كيف يدفع المواطنون ثمن الأزمات: 8 قوانين وقرارات بضرائب ورسوم وخصم من العاملين لمواجهة كورونا (مصر بتطبطب عليك)

من فرض رسم 100 جنيه على راديو السيارة وحتى خصم 1% من العاملين لصالح كورونا ورسوم لتنمية الموارد ورفع غرامات التصالح في البناء لـ 250 الفا

زيادة 19 % في اسعار الكهرباء و رسم 30 قرش على كل لتر البنزين 25 قرشا على كل لتر سولار مُباع

رسوم على الهواتف المحمولة والإكسسوارات بواقع 5% من قيمتها مُضافا إليها الضريبة على القيمة المضافة

قروض خارجية جديدة بنحو 13 مليار دولار لمواجهة أعباء كورونا.. على من يقع عبء السداد؟

كتب – أحمد سلامة

تحاصر الضرائب والرسوم -التي باتت تُفرض دوريًا- المواطنين من كل الاتجاهات، لم يعد حصن الراتب ولا قلعة الدخل يكفلان حماية الأسر أمام جيوش المتحصلات الضريبية التي تشن حملات متكررة على الأسر المصرية من الطبقات الوسطى والدنيا.


زادت الضرائب وقلت الأجور، ارتفع مدّ الرسوم فازداد جزر الكفاية، علت المعاناة فانحنت الرؤوس، دارت الرحى فاعتصرت المواطن بين حجر الغلاء وحجر المكوس.


منذ قرارات “الإصلاح الاقتصادي” في عام 2016، تراجعت القوة للجنيه المصري جراء “التعويم”، وهو ما أثر سلبًا على معيشة الأسر المصرية، وهي الأسر صاحبة الدخل الضعيف في الأصل، فحسب عدد من الخبراء تجاوزت قيمة تراجع القوة الشرائية للجنيه نحو 40% من قيمته الأصلية بينما بقيت معدلات الأجور على وضعها إلا من زيادات طفيفة لا تناسب الغلاء الحادث في الأسعار.. غير أن ذلك لم يكن كافيًا في نظر البعض، فجرت ملاحقتهم بقوانين وقرارات تقتطع من دخولهم الهزيلة.

“تنمية الموارد”.. ضرائب ورسوم وزيادات 2020

خلال العام الجاري، وتحديدًا في 23 يونيو، أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي، القانون رقم 83 لسنة 2020 بتعديل بعض أحكام القانون رقم (147) لسنة 1984 بفرض رسم تنمية الموارد المالية للدولة.


ويتضمن القانون- الذي وافق عليه مجلس النواب ونشر في الجريدة الرسمية- زيادة الرسوم المفروضة على بعض البنود، فضلا عن استحداث وفرض رسوم جديدة مثل عقود اللاعبين الرياضيين والأجهزة الفنية، وتراخيص الشركات الرياضية، وأجهزة المحمول والإكسسوارات، كما ينص في البند رقم (24) من المادة الثانية على فرض رسم على منتج البنزين بأنواعه بواقع 30 قرشا على كل لتر مُباع، ومنتج السولار بواقع 25 قرشا على كل لتر مُباع.
ومن ضمن الرسوم التي فرضها قانون تنمية الموارد المالية للدولة، التبغ، التي بموجبها ستؤثر على أسعار الشيشة والسجائر، لتكون هناك أسعار جديدة.


ونص قانون فرض رسوم تنمية الموارد المالية للدولة على: “زيادة سعر التبغ الخام غير المصنع وفضلات التبغ بكل أشكاله وذلك بواقع 1.5 جنيه كل كيلو جرام صافي، والتبغ المصنع وأنواع أخرى من تبغ مصنع أو أبدال تبغ مصنعة وتبغ متجانس أو مجدد وتبغ الشيشة وخلاصات وأرواح تبغ وذلك بواقع 3 جنيهات عن كل كيلو جرام صافي منها”.


القرار الصادر عن رئيس الجمهورية، والذي اشتمل على فرض الرسوم على الهواتف المحمولة والإكسسوارات، وأجزائه دفع لزيادة بواقع 5% من قيمتها مُضافا إليها الضريبة على القيمة المضافة وغيرها من الضرائب والرسوم الأخرى.

مواجهة كورونا.. من جيوب المواطنين؟

في 22 مارس الماضي، ومع بداية تفشي جائحة كورونا في مصر، أعلن عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية، أن الدولة المصرية رصدت 100 مليار جنيه لمواجهة تداعيات هذا الفيروس منذ بداية ظهوره، قائلا: “خصصنا هذا المبلغ واتقال هيتجاب منين.. مصر مش دولة قليلة”.


ورغم تخصيص 100 مليار لمواجهة تفشي فيروس كورونا، إلا أن الحكومة قررت خصم 1% من جميع العاملين لمدة عام لمواجهة الفيروس، كما قررت خصم 0.5% من أصحاب المعاشات للغرض ذاته.


في 20 مايو، وافق مجلس الوزراء على مشروع قانون بشأن المساهمة التكافلية لمواجهة بعض التداعيات الاقتصادية الناتجة عن انتشار فيروس كورونا، ونص مشروع القانون على أن يُخصم شهرياً، اعتباراً من أول يوليو 2020، لمدة 12 شهراً، نسبة 1% من صافي دخل العاملين في كافة قطاعات الدولة، المستحق من جهة عملهم أو بسبب العمل تحت أي مسمى، ونسبة 0.5% من صافي الدخل المُستحق من المعاش لأصحاب المعاشات، للمساهمة في مواجهة بعض التداعيات الاقتصادية الناتجة عن انتشار فيروس كورونا.


وأوضح مشروع القانون أنه يُقصد بالعاملين بكافة قطاعات الدولة في تطبيق أحكام هذا القانون، العاملون بالجهاز الإداري للدولة، ووحدات الإدارة المحلية، والهيئات العامة الخدمية والاقتصادية، والجهات والأجهزة والهيئات التي لها موازنات مستقلة، أو بالجهات والأجهزة التي تشملها الموازنة العامة للدولة، وغيرهم من العاملين الذين تنظم شؤون توظفهم قوانين أو لوائح خاصة، وذوو المناصب العامة، والربط الثابت، وكذا العاملون بشركات القطاع العام، وشركات قطاع الأعمال العام، والشركات التي تمتلك فيها الدولة نسبة من رأسمالها، والعاملون بالقطاع الخاص، والبنوك، بمن في ذلك العاملون بالوحدات ذات الطابع الخاص والحسابات والصناديق الخاصة، وذلك كله سواء كان العامل شاغلاً لوظيفة دائمة أو مؤقتة أو مستشاراً أو خبيراً وطنياً أو بأي صفة أخرى.

ارتفاع الأسعار في ظل الأزمة.. الزيادة السابعة للكهرباء

وفي ظل الأزمة، ورغم الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي مرت بها كثير من الأسر المصرية جراء الجائحة، أقدمت الحكومة على رفع أسعار الكهرباء.


ففي يوم 9 يونيو، أعلن وزير الكهرباء محمد شاكر، في مؤتمر صحفي، خطة الحكومة لإعادة هيكلة أسعار الكهرباء وفقا لخطة رفع الدعم تدريجيا حتى يوليو 2021، بنسبة زيادة قدرها 19.1%.


وأكد شاكر أن من يزيد استهلاكه عن 650 كيلو وات شهريا لن يحصل على دعم من الدولة وسيتحمل التكلفة الفعلية لسعر الكيلو وات ساعة كاملة.


كما قال إن نسبة الزيادة الجديدة للقطاع المنزلى ستكون 19.1%، بينما كانت العام الماضي 21%، قائلا إن الدولة ستتحمل 22 مليار جنيه دعم للقطاع الصناعي خلال الـ 5 سنوات القادمة بعد تثبيت سعر الكهرباء للقطاع الصناعي لمدة 5 سنوات.


وبدأت وزارة الكهرباء والطاقة، مطلع الشهر الجاري، تطبيق (الزيادة السابعة) في أسعار الكهرباء على الاستهلاك، للقطاعين المنزلي والتجاري، بنسب تتراوح بين 16-30% للعام المالى الجديد (2020-2021).

راديو السيارة.. ضريبة استماع!

لم تكتف الحكومة برفع أسعار الكهرباء ولا الخصم من أجور الموظفين لمواجهة كورونا، لكنها استمرت في سياساتها الضريبية المفروضة على المواطنين حتى أنها فرضت رسومًا على “راديو السيارة”.


لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب وافقت، مطلع يوليو الجاري، على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم ٧٧ لسنة ١٩٦٨ في شأن رسوم الإذاعة والأجهزة اللاسلكية ونص مشروع القانون المقدم من الحكومة، على أن يتم استبدال بنص الفقرة الأولى من المادة ٢ من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم ٧٧ لسنة ١٩٦٨ في شأن رسوم الاذاعة والأجهزة اللاسلكية.


وحسب مشروع القانون، يشار إليها بالنص الآتي: يؤدي كل مالك سيارة بها أجهزة اليكترونية أو ترفيهية أو مجهزة لاستعمال هذه الأجهزة رسما سنويا مقداره مائة جنيه يتم تحصيله عند سداد أية ضرائب أو رسوم مستحقة على السيارة، وتؤول حصيلة الرسم إلى الخزانة العامة للدولة، على أن يتم تخصيص نسبة ٤٠ % من حصيلة الرسم للهيئة الوطنية للإعلام، ونسبة ١٠ % للجهات القائمة على متابعة هذه الأجهزة والتي يتم تحديدها بموجب قرار يصدر من مجلس الوزراء، ونسبة 10 % لوزارة الداخلية، وتلتزم ادارات المرور المختصة بتحصيل الرسم، ويتم توريده إلى وزارة المالية بما لا يجاوز الاسبوع التالي لتحصيله.


المذكرة الايضاحية لمشروع القانون أشارت إلى أنه لما كانت هذه الرسوم قدرها ١٤٠ قرشا فهي لا تتماشى مع تكلفة التطورات الحديثة سواء من حيث انشاء أو صيانة البنية التحتية اللازمة لملاحقة التطورات، فيما طالب حسين زين رئيس الهيئة الوطنية للاعلام، بزيادة نسبة المخصصة للهيئة بحيث تكون أكثر من ٤٠ % لتكون 50 % أو ٦٠ %.
عدد من النواب رفضوا فرض ضرائب جديدة من بينهم النائبة سيلفيا نبيل التي اعترضت على فرض رسوم في الوقت الحالي على المواطن، وأيدها النائب طلعت خليل في رفضها قائلا: “هذا القاون جاء لجنة في عام 2016 وتم رفضه، ومبررات الرفض لم تتغير من وقتها حتى الآن”.. مضيفا “لقد بدأنا السنة المالية بفرض رسوم 1 % على المرتبات ونصف في لمائة على المعاشات و100 جنيه على السيارات، إيه الرسالة اللي إحنا بنوصلها للمواطن بهذه الإجراءات”.

قروض 2020

حسب عدد من الخبراء فإن القروض التي تجريها الدولة تدفع دومًا في اتجاه إلزام المواطنين برسوم وضرائب جديد من أجل الالتزام بسداد العوائد والمستحقات، وهو ما يقع رأسا على كاهل المواطن.


خلال العام الجاري، دبرت الحكومة المصرية قروضا خارجية جديدة بنحو 13 مليار دولار، لدعم ومواجهة الآثار التي خلفتها أزمة فيروس كورونا، منذ بدايتها في منتصف مارس الماضي.


وحسب البيانات الرسمية فقد نوعت الحكومة مصادر التمويلات التي حصلت عليها من خلال المؤسسات الدولية مثل صندوق النقد والبنك الدوليين والأسواق العالمية بعدما طرحت سندات دولية.


ففي 11 مايو، حصلت مصر على تمويل سريع قيمته 2.77 مليار دولار من صندوق النقد الدولي، ثم في 17 مايو اتفقت القاهرة مع البنك الدولي على قرض بقمة 50 مليون دولار، وفي 31 مايو طرحت مصر سندات دولية بقيمة 5 مليارات دولار، ثم في 5 يونيو توصلت إلى اتفاق مبدئي مع صندوق النقد على قرض بقيمة 5.2 مليار دولار.
القروض التي اتفقت عليها القاهرة هي قروض طويلة الأجل حصلت منها حتى الآن على 7.77 مليار دولار، موزعة بين 2.77 مليار مليار من صندوق النقد، في إطار إتفاق أداة التمويل السريع، و5 مليارات دولار قيمة سندات طرحتها.

تأثيرات غير المباشرة

أشار آخر تقدير أعدته لجنة الإسكان بمجلس النواب، في الثامن من يوليو، إلى 2.8 مليون مبنى مخالف على مستوى الجمهورية، وعدد الأدوار المخالفة 396 ألفًا و87 دورًا، و1.7 مليون وحدة مخالفة، وهذا يعني أن عدد الوحدات المخالفة يقترب من 20 مليون وحدة مخالفة على مستوى الجمهورية.


ووفقا لقانون التصالح في مخالفات البناء الذي وافق مجلس النواب، عليه بشكل نهائي فى شهر مارس 2019 وأصدره رئيس الجمهورية، وصدرت لائحته التنفيذية في شهر يوليو لتمنح مهلة 6 أشهر لتقديم طلبات التصالح على أن يقوم بسداد مبالغ تتراوح بين 1000 و 5000 جنيه.


ووفقا للائحة قانون التصالح فقد منح القانون مهلة إضافية 6 أشهر من تاريخ إقراره كانت بمثابة مهلة إضافية للتقديم؛ لكن ظروف كورونا حالت دون تنفيذ ذلك، واللائحة تسمح لرئيس الوزراء مباشرة بمد المهلة، الذي أصدر قرارًا بسرعة التقدم بطلبات التصالح، وسداد قيمة الجدية، وآخر موعد لتقديمها هو 30 سبتمبر المقبل، على أن يتم سداد غرامات التصالح عبر أقساط خلال 3 سنوات، كما أن هناك تنبيهات صدرت للمحافظين بإزالة أي عقار مخالف لم يتقدم صاحبه إلى التصالح.


ليست قيمة التصالح هي المشكلة الوحيدة بما تمثله من عبء مادي يقع على كثير من الفقراء، لكن هناك أيضا قرار طلاء وجهات المنازل الذي يأتي في إطار تنفيذ قانون البناء الموحد رقم 119 لسنة 2008 الذي يلزم أصحاب العقارات بتشطيب الواجهات قبل توصيل المرافق لها، بالتنسيق مع الإدارات الهندسية بالأحياء والمدن أثناء استخراج تراخيص البناء للمنازل الجديدة وتطوير القديمة ودهانها.


لم يقتصر الأمر على ذلك، وإنما امتد إلى إشارة الرئيس السيسي، خلال افتتاح مشروع الأسمرات 3، إلى قرار وقف تراخيص البناء، مؤكدًا أن الهدف منه «مصلحة مصر».. وتابع السيسي: «ده أمن قومي، وأنا دماغي فيه أوي، إيقاف الرخص الهدف منه مكنش ضد مصلحة الناس، إحنا قاعدين ننتقد الزحمة، ولما نيجي ناخد إجراء، يقولك مصالح الناس، بقول للناس (ده حقك محدش يغتصب أرضك وأنت قاعد تتفرج)».


لكن البعض رأى، أن اتخاذ هذا القرار في هذا التوقيت يعني مزيد من معاناة الأسر تقوم على عمالة عمال البناء، خاصة في ظل الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد بسبب تفشي جائحة كورونا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *