أحمد يوسف أستاذ البحوث التربوية: “تسليع التعليم” سبب في تفاوت الجودة.. وخلاف طه حسين وإسماعيل القباني عاد من جديد
يوسف: تم تسليم الشعب للقطاع الخاص بلا ضمانات أو رقابة وذلك في كل القطاعات من الاتصالات إلى كهرباء وحتى التعليم
كتبت – آية أنور
انتقد أستاذ البحوث التربوية بالمركز القومي للبحوث التربوية والتنمية، الدكتور أحمد يوسف، الأوضاع التعليمية في مصر، مشددًا على أنه تم تسليم الشعب للقطاع الخاص بلا ضمانات أو رقابة وذلك في كل القطاعات من الاتصالات إلى كهرباء وحتى التعليم.
وأضاف يوسف أن مفهوم مجانية التعليم يتم النظر إليه فقط من زاوية أنه تعليم بلا مقابل، ولكن من خلال النظر لدول العالم نجد أن هناك التعليم يسترد مقابل ما أنفق عليه “آجلاً” من خلال مردود تنموي قوي، أو “عاجلاً” ومقدماً.
وأوضح يوسف، خلال ندوة صالون التحالف تحت عنوان “هل انتهى عصر التعليم المجاني”، أن النوعين يختلفان من حيث فلسفة التعليم وعلاقة التعليم بالتنمية وموقف الدولة من شعبها وحقوق الإنسان فيها فالنوع الأول يتحمل نفقاته العاجلة كالضرائب ورأس المال المسئول اجتماعياً من تبرعات و أوقاف ولا يُحمّل المواطن أو المتعلم هذا العبء ويكون المسئولين عنه مدركين مدى أهمية التعليم في مردود التنمية القوي في تغطية ما يُنفق عليه أو يزيد، وتكمن ميزته في التعامل مع كل أبناء الشعب بلا تمييز كما يتميز بكونه تعليما حقيقيا غير وهمي يعمل على ضمان المردود التنموي المنشود.
أضاف يوسف أن هناك عدة نداءات بخصوص التعليم أحدهما من اليونسكو والآخر من صندوق النقد الدولي، ويغلب على نداء اليونسكو الطابع الإنساني فدائما ما تدعو الدول إلى تبني التعليم بلا مقابل عاجل كما تحاول خلق قاعدة مشتركة بين سكان الكرة الأرضية وتتسم جميع نداءاتها بالإنسانية، عكس نداءات صندوق البنك الدولي التي تعمل على تسليع التعليم.
وأشار يوسف إلى أن النوع الأول يسود في الدول المتقدمة، بينما النوع الآخر من التعليم الذي يسترد مقابله آجلا لا يثق القائمين عليه في مردوده التنموي وذلك لأنه لا يهتم بعناصره من مناهج ومعلمين وغالبا يكون تعليم شكلي بلا مضمون مليء بثقوب الهدر والفقر التعليمي سواء رسوب أو تسرب يتم تقديمه كهيكل أمام العالم لإظهار مدى الحرص على إشباع حق من حقوق الإنسان.
واستكمل يوسف أن هذا النوع من التعليم هو أحد وصايا وتعليمات البنك الدولي الذي يحول كل شيء إلى سلعة بما فيها التعليم وهو النوع السائد في الدول الفقيرة والمتخلفة مما لا يحقق المواطنة على الصعيد المحلي أو العالمي ولا يحقق مردودا تنمويا حقيقيا مما يعلل استعجال نفقات التعليم من المواطنين.
وأكد يوسف أن ما يحدث في مصر وفقا للإحصائيات والممارسات يندرج تحت النوع الثاني بكل موبقاته خاصة أن الدولة سلمت شعبها للقطاع الخاص بلا ضمانات أو رقابة في كل القطاعات بما فيه قطاع الاتصال والكهرباء والتعليم، فعندما تحول التعليم إلى سلعة أصبح متفاوت الجودة، فيوجد لدينا نمطين من التعليم وهم التعليم الجماهيري أو الحكومي والتعليم النخبوي الذي يوفر جودة أعلى في التعليم تصل إلى المستويات و المعايير العالمية ولكن من يستفاد منه هم أقلية وكأن القضية بين إسماعيل القباني وطه حسين طُرحت من جديد فإسماعيل القباني كان يرى ضرورة تعليم نخبة من الجماهير على عكس طه حسين الذي كان ينادي بتعليم الجماهير فبعد سياسات الانفتاح الاقتصادي كأنما تم بعث رأي إسماعيل القباني من جديد وهو ما يُحقق الآن بالفعل.
و أضاف أننا إذا أردنا تحقيق النوع الأول من التعليم فلابد من وجود إرادة سياسية تضع التعليم على قائمة اهتماماتها ولكن ما يحدث بالفعل في مصر هو نمو اقتصادي مما يجعل التعليم على هامش اهتمامات الدولة يشكل عبء أكثر من كونه دافع للتنمية.
واستكمل بأن علينا البحث عن مصادر تمويل التعليم كالضرائب التصاعدية من خلال الحصول على ضرائب من رجال الأعمال ومن ثم يتحول التعليم من كونه سلعة إلى أن يصبح رسالة لإعداد الأنسان من أجل حياة كريمة، و دعى يوسف الحزب لإطلاق حملة لتأميم التعليم والعلاج لإنقاذ الجماهير الكادحة من أبناء الشعب.