بعد أكثر من 4 شهور بالحبس: تجديد حبس المدرس الأزهري رضا عبد الرحمن 15 يوما .. والشبكة العربية: التجديد القادم 13 يناير
حرية الفكر ترصد الانتهاكات ضد المدون القرآني في تقريرها “معتقد عير مباح” وتطالب بالإفراج عنه وحفظ القضية
الفكر والتعبير: جهات الضبط والتحري تستخدم الحبس الاحتياطي كعقوبة ضد رضا عبد الرحمن بهدف منعه من التعبير عن معتقده
كتب- فارس فكري
قالت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان إن النيابة جددت اليوم حبس رضا عبد الرحمن أحد أقرباء الدكتور أحمد صبحي منصور زعيم القرآنيين في مصر، 15 يوما أخرى علي في القضية رقم ٣٤١٨ لسنة ٢٠٢٠ جنح أمن دولة طوارئ كفر صقر، على أن يعررض بجلسة 13 يناير المقبل للنظر في أمر الحبس.
وكان رضا قد تم القبض عليه منذ 22 أغسطس الماضي، ليختفي أكثر من شهر قبل ان يتم عرضه على النيابة في أكتوبر 2020، للتحقيق معه في القضية رقم 3418 لسنة 2020 جنح أمن دولة طوارئ كفر صقروذلك في اتهامه بنشر أخبار وبيانات كاذبة وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي “فيسبوك” ومشاركة جماعة إرهابية مع العلم بأغراضها.
كانت مؤسسة حرية الفكر والتعبير، قد طالبت بإخلاء سبيل المدون القرآني رضا عبد الرحمن، وحفظ القضية المحبوس على ذمتها، لعدم وجود أدلة.
ورصدت المؤسسة في تقرير لها بعنوان “معتقد غير مباح”، الانتهاكات التي تعرض لها عبد الرحمن، وانتهت بحبسه احتياطيًا على ذمة التحقيقات، باتهامات “غير جادة ولا تستند على أدلة”، موضحة أن جهات الضبط والتحري والنيابة العامة تستخدم الحبس الاحتياطي كعقوبة ضده، بهدف منعه من التعبير عن المعتقد.
وأضافت أن قضية المدون القرآني تثير أسئلة كثيرة حول ما يتعرض له مواطنون بسبب التعبير عن الدين أو المعتقد، ولا يعني الانتماء إلى دين أغلبية مواطني الدولة ألا تكون هناك انتهاكات، وينطبق ذلك على حالة عائلة الأستاذ الجامعي أحمد صبحي منصور، مدرس التاريخ بجامعة الأزهر، بالنظر إلى ما تسببت فيه الملاحقة الأمنية من نفي إجباري له، واستهداف لعائلته، يعد آخر حلقاته ما طال قريبه المعلم والمدون رضا عبد الرحمن.
وأضافت حرية الفكر والتعبير، تعرض عبد الرحمن إلى سلسلة من الانتهاكات بدأت بالتضييق عليه في مكان عمله، مرورًا باعتقاله، واحتجازه تعسفيًا، ووصولًا إلى اتهامه دون أدلة، بسبب التعبير عن معتقده الديني، وانتمائه إلى المذهب القرآني، الذي لا يتماشى مع التصور الرسمي للدين الإسلامي، الذي تتبناه مؤسسات الدولة.
وفي 22 أغسطس 2020، ألقي القبض على 10 أفراد من عائلة أحمد صبحي منصور، تم الإفراج عنهم ما عدا رضا عبد الرحمن علي، المدرس بمعهد أزهري، الذي تعرض إلى الاعتقال بموجب قانون الطوارئ عام 2008، ثم تعرض للاحتجاز عام 2016، وانقطع بعد الإفراج عنه عن النشر أو التدوين.
وتابعت: “بدأ استهداف مؤسسات الدولة لهذه العائلة، عندما كان الأستاذ الجامعي أحمد صبحي منصور يدرس التاريخ في جامعة الأزهر، حيث تم اعتقاله لمدة شهرين، في 1987، وتم وقفه عن العمل على إثر اعتناقه مبادئ تختلف عن المبادئ السائدة في مؤسسة الأزهر”.
واستمرت أجهزة الأمن في ملاحقة الأستاذ الأزهري وعائلته، وامتد الأمر إلى القبض على ابنه شريف منصور، عندما كان يبلغ من العمر 17 عامًا فقط، بهدف التحقيق معه بشكل غير رسمي بمقر جهاز أمن الدولة في لاظوغلي، وكان من المفترض أن تنتهي الملاحقات بعد قرار صبحي منصور بالهجرة إلى الولايات المتحدة عام 2000، وحصوله على اللجوء السياسي هناك، لكن ضباط أمن الدولة استمروا في ملاحقة أقاربه في مصر.
ويتمسك صبحي منصور بحقه في الاعتقاد وانتمائه للمذهب القرآني، وردًا على ذلك استمرت الأجهزة الأمنية في ملاحقة أقربائه في مصر، وهو ما تكرر مع قريبه رضا عبد الرحمن علي، الذي يعتنق الأفكار نفسها، الذي رغم الإفراج عن أقربائه الآخرين دون توجيه اتهامات لهم، تعرض للاختفاء لأكثر من 40 يومًا، وتم توجيه له اتهامات متصلة بالإرهاب.
ولم تتلق زوجة رضا عبد الرحمن ردًا على الرسائل، التي وجهتها إلى كل من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء، والمطالبة بالكشف عن مصير زوجها وأخيه اللذين أنكرت أجهزة الأمن وجودهما، بعد إلقاء القبض عليهما، في 22 أغسطس 2020، في منتصف الليل. وشددت الزوجة في رسالتها على قلقها من تلفيق اتهامات لزوجها أو إدراجه على ذمة قضايا لا شأن له بها، وفي أكتوبر 2020، ظهر عبد الرحمن أمام نيابة أمن الدولة للتحقيق معه في القضية رقم 3418 لسنة 2020 جنح أمن دولة طوارئ كفر صقر.
في عام 2008، كان رضا يبلغ من العمر 32 عامًا، وكان مواظبًا على تأدية عمله بمعهد أزهري بمحافظة الشرقية، وله مدونة على الإنترنت بعنوان “العدل الحرية المساواة”، وبسببها احتك جهاز أمن الدولة به بشكل مباشر لأول مرة. تم اعتقال عبد الرحمن، في 27 أكتوبر 2008، بعد اقتحام منزله وتفتيشه، واستمر معتقلًا لمدة 88 يومًا، بموجب قانون الطوارئ، الذي كان يسمح بالاعتقال الإداري آنذاك. لم توجه إلى عبد الرحمن اتهامات واضحة.
وسبق ذلك استدعاءً، حكى عنه رضا عبد الرحمن على مدونته، حيث أجرت معه إدارة الشئون القانونية بمشيخة الأزهر تحقيقًا حول ما ينشره من مقالات على شبكة الإنترنت. انتهى هذا التحقيق بتهديد واضح، وأرغمته المشيخة على الإقرار كتابيًا “بعدم نشر أية مقالات على الإنترنت أو أية كتابات دينية”.
وتعثر تعيين رضا المستحق في الأزهر ما يقرب من عام بخلاف أقرانه، بسبب صلة قرابته بالدكتور أحمد صبحي منصور، حيث تم سؤاله عنه أكثر من مرة في عدد من التحقيقات غير الرسمية.
وتم التحقيق مع عبد الرحمن مرتين على الأقل، بمبنى أمن الدولة بكفر صقر بالشرقية، في تلك الفترة من عام 2008، ودارت معظم الأسئلة الموجهة إليه حول معتقداته الدينية، بوصفه “قرآنيا” يؤمن بأن القرآن هو المصدر الوحيد لأحكام الإسلام، وسأله الضباط عن إيمانه من عدمه بالسنة النبوية، إلى جانب سؤاله عما إذا كان يصلي أم لا وكيف يصلي، وأُجبر عبد الرحمن على الإفصاح عن كلمة السر الخاصة ببريده الإلكتروني، وحرموه من الطعام لمدة يومين كاملين، وبعدها، تم احتجازه في زنزانة انفرادية في سجن استقبال طرة، دون السماح له بالتواصل مع أهله أو تلقي أي زيارة منهم.
في 14 ديسمبر 2008، صدر حكم بإنهاء اعتقال رضا عبد الرحمن، لكن وزارة الداخلية طعنت على الحكم، في محاولة للإبقاء على المدون القرآني رهن الاعتقال المفتوح دون محاكمة. وفي 6 يناير 2009، رفضت محكمة أمن الدولة طوارئ هذا الطعن وأصدرت حكمًا نهائيًا بإطلاق سراحه.
بعد ذلك بيومين أعادت نيابة أمن الدولة التحقيق مع رضا حول اتهامه “بازدراء الأديان” وأعادت سؤاله عن رأيه ومعتقداته في عدة مسائل دينية، ثم أمرت بإخلاء سبيله. ولم تنفذ وزارة الداخلية آنذاك حكم المحكمة النهائي، والأمر الصادر من نيابة أمن الدولة بإخلاء سبيل عبد الرحمن، حيث احتجزته لمدة 14 يومًا، قبل إطلاق سراحه.
ومرة أخرى، ألقي القبض على رضا عبد الرحمن، في عام 2016. ولم يكتف ضباط الأمن الوطني في هذه المرة بسؤاله عن معتقداته وآرائه فقط، بل أمروه بوقف أي كتابات أو أنشطة مرتبطة بالتعبير عن معتقده الديني، فضلًا عن قطع علاقته بعمه الدكتور أحمد صبحي منصور بشكل نهائي.
وأصبح رضا عبد الرحمن رهن الاحتجاز للمرة الثالثة في أغسطس 2020، حيث تعامل ضباط الأمن الوطني معه كما مرات سابقة بنقاش معتقده وعلاقاته الشخصية، ولكن في هذه المرة كان هناك أمرًا مختلفًا، حيث قدموا تحريات إلى نيابة أمن الدولة العليا، تتهمه بارتكاب جرائم ذات صلة بالإرهاب. ورغم أن القبض عليه تم في 22 أغسطس 2020، وحاولت زوجته إثبات تعرضه للاختفاء القسري، إلا أن النيابة العامة لم تبت في البلاغات، التي قدمتها الزوجة.
وجاءت جميع التواريخ المرتبطة بالقضية بدءًا من محضر التحريات لاحقة على تاريخ القبض على عبد الرحمن، بفارق يزيد عن 40 يومًا، وهو الأمر الذي يطعن في صحة جميع الأوراق، والتحركات الرسمية، التي قامت بها وزارة الداخلية ونيابة أمن الدولة العليا.
وفي محضر التحريات في 4 أكتوبر 2020، حرر رائد بقطاع الأمن الوطني محضر تحريات بناء على مصادر سرية، وذكر أنه وفقًا لتحرياته، فإن رضا عبد الرحمن ينتمي إلى خلية عنقودية تسعى للقيام بعمليات إرهابية ضد أفراد القوات المسلحة والشرطة، بسبب اعتناق أفكار تكفيرية.
ولم يحدد محضر التحريات المجهلة طبيعة الأفكار التي ينسبها إلى عبد الرحمن، وانتهت التحريات المُجهلة بالتأكيد أن أعضاء الخلية يحوزون أسلحة وذخائر ومفرقعات في محل إقامتهم، وفيما بعد لم يتم إثبات وجود أي نوع من الأسلحة ضمن الأحراز المثبتة فيما يخص رضا عبد الرحمن.
وفي إذن النيابة بالقبض والتفتيش في 5 أكتوبر 2020، أصدر رئيس نيابة أمن الدولة العليا إذنًا بالقبض على المتهمين الواردة أسماؤهم بمحضر التحريات وتفتيش مسكنه، وسبب رئيس النيابة إصداره هذا الأمر أن محضر التحريات الذي لم يفصح مجريه عن أي من مصادره، يتضمن “ارتكاب جرائم تتعلق بالإضرار بمصالح الحكومة من الداخل والخارج وفقًا لقانون العقوبات وجرائم تخضع لقانون الإرهاب”، وإذن رئيس النيابة بإحراز ما يحوزه المتهمون من أسلحة وذخائر، وكتب تنظيمية وتكفيرية، رغم أن محضر التحريات حدد قراءات المتهمين على الإنترنت فقط.
أما بشأن القبض والتفتيش في 6 أكتوبر 2020، وفقًا لمحضر الضبط والتفتيش، تم إلقاء القبض على رضا عبد الرحمن من مسكنه بقرية أبو حريز بكفر صقر بالشرقية، وتفتيش مسكنه. رغم اقتحام قوات الأمن لمسكنه بالفعل في أغسطس 2020، ورفضها الإفصاح عن مكانه طوال المدة التي سبقت عرضه على النيابة. وأكد المحضر أنه بعد تفتيش مسكن عبد الرحمن، وعلى خلاف تحريات الأمن الوطني، لم يتم العثور على أي أسلحة من أي نوع. وكل ما تم العثور عليه كان عددًا من الأوراق، وهي: رسالة بعنوان حزب البعث والطاغوت مكونة من 6 ورقات، ورسالة بعنوان رسالة من خلف القضبان حكم الصلاة خلف المرتد مكونة من أربع ورقات.
وفي تحقيق النيابة، لم تتطرق النيابة – بحسب “حرية الفكر والتعبير” – إلى التحقيق في اختفاء رضا عبد الرحمن قسريًا، واتهمته بالانضمام إلى جماعة داعش الإرهابية، وتبني أفكارًا إرهابية، والترويج للأفكار التكفيرية بطريقة غير مباشرة عن طريق الأوراق التنظيمية التي ضبطت بمسكنه، والتي تضمنت أفكارًا بتكفير كافة جهات الدولة والشرطة والجيش وحتمية القيام بعمليات إرهابية ضدهم.
وأنكر رضا عبد الرحمن جميع التهم الموجهة إليه، وأكد أنه تم القبض عليه في 22 أغسطس 2020، من منزله، وأشار إلى أن قوة الشرطة التي ألقت القبض عليه، والتي يعرف أمين شرطة من بينها، لم تقم بتفتيش مسكنه، بل تحفظت على هاتفه المحمول فقط. وأثبت عبد الرحمن بمحضر التحقيق أنه كان محتجزًا طوال فترة اختفائه بقسم شرطة كفر صقر، ولكن النيابة قررت حبسه احتياطيًا على ذمة التحقيق، رغم غموض التحريات وعدم دقتها عند مقارنتها بمحضر الضبط.