أزمة سد النهضة| وزير الري: الإجراءات الأحادية تعقد الوضع.. ونستورد ٣٤ مليار م٣ “مياه افتراضية” سنويا
أكد محمد عبدالعاطى وزير الموارد المائية والرى، ضرورة مراعاة التعاون في مشروعات السدود المنشأة علي الأنهار الدولية وتشابكها مع التغيرات المناخية، وأهمية التعامل بجدية مع أي إجراءات أحادية تساهم في تفاقم تبعات تغير المناخ على مستوى أحواض الأنهار المشتركة، وفي مقدمتها إقامة السدود على الأنهار الدولية دون الأخذ في الاعتبار شواغل دول المصب.
وأشار الوزير، خلال مشاركته في “المنتدى العربي الخامس للمياه”، في مدينة دبي الإماراتية، اليوم الثلاثاء، لانخراط مصر ولمدة عقد كامل وبإرادة سياسية قوية في مفاوضات جادة بحسن نية، أملاً في الوصول إلى اتفاق قانوني ملزم حول ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي، إلا أن الطرف الآخر لم تكن لديه الإرادة السياسية الكافية والنية الصادقة للوصول لمثل هذا الاتفاق.
وأضاف أن مصر عرضت خلال المفاوضات العديد من سيناريوهات الملء والتشغيل، التى تتعامل مع الظروف الهيدرولوجية للنهر – بدءاً من تعيين استشاري دولي ثم الآلية التساعية ثم مسار واشنطن، وصولاً إلى مسار الاتحاد الإفريقي – وبما يضمن لإثيوبيا توليد وإنتاج ما يقرب من ٨٥٪ من الطاقة الكهربائية المطلوبة، خلال اقصى فترات الجفاف.
وأوضح أن الإجراءات الأحادية والمعلومات الخاطئة من شأنها أن تزيد الوضع تعقيداً، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن الوصول لاتفاق قانوني ملزم بشأن الملء والتشغيل يمكن أن يمهد الطريق للتكامل الاقتصادي والتنمية الشاملة لكل الدول وبما يحقق أهداف التنمية بالدول الثلاث (مصر والسودان وإثيوبيا) وتحقيقاً لمبادئ المنفعة المشتركة.
واستعرض الوزير الوضع المائي الراهن فى مصر، وما تواجهه المنظومة المائية من تحديات لاسيما مع تنامي الفجوة بين الإمداد والطلب على المياه ، باعتبار مصر من أكثر دول العالم جفافاً، ما جعل التوازن بين الموارد والاحتياجات مشكلة خطيرة ، حيث انخفض نصيب الفرد من المياه ليصل إلي نحو ٥٦٠ متر مكعب سنوياً مقارنة بالمعايير الدولية التي تحدد نصيب الفرد بـ ١٠٠٠ متر مكعب سنوياً ، مشيرا إلى أن أكثر من ٩٧% من موارد مصر المائية تأتى من خارج الحدود، كما تعد مصر واحدة من أكثر الدول المعرضة للآثار السلبية للتغيرات المناخية، وما ينتج عنها من خسائر اقتصادية باهظة التكاليف تعيق خطط التنمية المستدامة.
ولفت إلى أن مصر تحاول تقليل الفجوة المتصاعدة بين الموارد والاحتياجات المائية من خلال تعظيم المنتج من كل قطرة مياه، حيث بلغت الكفاءة الكلية لنظام الري في مصر أكثر من ٨٨%، التي تعد من أعلي المعدلات على مستوى العالم، حيث أعيد استخدام مياه الصرف الصحي والزراعي لأكثر من مرة وبكمية تقارب ٢١ مليار م٣ في السنة، بخلاف استيراد محاصيل وسلع غذائية (مياه افتراضية) بقيمة تصل لـ٣٤ مليار م٣ من المياه سنوياً، لسد باقي العجز.
كما وضعت وزارة الموارد المائية والري الخطة القومية للموارد المائية (٢٠٣٧/٢٠١٧)، بهدف تطبيق مجموعة من الإجراءات بالتنسيق مع العديد من الوزارات والجهات المعنية بالدولة ، وذلك في اطار تبنى مبدأ الإدارة المتكاملة للموارد المائية ، مع تضمين الإجراءات الخاصة بكل وزارة، التي تحقق أهدافها القطاعية وبما يتماشى مع أهداف استراتيجية التنمية المستدامة للدولة ٢٠٣٠ ، باستثمارات ضخمة تصل إلي ٥٠ مليار دولار ، من خلال ٤ محاور تشمل تحسين نوعية المياه وترشيد استخدامات المياه وتنمية الموارد المائية وتهيئة البيئة المناسبة، وفقا لبيان الوزارة.
ويتم من خلال هذه الخطة تنفيذ العديد من المشروعات الكبرى مثل تأهيل الترع والمساقي وتحديث نظم الري ومشروعات إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي ومشروعات الحماية من أخطار السيول ومشروعات حماية الشواطئ وتطوير التشريعات وحملات التوعية والتدريب واستخدام التكنولوجيا في إدارة المياه.
وأكد عبدالعاطى أهمية الأمن المائي كأحد أدوات تحقيق الأهداف الأممية للتنمية المستدامة من خلال العمل على الاستغلال الأمثل لكل قطرة مياه ، خاصة في ظل ما يواجهه قطاع المياه من تحديات عديدة، الأمر الذي يدفع الدولة للسعي الدائم نحو تعظيم الاستفادة من موارد المياه الغير تقليدية، فضلاً عن العمل لمواصلة التعاون الإقليمي لمجابهة التغيرات المناخية وإدارة أحواض الأنهار الدولية اتساقاً مع القوانين والأعراف الدولية وبما يحقق أهداف التنمية المستدامة، مع تهيئة المناخ للنهوض بالمشروعات المشتركة علي المستويات الإقليمية والدولية، واعتبار التأثيرات البيئية والاجتماعية لتلك المشروعات.
وتابع: “التصدي لتلك التحديات يتطلب تطوير إدارة كافة الموارد الطبيعية المحلية والمشتركة وبصفة خاصة مورد المياه، حيث من المتوقع أن تتصاعد الضغوط علي هذا المورد الحيوي نظراً للزيادة المضطردة في تعداد السكان، بالإضافة للحاجة لزيادة معدلات النمو الاقتصادي، وتأثير التغيرات المناخية، فضلاً عن التحدي الخاص بتعزيز التعاون العابر للحدود في مجال المياه”.
كما دعا المشاركين في المنتدى لزيارة مصر والمشاركة في فعاليات أسبوع القاهرة الرابع للمياه والمزمع عقده في الفترة من (٢٤- ٢٨) أكتوبر المقبل لتعزيز التعاون والتواصل بين مسؤولى وخبراء المياه من دول العالم المختلفة.