أحمد الطنطاوي في حوار مع “القدس العربي” عن الموقف من انتخابات الرئاسة القادمة والافراج عن النشطاء وأزمة سد النهضة: هذا موقفنا
الطنطاوي: علينا الضغط لتوفير ضمانات لانتخابات رئاسية بمعايير الشفافية والنزاهة
لا بديل عن الحل العسكري لأزمة سد النهضة.. والنظام يحاول إعادة إنتاج السلطة الأبوية.. وهذا هو موقفي من مقاطعة الانتخابات
العالم لا يفهم غير لغة القوة ولا يحترم إلا لغة الأقوياء وما حدث في مجلس الأمن كان أخف الضررين
الدبلوماسية المصرية وصلت عام 2014 إلى إيقاف الدول والمؤسسات عن تمويل السد.. ثم تم توقيع اتفاق المبادئ
لا أرى الإفراج عن عدد محدود مقدمة لتغيير في التعامل مع هذا الملف.. وموقفنا واضح من الإجراءات الاقتصادية
كتب – أحمد سلامة
قال أحمد الطنطاوي، رئيس حزب “الكرامة” المصري، إنه لا حل سلميا لأزمة سد النهضة الأثيوبي، دون المرور بالحل العسكري، مؤكدًا أن السلطة المصرية ما زالت تقدم تشخيصا خاطئا لأزمة السد، باعتبارها مشكلة فنية لا مشكلة وجودية.
وشدد طنطاوي، على أن “العالم لا يفهم غير لغة القوة ولا يحترم إلا لغة الأقوياء، وما حدث في مجلس الأمن كان أخف الضررين، مجلس الأمن كان أمامه أن ينحاز للموقف الإثيوبي، الذي يقول إن المجلس غير مختص بمناقشة هذه القضية، باعتبارها قضية تنموية لا تخص الأمن والسلم الدوليين، أو ينحاز لوجهة النظر المصرية السودانية، ويتعامل مع هذا الملف ويقبل في أحسن الأحوال الطرح المقدم من ممثل المجموعة العربية تونس، ويستهدف منه العودة للتفاوض تحت رعاية الاتحاد الأفريقي مع إضافة وسطاء دوليين، على أن نصل لنتيجة خلال 6 شهور، وهذا ما كنت أخشاه”.
وحول الانتقادات التي وجهت إلى مطالبته بتوجيه ضربة عسكرية، قال طنطاوي خلال حوار مع “القدس العربي”، إن “مصر تستطيع توجيه ضربة للسد، وتستطيع التعامل مع أي رد فعل، وفي هذه الحالة إثيوبيا ستتفكك على الأقل لثلاث دول، والعالم يحترم القوي ولن يخسر مصر لأنها دافعت عن حقوقها، وأكثر شيء ممكن أن نتعرض له هو مجموعة من العقوبات لن تساوي بأي حال رغم مساوئها أن تكون مصر رهينة، وأقولها مرة أخرى لو إثيوبيا اتفقت معنا على أن يظل السد سعته 74 مليار متر مكعب، وأن تكون إدارته بأيد مصرية، لن يساوي هذا الاتفاق الحبر الذي كتب به، لأنه في أي يوم، يمكنهم التخلي عن الاتفاق”.
وأردف طنطاوي “والسؤال الوجودي هو حجم السد ومكانه، وهذا السد ليس الهدف منه إنتاج الكهرباء بل لتسليع المياه وبيعها لنا واستخدامها مستقبلا في ابتزازنا، وأن تظهر إسرائيل في الوقت المعد سلفا، ويتم الضغط علينا للسماح بوصول المياه إليها، فلا حل سلميا حقيقيا دون المرور بالحل العسكري. والسلطة في مصر ما زالت تقدم تشخيصا خاطئا للمشكلة، تتحدث عن مشكلة فنية لا وجودية تحتاج إلى حلول جزئية، وهذه مشكلة تحتاج لحل جذري، وما يلزم الدولة المصرية هو الحل الذي يحافظ على مياه النيل لا يحفظ ماء وجه السلطة”.
وفي رد على سؤال حول من يتحمل الأخطاء التي أوصلت مصر إلى هذه المرحلة في سد النهضة، أجاب طنطاوي “من اختار أن يتحمل المسؤولية ومن وقع اتفاق المبادئ في 2015 ومن اختار هذا المسار، بعدما كانت مصر نجحت في مسار آخر عام 2014، عندما وصلت الدبلوماسية المصرية إلى نقطة مميزة، تمثلت في إيقاف الدول والمؤسسات عن تمويل السد، فمن يتحمل المسؤولية هو رئيس الجمهورية”.
وحول تقييمه للنظام الحالي، قال رئيس حزب الكرامة إنه يمثل “إعادة إنتاج لفكرة السلطة الأبوية التي ثار عليها الشعب المصري، وهناك تراجع لدولة المؤسسات ودولة القانون لحساب حكم الفرد، وهذا نظام تجاوزه الزمن، وهذا التحدي الأكبر أمام الشعب المصري، الذي يرغب في سلطة حكم تشبه العصر الذي نحن فيه، والسؤال: هل السلطة راغبة في التطور، أعتقد لا، والناس لن تقبل من السلطة سوى أن تتعامل كسلطة الدولة الوطنية العصرية الحديثة التي تكون أجراء لدى الشعوب”.
وردًا عن “الإنفراجة النسبية” في ملف حقوق الإنسان علّق طنطاوي بالقول “لا أستطيع أن أنظر لعملية الإفراج عن عدد محدود باعتبارها مقدمة لتغيير في التعاطي مع هذا الملف، لأنه كانت هناك على فترات حالات مماثلة لكن بأعداد أقل، وكان يقال وقتها أيضا إن هناك تطورا في التعامل مع هذا الملف. السؤال الملح هل السلطة مدركة خطورة استمرار التعامل بهذا الشكل، ومدى الأضرار التي يخلفها على الدولة المصرية داخليا وخارجيا؟ أنا لا ألمس رغبة ذاتية في الإصلاح، لذلك آمال الناس كانت متعلقة بالتأثير الخارجي، وهذا أمر مؤسف لأن الإصلاح من المفترض أن يأتي بإرادة داخلية، أنا لا أرى أي فائدة من خلق خصومات ترتقي في نفوس البعض لعدوات، عندما تلقي بشاب في السجن لأنه صاحب رأي مخالف وتضيع من عمره شهور وسنوات، ويخرج من غير محاكمة ودون اعتذار يقدم عن ما تعرض له، أي درجة من السمو الإنساني يحتاج هذا الشاب أن يتحلى بها حتى لا يكون في حالة غير سوية من حيث نظرته للسلطة التي سجنته، والمجتمع الذي صمت على سجنه”.
وعن موقف حزب الكرامة من الإجراءات الاقتصادية المتخذة وآخرها تحريك سعر دعم الخبز، قال “للمرة الثالثة تتخفف الدولة من مسؤوليتها الاجتماعية لدعم المواطن المصري المستحق لرغيف الخبز، سنوات السيسي السبع شهدت تقلص فاتورة الدعم والمزايا الاجتماعية لأقل من النصف، وشهدت انخفاضا لأقل من النصف بمقارنة الأرقام بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي، كما أن بند الأجور والمرتبات انخفض لأقل من النصف أيضا بمقارنة الأرقام بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي، كل هذه التخفيضات تلتهمها خدمة الدين بسبب التوسع في الاقتراض غير الرشيد، وإنفاق القروض في مشروعات غير مجدية أو يمكن تأجيلها، نتيجة ذلك تضاعف الدين العام المصري في فترة حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي، إلى أكثر من أربعة أضعاف. ورغيف الخبز ليس قضية اقتصادية، بل هو في الأساس قضية اجتماعية، والحديث عن الدعم النقدي، في غياب قاعدة بيانات حقيقية ومدققة تتم مراجعتها بشكل دوري أوهام، والحديث عن التحول إلى الدعم النقدي من دون القدرة على ضبط الأسواق، وضمان عدم تحول هذه القروش إلى تضخم بمعدلات أعلى أوهام، الكلام عن أزمة مصر فيما تقدمه من دعم هو استسهال، وإلقاء اللوم على آخرين، ويتنافى مع وعود الرئيس وقت كان مرشحا، عندما قال إنه لن يرفع الدعم قبل أن يغني الناس، وحسب الأرقام الحكومية الرسمية نسبة الفقر زادت”.
وفي رد على سؤال حول أرقام الفرز في انتخابات البرلمان الأخيرة، قال “الدستور نصّ على حقي في اللجوء للقضاء خلال 30 يوما، وأنا أقمت الدعوى خلال عدة أيام، كما نص أن تفصل محكمة النقض في حكم نهائي ملزم لمجلس النواب خلال 60 يوما، ومرت 8 أشهر دون صدور حكم. تحدثت عن أن أرقام الفرز تؤكد حصولي على المركز الأول في دائرتي، وخطورة ما حدث في هذه الانتخابات أن تنتصر الناس على أعلى درجة الغشم التي مورست في الدائرة الخاصة بي، وأسوأ أشكال المال السياسي، وتحرمها في النهاية من حصولها على حقها في اختيارها، لكن الناس أثبتت أنها عندما يقدم لها الوجه الآخر المغاير لما يقدم الآن تختاره”.
وحول خيارات المشاركة أو المقاطعة في الانتخابات سواء في الرئاسة أو المحليات أو النواب والشيوخ، أبدى طنطاوي اعتقاده بأن من يدعو لمقاطعة أي انتخابات عليه أن تكون لديه أسباب وبدائل، مضيفا “الطريق الآمن للتغيير في مصر هو طريق التداول السلمي للسلطة والعمل وفق الدستور والقانون، وإذا قرر الشعب شيئا آخر فهو من سيفرض على الجميع، أما ما أتبناه فهو خوض كل انتخابات، والفوز والوصول إلى السلطة ليسا الهدف الوحيد للانتخابات، بل هناك هدف آخر هو التواصل مع الناس وعرض أفكارك ومدى تقبل الناس لها، ولا بد أن نتعلم ثقافة أن الحصاد لا يكون عادة وقت الزراعة، بل بعدها بفترة، وأرى أن واجب الأحزاب تحريض الناس على المشاركة رغم أن قواعد المشاركة غير عادلة، ورغم كل المظالم”.
وعن بعض الدعوات التي طالبته بالترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة قال طنطاوي في حواره “قبل الحديث عن الترشح علينا الضغط من أجل توفر ضمانات لإجراء انتخابات بمعايير الشفافية والنزاهة، وأنا أرى أننا نسير في اتجاه مغاير تماما، وأن كل انتخابات جرت الفترة الماضية تسير في اتجاه معاكس لهذا المؤشر، أضف إلى ذلك أن من المنتظر أن تكون هذه الانتخابات من دون إشراف قضائي كامل، لكن لا يزال للهيئة الوطنية للانتخابات الحق في إجراء انتخابات بإشراف قضائي كامل، وفي النهاية من الأفضل أن تتفق الأحزاب التي تحمل الرؤى نفسها على مرشح واحد لخوض الانتخابات في حال الاتفاق على خوضها”.