أحمد ربيع عبد ربه يكتب: دوامة الآلام ومرارة الصبر وضيق الحال
أيام ثقال تظل بظلها حياة المصريين، دوامة لا متناهية من الآلام والأوجاع ومرارة الصبر بالرضى تارة وبالإجبار تارة أخرى، ظلمات بعضها فوق بعض، إذا أخرج المواطن يده لم يكد يراها.
موجة من الغلاء وارتفاع الأسعار تضرب البلاد، ليزداد بها الفقراء فقرا، ويلقى على كاهلهم فوق الهموم هموم، يُعصرون ويُطحنون هم وأحلامهم في المستقبل، يُقتل “الغد” على مرأى منهم ومسمع.. بينما المسئولون هم وأتباعهم على الآرائك يتكئون ويتحدثون عن ضرورة التقشف والتخلي عن “البيض الأورجانيك”!.
أي سفاهة تلك التي تجعل أحدهم ينظر إلى المصريين ويرفع عينيه في أعينهم ويطالبهم بتخفيض سقف طموحاتهم في “الأورجانيك”؟! أي حماقة تلك التي تدفع البعض إلى الاعتقاد أن السواد الأعظم من الشعب -المهموم باحتمالية رفع سعر رغيف الخبز والحذف من بطاقات التموين- بلغ به مستوى الرفاهية ما يجعله يبحث عن “الجودة”.
ترتفع الأسعار بشكل جنوني، كل السلع بلا استثناء، وما ذلك إلا تمهيد لما هو قادم.. فارتفاع السلع الحالي لا علاقة له بأثر الحرب الروسية الأوكرانية وإنما هو امتداد لسياسات اقتصادية خاطئة طالما حذر منها الخبراء، أما أثر الحرب فسيظهر خلال أسابيع قليلة وعلى كل المستويات.
بُحت أصوات الخبراء على مدى السنوات الماضية تحذر من المشروعات غير المدروسة، من الإنفاق غير المبرر، من تصفية عوامل الإنتاج، من تجميد السيولة المالية في “الأسفلت”، من تأميم الأسواق وتكميم الأفواه.. ولكن لا حياة لمن تنادي.
الآن يبدو أننا نلج إلى أزمة أضخم، ندخل معصوبي الأعين إلى واقع أكثر مرارة من ذي قبل، فبينما تنتشر التقارير عن ارتفاع جديد للأسعار -وعلى رأسها البنزين- يؤكد خبراء آخرون أننا سنشهد تعويما كاملا للجنيه.
تلك الأصوات التي بُحت سابقا في التحذير من تفاقم الأوضاع الاقتصادية عادت مرة أخرى خلال هذه الفترة لتحذر من أمر آخر.. تحذيراتهم هذه المرة من ثورة جياع تأكل ما تبقى من الأخضر واليابس.. فهل من مستمع أم أن زمن “البيض الأورجانيك” ليس فيه من يسمع؟
Now