أحمد النجار يكتب: مصر والسعودية والأردن في مواجهة ترامب ونتنياهو وحلم الهيمنة  

نتن ياهو يحلم بأن يكون هو من يتم تطبيع العلاقات مع السعودية في عهده، لكنه كأي مصاب بسعار الاستحواذ والهيمنة تصور أن ذلك يمكن أن يتم إرغاما من خلال المخبول الهمجي ترامب. ورغم الرفض الشعبي الفلسطيني القاطع لأي تهجير، ورد السعودية الحاسم برفض التهجير، وبأن التطبيع يمكن أن يتم فقط بعد إنشاء دولة فلسطينية مستقلة على حدود ما قبل عدوان يونيو 1967 وعاصمتها شرق القدس أو القدس الشرقية وفقا للمبادرة العربية التي أطلقتها السعودية قبل سنوات طويلة، إلا أنه ما زال يحلم بالإجبار الترامبي للسعودية وكأن دول وشعوب المنطقة لا قيمة ولا قدرة ولا رأي لها! والأنكى أن ذلك النتن ياهو الذي يأمل في تطبيع العلاقات مع السعودية، لم يقم أي اعتبار لها وطرح فكرة تهجير الشعب الفلسطيني إليها وكأنها أرض بلا دولة، وكأن الفلسطينيين شعب بلا أرض، بينما هو وزمرته ينتمون في الأصل لدول وقوميات أخرى وليسوا سوى أغرابا في منطقة وبلد جثموا على جغرافيته إجراما واغتصابا بمساعدة الغرب الذي كان يريد التخلص منهم ومن التوتر الطائفي الغربي معهم.  

الوضع الراهن يتمثل في توافق سعار نتن ياهو مع مجنون بالاستحواذ والهيمنة الفاشية هو ترامب، رغم فقدان إمبراطوريته لعناصر تفوقها الاقتصادي التي لم يبق لها سوى جبروتها العسكري، ووضع مُغتَصب للدولار كعملة احتياط دولية بلا غطاء ذهبي أو إنتاجي، وسيفقده عما قريب، وهيمنة على جزء مهم من حركة التحويلات والتسويات المالية الدولية. وفي المقابل هناك عالم متقدم وناهض يتعامل مع ترامب وخططه على أنه حالة همجية لا تخل من الخبل، أو فضيحة على حد تعبير المستشار الألماني بشأن خطة ترامب للاستيلاء على غزة.  

وعلى الجانب العربي هناك رفض جماعي وواضح بشأن خطة ترامب للتهجير القسري للشعب الفلسطيني، وبشأن تحويل الدفة تجاه السعودية بعد رفض مصر والأردن لهذا التهجير. وباستثناء ما قد تضمره دويلة مغرمة بالتطبيع مع الكيان الصهيوني، فإن باقي الدول العربية في العمق وعلى السطح ترفض تلك الخطة الفاشية الدنيئة.  

وهناك قمة عربية طارئة ستعقد قبل نهاية هذا الشهر لاتخاذ موقف عربي موحد بشأن غزة، وآمل أن يصدر عنها رفض عربي جامع وقوي وصارم ضد خزعبلات ترامب بشأن تهجير الشعب الفلسطيني إلى مصر أو الأردن أو السعودية أو أي مكان آخر. وإعلان واضح لتكاتف الدول العربية مع هذه الدول الثلاث في رفض خطة ترامب الخرقاء. وإعلان تأسيس صندوق عربي لإعادة إعمار وإنماء غزة والضفة والقدس بتمويل دائم ومستمر عبارة عن دولار واحد عن كل برميل من صادرات النفط أو ما يكافئه من الغاز من الدول العربية صاحبة الفوائض النفطية في الخليج والعراق وليبيا والجزائر. ويمكن إشراك الشعوب العربية كلها في هذا التمويل بفتح باب التبرع الاختياري للعاملين العرب بأجر عمل يوم واحد في السنة لصالح هذا الصندوق. وتلك المبادرة تبناها المؤتمر القومي العربي العام الماضي، وآمل أن تتبناها القمة العربية الطارئة لتعميق انزراع الشعب الفلسطيني في أرضه، وكرد عملي قوى ويحمل معاني الأخوة والتضامن، على خطة المخبول ترامب لتهجير الشعب الفلسطيني قسريا إلى مصر، أو الأردن، أو السعودية. كما أنه من المهم تجديد الموقف العربي بشأن تسوية القضية الفلسطينية التي استعادت مكانها في الضمير العالمي وفي العديد من دول الغرب في ظل طوفان الأقصى وما نتج عنه من هزيمة السردية الصهيونية المزيفة بشأن القضية التي أصبحت معالجتها قضية مهمة على الساحة الدولية حتى لا تتسبب في حروب ومآسي إقليمية وعالمية جديدة. وسواء تم الاستقرار على المبادرة السعودية-العربية القائمة على حل الدولتين على حدود ما قبل عدوان يونيو 1967 مع إخلاء الضفة والقدس الشرقية من المستدمرين الصهاينة وهم أقرب لعصابات مسعورة ونهابة، أو دولة واحدة لكل مواطنيها على قدم المساواة من البحر إلى النهر وهي بالمناسبة ستكون من اللحظة الأولى ذات غالبية عربية، فإن الأهم هو تجديد الموقف العربي القائم في الحالتين على بقاء الشعب الفلسطيني منزرعا في أرضه، وإن لم يعجب ذلك نسل الأغراب فليرحلوا هم إلى البلدان التي قدموا منها، وقد يفعلون عاجلا أو آجلا، لو تفهمت الدول العربية مخاطر المشروع الصهيوني ودعمت نفسها قبل فلسطين، من خلال تقديم كل الدعم للشعب الفلسطيني وتأسيس الصندوق العربي لإعادة الإعمار والإنماء في فلسطين، ومن خلال بناء حقيقي ومترابط عربيا للقوة بكل أشكالها لمواجهة كل التحديات الصهيونية والإقليمية والدولية. 

أحمد السيد النجار 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *