مليون دولار سيتم صرفها على الفور، وأن هذه هي المرة الرابعة التي يساعد فيها صندوق النقد الدولي مصر في السنوات الست الماضية.
تتحدث الصحيفة عن “الكشري” كوجبة مصرية للطبقات المتوسطة والدنيا فتقول “هي مزيج من المعكرونة والأرز والعدس والحمص والبصل المقلي وصلصة الطماطم الحارة ، الكشري هو أحد أرخص الأطعمة وأكثرها شعبية في مصر، لذا فهو مليء بالكربوهيدرات والبروتينات التي يمكن أن تجعل حتى العملاء الأكثر جوعًا ممتلئين طوال اليوم. الجميع هنا يأكلونه – من أغنى الأغنياء إلى أفقر الفقراء”.
رصدت “واشنطن بوست” ارتفاع أسعار بعض أطباق الكشري لدى بعض المحال، لكنها رصدت أيضًا تخفيض حجم الطبق المقدم مع الحفاظ على نفس السعر.. وتنقل عن أحد أصحاب محال الكشري قوله “نفس العملاء الذين كانوا بيشترون طبق كشري كبير أصبحوا يشترون طبقًا صغيرًا، بدلاً من تناول ثلاث وجبات، قد يأكل الناس وجبة أو وجبتين فقط”.
تلتقي الصحيفة في حي الزمالك مع أحد الشباب الذين يقدمون أطباق “الكشري” للموظفين من الطبقة العاملة الذي قال “لقد ازداد الوضع سوءًا، لكن على الناس تدبير أمورهم وتناول الخضار والأرز فقط. ما الذي يستطيعون فعله؟ عليهم أن يأكلوا”.
يتحدث الشاب صاحب المطعم الصغير ويقول إن “تكاليف التوريد ارتفعت بشكل كبير لدرجة أن مطعمه توقف قبل أسابيع قليلة عن تقديم أرخص جزء من الكشري مما أدى إلى تغطية الخيار الموجود في قائمتهم بقطعة من الشريط اللاصق”.. مضيفا أنه “حتى وقت قريب كان بإمكانه شراء طن أرز بحوالي 8000 جنيه مصري غير أنها الآن تبلغ 18 ألف جنيه، قفزت تكلفة إمداد المكرونة لديه بمقدار 6000 جنيه، حتى الحاويات والأكياس البلاستيكية المستخدمة في تغليف الوجبات أصبحت أغلى من ذي قبل.
صاحب محل “فول وطعمية” قال لـ”واشنطن بوست” إن “ساندويتش الفول كان يباع بثلاثة جنيهات ونصف فيما تصل تكلفته الآن إلى أربعة جنيهات ونصف، ارتفاع أسعار الطحين والنفط، عندما زاد ذلك، زاد كل شيء آخر”.
ويستكمل “الآن ، يشتري بعض العملاء الأفقر قطعًا من الفلافل بدلاً من شطيرة، ويضعونها في الخبز الذي يحصلون عليه فقط لتوفير بضعة جنيهات، العديد من المتاجر الأخرى تغلق أبوابها، لكنني سأفعل كل ما في وسعي لتجنب تسريح العمال.. إنه لأمر عجيب كيف يعيش الناس”.