أكثر من 36 ألف ساعة غياب.. محمد القصاص يتجاوز 1500 يوم في الحبس بين وتدوير وانتهاكات وحالة صحية سيئة
تجاوز القيادي الحزبي البارز محمد القصاص، 1500 يوم في الحبس الاحتياطي، تمثل 36312 ساعة غياب منذ القبض عليه في فبراير 2018 وحبسه منذ ذلك الحين على ذمة أكثر من قضية.
والقصاص هو نائب رئيس حزب مصر القوية الذي يتزعمه الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح المحبوس هو الأخر منذ أكثر من 4 سنوات احتياطيا، حيث ألقت قوات الأمن القبض على الاثنين في وقت متزامن.
وكانت نيابة أمن الدولة العليا، قد قررت إحالة أبو الفتوح والقصاص وآخرين، إلى محكمة جنايات أمن الدولة طوارئ، وذلك بعد سنوات من الحبس الاحتياطي على ذمة اتهامات بالانضمام وتأسيس جماعة إرهابية.
قبل 1,513 يوما، وبالتحديد يوم 10 فبراير 2018، بدأت رحلة القصاص مع الحبس الاحتياطي والانتهاكات وظروف الحبس السيئة، حيث ألقت قوات الأمن القبض على القصاص من منزله واقتادته وقتها لجهة غير معلومة، تزامنا مع حملة اعتقالات شنتها قوات الأمن في نفس الوقت على أعضاء وقيادات حزب “مصر القوية”.
ظهر القصاص سريعا في نيابة أمن الدولة العليا، وتم إدراجه متهما على ذمة القضية رقم 977 لسنة 2018 حصر أمن دولة، والتي كانت تعرف وقتها إعلاميا باسم “قضية مكملين 2”.
وجهت النيابة للقصاص اتهامات وفق قانون الإرهاب، ببث ونشر وإذاعة أخبار وبيانات كاذبة، إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، مشاركة جماعة إرهابية مع العلم والترويج لأغراضها على خلاف أحكام القانون.
وطوال عامين من الحبس الاحتياطي في هذه القضية، تعرض القصاص لسيل من الانتهاكات التي دائما ما كانت توثقها زوجته إيمان البديني، سواء بالمنع من الزيارات بدون سند قانوني، أو منعه هو في محبسه من التريض أو من إدخال الكتب والأدوية
وفي 9 فبراير 2020، أصدرت نيابة أمن الدولة العليا قرارها بإخلاء سبيل القصاص بضمان محل إقامته، وذلك بالتزامن مع إكماله عامين من الحبس الاحتياطي المنصوص عليها في القانون، ولكن أثناء إنهاء إجراءات إخلاء السبيل فوجئ محاميه بأنه جرى تدوير القصاص وحبسه على ذمة القضية رقم 1781 لسنة 2019.
وبنفس الاتهامات التي حبس بسببها القصاص عامين، قررت النيابة مساء 12 فبراير 2020 حبسه 15 يوما، على ذمة القضية رقم 1781 لسنة 2019 حصر أمن دولة، أي أن جميع التهم الموجهة إليه وقعت أثناء فترة احتجازه.
وبحسب بيان سابق وقعت عليه عدة منظمات حقوقية، يعاني القصاص من “اضطراب ضغط الدم والسكر وهي أمراض مزمنة تحتاج لرعاية طبية مستمرة، يتقاعس سجن طرة عن تقديمها”. فيما طالب البيان بضرورة الإفراج عن القصاص.
وحصل القصاص في 5 أغسطس 2020 على إخلاء سبيل على ذمة القضية رقم 1781 لسنة 2019 حصر أمن دولة عليا، ولم تستأنف النيابة على القرار، لكنه جرى تدويره على قضية جديدة حملت رقم ٧٨٦ لسنة ٢٠٢٠ على نفس ذات التهم السابقة.
وفي 29 يوليو، 2021، قالت إيمان البديني، زوجة القصاص، إن نيابة أمن الدولة حققت مع زوجها على ذمة قضية جديدة، وهي القضية الرابعة التي يجرى إدراج القصاص على ذمتها. وأضافت البديني إن القضية الجديدة تحمل رقم 440 لسنة 2018 حصر أمن دولة عليا، وقررت فيها النيابة حبسه 15 يوما احتياطيا.
ووفقا لما ذكرت البديني – آنذاك – أنه من المقرر أن يبدأ حبس القصاص على ذمة القضية الجديدة فور إطلاق سراحه في القضية المحبوس على ذمتها في الوقت الحالي والتي تحمل رقم 786 لسنة 2020 حصر أمن دولة عليا.
وفي أغسطس من العام 2021 قررت نيابة أمن الدولة العليا إحالة القضية رقم 440 لسنة 2018 المتهم فيها القصاص بجانب الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح والطالب معاذ الشرقاوي لمحكمة جنايات أمن الدولة طوارئ.
وقال المحامي الحقوقي خالد علي، في فبراير 2022 إن فريق مكبته “دفاع”، أقام دعوى قضائية حملت رقم ٢٣٤٥١ لسنة ٧٦ ق، أمام محكمة القضاء الإداري موكلاً عن الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح ومحمد القصاص ضد قرار رئيس الوزراء ١٦٦٤ لسنة ٢٠٢١ والذي تضمن في مادته الثانية أنه (تسري أحكام هذا القرار على الدعاوى التي لم يتم إحالتها إلى المحاكم)، بشأن تنظيم المحاكمات أمام محكمة أمن الدولة عقب تعطيل العمل بقانون الطوارئ.
وأضاف خالد علي، أن النيابة “استخدمت هذه المادة كسند لها في أمر إحالتهم للمحاكمة أمام محكمة أمن الدولة طوارئ، وهو ما يخالف نصوص الدستور ونص المادة ١٩ من قانون الطوارئ، والتي تنص على فقرة أولى (عند انتهاء حالة الطوارئ تظل محاكم أمن الدولة مختصة بنظر القضايا التي تكون محالة عليها وتتابع نظرها وفقاً للإجراءات المتبعة أمامها)”.
وشملت فقرة ثانية تقول نصا “أما الجرائم التي لا يكون المتهمون فيها قد قدموا إلى المحاكم فتحال إلى المحاكم العادية المختصة وتتبع في شأنها الإجراءات المعمول بها أمامها”.
وأشار خالد علي إلى أنه تم القبض على أبو الفتوح والقصاص في فبراير ٢٠١٨ وصدر قرار الإحالة في ٢٥ أغسطس ٢٠٢١ وجاء بأمر الإحالة أنهما ارتكبا جرائم خلال الفترة من ١٩٩٢ حتى ٢١ أغسطس ٢٠١٨. وقال خالد: “من ثم فإنه خلال هذه الفترة من القبض عليهما وحتى صدور أمر الإحالة انتهت ٨ فترات لمدة حالة الطوارئ وسبع فترات لإعلان حالة الطوارئ وبينهما فواصل زمنية بين انتهاء المد والإعلان الجديد، وبالتالي يتضح أنه من تاريخ القبض عليهما في فبراير ٢٠١٨ حتى تاريخ استمرار الجريمة المنسوبة إليهم ٢١ أغسطس ٢٠١٨ انتهت فترة مد طوارئ، وفترة إعلان حالة طوارئ وفترة مدها”.
وأضاف خالد علي، أنه بهذه الحسبة، تكون إجمالي حالات الطوارئ ومدها منذ تاريخ انتهاء استمرار الجرائم المنسوبة إليهم ٢١ أغسطس ٢٠١٨ حتى صدور أمر الإحالة ٢٥ أغسطس ٢٠٢١ قد بلغت ٦ إعلانات لحالة الطوارئ و٦ فترات لمدها، الأمر الذى يستوجب تطبيق الفقرة الثانية من المادة ١٩ من قانون الطوارئ ومحاكمتهما أمام محكمة عادية، وإلا اعتبر النص الدستوري بتوقيت حالة الطوارئ وجعلها ثلاثة أشهر يمكن مدها ثلاثة أشهر أخرى مجرد نص معدوم القيمة ومعطل التطبيق، وامتداد آثار حالة الطوارئ بعد انتهاء فترة إعلانها ومدها يحولها في حقيقتها إلى حالة مؤبدة ومستمرة، ويجعل انتهاء حالة الطوارئ وانتهاء فترة المد ثم الإعلان الجديد لحالة الطوارئ مجرد إجراءات شكلية ليس له آثار دستورية وموضوعية لحقوق وحريات الأفراد في مواجهة هذه الحالة عند انتهائها .
وقد جاءت المادة الثانية من قرار رئيس الوزراء لتتيح للنيابات والمحاكم احالة ونظر دعاوى باعتبارها محاكم أمن دولة طوارئ رغم أن الدستور والقانون يستوجبا أن تكون المحاكمة أمام القضاء الطبيعي.
ومن الجدير بالذكر أنه يستمر محاكمة المتهمين أمام الطوارئ رغم انتهائها طالما أمر الإحالة صدر قبل انتهاء حالة الطواري، وهذا ما تنص عليه الفقرة الأولى من المادة ١٩ من قانون الطوارئ وتتمسك النيابات والمحاكم بتطبيقه، بحسب خالد علي.
وقال المحامي الحقوقي، إنه “فيما يتعلق بالفقرة الثانية من ذات المادة التي تنص بشكل واضح على إنه إذا انتهت حالة الطوارئ ولم يحال المتهمين للمحاكمة أمام الطوارئ تكون المحاكم العادية هي المختصة بنظر النزاع فلا يتم تطبيقها استنادا إلى أن رئيس الوزراء أصدر قرار يتيح استمرار محاكم الطوارئ في نظر القضية التي لم تحال إليها أثناء سريان حالة الطوارئ”.
واعتبر خالد علي، أن هذا الأمر “لا يجوز للنيابات والمحاكم الاستناد إليه لأن قواعد التدرج التشريعي تجعل قمة الهرم التشريعي هو الدستور ومن بعده القانون ومن بعدهما القرارات الادارية، بما يعنى أنه في حالة التعارض بين القرار الإداري وبين القانون يكون القانون هو الواجب التطبيق، وفى حالة التعارض بين القانون والدستور يكون الدستور هو الواجب التطبيق”.