“أكتب كي لا أكون وحيدا”.. عن أيمن عبدالمعطي ابن العمال الذي عشق الكتابة والنشر (محبوس يا طير الحق)
كتبت – إيمان عوف
ماذا نكتب، وكيف نمتلك الجراءة على فعل الكتابة والتدوين، وماذا تعني الكتابة بالنسبة لمن يمارس طقوسها، وهل تطلق سحرها في عقل ناسكها؛ فيصبح مهووسا بها.. يصاب بعشقها ولا يشفى أبدا، وهل يمكن أن تصبح مرادفا للحياة والحب عند مشتغليها، هل تصلح أن تكون ونيسا وصديقا وعشقا، ما الفائدة التي تعود علينا من ممارسة هذا الفعل الإنساني؟ أسئلة كثيرة تحتاج للكتابة في حد ذاتها لمحاولة الإجابة عليها. فأنا أكتب كي لا أكون وحيدًا.
هكذا كتب ايمن عبدالمعطي على مدونته الشخصية التي حملت عنوان “أكتب كي لا أكون وحيدًا”، أيمن معتقل منذ ما يزيد عن ثلاث سنوات دون اي تهمة سوى أنه محب للحياة عاشق للكتابة.
مثلما اعتاد أيمن الذي عرف بين أصدقاؤه بالنظام وحب الاضطلاع والقراءة، التي بدأها منذ أن كان طالبا في الثانوية العامة بالمنطقة العمالية بامتياز بشبرا الخيمة.
أيمن تعرفه جيدا أبواب مصانع شبرا الخيمة فهو مثل عصفور نشيط يتنقل بين مصانع الغزل والنسيج والخزف والصيني والنشا والجلوكوز وغيرها، كما يعرفه العمال والشباب المهتم بالقراءة والاطلاع.
لا يمكنك ان تدخل منزله دون أن تعي جيدا أن أيمن شخص يعشق القراءة والكتابة، لا يمكنك أن تخالطه دون أن تخرج بمعلومة مفيدة في حياتك، يمكنها أن تشكل وعيك فيما بعد.
اعتبر أيمن أن كتابته هي كل ما يمتلكه في حياته، يسجل فيه لحظات شجونه وأحزانه وكآبته الممتدة، وبعض أفراحه المحدودة، اعتبر أيمن النصوص لحظات من الحكي والبوح الإنساني المتدفق.
لذا يمكنك ببساطة أن تعتبر أيمن عبدالمعطي القابع خلف ظلام الزنزانة من الأشخاص الذين لا يملكون في الحياة سوي مبادئهم، وحبهم لوطنهم ونشرهم للأمل بين كل من يعرفوهم.
أيمكن أن نعتبر أن تلك الحالة الحالمة الممزوجة بالواقع كانت في ثورة يناير، التي عشقها أيمن واعتبرها بداية تحقيق الحلم، لكن يبدو أن الحلم ممنوع بقرار في هذا البلد فقررت قوة من وزارة الأمن أن تلقي القبض على أيمن المصدر للأمل والمعرفة والحب والحياة والكتابة يوم الخميس 18 أكتوبر 2018، من مقر عمله بدار مرايا.
ليظهر بعدها بيومين في نيابة أمن الدولة الأحد 21 أكتوبر 2018، حيث وجهت له تهم الانضمام لجماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة، ومنذ حينها يجدد حبسه احتياطيا بعد ضمه على ذمة القضية 621 لسنة 2018 حصر أمن دولة عليا، وتضم القضية أيضا، المحاميان أحمد صبري أبو علم وسيد البنا، بالإضافة إلى آخرين تم حبسهم على ذمة القضية، هم المدون شادي أبو زيد، والنشطاء أمل فتحي ووليد شوقي وشريف الروبي وشادي الغزالي حرب.
بعد مرور أكثر من عامين وبعدما عاد الأمل لحرية ويوسف وشمس ابناء ايمن بأن يكون معهم من جديد قررت النيابة تدوير ايمن على قضية جديدة حملت رقم 880 لسنة 2020 حصر أمن دولة عليا، ليعاد من جديد ليالي الانتظار الطويلة التي يمكنك بسهولة أن تراها في بوستات وأدعية حرية الابني الوسطي لايمن، وقد يمكنك ايضا ان تراها في رسومات يوسف الابن الاكبر وابتسامة شمس التي قد تكون نسيت صورة والدها خاصة وانه اعتقل وهي مازالت بعمر الشهور القليلة.
إذا صادف وجودك بمعرض القاهرة الدولي للكتاب وتوجهت لدور العرض ستلاحظ غيابا موجعا، ستفتقد ابتسامة ايمن عبدالمعطي ومعرفته بأهم الاصدارات، ليكون دليلا لك في أن تنهل من المعرفة.
اختار ايمن ان يترك عمله كموظف بوزارة العدل في محكمة شبرا الخيمة ، واتجه لعشقة الأول والأخير فقرر أن يعمل باحثا ومدققا لغويا، ومدير الدعاية والتسويق لدار المرايا للنشر والتوزيع.
وهو من مواليد 30 يوليو 1970 بمنطقة قايتباي بحي الجمالية، وتربي في حي شبرا الخيمة ووجوه في هذه المدينة جعله يتأثر بقضايا العمال منذ مرحلة الثانوية تقريباً، حاصل علي ليسانس الإعلام من جامعة القاهرة.
قبل أن يعمل في دار المرايا، عمل في مؤسسة كتب عربية للنشر، ثم مراجع في وكالة الأنباء الإسبانية، ثم عمل منذ عام 2011 في الوحدة الإعلامية للمركز المصري للحقوق الإقتصادية والإجتماعية حتي عام 2016 ، ومن بداية عام 2017 عمل في دار المرايا للنشر والتوزيع.
بين الحين والآخر تصادف صورة رسمها يوسف لطائر قوي الأجنحة أو قلما او كتابا، تراها كأنها ايمن لا تعرف السبب بين التشابه ولكن اذا عرفته جيدا ستتأكد أن تلك الملامح الاصلية له ورقة وقلما وحلم ينزف حبرا يعكس هويته الحقيقة، أصدر أيمن عبد المعطي بالمشاركة مع ولده الأكبر يوسف أيمن عبد المعطي قصة بعنوان ” الأسمر أبو العيون”، وكتاب آخر بعنوان ” وشوش ساده”، العملان من تأليف أيمن عبد المعطي والرسومات لولده يوسف.