أحمد رمضان يكتب: عن انتخابات الصحفيين والخدمات والحرية وأشياء أخرى.. لماذا علينا دعم البلشي؟
هذه كلمات لا خير فينا إن لم نقلها، ولا نريد منها إلا نقابة قوية تحمينا وتدافع عنها وتجري وراء حقوقنا، لا نريد إلا نقيبا يؤمن بحق بالحرية والديمقراطية وحقوق المهنة وممتهنيها، وعضو مجلس يعرف أنه أمام نقابة عريقة وأن أعضائها يعرفون قيمتها وقيمتهم، ولا يكتفون بخدمات، مهمة وضرورية ولابد منها، ولكنها ليست كل شيء.
(1)
“عايزين صحافة حرة.. العيشة بقيت مرة”
ربما الهتاف السابق كاشف بشكل حقيقي عن العلاقة المركزية بين حرية الصحافة و”لقمة العيش”، و”حرية الصحافة” هو انعكاس لحرية المجتمع ككل. فإلى كل زميل صحفي، يؤمن بأن صوته يصنع الفارق، أسابيع قليلة تفصلنا عن انتخابات التجديد النصفي لنقابة الصحفيين، لانتخاب نقيب و6 من الأعضاء، قدر النقابة وقدر أعضائها وقدر كل ممارس للمهنة أن تكون انتخاباتها ليست كأي انتخابات نقابية أخرى.
صحيح أن الخدمات النقابية – من توفير خصومات على المواصلات إلى دعم شراء الأجهزة وتوفير سلع غذائية مدعومة وغيرها من الخدمات المماثلة – هي حقوق مشروعة لأعضاء نقابة الصحفيين، ولا يمكن لأحد أن يقلل من أهميتها ولا يتعالى عليها وعلى المطالبين بها، لكن، دعونا لا ننسى أن نقابة الصحفيين هي حصن الحريات، والخط الأول في مواجهة أي استهداف أو تضييق على حق الأفراد والمجتمع في المعلومات والحقيقة.
في هذه المرحلة المصيرية، ملف الحريات وعلى رأسه حرية الصحافة والصحفيين المحبوسين، يجب أن يكون على رأس أولوية أي مرشح وأي عضو لديه صوت فارق. نحن بحاجة إلى مرشحين يؤمنون بالحريات النقابية، ويضعون نصب أعينهم الدفاع عن حقوق الصحفيين وحقوق الجمهور في المعرفة. نريد قيادة نقابية لا تكتفي بتقديم الخدمات، بل تدافع عن جوهر رسالتنا، عن حقنا في إيصال الحقيقة كاملة، دون تزييف أو تضليل. فلنجعل من انتخاباتنا هذه، صرخة مدوية في وجه كل من يريد تكميم الأفواه، وتقييد حرياتنا. فلنصنع معا فجرا جديدا للصحافة المصرية.
(2)
من المحزن والمؤلم والمهين، أن نجد من لم تكن الحريات يوما على أجندته، ولم تكن الديمقراطية في قاموسه، يخرج اليوم ليتحدث عن إيمانه بها بمناسبة الانتخابات. هؤلاء الذين شهدت فتراتهم السابقة سوادا على الصحافة والحريات، وتاريخهم مكشوف لكل من أراد أن يبحث ولو قليلا. الأدهى من ذلك، أن تنسب إليهم إنجازات لم يصنعوها، وفضلا لم يبذلوه، بينما هناك من آمنوا بحرية الصحافة والدفاع عن المهنة، وحرية الزملاء، تدور حولهم الاتهامات ويطمس حقهم.
ما يحدث ليس تزويرا للتاريخ فحسب، بل هو إهانة شديدة لعقول الصحفيين واستخفاف بذاكرتهم، واستهانة بآلام من يدفعون الثمن، واستغلال لملف لن يغفر التاريخ لمن استغله لتحقيق مكاسب انتخابية. ستظل المهنة شاهدة على من أخلص لها، وعلى من حاول استغلالها.
(3)
على مدار 15 سنة، جمعتني بخالد البلشي رحلة طويلة بدأت، خلال كل هذه السنوات، كنا نعمل معا في كل موقع، وكل صحيفة، وكل قناة تلفزيونية، وفي كل تجربة جديدة. دائما كان البلشي مؤمنا بالحرية والديمقراطية، مدافعا شرسا عن حقوق الصحفيين، ليس فقط في حرية التعبير، ولكن أيضا في حقهم في أجور عادلة تضمن لهم حياة كريمة. لم يتوان يوما عن دعم أي صحفي تعرض لمشكلة، سواء كانت نقابية أو قانونية، وهو داخل المجلس أو خارجه، كان دائم السعي خلف كل صاحب حق، مؤمنا أن الصحافة لا تكون حرة إلا إذا كان الصحفيون أحرارا في أقلامهم ومعيشتهم.
ورغم أن الجميع يعرف البلشي جيدا، إلا أن شهادتي فيه تظل شهادة محب وصديق، مجروحة بمودة واحترام لهذا الرجل الذي لم يتغير يوما، وظل ثابتا على مواقفه، مدافعا عن الصحافة والصحفيين، كما كان دائما.