إلهامي الميرغني يكتب: تعديل قانون التأمينات الاجتماعية لمصلحة من؟!
تعتزم الحكومة عمل تعديل على قانون التأمينات الاجتماعية رقم 148 لسنة 2019. نشرت جريدة اليوم السابع في عدد أمس 23/11/2025 التعديلات المقترحة على القانون. هذا القانون يخص 26 مليون أسرة منهم 13.6 مليون اسرة للمؤمن عليهم حالياً من العاملين و12.4 مليون اسرة صاحب معاش ومستفيدين.
لم يتصدى تعديل القانون للتفاوت الكبير بين المؤمن عليهم وطريقة حساب معاشهم ولم يسعي لحل مشكلة المعاش المبكر او مشكلة التأمين على العمالة غير المنتظمة. ولكن كما كان القانون هدفه الرئيسي تقنين الاستيلاء على أموال أصحاب المعاشات جاء التعديل بنفس الهدف.
تعددت التقديرات حول حجم أموال المعاشات التي استولت عليها الخزانة العامة.
- الدكتورة غادة والي في اليوم السابع 15 يناير 2018 قدرت قيمة أموال التأمينات بحوالي 755 مليار جنيه، ثم عادت في 27 نوفمبر 2018 في مصراوي تقول ان المديونية 612 مليار فقط وكأنها تتناقص على غير الحقيقة.
- قدرها الاستاذ أحمد النجار في 2014 بحوالي 923.4 مليار جنيه وذلك بمراجعة المستندات خلال فترة عضويته في مجلس إدارة الهيئة القومية للتأمينات الاجتماعية في وزارة الدكتور أحمد حسن البرعي.
- قدرها الأستاذ عبد الفتاح الجبالي الخبير الاقتصادي بنحو 890 مليار جنيه.
- كما قدرها الأستاذ عمر حسن الرئيس السابق لصندوق التامين الحكومي بمبلغ 850 مليار جنيه.
لذلك صدر القانون 148 لسنة 2019 يقنن الاستيلاء على أموال التأمينات الاجتماعية. ولو حسبنا قيمة المبلغ بسعر فائدة 10% فقط ( سعر الفائدة وصل في البنوك الي 25% و28%) وفق تقديرات الأستاذ أحمد النجار نجده يصل في عام 2021 إلى 1799.4 مليار جنيه، ووفق تقديرات الأستاذ عمر حسن أحد أهم خبراء التأمينات والمدافع عن وجهة نظر الحكومة نجدها تصل الي 1656.4 مليار جنيه أي تريليون جنيه و656.4 مليار جنيه كانت تكفي لمضاعفة المعاشات وصرف العديد من المزايا لأصحاب المعاشات والمستفيدين.
وإذا كان القانون نص على تطبيق ما يتعلق بأموال المعاشات من اليوم الثاني لصدوره بينما تطبيق باقي المواد يبدأ من 1 يناير 2020. فها نحن بعد ست سنوات من التطبيق واكتشاف العديد من المشاكل والعيوب التي تحتاج لتعديل تشريعي تخرج علينا الحكومة بمشروع جديد يركز على نقطتين رئيسيتين هما:
الأولي: تعهدت الحكومة بسداد أموال المعاشات في أقساط سنوية على 50 سنة ولا نعرف من يقترض قرض ويسدده على 50 سنة. ولكن الحكومة لم تكتفي بذلك ولكنها تطرح تعديل طريقة حساب القسط السنوي الذي تسدده بل وإمعانا في التلاعب نص التعديل علي:
” تلتزم الخزانة العامة اعتباراً من 1/7/2025 بسداد قسط سنوي بواقع 238,55 مليار جنيه، يزاد بنسبة (6,4%) مركبة سنوياً، اعتباراً من 1/7/2026 واعتباراً من 1/7/2027 تضاف نسبة 0,2% سنوياً إلى نسبة زيادة القسط حتى تصبح هذه النسبة (7%) مركبة بدءاً من 1/7/2029، كما يضاف إلى قيمة القسط السنوي مبلغ مليار جنيه سنوياً بدءً من 1/7/2026 لمدة خمس سنوات، ويؤدى هذا القسط لمدة خمسين سنة تبدأ اعتباراً من 1/7/2025″.
بذلك تكون الحكومة قد مددت فترة السداد من 50 سنة الي 56 سنة لأنها تبدأ من 2025. ولا أعرف بنك او هيئة او صندوق يمكن ان يقرض قرض يسدد على 56 سنة غير أموال العجزة والأرامل التي استولي عليها يوسف بطرس غالي ومحمد معيط واستكملت الخطة الحكومة الحالية.
الثانية: في ظل انفلات الأسواق وغياب الرقابة وتعويم الجنيه ينطلق التضخم ليعبث بدخول الكادحين وأصحاب الدخول الثابتة. وبدلاً من إقرار زيادة المعاشات سنوياً بما يعادل نسبة التضخم وهو المطلب الذي يطالب به اتحاد أصحاب المعاشات ونقابات أصحاب المعاشات منذ سنوات نجد المشروع الجديد يضيف نص “يزاد المتوسط بنسبة تساوى متوسط نسب التضخم خلال المدة من بداية الاشتراك حتى تحقق واقعة استحقاق الحقوق التأمينية عن كل سنة كاملة من سنوات مدة الاشتراك الفعلية عن هذا الأجر أو الدخل بشرط ألا تزيد نسبة التضخم السنوي على (15%)، وألا يزيد المتوسط بعد إضافة هذه الزيادة على أجر أو دخل الاشتراك الأخير”.
بذلك وبدلا من زيادة الحد الأدنى للمعاشات ليساوي الحد الأدنى للأجور، وبدلاً من ربط زيادة المعاشات بمعدل التضخم خاصة ان الزيادات تمول من فوائد أموال المعاشات التي تم الاستيلاء عليها وليس من الموازنة. نجد الحكومة تضع حد أقصي لنسبة التضخم وهو ما يعني في الحقيقة تخفيض المعاشات لأننا في 2023 تجاوزت معدلات التضخم 40% في بعض الشهور وإذا ثبتنا العلاوة 15% فقط فذلك يعني تخفيض المعاشات 25% وتخفيض القدرة الشرائية لأصحاب المعاشات.
بل أن الحكومة وإمعاناً في التلاعب بأصحاب المعاشات تضع جزء من قيمة قسط القرض السنوي ضمن مخصصات الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية وقد وصل الي 153.4 مليار جنيه في موازنة 2025/2026 وهي تمثل 20.7% من مخصصات الدعم بينما مكانها في سداد أقساط الديون في الموازنة لأن المبلغ ليس دعم بل قسط دين حكومي.
لذلك نرفض تعديل قانون التأمينات الاجتماعية رقم 148 لسنة 2019 ونرفض زيادة مدة سداد القرض الي 56 سنة ونرفض وضع حد أقصي للتضخم في ظل انفلات الأسعار وتآكل القدرة الشرائية للأجور والمعاشات. بل ونطالب برفع الحد الأدنى للمعاشات ليساوي الحد الأدنى للأجور، وأن العلاوة السنوية يجب ان تعادل معدل التضخم بدون حد أقصي. كما نريد تعديلات تحقق المساواة في طرق حساب المعاش بين الفئات المختلفة وحل مشاكل المعاش المبكر وعمل تيسيرات للتأمين على العمالة بالقطاع غير الرسمي الذي يستوعب 70% من المشتغلين في مصر.
نرفض الظلم والإجحاف بحقوق أصحاب المعاشات ونريد العدل وحقوقنا المشروعة فأموال المعاشات التي استولت عليها الحكومة هي أموال خاصة ملك أصحاب المعاشات والحكومة لا تدفع لنا من جيبها ولكن جزء من أموالنا التي استولت عليها.

