اذكروهم وقت منع الزيارات| 9 معتقلين لـ “العيش والحرية”.. حلم واحد وتهمة ثابتة رغم اختلاف القضايا
يساريون يدعون لمواطنة بدون تمييز وديمقراطية تشاركية وتنمية إنسانية والتهمة انتماء لجماعة وإرهاب واخبار كاذبة
قصة 9 معارضين سلميين اختاروا الاطر القانونية للتعبير عن رأيهم فتم مطاردة حلمهم .. والحزب: الحرية حقهم
كتب- حسين حسنين
بين قبض واختفاء لفترات متباينة وحتى الظهور في نيابة أمن الدولة العليا، واتهامات بالإرهاب، تتكرر حكايات تسعة من شباب حزب العيش والحرية، اختاروا المعارضة السلمية من خلال المشاركة في تأسيس حزب شرعي لكن انتهى بهم الحال متهمين بنفس الاتهامات المكررة ضمن قائمة طويلة من المعتقلين من أعضاء الاحزاب في مصر.
منذ إعلان الدولة عن بدء إجراءات مواجهة فيروس كورونا المستجد ، لم تتوقف مطالب الأحزاب والحركات والمنظمات لإطلاق سراح السجناء والمحبوسين احتياطيا في قضايا سياسية، والجنائيين غير الخطيرين وكبار السن والمرضى، كجزء من خطوات قانونية وانسانية تقليل التكدس في أماكن الاحتجاز وحماية حياة هؤلاء المحبوسين وحماية المجتمع من تحول السجون لبؤر لنشر العدوى، لكن حتى الآن مازالت الدعوات تبحث عمن يستجيب لها. فيما رأت أجهزة الأمن أن الحل هو إغلاق السجون على من بها، ومنع الزيارات ليحرم الأهالي من أي وسيلة للتواصل مع ذويهم.
هذه المعاناة يدفع ثمنها 9 من أعضاء حزب “العيش والحرية” – تحت التأسيس –، أحدهم صدر بحقه حكم بالسجن 5 سنوات قضى منها أكثر من 3 سنوات و8 قيد الحبس الاحتياطي، أم التهم فواحدة، وثابتة، ومكررة تتنوع بين الانتماء لجماعة محظورة، لم يتم تسميتها في أغلب الاتهامات، او نشر أخبار كاذبة، وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، رغم اختلاف القضايا والمسميات والأرقام.
حزب العيش والحرية هو حزب يساري تحت التأسيس ، يتبنى في برنامجه من أربع محددات وأهداف رئيسية: مواطنة كاملة بدون تمييز، ديمقراطية تشاركية واجتماعية، تنمية إنسانية مستدامة وإعادة توزيع للثروة، سياسة خارجية مستقلة في خدمة الديمقراطية وأهداف التنمية.
تقول إلهام عيدروس وكيل مؤسسي الحزب أننا كمجموعة سياسية سعينا لتأسيس حزب رسمي لنمارس السياسة ضمن الأطر القانونية، لكننا فوجئنا ونحن منشغلون باعداد أوراق الحزب ورسم برنامجه والمشاركة في طرح بدائل للخروج من المأزق الحالي الذي تعيشه الدولة المصرية، أننا فرض علينا أجندة إضافية هي أجندة الزملاء الذين تم القبض عليهم، ضمن إطار عام للتقييد على عمل الحزاب والحياة الحزبية، وشغلها بمعركة الدفاع عن نفسها وأعضائها بدلا من أن تتفرغ للعمل الحزبي على الأرض وطرح البدائل
وتواصل عيداروس في البداية بدأ القبض على زملاء على خلفية بعض الفاعليات، سواء عن طريق الخطأ أوخلال مشاركتهم الفعلية في هذه الفاعليات ضمن إجراءات السلطة لغلق المجال العام، وعدوانها على حق التنظيم والحق في الحركة، ثم انتقلنا لمرحلة جديدة وهي القبض بسبب تصريحات على فيسبوك أو ضمن حملات استباقية لفاعليات بعضها كان لنا مواقف معلنة برفضها، وهذا اثر علينا بشكل كبير كما اثر على عمل الكثير من الأحزاب والذي اصبح جانب كبير من نشاطها هو بناء تحالفات من أجل الدفاع ع الأعضاء المقبوض عليهم.
كلام عيداروس تؤكده قائمة معتقلي الحزب والذي عانى من حملات أمنية متتالية على مدد زمنية مختلفة، طالت عدد كبير من أعضائه الشباب، ورغم أيدلوجية الحزب المعلنة وهوية أعضائه اليسارية إلا أن عدد كبير من أعضائه تم إلقاء القبض عليه وتوجيه اتهامات إرهاب مع تهم أخرى.
جمال عبد الحكيم.. يساري متهم بالانضمام لجماعة
على راس قائمة معتقلي الحزب يأتي الطالب جمال عبد الحكيم محمد فرحات، – 26 عاما – والذي تم القبض عليه في 2017، من منزله بمدينة الزقازيق بمحافظة الشرقية، وأحيل للمحاكمة في القضية رقم 1693 لسنة 2017 إداري الزقازيق.
ورغم انتماؤه لحزب يساري واعلان الحزب ذلك في أكثر من مناسبة واجه عبد الحكيم اتهامات وفق المادة 28 من قانون الإرهاب، بنشر وإذاعة أخبار وبيانات كاذبة، والانضمام والترويج لجماعة إرهابية مع العلم بأغراضها، وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي “فيسبوك”. وأصدرت المحكمة قرارها بسجنه 5 سنوات، قضى منهم حتى الآن 3 سنوات.
ووسط آمال ومحاولات الحزب بالإفراج الشرطي عنه، فوجئ أعضاء الحزب مؤخرا بقانون يحاول بين جمال والاستفادة من هذا النص، وخلال فترة حبسه نظم الحزب عدة فعاليات للتذكرة بقضيته أو المطالبة بالافراج عنه ولكن جميع المحاولات لم تجد من يتجاوب معها .
رغم عدم إحالتهم للمحاكمة واجه بقية اعضاء التحالف المحبوسين تهما مماثلة تتناقض تماما مع سعيهم لتأسيس حزب شرعي، وتبقى الآمال في الافراج عنهم، معلقة على وعي مختلف يدرك أهمية وجود حياة سياسية وحزبية، ومع الإفراجات المحدودة المتتالية والتي كان آخرها الافراج عن عبير الصفتي عضو الحزب ضمن مجموعة من 15 من أعضاء الاحزاب والسياسيين يعلو آمال أن هناك من يراجع الأوضاع، لكن هذا الآمال ما تلبث أن تتراجع وسط التجاهل التام لمنطلب انساني بالافراج عن المحبوسين ضمن إجراءات مواجهة كورونا.
هشام عادل.. الحرية للروب الأسود
ثاني الأعضاء المحبوسين من العيش والحرية هو هشام عادل والذي تم القبض عليه في 31 ديسمبر 2018، وألقت قوات من الأمن القبض على هشام عادل جلال سليم، ويعمل محامي، 43 سنة، وبينما تعرض لاختفاء قسري دام حوالي أسبوعين قبل الظهور في نيابة أمن الدولة العليا.
ووجهت النيابة لهشام عادل اتهامات في القضية رقم 1739 لسنة 2018 حصر أمن دولة عليا، بمشاركة جماعة إرهابية مع العلم والترويج لأغراضها ونشر أخبار وبيانات كاذبة بشكل عمدي وإساءة استخدام حسابات على الإنترنت.
زياد أبو الفضل.. اختفاء واتهامات مكررة
لم يمر وقت طويل حتى ألقت قوات الأمن بالإسكندرية القبض على زياد السيد أبو الفضل من منزله يوم 5 مارس 2019، وتعرض لاختفاء قسري حوالي 12 يوما داخل مقر الأمن الوطني.
وفوجئ محامي أبو الفضل بظهوره متهما على ذمة القضية رقم 1739 لسنة 2018 حصر أمن دولة، والمتهم فيها بنفس الاتهامات المتكررة وهي مشاركة جماعة إرهابية ونشر أخبار وبيانات كاذبة وغيرها من الاتهامات وفق قانون الإرهاب.
وتقدم محامو أبو الفضل خلال فترة حبسه التي تجاوزت عام، بالعديد من طلبات الاستئناف على قرارات الحبس، والتي كانت يتم رفضها وتأييد قرار النيابة بالحبس الاحتياطي.
حسن بربري.. حبس الأمل
ومن أبو الفضل لقضية معتقلو الأمل كان للحزب نصيب في دائرة القمع التي طالت الأحزاب، ففي 24 يونيو 2019، ألقت قوات الأمن القبض على حسن بربري، مؤسس مبادرة “مستشارك النقابي”، وتم ضمه إلى القضية رقم 930 لسنة 2019 حصر أمن دولة عليا، المعروفة إعلاميا باسم “تحالف الأمل” رغم ان القبض عليه سبق الاعلان عن القضية.
ويواجه بربري في القضية اتهامات متعددة وفق قانون الإرهاب، بنشر وإذاعة أخبار وبيانات كاذبة، إساءة استخدام وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي فيسبوك وتمويل جماعة إرهابية مع العلم بأغراضها.
وقامت قوات أمنية فجر يوم الاثنين 24 يونيو2019 بالقبض على بربري مدير المنتدى المصري لعلاقات العمل (مستشارك النقابي) واقتياده لمكتبه بوسط القاهرة واقتحامه وتفتيشه، ثم اقتياده لجهة امنية غير معلومة ويذكر أن أسرته قد تقدمت اسرته ببلاغات للنيابة العامة طالبين الكشف عن مكان احتجازه.
أحداث سبتمبر.. حزب و4 معتقلين
ومن قضية الأمل إلى أحداث سبتمبر والتي كان للحزب موقفا واضحا بعدم المشاركة فيها ، ورغم ذلك تم القاء القبض على 4 من أعضائه على خلفيتها وهم خالد محسن ومحمد وليد وعبد الله السعيد ولؤي الخولي.
خالد محسن سليمان القبض من المنزل
في 23 سبتمبر 2019، وخلال الاحتجاجات التي اندلعت أعقاب أحداث 20 سبتمبر، ألقت قوات الأمن القبض على خالد سليمان، عضو مؤسس العيش والحرية من منزله بالسويس. تم إدراج محسن سليمان على ذمة القضية رقم 1338 لسنة 2019 حصر أمن دولة، والمعروفة إعلاميا باسم “قضية اعتقالات 20 سبتمبر”، وهي القضية التي تضم الآلاف.
ويواجه سليمان في هذه القضية، اتهامات بالتظاهر والتجمهر بدون تصريح، إساءة استخدام وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي، نشر أخبار وبيانات كاذبة، مشاركة جماعة إرهابية مع العلم والترويج لأغراضها.
وفي التفاصيل، تم القبض عليه من منزله بمحافظة السويس يوم الأحد ٢٢ سبتمبر وتم عرضه على نيابة أمن الدولة العليا يوم ٢٤ سبتمبر وحبسه ١٥ يوما، وتم ترحيله إلى سجن أبو زعبل، وانتقل مؤخرا بعد ظهور وباء كورونا إلى سجن طره تحقيق، بحسب الحزب.
محمد وليد القبض قبل السفر
لم تمر ايام حتى ألقت قوات الأمن القبض على محمد وليد أثناء إنهاء إجراءات سفره إلى السعودية في 30 سبتمبر 2019، بعد حوالي 10 أيام من بدء تظاهرات أحداث 20 سبتمبر.
تعرض وليد للاختفاء القسري حوالي 15 يوما، حتى ظهوره في 15 أكتوبر بنيابة أمن الدولة العليا متهما على ذمة القضية رقم 1358 لسنة 2019 حصر أمن دولة عليا.
ويواجه وليد في القضية، اتهامات قانون الإرهاب، بنشر وبث بيانات وأخبار كاذبة بشكل عمدي، إساءة استخدام شبكة الإنترنت الدولية، مشاركة جماعة إرهابية والترويج لأهدافها وأغراضها.
أثبت محمد وليد أمام النيابة كافة تفاصيل اختطافه وإخفاءه وتعرضه لأشكال مختلفة من التعذيب وسوء المعاملة في تلك الفترة، ومنها الضرب والكلبشة من الخلف وخلع الملابس والصعق بالكهرباء في أماكن متفرقة من جسده، كما طالب محاميه بعرضه على الطب الشرعي وسؤاله كمجني عليه.
وتقدم خالد على المحامي بصفته الحاضر للتحقيقات مع محمد وليد، ببلاغين للنائب العام برقمي (41482 و41491 لسنة 2019 – عرائض المكتب الفني للنائب العام)، الأول يتعلق بوقائع تعذيبه والثاني بواقعة القبض عليه واخفاءه واحتجازه بالمخالفة للقانون.
عبد الله السعيد.. من الاختفاء للثلاجة
فجر 13 أكتوبر 2019، اقتحمت قوات من الأمن منزل عبدالله السعيد شرارة، عضو حزب العيش والحرية، وتم إلقاء القبض عليه واقتياده لجهة غير معلومة.
ظل السيد رهن الاختفاء القسري لأكثر من شهر، حتى ظهوره في 16 نوفمبر 2019 في نيابة أمن الدولة العليا، متهما في القضية رقم 441 لسنة 2018 حصر أمن دولة، والمعروفة باسم “قضية تلاجة المعتقلين”.
وواجه عبدالله السعيد في القضية اتهامات بتأسيس شبكة إعلامية سرية تتولى مهمة فبركة تقارير ونشر أخبار وبيانات كاذبة لتشوية صورة الحكومة مؤسسات الدولة والتحريض على قلب نظام الحكم.
لؤي الخولي .. السويس أيضا
فجر 2 أكتوبر 2019، وفي خضم الاعتقالات التي شنتها قوات الأمن على المواطنين والسياسيين وأعضاء الأحزاب، على خلفية ما جرى في سبتمبر، تم القبض على لؤي الخولي، عضو حزب العيش والحرية بالسويس.
ظهر الخولي في نيابة أمن الدولة العليا، متهما في القضية رقم 1358 لسنة 2019 حصر أمن دولة عليا، والمتهم فيها بالانضمام لجماعة إرهابية مع العلم والترويج لأغراضها، وإساءة استخدام وسائل التواصل.
وهكذا دارت عجلة التجديد لـ لؤي، كحال العشرات من معتقلي الأحزاب ودون أن يعلم أحد متى تنتهي هذه العجلة من الدوران، ليبقى اعضاء الاحزاب المصرية بين دائرة مطاردة لا تنتهي إما محبوس أو محاصر أو عرضة للتشهير.
أزمة كورونا موقف إنساني.. ومطالب حزبية
لم تتوقف مطالبات العيش والحرية للافراج عن اعضائه والتي كان آخرها مطالبته بسرعة الإفراج عن المتهمين في قضايا سياسية وجنائيين ممن تجاوزا نصف المدة وغيرهم من السجناء، في محاولة سريعة لتقليل التكدس في السجون، بعد انتشار فيروس كورونا.
وأكد الحزب في بيان له، بتاريخ 18 مارس، أن مطلب إطلاق سراح السجناء في أسرع وقت، أصبح “مطلبا وطنيا وإنسانيا يجب أن يتبناه كل عاقل ومسئول، بالإضافة إلى تطبيق إجراءات صحية وقائية في كل أماكن الاحتجاز من سجون وأقسام”.
يأتي ذلك في الوقت الذي تزايدت فيه مطالب الإفراج عن السجناء، في محاولة لمواجهة انتشار فيروس كورونا داخل السجون والذي تعتبر بيئة مناسبة لانتشار المرض بسرعة نتيجة الأعداد وضعف الإمكانيات.
أيضا أطلق أسر سجناء سياسيين، حملة لإرسال تلغرافات للنائب العام لمطالبته بإخلاء سبيل السجناء، مع اتخاذ كافة التدابير اللازمة، واستدعاء أي منهم للتحقيقات في أي وقت أو لحضور الجلسات.
وتبقى تاكيدات الحزب في بيانه الأخير على أن مطلب الإفراج عن كل سجناء الرأي سواء من المحبوسين احتياطيا أو المحكوم عليهم وكبار السن ومن قضوا نصف المدة من الجنائيين المحبوسين في مخالفات بسيطة، واستخدام كافة الآليات والرخص القانونية المتاحة لتخفيف التكدس في السجون صارت مطلبا وطنيا وإنسانيا يجب أن يتبناه كل عاقل ومسئول، بالإضافة إلى تطبيق إجراءات صحية وقائية في كل أماكن الاحتجاز من سجون وأقسام.