أحد السعف في زمن كورونا.. حضرت الذكرى وغابت الاحتفالات: (سنحضر العيد والورد لمنازلنا)
دعوات لتزيين الشرفات والنوافذ بالورود الحمراء والسعف.. ومواطنون يشاركون صورا لاحتفالاتهم القديمة
نزلت نواحي كنيسة العدرا بالزيتون أجيب زعف بأشكاله وورده وقمحه ملقتش ولا واحد بيبيع .. ربنا يعدي الأيام دي على خير”
كتب – محمود هاشم
لم تعد طقوس الاحتفال بأحد السعف “الشعانين” هذا العام كغيرها من السنوات، في ظل تهديد فيروس كورونا العالم وتسببه في مئات الآلاف من الإصابات والوفيات، ما تسبب في غلق جميع الكنائس والتزام المواطنين منازلهم دون الخروج للاحتفالات، وباتت الصلوات والقداسات تنقل عبر البث المباشر على منصات التواصل الاجتماعي “أونلاين”، دون حضور شعبي على غير المعتاد.
أحد الشعانين، هو الأحد السابع من الصوم الكبير والأخير قبل عيد القيامة، ويسمى الأسبوع الذي يبدأ به بأسبوع الآلام، وهو يوم ذكرى دخول يسوع إلى مدينة القدس، ويسمّى أيضًا بأحد السعف أو الزيتونة، نظرا لاستقبال أهالي المدينة المسيح بالسعف وأغصان الزيتون، وبهذا التقليد يعاد استخدام السعف والزينة في أغلب الكنائس للاحتفال بهذا اليوم.
وخلت الكنائس من طقوسها المعتادة في مثل هذا اليوم من كل عام، حيث غاب عنها المصلون، ولم يعد الباعة يفترشون بضاعاتهم أمامها لرسم البهجة على وجوه الحاضرين، وبيع سعف النخيل والورود وأغصان الشجر للاحتفال، بعد إجراءات غلق الأماكن الدينية، نظرا لحظر التجمعات بجميع أنواعها لتقليل الاحتكاك البشري وتحقيق التباعد الاجتماعي والبدني اللازمين، خوفًا من تفشي العدوى بين فئات الشعب.
وترأس بابا الإسكندرية، وبطريرك الكرازة المرقسية، تواضروس الثاني، صلاة القداس الإلهى لأحد السعف في كنيسة التجلي بدير القديس الأنبا بيشوي بوادي النطرون، دون أي حضور شعبى، وهو ما تكرر سابقا في قداسى الجمعة العظيمة وسبت النور.
وشارك عدد من الأساقفة أعضاء المجمع المقدس ورهبان الأديرة في وادى النطرون، في الصلاة، فيما نصح البابا في عظته المواطنين بالتزام الإجراءات الوقائية التي تتخذها الدولة في مواجهة فيروس كورونا، حتى تمر هذه الجائحة بسلام ويعود الجميع لحياتهم الطبيعية.
الظروف الجبرية المتزامنة مع جائحة كورونا، دفعت العديد من المواطنين للاحتفال في منازلهم، رغبة منهم في عدم تفويت الاحتفال بهذه المناسبة المقدسة، رغم كل المخاوف.
ويقول المدير التنفيذى لجمعية النهضة العلمية والثقافية “جزويت القاهرة”، سامح سامي: “متعب ومؤلم جدا أن النهاردة حد الزعف ومفيش صلاة في الكنيسة”.
وأضاف: “المؤلم كمان جدا أني نزلت أروح نواحي كنيسة العدرا بالزيتون عشان أجيب زعف بأشكاله وورد وقمحه، عشان أنا وزوجتي وأبنائي ننبسط في البيت ونحتفل بس للأسف ملقتش ولا واحد بيبيع عكس ما كنت متوقع”، وتابع: “ربنا يعدي الأيام دي على خير”.
الذكرى استدعت بدورها القيم الروحية المرتبطة بهذه المناسبة المقدسة، وتأكيدها على قدرة البشر على صنع المعجزات مادام الإيمان بتحقيقها موجودا.
ويقول الكاتب الصحفي سامح حنين: “أحد الشعانين، كان بالنسبة لي أحلى يوم في السنة، أحلى من العيد نفسه، بالمناسبة دي كنت دايما بفكر في المعجزات اللي عملها المسيح، كان دايما بيسأل اللي بيطلب منه حاجة إذا كان مؤمن من قلبه فعلا إنه هيقدر يحققهاله، كان يؤكد ده دايما، أنت مؤمن أني ممكن أشفيك؟، أنت مؤمن من قلبك أني ممكن أساعدك؟”.
وأوضح: “فكرة الإيمان أننا نقدر، مش بس عايزين نعمل، لا إحنا نقدر نعمل، بيحصل اللي عايزينه، الإيمان في اللي بنبحهم والثقة فيهم، الإيمان في اللي بنشاركهم ضعفاتنا ومخاوفنا، الإيمان في اللي بنوهب لهم مشاعرنا مجانا”، واستكمل: “يارب الأزمة تعدي على خير ونرجع نعمل الخوص بتعانا ونحط فيه ورد ونتصور ونفرح”.
الأجواء التي سببها كورونا، دفعت حتى إلى إغلاق كنيسة القيامة نفسها أبوابها للمرة الأولى منذ 100 عام، ولم يتبق أمام المسيحيين المحتفلين، سوى متابعة القدّاس عبر شاشات التلفزيون ومواقع التواصل الاجتماعي في أجواء من الحزن والترقب.
وشهد العام الماضي، مشاركة أكثر من 25 ألف مسيحي بعيد أحد الشعانين في مدينة القدس، بينما هذا العام لم تخرج المسيرة التقليدية من دير “بيت فاجي” على جبل الزيتون لتصل إلى كنيسة القديسة حنا داخل البلدة القديمة كما جرت العادة.
وعلى الرغم من غياب الاحتفالات الشعبية والرسمية بهذه المناسبة، دعا كثيرون لتزيين الشرفات والنوافذ بالورود الحمراء والسعف، وشارك كثيرون صورا لاحتفالاتهم القديمة ولقطات رصدتها عدساتهم للمحتفلين في سنوات سابقة، آملين في عودة قريبة للحياة الطبيعية وأجواء البهجة والسعادة، بعد الخلاص من أزمة كورونا.