ماذا يحث في أفغانستان؟ انفجارات وتنصيب رئيسين

تعمّقت الأزمة السياسية في أفغانستان الاثنين مع تنصيب كل من أشرف غني وخصمه الأبرز عبدالله عبدالله نفسيهما كرئيسين في حفلين متزامنين قطعهما انفجاران على الأقل.

وعزز الصراع على السلطة بين الرئيس أشرف غني ورئيس السلطة التنفيذية الأسبق عبدالله عبدالله المخاوف حيال الديموقراطية الهشة في أفغانستان في وقت تستعد الولايات المتحدة للانسحاب من البلاد عقب اتفاق أبرمته الشهر الماضي مه طالبان التي تبدو في وضع قوي وصفوفها موحّدة.

شبهات التزوير تحوم حول انتخابات انتخابات سبتمبر

وجرت انتخابات سبتمبر لكن لم يتم الإعلان عن فوز غني بولاية ثانية إلا الشهر الماضي بعدما تأجّل إعلان النتيجة مرارا وسط اتهامات بتزوير الانتخابات، وأثار الإعلان ردا غاضبا من عبدالله الذي تعهّد بتشكيل حكومته الموازية.

ووصل غني الذي ارتدى الزي الأفغاني التقليدي وعمامة بيضاء اللون، اليوم، إلى القصر الرئاسي ليؤدي اليمين محاطا بأنصاره إلى جانب شخصيات سياسية بارزة ودبلوماسيين وكبار المسؤولين الأجانب بمن فيهم المبعوث الأمريكي للبلاد زلماي خليل زاد، بحسب “يورو نيوز”.

وقبل دقائق وفي جزء آخر من مجمّع القصر الرئاسي الواسع، نصّب عبدالله الذي حضر ببزة رسمية نفسه رئيسا متعهّدا “بحماية الاستقلال والسيادة الوطنية وسلامة الأراضي” في أفغانستان.

وفجأة، دوى صوت انفجارين بينما كان المئات يحضرون حفل تنصيب غني، ما دفع عددا منهم للفرار.

لكن غني قال وسط أجراس الإنذار لمن لزموا مكانهم “لا أرتدي سترة واقية من الرصاص، بل قميصي فقط. سأبقى ولو كان علي التضحية بنفسي”.

وشاهد مراسل “فرانس برس” العديد ممن فروا وهم يعودون إلى مقاعدهم بعد رفض غني مغادرة المنصة حيث كان يلقي خطابا وسط تصفيق حار.

الصراع على السلطة يعزز الانقسام

وبدأ صبر المجتمع الدولي والشعب الأفغاني على حد سواء ينفذ جرّاء الصراع على السلطة بين السياسيين، بينما حذّرت واشنطن في وقت سابق من أن هذه السجالات تشكّل تهديدا للاتفاق بشأن سحب القوات الأمريكية، والذي ينص على وجوب عقد طالبان محادثات مع كابول.

ومن شأن الانقسامات التي تزداد حدّتها بين السياسيين الأفغان أن تقوّي شوكة المتمردين في المفاوضات المنصوص عليها.

وأثار الخلاف بين غني وخصمه قلق العديد من الأفغان بشأن مستقبل بلدهم، وقال أحمد جاويد (22 عاما) “لا يمكن أن يكون هناك رئيسان في بلد واحد”، داعيا إياهما “لتنحية مصالحهما الشخصية جانبا والتفكير فقط في بلدهما بدلا من الصراع على السلطة”.

وصرّح لفرانس برس أنه “بدلا من إقامة مراسم لأداء القسم، عليهما التحدّث إلى بعضهما البعض لإيجاد حل”.

ولم يظهر الأفغان حماسة لأي من عبدالله أو غني أو العملية الانتخابية برمّتها. وتجاهل كثيرون منهم التصويت في انتخابات العام الماضي الباهتة التي لم يطرح المرشحون خلالها الكثير من الأفكار أو المشاريع السياسية.

وتعاني البلاد من ارتفاع معدّل البطالة إذ يواجه خريجو الجامعات على غرار جاويد صعوبات كبيرة في الحصول على وظائف بينما تواصل العنف باستثناء فترة الهدنة الجزئية التي استمرت لأسبوع وسبقت الاتفاق بين طالبان والولايات المتحدة.

وفي هجوم كان الأكثر دموية في أفغانستان منذ أسابيع، قتل مسلّحون من تنظيم الدولة الإسلامية 32 شخصا وجرحوا العشرات خلال تجمّع سياسي في كابول الجمعة.

من جهتها، كثّفت طالبان التي اعتبرت العملية الانتخابية “زائفة ومدارة من الخارج” هجماتها ضد القوات الأفغانية والمدنيين.

وقال المتحدّث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد لفرانس برس إن تنظيم حفلي تنصيب رئاسي متوازيين يعكس أن “لا شيء أهم بالنسبة للعبيد من مصالحهم الخاصة”.

وجرى الحفلان في ظل إجراءات أمنية مشددة إذ تم إغلاق شوارع وأقيمت عدة نقاط تفتيش في كابول قبل ساعات على تنصيب غني وخصمه.

ويرجّح خبراء بأن يؤثر النزاع الداخلي على الحكومة التي تواجه ضغوطا في الوقت الحالي بعدما استُثنيت من مفاوضات الدوحة التي تم خلالها التوصل إلى الاتفاق بين واشنطن وطالبان.

وينصّ الاتفاق الذي تم توقيعه في قطر على انسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان في غضون 14 شهرا مقابل تقديم طالبان التزامات أمنية عدّة والتعهّد بعقد محادثات مع كابول.

وأفاد المحلل السياسي عطا نوري أن السجال “سيؤثّر بشدّة على موقف الحكومة في المحادثات الأفغانية الداخلية المقبلة”.

وقال لفرانس برس إن “الوحدة هي الطريقة الوحيدة (للمضي قدما) إذا كانوا يرغبون بالفوز على طاولة المفاوضات”.

انتهاء هدنة السلام قبل بدايتها

وفي سياق متصل، انتهى اتفاق السلام الذي عقدته الحكومة الأمريكية مع حركة طالبان في الدوحة منذ أيام، لإنهاء الحرب في أفغانستان وتوقيع هدنة لإيقاف الحرب التي استمرت لسنوات، بعدما كشفت وسائل إعلام أفغانية، الأربعاء الماضي، عن مقتل العشرات من أفراد الشرطة الأفغانية بهجوم لطالبان في ولاية أوروزغان الواقعة بوسط البلاد.

ونقلت قناة “طلوع” الأفغانية، عن زرغاي عبادي، متحدث باسم حاكم ولاية أوروزغان، اليوم الأربعاء، أن “عشرات الأفراد من الشرطة الأفغانية قتلوا وجرح آخرون في هجوم بمنطقة ترينكوت بالولاية”، وأضاف المتحدث قائلا: “8 من مقاتلي طالبان قتلوا و جرح 4 آخرون خلال المواجهات مع الشرطة”، بحسب “سبوتنيك”.

وفي السياق نفسه، كشفت وكالة الأنباء الفرنسية عن مقتل 20 جنديا وشرطيا في هجمات لطالبان في أفغانستان.

وأعلن الجيش الأفغاني، اليوم، وقوع اشتباكات بين قوات الأمن ومسلحي حركة “طالبان” في إقليم بلخ شمالي البلاد.

وأوضح فيلق “شاهين 209” التابع للجيش – في بيان أوردته وكالة أنباء “خامة برس” الأفغانية – أن الاشتباك وقع بين قوات الأمن ومسلحي طالبان في منطقة بربر قلعة الليلة الماضية، مبينًا أن القوات الأمنية قتلت مسلحين من طالبان، وأصابت اثنين آخرين خلال الاشتباكات.

وشنت القوات الأمريكية في أفغانستان، اليوم، غارة جوية على مسلحي طالبان، وهى الأولى من نوعها منذ توقيع الولايات المتحدة اتفاق سلام مع طالبان مطلع هذا الأسبوع، حسبما أفاد المتحدث العسكري الأمريكي سوني ليجيت.

ويأتي ذلك بعد أن أعلن مسؤولون فى وقت سابق من اليوم أن ما لا يقل عن 20 شخصا من أفراد قوات الأمن الأفغانية قتلوا في هجومين منفصلين شنتهما حركة طالبان بإقليم قندوز شمالي البلاد.

ووفقا لما قاله ليجيت، فإن الهجوم الأمريكى الذي وقع في إقليم هلمند جنوبي أفغانستان كان “ضربة دفاعية لتعطيل الهجوم” . وأضاف أن قيادة طالبان كانت قد وعدت المجتمع الدولي بخفض مستوى العنف وليس زيادته، واتهم ليجيت طالبان بإهدار الفرصة (من أجل السلام) وإرادة الشعب الأفغاني من أجل السلام.

في سياق متصل، أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن الولايات المتحدة وطالبان على حد سواء ترغبان إنهاء النزاع المستمر في أفغانستان وقال إنه تربطه علاقات جيدة للغاية بزعيم حركة طالبان الملا عبد الغني برادار.

جاء ذلك في بيان نشره البيت الأبيض على موقعه الإلكتروني اليوم الأربعاء في إشارة إلى محادثة بين ترامب والملا بارادار، حيث قال الرئيس الأمريكي إنه أجرى محادثة “جيدة للغاية” مع زعيم طالبان أمس.

وأدلى ترامب بهذه التصريحات خلال اجتماع حول فيروس كورونا بينما كان يرد على أسئلة عما إذا كانت هذه هي محادثته الأولى مع زعيم الحركة.

وقال ترامب “لقد أجرينا محادثة جيدة مع زعيم طالبان، وتتطلع طالبان إلى وضع حد لهذه الحرب، ونتطلع أيضا إلى وضع حد لها. أعتقد أننا تربطنا جميعًا مصلحة مشتركة”.

وأضاف أن: “العلاقة جيدة للغاية مع الملا وكانت محادثنا اليوم طويلة وجيدة. وكما تعلمون، تريد طالبان وقف العنف. إنهم يرغبون حقا في تحقيق ذلك”.

وعند سؤاله عن تردد الحكومة الأفغانية في إطلاق سراح نحو 5 آلاف من عناصر طالبان، قال ترامب: حسنًا، قد تتردد الحكومة الأفغانية ولكن كما تعلمون، لقد أبلوا بلاءً حسنًا مع الولايات المتحدة لسنوات عديدة وتجاوز ذلك الناحية العسكرية بكثير، إذا نظرتم إلى كل الأموال التي أنفقناها في أفغانستان. لقد أنفقنا تريليونات الدولارات”.

وكانت حركة طالبان قد أكدت في وقت سابق أن الملا بارادار أجرى محادثة استمرت 35 دقيقة مع الرئيس الأمريكي عبر الهاتف أمس الثلاثاء.

وجاءت هذه المكالمة بعد أيام من توقيع الجانبين على اتفاق سلام بعد هدنة خفض طالبان أعمال العنف لمدة 7 أيام، والذي جاء بعد 18 شهرًا من المفاوضات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *