أحمد فوزي: استبعاد هيثم الحريري ومحمد عبد الحليم رسالة سياسية صريحة مفادها “لا نريد أحدًا يشارك”

كتب – أحمد سلامة

قال المحامي الحقوقي أحمد فوزي إن قرارات الهيئة الوطنية للانتخابات باستبعاد المهندس هيثم الحريري، مرشح حزب التحالف الشعبي الاشتراكي عن دائرة محرم بك وكرموز بالإسكندرية، والأستاذ محمد عبد الحليم، مرشح الحزب عن دائرة بندر المنصورة، من الكشوف المبدئية لمرشحي انتخابات مجلس النواب 2025، تمثل “رسالة سياسية بالغة الوضوح لا يمكن فصلها عن المناخ العام”.

وأوضح فوزي في تصريحات أدلى بها، الجمعة، أن الهيئة لم تخطر أيًّا من المرشحين بأسباب استبعادهما رغم استيفائهما كل المستندات القانونية، معتبرًا أن ذلك يكشف عن طبيعة القرار السياسية قبل القانونية.

وأضاف: “الهيئة الوطنية اتخذت قرارات استبعاد المرشحين دون إخطار أو توضيح، وبالقطع سيتخذ المرشحان إجراءات قانونية للطعن على القرار، لكن المسألة هنا تتجاوز الإجراء إلى الرسالة السياسية.. يجمع بين المرشحين انتماؤهما لليسار الديمقراطي، وكلاهما مرشح عن حزب التحالف الشعبي، والرسالة ببساطة بتقول: إحنا مش عايزين حد يشارك”.

وأكد فوزي أن الاستبعاد الممنهج لأصوات المعارضة الديمقراطية لا يستهدف فقط مرشحين بعينهم، بل يستهدف فكرة المشاركة ذاتها، مضيفًا: “حتى من يقبل المشاركة في مناخ سياسي وتشريعي وإداري معيب، ويتحمل نقد الداعين إلى المقاطعة والحوار، يجد نفسه في النهاية مرفوضًا ومُقصى. الرسالة من السلطة بتقول: لا تشارك، ولا نريد من يشارك إلا من يُطبل”.

واعتبر فوزي أن ما يجري يعمّق أزمة المجال العام في مصر، ويدفع باتجاه “حالة من اليأس والعدمية السياسية”، محذرًا من أن إغلاق المسارات السلمية للتعبير والمشاركة لا يؤدي إلا إلى تفريغ المجتمع من السياسة ومن الأمل.

وقال: “بدلًا من فتح المجال أمام التعدد والتنوع، نكرر تجارب معروفة العواقب. هذا المشهد يعيدنا إلى فكرة البرلمان المصنوع مسبقًا، الذي يُقصى فيه أصحاب الرأي المستقل، ويُسمح فقط بأصحاب الولاء.. لكن تجارب التاريخ أثبتت أن من يغلق السياسة على نفسه، يُفتح عليه الباب من حيث لا يتوقع”.

وأضاف فوزي أن استبعاد الحريري وعبد الحليم يأتي في سياق أوسع من التضييق على القوى المدنية، لافتًا إلى أن التحالف الشعبي الاشتراكي من الأحزاب القليلة التي تمسكت بالمشاركة رغم القيود، وشاركت في الانتخابات “بشجاعة ومسؤولية سياسية”، مشيرًا إلى أن إقصاء مرشحيه يوجه ضربة جديدة لمبدأ المنافسة وتكافؤ الفرص.

يأتي تصريح فوزي في وقت تتوالى فيه قرارات استبعاد عدد من المرشحين المحسوبين على المعارضة المدنية من كشوف الانتخابات البرلمانية، أبرزهم هيثم الحريري ومحمد عبد الحليم من حزب التحالف الشعبي، إلى جانب محمد أبو الديار، المدير السابق لحملة المرشح الرئاسي أحمد طنطاوي، الذي فوجئ بدوره بإقصائه من السباق الانتخابي دون مبررات معلنة.

ويرى متابعون أن هذه القرارات تمثل اتجاهًا ممنهجًا لإقصاء الأصوات المستقلة والمعارضة من المشهد الانتخابي، في محاولة لتشكيل برلمان خالٍ من الأصوات المزعجة أو الرقابية، على غرار ما جرى في برلمانات ما قبل 2011 و2015.

وكان حزب التحالف الشعبي الاشتراكي قد أصدر بيانات متتالية عبر مكتبه السياسي ولجنته المركزية، أكد فيها أن ما يجري “ينذر ببرلمان بلا معارضة”، وأن الحزب سيتخذ كل الإجراءات القانونية دفاعًا عن حق مرشحيه في الترشح والمنافسة.

كما وصف مدحت الزاهد، رئيس الحزب، استبعاد مرشحي التحالف بأنه خطوة تكشف ملامح البرلمان القادم، الذي قد يُستخدم – بحسب قوله – “لتعديل الدستور وتمديد فترات الحكم وتقليص الحضور المعارض”.

وفي تصريحات متزامنة، أكد كل من هيثم الحريري ومحمد عبد الحليم عزمهما على مواصلة المعركة القانونية والسياسية حتى النهاية، وتقديم طعون أمام مجلس الدولة، فيما وصف زهدي الشامي، رئيس مجلس أمناء الحزب، والمرشح النيابي ما يجري بأنه “دافع للعمل بقوة أكبر”، مضيفًا أن “الأصوات الحقيقية تخيف السلطة”.

ويرى فوزي أن مجمل هذه الإجراءات تحمل رسالة سياسية أوضح من أي تصريح رسمي: المشاركة نفسها مرفوضة.. فمن يقاطع تُغلق في وجهه الحياة السياسية، ومن يشارك يُستبعد من المنافسة، وبين الحالتين، تُقبر السياسة في صمت.

واختتم فوزي حديثه بتحذير واضح: “حين تتحول المشاركة إلى تهمة، والمعارضة إلى خطر، تكون البلاد قد خسرت أهم صمامات الأمان. الديمقراطية ليست ترفًا، بل صمام الأمان من الانفجار. وإذا استمرت الرسالة التي تقول (لا تشارك) في التمدد، فلن يبقى بعد ذلك سوى الفراغ”.
22m

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *