أمير متى يكتب: لمصر وأمنها القومي
قبل حرب اكتوبر بأيام قليلة، طلب المشير احمد اسماعيل من السادات خطاب يوضح الحرب واهدافها، وبالفعل كتب هيكل خطاب التوجه الاستراتيجي موضحا ان الهدف من اكتوبر هو كسر حاجة الجمود علي الجبهه الشرقية. فهذا هو الهدف من الحرب و ليس ارجاع سيناء كاملة بالقوة. و بالفعل استطاع السادات ان يستخدم اكتوبر بأساليب مختلفه بعد ان حققت اهدافها و فتحت الطريق للسياسة لرجوع سيناء. فيعلق كيسنجر (وزير الخارجية الامريكي أثناء حرب أكتوبر) عن الحرب يقول “أن عليها (يقصد جولدامائير رئيس الوزراء الاسرائيلية) ان تستوعب انها انتصرت في معركة و لكن السادات قد كسب الحرب”.
الان تجتاح مصر ازمتين متلازمتين للامن القومي، الاولي هي ليبيا و استمرار تقدم حكومة الوفاق المدعومة من تركيا ناحية الشرق، و دعمها للميليشيات المسلحة، و الثاني هو سد النهضة الاثيوبي و بداية احتجاز المياة بداية من شهر يوليو دون الوصول لاتفاق حول آلية تخزين المياة و مدتها و سنوات الجفاف.
في المقابل كتر الحديث عن استخدام السلاح كحل سوف تلجأ إليه مصر لحماية أمنها القومي و سلامتها. فقد صرح الرئيس عبد الفتاح السيسي لاستخدام سلاح الجو داخل الاراضي المصرية و خارجها اذا اقتضت الظروف كأول تصريح صريح بأستخدام القوة العسكرية، بل و قد حدد الخطوط الحمراء لحكومة الوفاق في لبيبا بخط سٍرتْ الجفرة (علي بعد ١٢٠٠ كم غرب السلوم). و أمس صرح وزير الخارجية المصري بنفس التصريح للتأكيد علي استخدام القوة العسكرية في ليبيا.
يقول كلاوزفيتز ان الحرب هي ممارسة السياسة بوسائل أخري، فالاصل هي السياسة، و عندما تتعذر السياسة التقليدية، يكون الالتجاء الي الحرب لكسر حالة الجمود و رجوع للتفاوض و للسياسة مرة اخري. فالذهاب الي الحرب دون تحديد اهداف واضحة من الحرب يمكن الوصول اليها، و تحقق للسياسة من توقف منها، تصبح الحرب استنزاف للقوات المسلحة. حفتر نفسه اعتمد علي السلاح فقط لانهاء الحرب الاهلية في ليبيا، و فشل و تعاني مصر و المنطقة كلها من فشله.
يرتبط بنفس النقطة السابقة السؤال الاهم، و لم نستطع أن نحصل علي اجابه له، هو متي نتوقف عن أستخدام السلاح؟ فالرئيس أجاب عن اللحظة التي سوف تقوم فيها مصر بأستخدام السلاح، و لكن لم يذكر متي نتوقف. فهذا هو السؤال الاهم في الحرب. فمن السهل ان تضع شروطا لبداية الحرب لكن من الصعب ان تحدد متي تنهيها.
مصر لها كل الشرعية في الدفاع ان امنها القومي و بالطرق التي تجدها مناسبة. فالدبلوماسية أتمت ما هو مطلوب منها في أثيوبيا، و السياسة قد فرغت من دورها في ليبيا. كل هذا يؤكد شرعية استخدام السلاح. و لكن علينا ان نحدد متي ننهي الحرب قبل ان نبدئها، علينا ان نحدد دور السلاح في المرحلة القادمة قبل استخدامه، ليس خوفا و لا ترهيبا و لكن أستخداما عاقلا للسلاح و ليس استنزافا له و للموارد.
حتي نستطيع ان نستخدم الحرب استخداما يخدم السياسة فيما بعد، أستخدام يحقق اهداف الامن القومي، نستطيع ان نقول اننا انتصرنا في حرب و ليس فقط معركة، ان نعرف ان انتصارات الحروب تكلل بأتفاقيات سلام و وقف قتال و ليس بأستخدام غير معلوم مدته للسلاح.