في حضور أكثر من 100 نقابي.. دار الخدمات تعلن تقريرها النهائي حول الانتخابات العمالية: انتهاكات وتدخلات حكومية وتهديدات أمنية واستبعاد أكثر من 1500 مرشح
كمال عباس: الانتخابات تمت على طريقة الورق ورقنا والدفاتر دفاترنا .. وتقرير الدار وثيقة على التلاعب والتزوير1m
عدد المستبعدين وفقاً لأقل التقديرات بلغ 1500 مرشح و الاستبعاد تم للانتقام أو لاعتبارات أمنية أو لصالح الاتحاد العام للعمال وبعض المرشحين
رحمة رفعت: التدخلات الامنية حرمت بعض النقابات المستقلة من انتخاباتها.. وكمال عباس يطالب بالافراج عن 17 عاملا محبوسا كمقدمة لأي حوار مجتمعي
النقابيون الحاضرون للمؤتمر يطالبون بحق جميع المستبعدين في إعادة إجراء الانتخابات النقابية بمنظماتهم و إدراجهم كمرشحين
بمشاركة أكثر من مائة نقابي وممثل للمنظمات النقابية، عقدت دار الخدمات النقابية والعمالية، مساء السبت مؤتمراً صحفياً بشأن الانتخابات النقابية العمالية لدورة 2022/2026، والتي أشارت الدار إلى أنها رصدت خلالها استبعاد مرشحين بالجملة، وتدخلات من قبل جهات عديدة، وغيرها من “انتهاكات” لحق العمال في اختيار ممثليهم بحرية.
حضر المؤتمر الدكتور أحمد حسن البرعي وزير القوى العاملة الأسبق وأستاذ التشريعات الاجتماعية، ومُطلق إعلان الحريات النقابية الصادر في 12 مارس 2011، والذي كان إيذاناً بتشكيل مئات النقابات المستقلة.
وافتتح المؤتمر كمال عباس، المنسق العام لدار الخدمات النقابية والعمالية الذي وجه التحية لجميع الحاضرين من النقابيين، لافتا إلى أنهم عاشوا أياماً عصيبة شهدت كثير من التجاوزات والانتهاكات. مشيرا أن الانتخابات العمالية لم تكن انتخابات حقيقية بل أجريت على طريقة الورق ورقنا والدفاتر دفاترنا مشيرا إلى ما شهدته من تدخلات امنية وشطب مئات المرشحين.
وأكد كمال عباس أن تقرير دار الخدمات النقابية عن الانتخابات وثيقة عن التزوير والتلاعب موجها الشكر لجميع الراصدين الذين تعاونوا مع غرفة العمليات التي شكلتها دار الخدمات.
وأثنى عباس على أداء المنظمات النقابية المستقلة- في الأحوال التي تمكنت فيها من إجراء انتخاباتها دون شطب أو استبعاد، مشيرا إلى أن النقابات المستقلة هي الأمل حيث نجحت في تقديم نموذجا للانتخابات التي تُدار بشفافية، وتُحترم فيها إرادة الجمعيات العمومية، مؤكداً أن تكوين المزيد من النقابات المستقلة هو المعالجة الوحيدة الممكنة لتصحيح المسار النقابي الذي كشفت الانتخابات عن تشوهاته الشديدة.
وقال كمال أن مبادئ الحريات النقابية تفترض عدم تدخل السلطات جميعها في الانتخابات النقابية، حيث تنظم النقابات انتخاباتها بحرية، على النحو الذي يتلاءم مع احتياجات ومصالح أعضائها، حيث الكلمة العليا للجمعيات العمومية التي يحق لها وحدها تحديد موعد الانتخابات، وكيفية إدارتها وتنظيمها، وكفالة حق أعضائها في بسط رقابتهم عليها.
وتعليقا على مواكبة الانتخابات لدعوات الحوار الوطني، شدد عباس على أن البداية كانت إجراء انتخابات حقيقية وان ما جري يلقي بالعديد من الظلال على المشهد .. كما شدد على أن أي دعوات للحوار يجب أن يسبقها الافراج عن أكثر من 17 عاملا محبوسا بينهم 12 في مصر للتأمين وحق العمال العمال في حياة ومعيشة كريمة والتأكيد على المسئولية الاجتماعية لرجال الاعمال.
و تناول المؤتمر الصحفي عرضاَ لتقرير الدار النهائي بشأن الانتخابات قدمته رحمة رفعت المستشار القانوني للدار، موضحةً أن التقرير تناول أبرز ملامح الانتخابات النقابية العمالية متضمناً الإطار التشريعي لهذه الانتخابات، والمسار الذي اتخذته على الأرض، وأهم القرارات الوزارية التي نظمتها، والمشاكل التي واجهت المرشحين والراغبين في الترشح، وصور الانتهاكات والتجاوزات التي تعرضوا لها ، مع عدم إغفال أي مظهر إيجابي تبدى في سياق هذه العملية مهما كان محدوداً أو قليل الأثر.
وكشفت رحمة رفعت عدد من الانتهاكات أبرزها استبعاد أكثر من ١٥٠٠ مرشح من خوض الانتخابات ومنع اجراء الانتخابات في عدد من النقابات المستقلة بضغوط أمنية وسيطرة الجهات الرسمية والحكومية ممثلة فئ وزارة القوى العاملة على الانتخابات.
ووفقاً للتقرير الذي استعرض الإطار القانوني للانتخابات النقابية -وهو الباب الخامس من القانون رقم 213 لسنة 2017، والفصل الرابع من لائحته التنفيذية- تقيّد شروط وإجراءات الترشح والانتخاب الواردة في القانون حق العمال في اختيار ممثليهم بحرية، وتؤدي إلى ممارسات تنتهك هذا الحق، حيث أن هذه الشروط والإجراءات هي أكثر أحكام القانون شبهاً وتماثلاً مع أحكام القانون المُلغى سيئ السمعة رقم 35 لسنة 1976.
وبحسب التقرير، الذي استعرضته رحمة رفعت فإن هذا النسق الذي أبقى عليه القانون 213 لسنة 2017 كان، ولم يزل يثير تناقضاً واضحاً حيث يفترض تأسيس منظمات نقابية جديدة كل عام، فكيف تحتسب الدورة النقابية لهذه المنظمات، وبينما لا زالت أوضاع بعض المنظمات النقابية التي لم تجرِ بها الانتخابات عام 2018 معلقة حتى الآن ، تتجدد المشاكل مع حرمان نقابات مستقلة أخرى من إجراء الانتخابات، ويتجدد الارتباك في تطبيق القانون، ونعود خطواتٍ إلى الوراء بدلاً من إحراز التقدم في ملف الحريات النقابية.
وقال التقرير إن تشكيل اللجنة العليا للانتخابات النقابية العمالية الصادر به قرار وزير القوى العاملة رقم 61 لسنة 2022 -يتحدث عن نفسه- حيث أننا أمام إشراف، وتدخل حكومي بامتياز في الشأن النقابي، ذلك أن العضو الوحيد غير الحكومي–ضمن سبعة أعضاء- هو ممثل الاتحاد “الحكومي أيضاً”.
وأضاف أنه “يُمكن القول بكل ثقة أن الانتهاك الأكبر الفظ السائد في هذه الانتخابات النقابية هو حرمان الراغبين في الترشح من حقهم في الترشح ، وبالتالي حرمان العمال من حقهم في اختيار ممثليهم بحرية”.
وقد بلغ عدد المستبعدين وفقاً لأقل التقديرات زهاء الألف ونصف من المرشحين، وتباينت أسباب الاستبعاد الحقيقية– وفقاً للمستبعدين أنفسهم- بين اعتبارات لدى أجهزة الأمن- وإن كانت في معظم الأحوال غير مفهومة وغير مبررة-واعتبارات لصالح رجال الاتحاد العام لنقابات عمال مصر “الحكومي” سواء باستبعاد مرشحي اللجان النقابية المستقلة أو باستبعاد المرشحين المنافسين لانتخابات مجالس إدارات اللجان النقابية التابعة للاتحاد نفسه، أو الخضوع لإرادة جهات العمل الحكومية، وأحياناً اعتبارات شخصية أو انتقامية، بينما بقيت أسباب الاستبعاد مستغلقة على بعض المستبعدين الذين ظلوا على مدار الأيام يحاولون- دون جدوى- الفوز بمقابلة المستشار رئيس اللجنة العامة عساهم يجدون لديه الإجابة على سؤالهم الحائر “لماذا استُبعدنا ؟”، وفقا لما جاء في تقرير الدار.
ثم تحدث الدكتور أحمد حسن البرعي معقباً على عرض التقرير، ومؤكداً أنه من المستحيل توازن علاقات العمل ما لم يكفل القانون حقوق المفاوضة الجماعية، وأن المفاوضة الجماعية المقصودة هنا هي التي يتمتع طرفيها بحقوق متساوية.
وشدد البرعي على أنه لا بد من وجود منظمات مستقلة تُمثل طرفي علاقة العمل تمثيلاً حقيقياً، وأكد أن المفاوضة الجماعية لا يمكن لها أن تنتهي إلى نتائج ايجابية ما لم تتمتع المنظمات النقابية العمالية بثقة العمال، واختتم الدكتور البرعي حديثه مؤكداً أنه دون حوار اجتماعي يشارك فيه العمال من خلال منظماتهم المستقلة، لا يمكن الاطمئنان على استقرار المجتمع وسلامته.
وأكد البرعي على أنه رغم التجاوزات التي تم رصدها فإن التغيير لا يتم طفرة مشددا على أن الحريات النقابية هي أكبر حماية لأصحاب الاعمال واستقرار الاوضاع.
ثم أعقب ذلك تقديم عدد من شهادات النقابيين والمرشحين عن واقع الانتخابات النقابية العمالية التي جرت خلال الخمسة وسبعين يوماً السابقة
تخللها شهادات للتدخلات الامنية لمنع انتخابات نقابة اندية قناة السويس وشهادة لمرشح ناجح تم اسقاطه بعد اعلان النتيجة وشهادة حية عن واقع عمال يونيفرسال وما تعرضوا له من انتهاكات طالبوا خلالها بحقهم في الحصول على رواتبهم واعادة العمال المفصولين.
وفي الختام طالب النقابيون الحاضرون بحق جميع العمال المستبعدين في إعادة إجراء الانتخابات النقابية بمنظماتهم مع إدراجهم كمرشحين، وتمكين جميع المنظمات النقابية المستقلة التي لم تتم انتخاباتها من ممارسة أعمالها وأنشطتها دون معوقات.
كما طالبوا بتعديل قانون المنظمات النقابية العمالية رقم 213 لسنة 2017 فيما يتعلق بشروط وقواعد وإجراءات الترشح والانتخاب، ووقف كافة مظاهر تدخل الأجهزة الحكومية في الانتخابات النقابية العمالية، آملين أن تكون هذه آخر انتخابات نقابية عمالية تتم على هذا النسق.