أحمد رفعت جديد؟ رحيل لاعب كفر الشيخ يعيد مأساة الإهمال الطبي في الملاعب المصرية  

في ليلة مثقلة بالحزن والأسى، ودّع أهالي مدينة المحلة بمحافظة الغربية اللاعب محمد شوقي، مدافع فريق كفر الشيخ الرياضي، الذي غادر الحياة فجأة على خلفية تعرضه لأزمة قلبية مفاجئة، أثناء مباراة لفريقه في دوري القسم الثاني.  

جنازة مهيبة اجتمع فيها المئات من أبناء القرية والقرى المجاورة، إلى جانب زملائه في النادي ومسؤوليه، لتشييع جثمان اللاعب الشاب، الذي ترك وراءه أسئلة موجعة حول جاهزية الملاعب ومستوى الرعاية الطبية في الكرة المصرية.   

صدمة على أرض الملعب   

محمد شوقي، 29 عامًا، كان نموذجًا للاعب المثابر، بدأ مسيرته الكروية في مركز قلب الدفاع متنقلًا بين أندية مثل غزل المحلة وسبورتنج كاسل ودسوق، قبل أن ينضم إلى صفوف نادي كفر الشيخ. لكن رحلته الرياضية توقفت فجأة يوم الأربعاء الماضي عندما سقط مغشيًا عليه أثناء مباراة فريقه أمام مركز شباب القزازين.   

ورغم محاولات التدخل الطبي ونقله إلى مستشفى الزرقا المركزي في محافظة دمياط، فشلت جميع المحاولات لإنعاش قلبه الذي توقف تمامًا أثناء وجوده على جهاز التنفس الصناعي. وفارق شوقي الحياة في الساعات الأولى من صباح اليوم التالي، مخلفًا وراءه ثلاثة أطفال، أصغرهم لم يمضِ سوى أيام قليلة على قدومه إلى الحياة. 

في سرادق العزاء الذي نُصب أمام منزل الأسرة، انهار والد اللاعب وسط بحر من الحزن والمواساة. فيما شارك لاعبو فريق كفر الشيخ زميلهم الراحل في رحلته الأخيرة، متعهدين بدعم أسرته.  

النادي أعلن الحداد وإيقاف جميع الأنشطة الرياضية لمدة ثلاثة أيام، مؤكدًا أنه سيصرف كامل مستحقات اللاعب المالية لدعم أسرته في محنتها. 

حادث يعيد ذكريات مؤلمة   

لم تكن هذه الحادثة الأولى من نوعها، إذ أعادت إلى الأذهان مأساة وفاة اللاعب أحمد رفعت، مدافع نادي مودرن فيوتشر، الذي توفي في ظروف مشابهة قبل أربعة أشهر فقط، خلال مباراة بالدوري المصري. رحيل رفعت، الذي كان سببه أزمة قلبية مفاجئة، أثار وقتها عاصفة من التساؤلات حول غياب الإسعافات الأولية وجهوزية الطواقم الطبية في الملاعب المصرية.   

اللافت أن وزارة الشباب والرياضة فتحت تحقيقًا في وفاة رفعت آنذاك، ولكن يبدو أن النتائج لم تُترجم إلى إجراءات فعالة، إذ تكررت المأساة، ما يضع المسؤولين أمام تساؤلات جادة عن تقصيرهم. 

اتهامات بالإهمال وغياب الإصلاح   

ماجد سامي، مالك نادي وادي دجلة، كان من أبرز المنتقدين لغياب الجاهزية الطبية في الملاعب، حيث كتب على صفحته الشخصية بموقع فيسبوك: ثمانية أشهر تقاعس فيها اتحاد الكرة عن استحداث شرط بسيط لإقامة المباريات، وهو وجود مسعفين مدربين على دكة الفريقين. هذا القرار لن يكلف سوى ألف جنيه لكل فرد للتدريب، لكن الإهمال يظل سيد الموقف. 

تصريحات سامي سلطت الضوء على غياب دور الاتحاد في تطبيق المعايير الطبية الحديثة، رغم تكرار الحوادث. وأوضح أن الاتحاد لم يتخذ أي إجراءات ملموسة منذ وفاة أحمد رفعت في يوليو الماضي، مؤكدًا أن التغيير لن يأتي إلا بمحاسبة حقيقية للمسؤولين. 

تحقيقات جديدة وإجراءات غائبة   

من جانبها، أعلنت اللجنة العليا للرعاية الطبية بوزارة الشباب والرياضة فتح تحقيق عاجل في وفاة شوقي، مشيرة إلى أنها ستنظر في ملابسات الحادثة وإحالة أي تقصير إلى جهات التحقيق الرسمية. الخطوة أثارت آمالًا بتحسين الأوضاع، لكنها تظل خطوة مكررة لم تسفر عن تغيير حقيقي في المرات السابقة.   

الكابتن أحمد مصطفى، المدير التنفيذي لنادي كفر الشيخ، أكد أن النادي لم يقصّر في تجهيزاته الطبية، مشيرًا إلى قرب المستشفى من الملعب وسرعة نقل اللاعب، لكنه اعترف بأن المشكلة الأكبر تتعلق بغياب الإسعافات الأولية الفعالة في اللحظات الحرجة. 

هل تصبح مأساة شوقي الأخيرة؟   

بينما تعم أجواء الحزن على أسرة شوقي وأصدقائه، يبقى المشهد مفتوحًا على مزيد من التساؤلات حول مسؤولية اتحاد الكرة والأندية في توفير بيئة آمنة للاعبين. هل ستكون وفاة شوقي نقطة تحول حقيقية تدفع نحو تحسين الخدمات الطبية في الملاعب؟ أم ستبقى تلك الحوادث مجرد أرقام تُضاف إلى قائمة الإهمال الطويلة؟   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *