نداء وخطاب من حمدين صباحي إلى السيسي: باسم قلبي المفطور على وطني وبني الإنسان.. كل هؤلاء ينتظرون قرارك بالافراج

صباحي: أتحدث كمواطن ولا أتحدث بإسم أحد سواي ولكن باسم قلبي المفطور على وطني وأحبائي وبني الإنسان في كل مكان

صباحي يطالب بتشكيل لجنة اقتصادية إجتماعية موسعة تضم خبراء ورجال اقتصاد وممثلين عن العمال لبلورة حزمة قرارات تكفل حماية الاقتصاد القومي

صباحي يطالب بالافراج عن كل المحبوسين احتياطيا وسجناء الرأي و كل المحكوم عليهم في جرائم لا تمثل خطراً على المجتمع

خطاب صباحي : كبار السن والمرضى والغارمين والغارمات ومن قضى نصف العقوبة مهددون بالوباء فاحفظ حقوقهم في الحياة

كتب – منى سليم

أرسل المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي زعيم تيار الكرامة، رسالة إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي طالبه فيها بالافراج عن كل المحبوسين احتياطيا وليس فقط سجناء الرأي. وعن كل المحكوم عليهم في جرائم لا تمثل خطراً على المجتمع. وفي مقدمتهم كبار السن، والمرضى، والغارمين والغارمات، ومن قضى نصف العقوبة . وتابع “هؤلاء جميعاً وذووهم ينتظرون قرارك بفارغ الصبر، ومسئوليتكم الأخلاقية أن ترعى مصالحهم وتحفظ لهم حقوقهم، وأولها الحق في الحياة الذي يهدده الوباء الآن:

وقال صباحي إنه في هذا النداء يخاطبه كمواطن مصري، ولا يتحدث بإسم أحد سواه، متابعا” باسم قلبي المفطور على وطني وأحبائي وبني الإنسان في كل مكان:. مشددا على انه لا يطلب فقط الإفراج عن سجناء الرأي الذين يعرفهم ويوافقهم وبعضهم في منزلة أبنائه وأخوته ولهم من المحبة في قلبه ما لا يقل عن محبته لأبنائه وأحفاده وأخوته، ومعرفته الوثيقة بهم تحسم اقتناعي ببراءتهم من كل اتهام ” بل عن كل الفئات التي ذكرها”.

وطالب صباحي بتشكيل لجنة اقتصادية إجتماعية موسعة تضم خبراء ورجال اقتصاد وأعمال وممثلين عن العمال لبلورة حزمة قرارات متماسكة ومتكاملة تكفل حماية الاقتصاد القومي من آثار هذه الجائحة بالسنوات القادمة وتحقق منذ اللحظة الأولى الحماية والمسئولية الاجتماعية الواجبة تجاه الفئات الأكثر تضرراً والأشد احتياجاً . (مع إشارة لدراسة تقدير الموقف للخبير الاقتصادي أحمد  السيد النجار)

وقال صباحي في ندائه ” إن أفضل مناخ لنشر العدل والمحبة هو احتضان مصر لكل بنيها بلا نبذ ولا عزل ولا إقصاء ولا تمييز ـ ما عدا من خرج عليها حاملاً السلاح سافكاً دمها الزكي بالإرهاب ـ واحترام آرائهم بلا حجر ولا منع ولا قمع ثم تأخذ منهم ـ وكلهم يخطىء ويصيب ـ ما يحقق شروط النجاة والأمان وما يحفظ وحدتها وتضامنها”.

وإلى نص خطاب صباحي ونداؤه للرئيس:

بسم الله الرحمن الرحيم

السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي

رئيس جمهورية مصر العربية

تحية طيبة وبعد

هذا نداء من القلب والعقل من مواطن مصري إلى رئيس الجمهورية في ظل محنة تخيم على الوطن والعالم، تنذر بأوخم العواقب لكنها قد تستنهض أنبل الفضائل.

إن البشرية تدفع ثمناً فادحاً لكي تتعظ وتتعلم. والدرس الأهم أن هذه الجائحة قالت للإنسان: لا أمان لك إلا بنجاة سواك.

كلنا يواجه نفس المصير ولكي ننجو لا بد أن نتوحد في المواجهة. هذه هي حكمة المحنة التي تفرض على الكل أعمق معاني الوحدة وأوسع إجراءات التضامن الإنساني بين كل الشعوب.

والوحدة الوطنية أولى والتضامن الوطني أوجب. وهذه قيمة طالما آمن بها وسعى إليها الراشدون اختياراً، لكنها تحت وطأة الوباء أصبحت إضطرارا.

فالناس اليوم يتقلبون بين خوفين : الخوف من الموت مرضًا والخوف من الموت جوعًا. وإذا كنا موقنين بأننا سنجتاز هذه المحنة بصدق التضرع لله والثقة في لطفه ورحمته، وبصدق الأخذ بالأسباب العلمية والتنظيمية والسلوكية، فإن الآثار الاقتصادية الاجتماعية لهذه المحنة ستمتد لسنوات في ظل ما سببته من كسادٍ وتباطؤ في النمو.

وهذا ما يلزمنا بأن نحرص على وحدتنا وتضامننا الوطني لأنهما شرط النجاة. ولا يكفي أن يكون هذا الفهم طريقةً لإدارة أزمة تنتهي بانفراجها بل منهجاً متواصلًا في الحياة والحكم يتحلي به الشعب والسلطة، الموالاة والمعارضة، المواطن والرئيس.

وهو منهج كفيل بأن يفتح للوطن ومواطنيه آفاق مستقبل أفضل إذا مارسناه بتعففٍ عن المن، واستعلاء عن المكايدة، واستغناء عن القايضة، وهو منهج يتطلب من الجميع مراجعة أمينة نزيهة لتفكيرنا وسياساتنا وسلوكنا . مراجعة تقدم نقد الذات على نقد الآخرين وتستهدف تحقيق الوحدة والتضامن بين كل المصريين باحترام تنوعهم الطبيعي وإنهاء التمييز بينهم وتأكيد المساواة على قاعدة المواطنة. وإدراك خطرين داهمين هما أكثر ما أصاب وحدة المصريين وتضامنهم ولا زالا يهددانها وهما الظلم والكراهية ، وإنه لا علاج ناجعًأ لهما إلا بالعدل والمحبة.

وإن أفضل مناخ لنشر العدل والمحبة هو احتضان مصر لكل بنيها بلا نبذ ولا عزل ولا إقصاء ولا تمييز ـ ما عدا من خرج عليها حاملاً السلاح سافكاً دمها الزكي بالإرهاب ـ واحترام آرائهم بلا حجر ولا منع ولا قمع ثم تأخذ منهم ـ وكلهم يخطىء ويصيب ـ ما يحقق شروط النجاة والأمان وما يحفظ وحدتها وتضامنها.

وإنني لأعلم يا سيادة الرئيس أن هذه الرؤية لا تتجسد إلا بما يترتب عليها من صياغة استراتيجية وسياسات عامة وإجراءات تنفيذية نحتاجها الآن ومستقبلًا. وعندي ما قد يفيد في هذا لكنني أثق أن مصرغنية بعقول وخبرات هي أكثر مني تخصصًا وكفاءة، وهذا ما يدعونني أن اقترح على سيادتكم تشكيل لجنة اقتصادية إجتماعية موسعة تضم خبراء ورجال اقتصاد وأعمال وممثلين للعمال لبلورة حزمة قرارات متماسكة ومتكاملة تكفل حماية الاقتصاد القومي من آثار هذه الجائحة وتحقق منذ اللحظة الأولى الحماية والمسئولية الاجتماعية الواجبة تجاه الفئات الأكثر تضرراً والأشد احتياجاً .

وإني لأرجو أن يكون على جدول أعمال هذه اللجنة دراسة “تقدير الموقف” الذي نشره الخبير الوطني المتميز علمًا وخُلقًا أحمد السيد النجار والذي أتمنى أن يصادف قبولكم للأخذ بما جاء به من خطوات راشدة لمواجهة هذه المحنة. وما أكثر أمثاله من المصريين الأكفاء المخلصين الذين يستطيعون عبر حوارٍ جاد عاقل في مناخ من الحرية أن يقدموا لمصر خير القول المفضي إلى خير العمل.

وأخلص إلى مطلب إجرائي وحيد اختتم به هذا النداء: الإفراج عن السجناء.

ولست بحاجة للإفاضة فيما هو معلوم من اكتظاظ السجون، ومخاطر تفشي الوباء فيها على النزلاء والضباط والجنود والعاملين وأسرهم.

وقد تابعت بتقدير وتأييد حزمة الإجراءات التي اتخذتها حكومتكم لإبطاء انتشار ومن ثم احتواء الوباء والتي تماثلت مع الخطوات التي اتخذتها دول العالم من تباعد اجتماعي وحظر تجول وإغلاق لبعض البؤر ومنع السفر وغيرها من الخطوات التي أصبحت تمثل “خريطة طريق” دولية لمواجهة الوباء.

غير أني استرعي انتباهكم إلى أن الحكومة قد تجاهلت خطوة رئيسية في هذه الوصفة الدولية هي الإفراج عن السجناء. وهو الإجراء الجوهري الذي طبقته عديد من الدول، وتوحد عليه أعداء ألداء كحكومتي الولايات المتحدة الأمريكية وإيران. وهذه نقطة ضعف فادحة في أداء الحكومة تأخرت فيها كثيراً إلى الآن ما عدا عدد محدود استبشرنا به خيرًا ووجهنا الشكر المستحق، ولا زلنا ننتظر لنوجه المزيد.

إن الإفراج عن السجناء فضلاً عن لزومه كجزء لا يتجزأ من جدية مواجهة الوباء هو خطوة فارقة في البيئة السياسية والمجتمعية المواتية لتحقيق الوحدة والتضامن الوطني في هذه المحنة وما بعدها.

ولا أريد يا سيادة الرئيس في هذا النداء أن أركز على مسئوليتكم القانونية وهي قائمة ومؤكدة. فبيٍدكم وحدكم قرار العفو عن المحكوم عليهم، وبيد السيد النائب العام قرار الإفراج عن المحبوسين احتياطيًا.

كما لا أركز على المسئولية السياسية التي تتحملونها تجاه كل السجناء المحكومين و المحبوسين احتياطيا. ولي راي قانوني محدد في هذه المسئولية وما ترتبه من آثار لكنني آثرت إرجاء هذا كله على أهميته لأنني أخاطب في هذا النداء مسئوليتكم الأخلاقية التي تسبق مسئوليتكم القانونية والسياسية.

لقد صاغ شعبنا العريق عبر تاريخه الطويل وتجربته في الحياة قواعد أخلاقية وأصول سلوكية تحمي تماسكه وتصون بنيانه الاجتماعي ، من أكثرها حكمة وجلالًا أنه لا خصومة في وقت المصيبة. ولكم شهدنا في قرى مصر وأحيائها الشعبية مشاهد تجلي هذه الأخلاقية الراقية لشعبنا. فإذا وقعت مصيبة لأحدٍ تنادى الجميع لإغاثته ومواساته والتخفيف عنه وتفريج كربه حتى مخالفيه ومنازعيه وخصومه الألداء. هنا يتجلي معدن المصري الأصيل وتعلو شهامته حتى على خصومته.

وإذا كان هذا ما ننتظره من كل مواطن في مصر، فما بالك برئيس مصر؟

افرج عن السجناء يا سيادة الرئيس.

الآن الآن وليس غداً ، فخير البر عاجله.

كل صبحٍ يشهد بارقة أمل في قلب كل سجين وأهله وأحبائه أن يكون هذا يوم الفرج والإفراج. وكل ليلٍ بدون قرارك يشهد خيبة أمل في قلوب ملايين المصريين ولوعة وحسرة وغضباً وشعوراً فاجعًا بقلة الحيلة وهوانهم عليك وافتقاد النصير.

والأمر، بعد الله، بيدك. فلا تجمع عليهم مصيبتين: الوباء وافتقاد الأحباء.

سيادة الرئيس .. لا أخاطبك في هذا النداء إلا كمواطن مصري ، ولا أتحدث بإسم أحد سواي. باسم قلبي المفطور على وطني وأحبائي وبني الإنسان في كل مكان.

ولا أطلب فقط الإفراج عن سجناء الراي الذين أعرفهم وأوافقهم وبعضهم في منزلة أبنائي وأخوتي ولهم من المحبة في قلبي ما لا يقل عن محبتي لأبنائي وأحفادي وأخوتي. ومعرفتي الوثيقة بهم تحسم اقتناعي ببراءتهم من كل اتهام ، وإنما عن كل سجناء الرأى من كل اتجاه ، وعن كل المحبوسين احتياطيا وليس فقط سجناء الرأي. وعن كل المحكوم عليهم في جرائم لا تمثل خطراً على المجتمع. وفي مقدمتهم كبار السن، والمرضى، والغارمين والغارمات، ومن قضى نصف العقوبة، فهؤلاء جميعاً وذووهم ينتظرون قرارك بفارغ الصبر، ومسئوليتكم الأخلاقية أن ترعى مصالحهم وتحفظ لهم حقوقهم، وأولها الحق في الحياة الذي يهدده الوباء الآن.

إنني على ثقة أن قرار الإفراج هو عين الصواب وواجب الوقت، وهو ضمانة أكيدة لوحدة وتضامن نحتاجهما، ولعدل ومحبة نفتقدهما. وهو راحة لضميرك الإنساني وإجلاء لمعدنك المصري .

أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم وأسأله العفو والعافية لكم ولنا وأحبائنا ولشعبنا وأمتنا وبني الإنسان، وأن يخرجنا بلطفه وعفوه من هذه المحنة بسلام.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

حمدين صباحي

القاهرة ـ 4 إبريل 2020

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *