السودان على أبواب فرصة تاريخية| الحرية والتغيير تؤكد: نسعى للتوصل لاتفاق إطاري مع المكون العسكري خلال أيام لنقل السلطة للمدنيين
المسودة تنص على إقامة دولة مدنية تنأى بالمؤسسة العسكرية عن العمل السياسي والحكم وتقرر دمج القوات العسكرية في جيش مهني واحد
كتب – أحمد سلامة
أعلنت قوى الحرية والتغيير – المجلس المركزي- عن سعيها من أجل التوصل لاتفاق إطاري مع المكون العسكري خلال أيام، ينص على نقل السلطة للمدنيين بشكل كامل، وفقا لوثيقة الدستور الانتقالي الذي أعدته اللجنة التسيرية لنقابة المحامين في سبتمبر الماضي.
ووفقا للاتفاق المقترح، سيتم تشكيل سلطة تتكون من 4 هياكل لإدارة الفترة الانتقالية، تشمل مجلس سيادة مدني ومجلس للوزراء، إضافة إلى مجلس تشريعي، وآخر الأمن والدفاع يرأسه رئيس مجلس الوزراء.
وكان رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان قد كشف عن توصل المكون العسكري إلى تفاهمات مع الحرية والتغيير “المجلس المركزي” بشأن التوصل إلى تسوية سياسية بهدف تحقيق الاستقرار والوحدة في البلاد.. مُحذرًا من أن أي مجموعة سياسية تحاول التدخل في الجيش ستعتبر عدوة للقوات المسلحة، على حد تعبيره.
وقال البرهان خلال خطاب أمام مجموعة من ضباط وجنود الجيش في منطقة المرخِيّات بأمدرمان إن الجيش كان قد فض قبل أكثر من عام الشراكة مع الحرية والتغيير لأنها بدأت في التحريض ضد الجيش حسب قوله، مضيفًا أنه تم الاتفاق على تشكيل حكومة كفاءات مستقلة وليست حزبية، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن الجيش “سيحمي الحكومة المدنية المقبلة طالما لم تتدخل في شؤونه”، حسب تعبيره.
وكانت الآلية الثلاثية المكونة من الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي ومجموعة الإيغاد قد أعلنت الخميس تسلمها وثيقة من القيادة العسكرية تتضمن تعليقاتهم وتعديلاتهم على مسودة وثيقة الدستور الانتقالي؛ مشيرة إلى أن تلك التعديلات تعكس تفاهمات أساسية تم التوصل اليها بين العسكريين ومُحاوريهم من قوى الحرية والتغيير.. مشددة على أن “المسودة جمعت حولها عددًا كبيرًا من القوى المدنية”.
وفي حين وجدت مسودة دستور نقابة المحامين قبولا دوليا ومحليا واسعا رفضته قوى أخرى من بينها جماعة الإخوان وعدد من الأحزاب التي كانت متحالفة معها حتى سقوط حكمها.
وتنص المسودة على إقامة دولة مدنية تتبع نظام الحكم الفيدرالي وتنأى بالمؤسسة العسكرية عن العمل السياسي والحكم ودمج القوات العسكرية في جيش مهني واحد.. وحدد مشروع الإطار الدستوري مهام الفترة الانتقالية في مراجعة اتفاق جوبا للسلام الموقع في أكتوبر 2020 وصولا إلى سلام عادل يشمل جميع الحركات غير الموقعة.. كما نص على إصلاح الأجهزة العدلية وتحقيق العدالة الانتقالية مع ضمان عدم الإفلات من العقاب، وتفكيك نظام الإخوان واسترداد الأموال العامة المنهوبة خلال فترة حكمهم التي استمرت ثلاثين عاما.
وحددت موجهات الدستور الانتقالي مهام المؤسسة العسكرية في الدفاع عن سيادة وحماية حدود البلاد، وحماية الدستور الانتقالي، وتنفيذ السياسات العسكرية والأمنية للدولة، وتنفيذ السياسات المتعلقة بالإصلاح الأمني والعسكري وفق خطة متفق عليها من جميع الأطراف، كما نصت على تبعية جهازي الشرطة والأمن الي السلطة التنفيذية على يكون رئيس الوزراء هو القائد الأعلى لها.
وقال القيادي في الحرية والتغيير/المجلس المركزي، ياسر عرمان، إن هناك فرصة تلوح في الأفق لإنهاء الوضع القائم.. مضيفا أن العملية السياسية الآن ممكنة لأن هناك وثيقة متوافق عليها.. مشيرًا في الوقت ذاته إلى أن العملية السياسية ستكون على قسمين الأولى باتفاق إطاري، والمرحلة الثانية لمعالجة أربع قضايا تكون بإشراك أصحاب المصلحة.
في غضون ذلك، نقلت “رويترز” عن ائتلاف قوى الحرية إن الجيش وافق على أن يكون “مجلس الوزراء مدنياً بالكامل”.
يذكر أن الأسابيع الماضية كانت شهدت جواً من التفاؤل حول قرب التوصل لحل بعد أكثر من سنة على الانسداد السياسي الذي سيطر على البلاد، عبر عنه المبعوث الأممي فولكر بيرتس، فضلا عن رئيس مجلس السيادة، وقائد القوات المسلحة عبد الفتاح البرهان، على الرغم من بعض التصريحات المناقضة التي صدرت عن بعض الأقطاب في قوى الحرية والتغيير، المكون الرئيس في الجهة المدنية المعارضة.
ولا يزال السودان الذي يعد واحدا من أفقر دول العالم غارقا منذ 25 أكتوبر 2021 حين فرض الجيش إجراءات استثنائية وحل الحكومة السابقة، في ركود سياسي واقتصادي، على الرغم من كافة المساعي الأممية من أجل إطلاق جلسات حوار تفضي إلى حل بين المدنيين والعسكريين.