أحمد مراد يثير أزمة| حملة انتقادات بسبب صورته على غلاف مجلة “عالم الكتاب”.. ورئيس التحرير يرد: إرهاب من مدعي الثقافة واعتراف بالهزيمة
كتب – أحمد سلامة
أثار الروائي أحمد مراد الجدل مُجددًا، فصورته التي ظهرت مؤخرًا على غلف مجلة “عالم الكتاب” أثار موجة انتقادات حادة للكاتب وللمجلة على السواء.
فبينما انتقد البعض أحمد مراد كروائي، وبينما انتقده البعض الآخر كسيناريست و”كاتب سينما”، رأى آخرون في تصدره غلاف مجلة “عالم الكتاب” ترسيخًا وتصديرًا لضعاف الموهبة -حسب زعمهم- في الوقت الذي كان على المجلة مساندة الموهوبين والمبدعين الحقيقيين.
وبينما توالت الانتقادات، جاء رد رئيس تحرير المجلة قويًا وحادًا أيضًا، فقد اتهم المنتقدين بأنهم مجرد فاشلين لم يحققوا أي قدرٍ من النجاح الذي أصابه أحمد مراد برواياته التي وصلت في بعض الأحيان إلى مليون نسخة، في حين جاء التعقيب من المنتقدين بأن التوزيع وحجم المبيعات ليس مقياسًا بأي حال.
عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، قال الناقد الفني محمد سيد عبدالرحيم “ده اللي وصلت له الثقافة في مصر.. ومجلة من مجلات وزارة الثقافة.. الدعاية للأدب السيء بدل ما يدعموا الأدب اللي بيحاول يطور من أفكار وأساليب الكتابة الأدبية ورفع ذوق القراء.. شئ سيء جدا لما نستسلم ونتمرمغ في ذوق الأغلبية ونحاول نستميلهم بدلا ما نعمل مجهود اكبر ونقدملهم الأدب الجيد اللي بيقول حاجة مختلفة وبأسلوب مميز عشان تبقى الأغلبية هي اللي عندها ذوق أدبي رفيع.. الموضوع عمره ما كان الرواية دي طبعت كام نسخة فالوسط الأدبي والثقافي يحتفي بيها لأن الروايات البورنو الرخيصة وأفلام البورنو اكيد بتتقري وبتتشاف ملايين المرات اكتر من أي رواية أو فيلم جاد.. زمن أحمد مراد للآسف”.
ويضيف عبدالرحيم، في تدوينة أخرى، “الحقيقة سعيد بالجدل اللي عمله غلاف عالم الكتاب اللي تصدره صورة للكاتب أحمد مراد.. وهبقى سعيد اكتر لو الجدل ده اتسحب على السينما واتكلمنا شوية عن اللي بيقدمه أحمد مراد كسيناريست في أفلام مروان حامد.. وبافرق وبأؤكد أن في فرق بينه ككاتب وسيناريست.. بمعنى أن رواياته تليق جدا بالسينما اللي بيحبها الشباب لكن المشكلة في أنه هو اللي بيكتب السيناريو واللي بيبقى مفكك وساذج ومتناقض.. وزي ما قلنا مليون مرة مش معنى انك بتكتب فيلم عن السحر او الغيبيات انك تبقى متناقض.. اه مفيش منطق واقعي لكن لازم يبقى في منطق داخلي يعني تبني عالم ميكونش بيناقض نفسه بنفسه ولنا في هاري بوتر وسيد الخواتم أمثلة.. وبرضه زي ما لازم ندافع عن الأدب الجيد مقابل السيء لازم ندافع عن السينما الجيدة مقابل السيئة ونبص مثلا لسيناريو لفيلم إبراهيم الأبيض لنفس المخرج عشان نقدر اد ايه عظمة رسم الشخصيات وعلاقاتها النفسية ببعض وعلاقاتها الروحانية والرموز اللي فيها واهمية المكان واماكن سكن الشخصيات وعلاقة ده ببعضه وطبعا الغوص في العالم السفلي والتعايش معاه واظهاره لينا بعين مش كارهة للعالم ده لكن بعين محبة بتحاول تفهمه وتغفر له وتقدمه لينا عشان نفهمه ونغفر له ونحبه حتى لو كان بعيد اوي عنا وعن حياتنا وقيمنا”.
ويتابع “دي السيناريوهات ودول كتاب السيناريو (عباس أبو الحسن) اللي يعتبروا امتداد لكتابنا الكبار زي كامل التلمساني في السوق السودا والسيد بدير في الفتوة والاسطى حسن وفايز غالي في يوم مر ويوم حلو وداود عبد السيد في الكيت كات ومصطفى ذكري في عفاريت الاسفلت.. دي النماذج اللي لازم نبروزها دايما وتنور اغلفة مجلاتنا الثقافية والفنية.. وبلاش منطق هذا ربي هذا أكثر مبيعا أو مشاهدة لأنه مش منطق أصلا وهيخلينا نقعد نلف في دواير تحبسنا وتحبس ثقافتنا وحضارتنا”.
عبر صفحتها على “فيس بوك”، نشرت إيمان علي الصحفية بمجلة روز اليوسف، ردًا على انتقاداتها لـ أحمد مراد، وصلها من الكاتبة والروائية عبير إسبر.
في الرد تقول إسبر “يا إيمان بعتقد موضوع الاشكال مع أدب أحمد مراد هو بالتصنيف.. في كل بلاد العالم هناك تصنيفات لانواع الأدب المكتوب، ولا تتداخل الأجناس الأدبية ببعضها لا على القراء ولا للنقاد، وموضوع البيع بالملايين لا يجعل من كتاب “الجنرا” الرومانسية أو الجريمة إلخ.. يدخلون بالتصنيف البحثي أو بمفهوم السوق مع من يكتبون الرواية fiction الذين لا يخضعون في كتاباتهم لفورمولا جاهزة، حيث لا يتم التعامل مع أدب ستيفن كينج بذات الطريقة ولا بذات التصنيف مع فيلب روث مثلا.. وهكذا”.
وتضيف إسبر، حسبما نشرت الصحفية إيمان علي، “المفجع أن تجدي أحمد مراد يصل لـ(الشورت ليست) بجائزة كالبوكر لأنه يبيع بالملايين، من فترة كنت في ندوة أدبية هنا وكانت ذات مستوى عالي ووجد فيها كاتبة جنرا رومانسية كندية، وهناك النقاد الأمريكين والكندين وجرى نقاش طويل ومعمق حول تلك المفاهيم.. الحلو أن الروائية التي تبيع بالملايين لم تدع شيئا ليس اها، ولم تطلب معاملتها ككاتبة أدب روائي، أو تنافس بفئة ليست فئتها.. وهذا ليس حكم قيمة، هذا فقط تصنيف عادل للكتاب والجنس الكتابي الذي يعرفون حدوده وماذا يمثل”.
وفي وقت وجهته فيه حملة الانتقادات ضرباتها إلى أحمد مراد ومجلة عالم الكتاب، جاء رد د.زين عبد الهادي أستاذ علم المكتبات ورئيس تحرير المجلة، الذي كتب مقالا عبر صفحته الشخصية تحت عنوان “إرهاب مدعي الثقافة”.
وقال زين إن “مجلة (عالم الكتاب)، مجلة تتحدث عن صناعة الكتاب، وليست معنية بالأدب لا من بعيد أو من قريب، واذا كانت قد سارت في طريق الأدب أحيانا فهذا خطأ في استراتيجية المجلة، ولا يمكن الاستمرار فيه، ويبدو أن صورة أحمد مراد قد أثارت حساسية البعض واعترافهم بالهزيمة أمام كاتب وزع مليون نسخة، من رواية واحده، هذا الكاتب له وجه واحد، وإذا نجح كاتب واحد في بيع مليون نسخة فما السر وراء الهجوم عليه سوى فشلهم الذريع”.
ويضيف “أنا لا أفهم الحقيقة سر هذا الهجوم سوى أنه غيرة من النجاح، لم يصل لها كاتب مصري من قبل، ولم يدعِ أحمد مراد يوما أنه أعظم كاتب في التاريخ، إنه إنسان متواضع للغاية يعرف ماذا يفعل ويخطط لنجاحه جيدا, فهل الهجوم هو هجوم على الملايين التي قرأت مراد ونوع الثقافة التي يقوم بتصديرها للقراء العرب، أم الهجوم بسبب فشلهم في صناعة كاتب يحصد الجوائز ويبيع مليون نسخة ويحافظ على الثقافة المصرية، أم أنهم لايريدون الخروج من عباءة الأفكار البالية”.
وتابع “أحمد مراد وريث نبيل فاروق وأحمد خالد توفيق، اللذان نجحا مع آخرين في عودة القارئ المصري إلى القراءة، أحمد مراد ظاهرة في صناعة الكتاب وجزء منها، أليس هذا حقيقيا، إذًا ما هذا الانزعاج الشديد الذي أراه، إلا إذا كانوا ينظرون لأنفسهم في مرآة المجلة، بأنهم لم يستطيعوا بناء مساحة لما يكتبون في شارع النشر، وهو ما يجعلنا نتساءل عن الهدف من هذه الحملة التي تؤكد أن جزءًا من الثقافة في مصر ليس بخير، وأن فشل بعض المثقفين في القضايا الكبرى يحتاج لمراجعة نقدية، وأن بعضهم مازال يعيش في العصر الحجري وأن أحمد مراد مرة أخرى كسب الجولة دون أن يحرك ساكنا”.
ويستكمل “لا أعتقد أنه يمكن تبرئة بعض المثقفين من هذه الحملة التى تدل على طريقة تفكير بعضهم وهم ليسوا بالقلة، فهل طبع أحمد مراد مع اسرائيل مثل البعض، وهل أحمد مراد يوزع ٥ نسخ فقط من كل عمل له على اصدقائه مثل البعض، وهل قال احمد مراد عن نفسه انه اعظم روائي مثل البعض، وهل قال بأنه مجدد الرواية وهل وهل وهل ؟ هذا ليس دفاعا عن مراد، لانه لايحتاج لمن يدافع عنه”.
ويردف رئيس تحرير المجلة “ياسادة فرقوا بين مجلة متخصصة في الادب ومجلة متخصصة في صناعة الكتاب، كم مجلة لدينا في العالم العربي متخصصة في صناعة الكتاب، تقريبا لايوجد ، ويبدو البعض متحفزا للغاية لنجاح مجلة عالم الكتاب في أعدادها الاخبرة، الى حد توزيعها على نطاق واسع في العالم، ومع ذلك فنحن نعمل بجدية على مؤشرات الثقافة، ووضع أحمد مراد على الغلاف لا علاقة له بأهمية أحمد مراد الأدبية من عدمها على الرغم من ترشيحه للبوكر ووصوله للقائمة القصيرة لها مؤخرا، بل لان أحمد مراد يلعب دورا كبيرا في صناعة الكتاب وصناعة الثقافة، في الاقتصاد الثقافى، وفي الفكر أيضا، أحمد مراد ظاهرة لايمكن تحاهلها وهو لم يظهر فجأة، بل له أباء في هذا الاتجاه، أما أن يرسل أحدهم بأنه يعتذر عن نشر مقاله فهذا شأنه، ومن الجيد اثارة الحركة في البركة الآسنة أحيانا، ليعود الجميع لصوابهم”.
واختتم قائلا “أنا لا أريد أن أكشف عن أساطين مصرية في الثقافة والأدب والكتابة بشكل عام سنتناولها في الأعداد القادمة، كما لا أريد أن أكشف عن كامل الغلاف وعنوانه، لأن الحكم على جزء من الصورة يؤكد على طريقة تفكيرنا في الثقافة. وبأن من يحكم ومن يتكلم ومن يهاجم لايرى جيدا ما نفعله في اطار الصورة الكلية، وحصر نفسه وبنى مواقفه على صورة غلاف غير مكتملة، كما أن ذلك يؤكد أيضا أننا لانفكر بشكل صحيح وأن التشويه طال كل شئ، ومع ذلك وبكل صدر رحب نقول شكرا جزيلا لانكم تحاولون المساعدة بالتجديف في الاتجاه الآخر”.