أحمد النجار يكتب عن عسكر السودان ومصادرة المستقبل: قادوا بلدهم من فشل لفشل على كل الأصعدة.. وانقلابهم هذه المرة قد يقود لمنزلق دموي
النجار عن عسكر السودان: خلال سيطرتهم الطويلة على الحكم جعلوا الشعب الكريم يعاني الأمرين من القمع والفساد رغم ثرواته غير المستغلة
الكاتب الصحفي: عندما حان موعد تسليم قيادة مجلس السيادة للمدنيين أسفروا عن وجههم الفاشي بالانقلاب على المسار السلمي
كتب- عبد الرحمن بدر
علق أحمد النجار، الكاتب الصحفي والمفكر، ورئيس مجلس إدارة الأهرام الأسبق، على انقلاب السودان، محذرا من أنه قد يقود هذه المرة لمنزلق دموي.
وقال النجار: “عسكر السودان.. تاريخ أسود من السعار على السلطة قادهم لسلسلة انقلابات حكموا من خلالها السودان في الغالبية الساحقة من السنوات التي تلت الاستقلال، وقادوه من فشل لفشل على كل الأصعدة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. وتمزق السودان وتقزم على أيديهم الفاشية فالاستحواذ على السلطة هو كل ما يعنيهم وليس وحدة وتطور وتنمية السودان واحترام حريات وحقوق شعبه”.
وتابع النجار، في تدوينة، اليوم الاثنين: “خلال سيطرتهم الطويلة على الحكم جعلوا شعبه الكريم يعاني الأمرين من القمع والفساد ويراوح في مواقع الفقر رغم ثرواته الهائلة غير المستغلة والضائعة في مسارب الفساد وتدني كفاءة إدارة الموارد”.
وأضاف: بعد ثورة عظيمة تم اتهامهم بقتل بعض الثوار خلالها، أمسكوا بقيادة مجلس السيادة وقادوا السودان لمستنقع التطبيع مع الكيان الصهيوني وللتبعية لصهاينة العرب من دويلات لا تساوي حفنة من تراب السودان وعمقوا فقر الشعب وخلقوا أزمات في شرق وغرب السودان.
وقال الكاتب الصحفي: “عندما حان موعد تسليم قيادة مجلس السيادة للمدنيين أسفروا عن وجههم الفاشي بالانقلاب على المسار السلمي لنقل السلطة للمدنيين، وحركوا بعض العملاء والموالين لهم للمناداة باستمرارهم في الحكم وبحكومة تكنوقراط، وبالمناسبة فإن ما يسمى حكومة التكنوقراط مجرد أكذوبة كبرى فليس هناك من لا يملك انحيازا أو موقفا، ومنصب الوزير سياسي وليس تقني أو فني”.
وتابع: المؤكد أن حكومة حمدوك في السودان والتي تماشت مع إرادة العسكر بحكم رئاستهم لمجلس السيادة، لم تحقق للشعب السوداني أهدافه التي ثار من أجلها وهي إدانة للعسكر قبل أن تكون إدانة للوزراء المدنيين، لكن انقلاب عسكر السودان هذه المرة ليس ككل مرة وسعارهم على السلطة قد يقودهم لمنزلق دموي يغير وجه السودان وينهي سيطرتهم المسعورة على مقدراته ومستقبله.
وفي وقت سابق من اليوم الاثنين، أعلن رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد وحل مجلس السيادة الانتقالي والحكومة، متعهدا بتشكيل حكومة كفاءات تدير المرحلة الانتقالية في البلاد.
وأكد البرهان في خطاب للشعب، الالتزام بالوثيقة الدستورية، حتى تشكيل حكومة كفاءات وطنية تراعي في تشكيلها التمثيل العادل لأهل السودان قبل نهاية نوفمبر عام 2023، متعهدا بإشراك الشباب في برلمان ثوري يراقب أداءها.
وقبل ذلك، أعلن مكتب عبد الله حمدوك، في بيان، اعتقال الأخير وزوجته من قبل قوة عسكرية اقتادتهما إلى جهة غير معلومة. وقال البيان: “تم اختطاف رئيس الوزراء د. عبدالله حمدوك وزوجته فجر اليوم من مقر إقامتهما بالخرطوم، وتم اقتيادهما لجهة غير معلومة من قبل قوة عسكرية. كما اعتقلت القوات الأمنية بالتزامن عدداً من أعضاء مجلس السيادة والوزراء وقيادات سياسية”.
ودعا مكتب حمدوك الشعب السوداني إلى الخروج والتظاهر و”استخدام كل الوسائل السلمية المعلومة والتي خبرها وجربها، لاستعادة ثورته من أي مختطف”.
في سياق متصل، أصيب 12 محتجا سودانيا على قرارات البرهان، بالرصاص لدى محاولتهم اقتحام مقر قيادة الجيش بالخرطوم، بحسب ما أعلنته لجنة أطباء السودان في بيان مقتضب على فيسبوك.
يذكر أنه توالت ردود الفعل العربي والدولية بشأن الانقلاب الذي نفذه الجيش السوداني برئاسة رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان، ضد الحكومة الانتقالية برئاسة عبدالله حمدوك، الذي اعتقله عسكريون واقتادوه وزوجته إلى جهة غير معلومة، فضلا عن اعتقال عدد من أعضاء الحكومة والمجلس السيادي وسياسيين آخرين، قبل ساعات من إعلان البرهان حل المجلس والحكومة وإعلان الطواريء في البلاد.
وقالت وزارة الخارجية إن مصر تتابع عن كثب التطورات الأخيرة في جمهورية السودان الشقيق، مؤكدةً أهمية تحقيق الاستقرار والأمن للشعب السوداني والحفاظ على مقدراته والتعامل مع التحديات الراهنة بالشكل الذي يضمن سلامة هذا البلد الشقيق، ومؤكدةً كذلك أن أمن واستقرار السودان جزء لا يتجزء من أمن واستقرار مصر والمنطقة.
ودعت مصر، في بيان للوزارة، اليوم، الأطراف السودانية الشقيقة، في إطار المسئولية وضبط النفس، لتغليب المصلحة العليا للوطن والتوافق الوطني.
كما أعرب البيت الأبيض عن قلقه إزاء التقارير عن انقلاب عسكري في السودان، ودعا إلى الإفراج فورا عن المسؤولين السودانيين.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير، إن الحكومة الأمريكية “تشعر بقلق عميق” إزار التقارير التي تتحدث عن انقلاب عسكري في السودان، مشيرا إلى أن هذا الانقلاب “يتعارض مع إرادة الشعب السوداني”.
وأضافت: “نرفض تصرفات الجيش وندعو إلى الإفراج الفوري عن رئيس الوزراء والآخرين الذين وضعوا قيد الإقامة الجبرية”.
وندد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بواقعة الانقلاب في السودان، داعيا للإفراج فورا عن رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، وأعضاء الحكومة المدنيين.
وعلى حسابه في “تويتر”، قال ماكرون: “تدين فرنسا بأشد العبارات محاولة الانقلاب في السودان”، وأضاف: “نعبر عن دعمنا للحكومة الانتقالية السودانية، وندعو إلى الإفراج الفوري واحترام نزاهة رئيس الوزراء والقادة المدنيين”.
ووصفت الخارجية الروسية الأحداث التي يشهدها السودان بأنها دليل على أزمة حادة ناجمة عن اتباع سياسة فاشلة على مدى عامين، وأكدت ثقتها بقدرة شعب السودان على حل المشاكل الداخلية بنفسه.
وقالت الخارجية الروسية في بيان لها إنه حسب المعلومات الواردة، فقد قامت مجموعة من العسكريين في الخرطوم في ليلة 24-25 أكتوبر، بمحاصرة مقر إقامة رئيس حكومة السودان عبد الله حمدوك، واعتقلت عددا من أعضاء حكومته الانتقالية.
وتابع البيان: “وفي 25 أكتوبر، أعلن رئيس المجلس السيادي القائد العام للقوات المسلحة السودانية عبد الفتاح البرهان قرارا بحل المجلس والحكومة الانتقالية، كما أعلن حالة الطوارئ في البلاد”.
وقال البيان: “ننطلق من حقيقة أن مثل هذا التطور للأحداث في السودان أصبح دليلا على أزمة حادة وشاملة طالت كافة مجالات الحياة السياسية والاقتصادية للبلاد”.
وأضاف: “هذه نتيجة طبيعية لسياسة فاشلة تم اتباعها خلال العامين الماضيين، حيث تجاهلت السلطات الانتقالية ورعاتها ومستشاروها الأجانب حالة اليأس والبؤس التي عانت منها الغالبية العظمى من السكان”.
وأشار البيان إلى أنه “أدى التدخل الأجنبي واسع النطاق في الشؤون الداخلية للبلاد إلى فقدان ثقة مواطني السودان بالسلطات الانتقالية، ما تسبب باندلاع احتجاجات متكررة وأثار حالة من عدم الاستقرار العام في البلاد، بما في ذلك الانعزال الفعلي لعدد من مناطقها”.
وأضاف البيان: “نحن مقتنعون بأن بإمكان السودانيين بل ويتعين عليهم حل المشاكل الداخلية بأنفسهم وتحديد اتجاه التنمية السيادية لبلدهم انطلاقا من المصالح الوطنية، ستواصل روسيا احترام خيار الشعب السوداني الصديق وتقديم كل المساعدة اللازمة له”.
ودعت وزارة الخارجية السعودية، جميع الأطراف السياسية في السودان إلى الحفاظ على كل ما تحقق من مكتسبات سياسية واقتصادية، معربة عن قلقها من الأحداث الجارية هناك.
وأعلنت الخارجية السعودية، في بيان لها، أن “المملكة تتابع بقلق واهتمام بالغ الأحداث الجارية في السودان”، داعية إلى أهمية ضبط النفس والتهدئة وعدم التصعيد.